مخبز فاطمة السياحي

26-07-2008

مخبز فاطمة السياحي

حكمة وطنية مؤلفة من تنور وبقرة ومرسيدس، ورأس الحكمة فطوم!؟ فبعد مرور ربع قرن على (اغترابي) في العاصمة و(نضالي) المرفوض فيها، مررت أمام بيت فطوم في الحارة المجاورة لبيت أهلي بالضيعة، ورأيت تنور فطوم العتيد مازال قائماً وبجانبه مرسيدس ألمانية سوداء وبقرة بلدية صفراء وآرمة مكتوب عليها: مخبز فاطمة السياحي.. قلت لأختي: لمن هذه المرسيدس الفاخرة؟ فقالت: للست فاطمة. قلت: ومنذ متى أصبح اسمها فاطمة! قالت: منذ اشترت المرسيدس..
وقصة فاطمة مثل قصة أغلب مسؤولي الدولة: فهي كائن ما لم ينعم عليه الرب بالذكاء أو الجمال ولا بالحسب والنسب أو المال، غير أنها كانت تتمتع بالمواظبة وانعدام الأحاسيس تجاه نظرة الآخرين إليها، وكانت تداوم على بيع أرغفة التنور للسيارات العابرة، كما كانت تكتفي في معيشتها على (حليب تنورها وخبز بقرتها) تماشياً مع سياسة الاكتفاء الذاتي.. صححت لأختي جملتها عن الخبز والحليب، فقالت أختي: هذي حداثة كالشعر الذي تنشره في جريدتك (الجمل).. قلت: وإذن.. قالت أختي: وبعد ربع قرن من بيع الأرغفة جمعت فطوم غلتها واشترت المرسيدس وربطتها بجانب التنور لتثبت أن النضال في هذا البلد يثمر مرسيدسات.. قلت: وهل تتقن قيادتها؟ قالت: حتى الآن لا تتقن فطوم سوى قيادة بقرتها في حواكيرنا حيث تخضم من خضراواتنا أكثر من حصة المواطن السوري (2,3 قطعة خضار في اليوم) كما تتمتع بمساحات خضراء أكثر من حصة المواطن في عاصمتكم (حصة الفرد 76 سم).. قلت: وماذا تفعل فطوم بالمرسيدس إذن؟! قالت تؤجرها لمحبي البروظة في المآتم والأعراس الوطنية مع سيدي لعلي الديك وآخر لعبد الباسط عبد الصمد.. ثم أنهت أختي حديثها: هل تأملت الحكمة في فطوم.. فهي قد حققت في قريتها ما لم تستطعه أنت في غربتك وجمعت بين الاقتصادين: الاشتراكي والسوق الاجتماعي.. الرأسمالي كما لم يستطع صاحبك الدردري، ومن دون استعراض أو ضجيج..

نبيل صالح

المصدر: جريدة "الخبر" الأسبوعية


شرح الكلمات: خضم، يخضم، تخضم خضماً، أي الدابة ترعى حشيش غيرها ورزقه بالسر.. وقيل أن أبا الأسود الدؤلي - النحوي المعروف - كان مشهوراً ببخله وبينما كان عائداً إلى داره ليلاً سمع صوت اجترار دابة له فقال لها: الناس نيام وأنت تخضمين في مالي والله لا بقيتي عندي ثم باعها منذ الصباح .

التعليقات

يا سيد نبيل ندرك ونعي ولا تنقصنا المعرفة بأننا والست فطوم جبلتنا تربة الأرض ومصائب الأنظمة والقوانين حتى غدونا عجينة تقدم ضمن أطباق الإقطاع والملاكين الجدد وكان من الأجدى للست فطوم أن تقود سيارتها المرسيدس حافية القدمين وتضع في مقاعدهاعجلين حديثي الولادة ومطرب للدبكات والمواويل الشعبية حينها : تسطر أحلى الصفحات في كبرياء الالمان. كريم الدين فاضل فطوم

بلادة الدب، دهاء الثعلب، عدوانية الذئب، شراهة الخنزير، عنجهية الغراب، غريزة الثور الهائج، هذه الصفات اجتمعت متوحدة -وياللعجب- في نفسٍ واحدة ، بعد ذلك تم استنساخها إلى عدة نفوس وأصبحت تخضم الشعب ليلاً نهاراً جهاراً. نعم.. تشبه الأبقار إلا أنها عقيمة وهزيلة ولحمها مرّ وهي بدون حليب نهائياً.

