مطر آب المباغت ضرب موسم الاقتصاد المنزلي بحلب

27-08-2006

مطر آب المباغت ضرب موسم الاقتصاد المنزلي بحلب

الجمل ـ حلب ـ باسل ديوب :عندما بدأت قطرات المطر بالهطول منذ عدة ايام كان جورج يمسح  قطرات  العرق عن جبينه، وهو يتقلب على بلاط البيت البارد ويقلب محطات التلفزيون، الوقت ظهيرة وهناك حرّ ورطوبة عالية. نادته أمه مذعورة  لكي يخرج إلى سطح البناية لإنزال الفرش و الشراشف قبل أن ينهمر عليها  مطر موحل!
 دقيقة واحدة كانت كافية لابتلال سطح سفرة الدرج رغم أننا في آب.دقائق وأفرغت السماء نزقها الصيفي الحار الموحل، ومع نهاية العويصفة المطرية المدارية التي ضلت طريقها فوق بلادنا كان جورج وشقيقه إدوارد قد أنزلا فرشهم  عن سطح بيتهم  الذي هو عبارة عن ملحق، ينتظرون الصيف ليمكنهم من "التمدمد "  و "التمطمط  " بحرية بعد إضافة مساحة سطح الملحق إلى " الشقة " التي يبلغ ثمنها 850 ألف ليرة يعني أجر 14 سنة وشهر ونصف لعامل  يعمل بالحد الأدنى للأجور.
لكن للمطر العاصف حكاية أخرى مع " أبو حسين "  وزوجته على طريق  "الشقيف "   حيث يجففان البرغل القادم للتو من الجاروشة؛ برغل على مد عينك والنظر، رصيف  الغريبة الذي يلتجأ إليه محمود درويش ليس بأهمية رصيف البرغل هذا الذي يلتجأ  إليه قطاع كبير من السكان يعيشون تحت خط الفقر .
كان المطر أسرع من " المسّاحات " التي يستخدمانها لفرش البرغل وجمعه  ثانية بعد تجفيفه ، سلم أمره وقال بعد أن عاتبته زوجته " مو سمعت بالراديو إني في مطر صيف نزل بالشام !! مو قلت لك بلا هاليومين " لا بأس  فسيتم التمديد لوجبة البرغل هذه حتى حلول الظلام لكي تتبخر المياه التي نزلت عليها.
وجلة البرغل  " تشركت " يقول أبو أحمد  و "تشركت " في اللهجة الحلبية تعني  " خاست " بلهجة الساحل يعني  انضربت، عطلت، تبهدلت ، هذا نظرياً لكنه  سيبيعها ستضيع بين غيرها.
ليس الأمر كذلك  مع  الأرملة " أم روبير " في  حي الميدان ، كانت متفائلة بشمس الظهيرة هذا اليوم التي ستجفف رطوبة باقية في باقات النعناع التي تعرضها للشمس، لذلك أسرعت إلى السوق وأحضرت دفعة جديدة، هي   تعتاش على تجفيف النعنع والملوخية  طوال الصيف. باقاتها تجعل من الشارع الذي تقيم فيه شارع النعناع إذ تفوح رائحته في الأرجاء وتجعل المرور في الشارع منعشاً، فحبال الغسيل على شرفتها هي لنشر النعناع الملوخية وأحياناً البامية  لا الثياب كغيرها من الشرفات المجاورة.
غزارة المطر بعثرت وفتتت وريقات النعناع اليابسة ونثرتها لتذهب أدراج الرياح، رائحة النعناع الضائع نبهت أم  " روبير " الى خسارتها، فسارعت لإنزال الشمسية على شرفتها حماية للنعناع الذي فقد كمية كبيرة من أوراقه.
حارت السيدة الخضراء  في الأمر ، فمازال هناك كمية  من النعناع الغض تنتظر دورها للتجفيف، فأين تنشره وقد طار ما طار من الباقات المنشورة وما بقي تبلل ؟  الخسارة صعبة، وأرباح" أم  روبير " فأرباحها في لا تزيد عن عشر ثمن ما ضاع،  يعني خسارة شهر تقريباً من العمل !!  فكرت في مد النعنع داخل البيت ، ثم خطر لها أن تطلب من جارها نشر النعناع على حبال غسيله.
البيوت في الميدان علب كبريت شقق صغيرة جدران رقيقة تمكن الجار من سماع  "قرقعة" الطعام في أمعاء جاره وأصوات أخرى متنوعة محرجة وغير محرجة ، رنت "أم روبير"  جرس جارها وقبل أن يفتح الباب سمعت  هدير الغسالة الأوتوماتيك في دورتها الأخيرة، ولم تكذبها شرفة الدرج التي ترج مع  حركة حوض الغسالة السريع. فبادرت إلى الاعتذار بعربيتها المكسرة قبل أن تبلغه طلبها استعارة حبال الغسيل وقالت له : "ما بعرف أنو عندك غسيل كنت بدو انشر نعناع على البلكون"
ولان الشاب كان لطيفاً ويؤمن بالتوصية بسابع جارة وبالأخص إن كانت أرملة ، قال لها: "لا
ولا يهمك شوية ثياب داخلية بنشفهن ع المروحة  تفضلي" !

 

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...