العقوبات الإضافية على إيران:طبيعتها ومبرراتها وتأثيرها على حلفائها

01-07-2010

العقوبات الإضافية على إيران:طبيعتها ومبرراتها وتأثيرها على حلفائها

الجمل:   تحدثت التقارير الجارية مؤخراً عما أَطلق عليه الخبراء تسمية حزمة العقوبات الإضافية ضد إيران، التي تم فرضها بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي تحت ذرائع ومبررات ضرورة تشديد نظام العقوبات الدولية المفروضة ضد إيران.. فما هي طبيعة هذه العقوبات الإضافية، وما هي مبرراتها، وما هو تأثيرها على إيران وبلدان منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص سوريا وبلدان الجوار الإقليمي الإيراني، وما مدى قدرة إيران وحلفاءها على احتواء هذه العقوبات؟
• حزمة العقوبات الدولية الإضافية: ماذا تخبئ سلة واشنطن- الاتحاد الأوروبي؟
شهدت الأعوام الماضية جهود الدبلوماسية الأمريكية الحثيثة لجهة بناء تحالف دولي معادي لإيران، وقد نجحت الجهود الأمريكية في دفع مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار فرض جولة العقوبات الدولية المتعددة الأطراف الأولى، ثم أعقبها قرار المجلس بفرض جولة العقوبات الدولية المتعددة الأطراف الثانية،تلتها جولة ثالثة، ومؤخراً أصدر المجلس قرار فرض جولة العقوبات الدولية الرابعة المتعددة الأطراف، وما كان لافتاً للنظر هذه المرة، هو إسراع الولايات المتحدة الأمريكية بعد بضعة أيام بفرض حزمة عقوبات أمريكية إضافية خاصة ضد إيران.. وبشكل متزامن مع ذلك أصدر الإتحاد الأوروبي حزمة عقوبات إضافية أيضاً ضد إيران..