يا أستاذ نبيل شو رأيك بميزانية المطار المكتوب عنها و تكلفة الحمامات. ما اسم ما يحصل في بلدنا ، كل يوم أسوأ و ما من رقيب ؟؟؟؟ الى أين البلد ذاهبة ؟؟ هذا شيء مرعب. في كل مرة أفكر بالعودة الى البلد و ألعن الغربة أقرأ أو أسمع بخبر مثل هذا فأنسخ فكرة العودة ، ولكن الشيء الذي يدعو الى جميع الأمراض العقلية و النفسية(لدى المواطن طبعا) هو زيادة الجرائم و المغالاة في السكوت عنها؟؟؟ ما الذي يجري؟؟؟؟؟؟؟

استاذ نبيل تحياتي ..اسمي تميم وانا من متابعيك ولكن لفت نظري ان اسمك ورد في مادة عفراء ميهوب عن مدينة جبلة واود ان أسألك ليس من منطلق اقليمي او غيره هل انت فعلاً إبن مدينة جبلة لانه لطالما كنا واصدقائي نتحدث عنك فتارة واحد يقول من السويداء وآخر من حمص ولكنها المرة الاولى التي اسمع فيها انك من مدينتي الرائعة جبلة التي خرجت الكثير من الاعلام ولا ادل من بدوي الجبل وأدونيس ونديم محمد وغيرهم .. ومن اي منطقة كنت لك تحيتي وبانتظار كثير من الشغب....

لا تعليق .. لكن تقدير لقلم نبيل صالح الذي أتمنى أن ينسى قصة فاطمة ( فطوم ) و يحاول يتناول مشكلة تقنين الكهرباء و الماء التي لم تعد تطاق في شهر تموز من عام 2008 يا عاااالم

قلَبت السيدة فطوم على وجههاو قفاها. و عاينتها من كل الزاويا. ما اجده قصة اخرى تصلح لأن تصبح من كلاسيكيات قصص النجاح. قصة لا يمكن ان تشبه وزرائنا او مدرائنا. ففاطمة تبيع ما تنتجه للغرباء و تدير مواردها و مصاريفها الشخصية فاصلة بدقة بين اقتصادين: اقتصاد تراكمي و اقتصاد انفاقي. مستفيدة من الهامش بينهما لصالح بقرتها و تنورها. فمدرائنا يكلبون اليوم امام الشركات الأجنبية لأنها لا تقاسمهم السرقات -بعكس الشركات السورية- و هذا يجعلنا مسخرة بين الأمم. في حين فطومة تنتج و تبيع الغرباء لتحصل على مال لا يملكه أبناء ضيعتها. إنها لا تقوم بإنتاج اقتصاد ضريبي مثل مؤسساتنا التي تغطي فشلها تجاه السوق العالمي من خلال سحب الكتلة المالية الداخلية تحت شعار ملء الخزينة بالضرائب . في الوقت الذي يجب أن تمتلء الخزينة من التصدير. فطوم لا تنظر الى سيارة المرسيدس من حاجة شخصية استهلاكية بل من خلال رؤية اقتصادية واضحة قائمة على احتكاكها بالغرباء مع فهم عميق للتحولات الإجتماعية في بيئتها. إنها تعمل على سحب الثروة في بيئتها من المقتدرين و ليس كما تفعل الحكومة التي تتستر على فواتير و ضرائب الوزراء و المدراء و المتنفذين في الوقت الذي تكون مستعدة لإشاعة الذكر بمواطن بسيط يتأخر عن دفع فاتورة كهرباء أو ينسى وضع حزام السيارة او ... أعتقد أني سأرفع قبعتي لفطوم.

أستاذ نبيل الصالح المحترم: إن هذه السيدة مناضلة بحق، وبرأيي ألا تكون مثار تهكم، بل يجب أن تكون محط اجلال، فمن استطاعت الوصول الى مثل هذه النتائج جديرة بالاحترام، لو قرأ أي واحد منا مذكرات الزعماء الكبار لوجد الكثير منهم أبناء معاناة، صنعوا أنفسهم بأنفسهم، نتيجة للتخطيط والتصميم والمثابرة، بيل كلينتون مثالاً، أما لماذا لاتستخدم الست فاطمة سيارة المرسيدس لمتعتها الشخصية، فهذا على ما أعتقد ناتج عن الفقر المدقع الذي عانته كثيراً، لكني اشتممت رائحة بعض الحسد من شقيقتك، واعذرني لهذه الصراحة، أما لماذا تجاوزتك مالياً، فكما يقول أحدهم: شيئان قد شذّ اجتماعهما كمالُ عقلٍ ومالٌ وفير.

