ما هي نتائج المفاوضات الأمريكية- الإيرانية في العراق؟

30-05-2007

ما هي نتائج المفاوضات الأمريكية- الإيرانية في العراق؟

الجمل:    تزايدت الانقسامات في العملية السياسية العراقية التي مازالت قيد التنفيذ وبرعاية سلطات الاحتلال الأمريكي، وذلك على نحو أوصل المصالحة الوطنية العراقية إلى طريق مسدود، من جهة أولى، ومن جهة ثانية أدى إلى انقسام التيار الصدري بما ترتب عليه تغيير واختلال توازنات الصراع المسلح بسبب المواجهات الدامية بين القوات الأمريكية وجيش المهدي، ومن جهة ثالثة أغرى التفكك والانهيار الحركات الكردية بالمضي قدماً في مشروع الانفصال وإقامة الدولة الكردية الأمر الذي هدد بنشوء حرب إقليمية كردية- تركية، على نحو تردد صدى توتراته في علاقات أنقرا- واشنطن.
أما في واشنطن، فقد انقسم الكونغرس بين كتلة ديمقراطية رافضة للحرب، وكتلة جمهورية مؤيدة للحرب، ولاحقاً انقسم الديمقراطيون بين كتلة رافضة للحرب معارضة كلياً لتوجهات إدارة بوش، وكتلة براغماتية تدعو للمزيد من المسايرة والمناورة.. وبالمقابل أيضاً انقسم الجمهوريون إلى كتلة تتشدد في تأييد الحرب واستدامتها، وأخرى تدعو لحل براغماتي يقوم على المساومة والمناورة.. وبين هذا وذاك، رجعت إدارة بوش إلى أوراقها الماضية، وبدأت تعمل على تنفيذ ما كانت تدرك بأنه صحيح ولكنها أهملته وغضت النظر عنه عمداً: التفاهم مع سوريا وإيران، وفرض المزيد من الشروط على حكومة المالكي لكي تقوم بتحمل ولو الجزء القليل من المسؤولية في الوضع العراقي.

تداعيات الموقف الحالي:
- التداعيات الراهنة:
أبرز التداعيات الراهنة تتمثل في موافقة الكونغرس الأمريكي على ميزانية تمويل الحرب البالغ قدرها 100 مليار دولار أمريكي، بعد سحب الشرط المتعلق بضرورة أن تقوم الإدارة الأمريكية بوضع جدول زمني لسحب القوات الأمريكية من العراق.
كذلك هناك الاجتماع الرسمي الأمريكي- الإيراني على مستوى سفيري الولايات المتحدة وإيران، والذي سوف يركز حسب ما هو معلن على الملف العراقي حصراً، وقد تم الاجتماع يوم أمس في العاصمة العراقية بغداد، واليوم حملت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية –المؤيدة لإدارة بوش- تصريح السفير الأمريكي ريان سي كرووك، الذي وصف فيه الاجتماع بأنه كان إيجابياً، وأخذ طابع الـ(بزنس)، وأكد السفير الأمريكي بأن هناك توافقاً إيرانياً حول خط واحد يتمثل في التأييد لوجود عراق آمن، مستقر، ديمقراطي، فيدرالي، يسيطر على أمنه، وتربطه علاقات سليمة مع جيرانه.
أما السفير الإيراني في بغداد، فقد عقد مؤتمراً صحفياً بعد الاجتماع قال فيه بأن بعض المشاكل والقضايا تم طرحها ومناقشتها، وبأنه يعتقد بأن هذا الأمر يمثل في حد ذاته خطوة إيجابية.
التحرك السياسي الإيراني- الأمريكي، لا يمكن النظر إليه بمعزل عن التحركات الميدانية التي كانت تحدث بالتوازي معه، فالقوات الأمريكية قامت خلال اليومين الماضيين بتنفيذ حملة عسكرية ضد مدينة الصدر (الشيعية) في بغداد، وبعمليات عسكرية ضد جيش المهدي (الشيعي) في جنوب العراق، وذلك ضمن رسالة واضحة للطرف الإيراني مفادها ان القوات الامريكية جاهزة من أجل القضاء على حلفاء إيران في العراق إن رفضت إيران التعاون مع واشنطن، وعلى الصعيد الآخر، فقد ظهر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بعد طول غياب واختفاء وخرج للعلن مهاجماً الوجود الأمريكي ومطالباً بإنهاء الاحتلال إضافة إلى تحركات التيار الصدري الهادفة إلى التحالف مع الحركات السنية المسلحة، والتي استجابت لطلب ونداء الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الأمر الذي يشكل رسالة واضحة للطرف الأمريكي مفادها ان تمادي الإدارة الأمريكية في موقفها المتشدد ورفضها التعاون وإنهاء الاحتلال والاستمرار في عملية استهداف المنطقة سوف يؤدي إلى تحالف سني- شيعي عسكري ينذر بكارثة عسكرية جسيمة الخسائر للقوات الأمريكية الموجودة في العراق وكارثة سياسية لإدارة بوش الموجودة في واشنطن، وأيضاً لحلفاء واشنطن في المنطقة.
- التداعيات المؤجلة:
في العراق سوف يؤدي تشدد الإدارة الأمريكية إلى قيام التحالف العسكري السني- الشيعي، وأيضاً سوف يترتب على ذلك إضعاف الحركات المسلحة الأخرى مثل فيلق بدر، والتي سوف ينشق عنها الكثيرون لينضموا لجيش المهدي، كذلك سوف تحسم إيران أمرها وتركز على دعم جيش المهدي بدلاً عن فيلق بدر، وقد أدرك زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق عبد العزيز الحكيم الموجود حالياً في واشنطن، وأبدى رغبته الشديدة بالعودة إلى العراق.
كذلك سوف يكون التحالف السني- الشيعي آخر مسمار في نعش حكومة المالكي، والتي لن تستطيع البقاء والصمود طويلاً، وسوف ينهار كل ما قامت ببنائه في الفترة السابقة بمساعدة إدارة بوش، وفي مقدمتها قوات الأمن العراقية التي ستتفكك وتنهار وتتفكك لأن الكثير من عناصرها هم بالأساس إما من أتباع مقتدى الصدر أو من أتباع حركات البشمركة الكردية، وسوف لن تبقى العناصر الكردية طويلاً إذا انقسمت العناصر الشيعية، وبالتأكيد سوف تنسحب أغلبيتهم العظمى إلى إقليم كردستان.
وإزاء حدوث هذه التداعيات المؤجلة سوف لن يكون أمام إدارة بوش سوى أحد خيارين، إما الإعلان عن جدول زمني للانسحاب بما يؤدي للتوافق الجمهوري- الديمقراطي داخل الكونغرس، أو أن يلجأ لزيادة عدد القوات بحوالي 50 إلى 70 ألف جندي أمريكي على الأقل، بحيث يصبح العدد الإجمالي للقوات الأمريكية في حدود 250 ألف جندي (أي ربع مليون) وهذا معناه أن الميزانية التي حصل عليها مؤخراً سوف لن تكفي لأكثر من ثلاثة أشهر.. وسوف يضطر لتقديم طلب بمبلغ إضافي أكبر قد يصل إلى أكثر من 200 مليار دولار.. وسوف يواجه بالتأكيد مشكلة أكبر داخل الكونغرس، هذا، إذا استطاع بوش افتراضاً أن يتغلب على المشاكل التي سوف تواجهه داخل البنتاغون حول توفير العتاد االعسكري والقوات الإضافية.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...