• حزمة العقوبات الإضافية الأمريكية:
وافق الكونغرس الأمريكي، في يوم 24 حزيران (يونيو) 2010م الماضي على قانون جديد يلزم الإدارة الأمريكية بفرض عقوبات إضافية أمريكية تستهدف قطاع الطاقة الإيراني، وقطاع المصارف الإيرانية، إضافة إلى إلزام الإدارة الأمريكية لجهة السعي من أجل فرض العقوبات ضد المنشآت الأمريكية ومنشآت الدول الأخرى التي تنخرط في أي معاملات مع قطاع النفط وقطاع المصارف الإيرانية، وأيضاً أي أنشطة أخرى ترى الولايات المتحدة الأمريكية بأنها ترتبط بدعم الإرهاب..
• حزمة العقوبات الأوروبية:
أكد الاتحاد الأوروبي، فرض جملة من العقوبات الإضافية ضد إيران، تضمنت فرض القيود على حركة الأفراد والمسئولين الإيرانيين إضافة إلى فرض القيود على المعاملات مع قطاع النفط وقطاع المصارف، وقطاع المعاملات التجارية مع إيران، ولم تكتف حزمة العقوبات الأوروبية الإضافية بذلك وحسب، وإنما مضت قدماً لجهة التأكيد على ضرورة فرض العقوبات الأوروبية ضد الأطراف الأخرى التي تتعامل مع إيران.
تشير التحليلات إلى المزيد من التوقعات التي ترجح خطورة تداعيات حزمة العقوبات الإضافية الأمريكية والأوروبية على مستقبل علاقات إيران الخارجية، ليس مع الأطراف الأوروبية وحسب، وإنما أيضاً على علاقات إيران مع الدول الآسيوية والإفريقية والعربية، وعلى وجه الخصوص دول الشرق الأوسط..
• مفاعيل حزمة العقوبات الأمريكية- الأوروبية الإضافية: تحليل الصدمات:
أكدت التقارير والتسريبات إلى أن الأطراف العربية الخليجية، لم تحرك ساكناً عندما صدر قرار مجلس الأمن الدولي بفرض جولة العقوبات الدولية الجديدة الرابعة المتعددة الأطراف ضد إيران، ولكن، وبمجرد صدور قرارات حزمة العقوبات الإضافية الأمريكية والأوروبية، سعت بعض هذه الأطراف الخليجية إلى إعادة ترتيب معاملاتها مع إيران، ومن أبرزها قيام البنك المركزي في دولة الإمارات العربية باتخاذ قرار تجميد العديد من الأرصدة الخاصة بالعديد من المنشآت والأفراد الإيرانيين. إضافة إلى تعميم هذا القرار على كل المنشآت المالية والمصرفية الناشطة في السوق الإماراتي، والذي يغطي كل من إمارات: دبي- أبوظبي- الشارقة- عجمان- أم القيوين- ديرة.
تحليل مفاعيل حزمة العقوبات الأمريكية- الأوروبية الإضافية، يشير بوضوح إلى إمكانية حدوث نوعين من الصدمات في منطقة الشرق الأوسط، يمكن الإشارة إلى خطوطهما العامة على النحو الآتي:
- صدمات داخلية منخفضة الشدة: سوف تنحصر هذه الصدمات وضغوطها السالبة داخل إيران، منها على سبيل المثال لا الحصر: ضغوط أزمة الوقود، ضغوط حركة نقل الأموال عبر القنوات المصرفية بين السوق الإيراني والأسواق الخارجية، وبتراكم التداعيات السالبة، يمكن أن تنتقل هذه الضغوط من الطور المنخفض الشدة إلى الطور مرتفع الشدة، وبسبب قوة الاقتصاد الإيراني.. فإن هذا الانتقال قد يتطلب بضعة سنوات.
- صدمات خارجية منخفضة الشدة: سوف تنحصر هذه الصدمات في منطقة الشرق الأوسط، وذلك لأن معاملات إيران مع دول الشرق الأوسط سوف تتأثر، وبتوضيح أكثر، نجد أن الدول الشرق أوسطية الحليفة لأمريكا ودول الاتحاد الأوروبي، سوف تعاني منشآتها التي تتعامل مع إيران، من صدمة انقطاع هذه المعاملات، وما يترتب على ذلك من خسائر مالية وتجارية مباشرة وغير مباشرة، وفي هذا الخصوص ربما تصل العديد من المنشآت التجارية الخليجية إلى ما يقرب من حالة الإفلاس.. أما بالنسبة للدول التي سوف تتمسك بخيار استمرار روابطها مع إيران، فإن منشآت هذه الدول سوف تحقق قدراً مضطرداً من الازدهار، طالما أن التجارة الإيرانية مع المنشآت الخليجية سوف تتحول إليها.. ولكن، وفي ظل ضغوط العقوبات الإضافية الأمريكية- الأوروبية، فإن العديد من التعقيدات والمشاكل الجديدة سوف تظهر بسبب عدم انسياب المعاملات المصرفية وعدم انتظام حركة النقل بين هذه الدول وإيران.. هذا، ومن المتوقع أن تنقل هذه الصدمات من الطور المنخفض الشدة إلى الطور المرتفع الشدة، في حال حدوث صدمات داخل الاقتصاد الإيراني بما يفوق القدرة الداخلية الإيرانية على احتواء هذه الصدمات..
تشير التوقعات إلى أن حزمة العقوبات الإضافية الأوروبية- الأمريكية سوف تكون أكثر خطورة وتأثيراً من جولات العقوبات الدولية الأربعة مجتمعة، ويرجح مصدر الخطورة إلى عدة أسباب، أبرزها:
- نفوذ واشنطن الكبير على دول الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يجعل من واشنطن بمثابة الطرف الرئيسي الذي سوف يمارس دوراً إشرافياً رقابياً على جهود العقوبات الأوروبية.
- ليس للعقوبات الأمريكية الإضافية تأثيراً واضحاً على إيران، وذلك لأن إيران ليس لها روابط كبيرة مع أمريكا.. ولكن، ما هو مؤثر هذه المرة سوف يتمثل في أن جهود واشنطن سوف تركز على استهداف الشركات الآسيوية الشرق أوسطية والأوروبية التي تتعامل مع إيران، بما يهدد هذه الشركات بمخاطر الحرمان من خدمات البورصات والأسواق المالية الأمريكية والأوروبية.
توجد العديد من أصناف وأنواع العقوبات الدولية، فهناك عقوبات متعددة الأطراف، وعقوبات ثنائية الأطراف، إضافة إلى العقوبات من طرف واحد، وهناك عقوبات مباشرة وأخرى غير مباشرة، وهناك عقوبات قصيرة الأجل، وأخرى طويلة الأجل.. وهناك عقوبات سياسية، وأخرى اقتصادية.. وعسكرية.. وهلمجر من أنواع العقوبات، وتأسيساً على ذلك فإن حزمة العقوبات المتعددة الأطراف الإضافية الأوروبية- الأمريكية، ضد إيران، من المتوقع أن تسعى باتجاه الضغط على بعض الجوانب التي افترض الخبراء الأوروبيين والأمريكيين بأنها تشكل نقاط الضعف الرئيسية في الاقتصاد الإيراني.. وبالتالي، فإن استثمار هذه النقاط سوف يؤدي إلى إجهاد قوام الاقتصاد الإيراني.. بما يؤدي بدوره إلى توليد صدمات الضغوط الزاحفة اليومية.. هذا، وبرغم قدرة الاقتصاد الإيراني على الصمود والمواجهة الطويلة، بسبب عمق الموارد الاقتصادية الإيرانية، وخبرة إيران الطويلة في التكيف مع العقوبات الدولية.. فإن انتقال عدوى الضغوط الزاحفة إلى خارج الحدود الإيرانية سوف يكون أمراً متوقعاً خلال الثلاث سنوات القادمة.. خاصة إذا سعت دول الاتحاد الأوروبي إلى فرض العقوبات على المنشآت الشرق أوسطية التي تستمر في التعامل مع إيران.. وعلى كل فمن المتوقع أن يسعى حلفاء إيران الشرق أوسطيين وعلى وجه الخصوص تركيا والعراق وسوريا، إلى إعداد الترتيبات التي تتيح لهم التكيف مع منظومة حزمة العقوبات الإضافية الأمريكية- الأوروبية، والتي ما تزال احتمالات نجاحها ضعيفة، طالما أن تركيا والعراق المجاوران لإيران سوف لن يلتزما بأي إنقاذ لهذه العقوبات خاصة وأن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي من الصعب أن يتماديا في توسيع إطار فرض العقوبات بما يشمل تركيا والعراق.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...