السيد أيهم، أود أن أقول لك بأن تعليقاتك ذكية و أنا أتمتع بقراءتها مثلما أتمتع بقراءة مقالات الأستاذ نبيل الذي أعتبره من أشجع و أذكى و أكثر الكتاب موهبة في سوريا، في استئثار العقول و القلوب معا من خلال التعبير عن معظم المواطنين السوريين. شكرا لتعليقاتك .

من غير كلام نحب من يشعرنا انه يكيد من لا ياكل همنا والسلام

زيزينيا :O)! لقد زدت ديني أنت و رند عند عمنا نبيل! فقد كنت أدين له بالجمل و ما حمل ثم أصبحت مديون له بالمساحة الطيبة التي يشاركنا فيها واحته. و الآن بفضلكم أدين له بتعليقك السخي . كنت أحبه و كان هناك متسعاً للأصدقاء و اليوم يبدو انني سأسلم مفاتيح قلبي للسيد نبيل لأنه لم يترك متسعاً لأحد.

ناح النواح و النواحة على بقرة حاحا النطاحة و البقرة حلوب حاحا تحلب قنطار حاحا لكن مسلوب حاحا من أهل الدار حاحا و الدار بصحاب حاحا و احداشرباب حاحا غير السراديب حاحا و جحور الديب حاحا و بيبان الدار حاحا واقفين زنهار حاحا و يوم معلوم حاحا عملوها الروم حاحا زقوا الترباس حاحا هربوا الحراس حاحا دخلوا الخوجات حاحا شفطوا اللبنات حاحا و البقرة تنادي حاحا و تقول يا ولادي حاحا و ولاد الشوم حاحا رايحين ف النوم حاحا البقرة انقهرت حاحا ف القهر انصهرت حاحا وقعت ف البير حاحا سألوا النواطير حاحا طب وقعت ليه حاحا وقعت م الخوف حاحا و الخوف ييجي ليه حاحا من عدم الشوف حاحا وقعت م الجوع و من الراحة البقرة السمرة النطاحة ناحت مواويل النواحة على حاحا و على بقرة حاحا

مقالة ذكية وكاتب متمكن, شكرا لك, وبانتظار مقالتك القادمة

هاهاهاهاها لقد احتفينا ببقرة فطومة أكثر مما احتفينا بأي مشروع للدولة. كل هذه التحيات و التشريفات و الإهتمام بفطوم و بقرتها. إن كان ثمة درس يمكن لحكومتنا تعلمه من هذه القصة و التعليقات فهو أن الشعور الوطني هو عاطفة أصيلة و نبيلة لا يصنعها الإعلام الغبي و لكن يصنعها الوطن و مواطنيه. هكذا تصنع الأبطال . إنها تخرج من الشعب و يحملها الشعب. نظريات إقتصاد السوق إن لم تصنع ملاحم وطنية فإنها لن تجعل من مسؤولينا سوى وكلاء عند أبطال الدول الأخرى.

أسلوبك الساخر يجعل القباحة أكثر قبولاً !! وكما قال الشاعر وقلنا معه: فلْتَكُني السلال...وليكُنْ ما اتفق...

يا فطوم ، فطم ، فطمة ، فاطمة !.لا فرق بالنتيجة أنت المرأة البارعة البسيطة السورية .. والمبدعة بالثقافة الاقتصادية .. بدون تنظير وشهادات أكاديمية .. باسم الانفتاح الاقتصادي والتنمية الإدارية..بعد قراءتي لحياتك العملية يا نضالية .. عاتبت ربي الذي خلقني مدنية ولست قروية .. نهلت منك التشبث بالأرض (التنور والبقرة البلدية) .. والاستعانة بعصر الانفتاح بالمرسيدس الألمانية .. مع أنك امرأة بسيطة أمية .. تعلمت منك إستراتيجية الدمج الواعي بين الاشتراكية والرأسمالية .. والله يسامح النبيل الصالح بتشبيهك بمن ذكرهم واتهامك بالبرجوازية الحالية .. علما أنك حتى الآن مثابرة على قيادة البقرة البلدية .. التي تخضم عشب غيرها بسرية .. لا لوم عليك فالخير غزير بالبرية .. لهذا حساباتك عقلانية ومنطقية يا ذكية .. فلم تكن المرسيدس الألمانية سوى وسيلة ادخارية .. ضربت عصفورين بحجر واحد يا ثرية .. وحسبت حساب الأيام المجهولة السوداوية ..فحافظت على التنور باسم الأعراس الوطنية والمواسم السياحية من العوامل الاندثارية .. وبديل البقرة إن مرضت أو ماتت إيراد وفوائد المرسيدس الألمانية .. لو تعلم منك مسؤولو الدوائر الاقتصادية .. لما وقعنا بالمطبات التنظيرية البهلوانية .

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...