ضغوط الحدث السوري على خيارات القرار السياسي التركي

18-07-2011

ضغوط الحدث السوري على خيارات القرار السياسي التركي

Image
SYR

الجمل: تقول التقارير والتحليلات السياسية التركية، بأن تطورات الحدث السوري قد شكلت حضوراً قوياً في الساحة السياسية التركية، على النحو الذي ألقى بتداعياته في كافة بنود معادلة الحسابات السياسية التركية الداخلية والخارجية: فما هي تداعيات الحدث السوري على أنقرا وكيف نظرت التحليلات السياسية التركية إلى فعاليات الحدث السوري، وعلى وجه الخصوص لجهة تأثيرها على علاقات دمشق ـ أنقرا؟


* بيئة السياسة التركية: تداعيات الحدث السوري
برغم محدودية وصغر حجم حركة الاحتجاجات السياسية السورية مقارنة بالاحتجاجات المصرية والتونسية واليمنية والبحرينية، فقد وجدت اهتماماً فائقاً بواسطة كل مكونات البيئة السياسية التركية، وفي هذا الخصوص فقد أسفر حضور الحدث السوري في تركيا عن ردود الفعل الأولية الآتية:
• الرأي العام التركي: أظهر المزيد من الاهتمام لجهة متابعة تطورات الأحداث والوقائع، ولجهة محاولة تخمين مستقبل هذه الوقائع والأحداث، وبالذات فيما يتعلق بتأثيرها أولاً على الأوضاع التركية الداخلية، وثانياً على العلاقات السورية ـ التركية.
• الحكومة التركية: أصيبت بالمزيد من الارتباكات، فمن جهة سعت إلى اعتماد وجهة نظر أكثر تأكيداً على التعامل مع الحدث السوري باعتباره مصدر تهديد مباشر لأمن واستقرار تركيا، ومن جهة أخرى، أظهرت لاحقاً المزيد من الرغبة لجهة التعاون مع دمشق من أجل تحقيق التهدئة والاستقرار.
• الحركات السياسية التركية: أصيبت بحالة من الانقسام، وتميز هذا الانقسام بعدم قدرة أي حزب سياسي تركي على القيام باتخاذ موقف موحد إزاء الحدث السوري، وذلك بفعل الخلافات داخل الأحزاب نفسها، الأمر الذي لم يتيح لأي طرف سياسي أن يبرز موقفاً واضحاً.
إضافة إلى ذلك، فقد أدت فعاليات الحدث السوري لإحداث المزيد من الإرباكات في عملية صنع واتخاذ القرار التركي، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• التأثير على استقرار وتائر العلاقات الأمريكية ـ التركية: إن أي موقف أمريكي متشدد إزاء دمشق سوف يجعل أنقرا في موقف المضطر لمراجعة علاقاته مع دمشق بما يتماشى وينسجم مع منطق العلاقات الأمريكية ـ التركية.
• التأثير على علاقات تركيا ـ الاتحاد الأوروبي: تسعى تركيا جاهدة من أجل تلبية شروط عضوية الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي جعل أنقرا أكثر اهتماماً خلال الفترة الماضية لجهة توفيق أوضاع السياسات التركية الداخلية والخارجية بما يتماشى وينسجم مع توجهات الاتحاد الأوروبي، وفي هذا الخصوص فإن اعتماد الاتحاد الأوروبي لأي مواقف متشددة ضد دمشق، سوف يجعل أنقرا مضطرة لجهة القيام بمراجعة وتقويم مواققفها إزاء دمشق.
• التأثير على علاقات تركيا ـ حلف الناتو: تعتبر تركيا بلداً رئيسياً مؤسساً لحلف الناتو، إضافة إلى أن القوات التركية تشكل القوام الرئيسي لقدرات الحلف العسكرية البرية، وبالتالي، لما كانت تركيا تنخرط حالياً في عمليات الناتو ضد ليبيا، فإن قيام الحلف بأي توجهات تدخلية إزاء سوريا سوف يجعل تركيا مضطرة للتورط في واحد من أكثر المواقف حرجاً في تاريخ تركيا السياسي المعاصر.
• التأثير على علاقات تركيا ـ الأمم المتحدة: تسعى تركيا إلى القيام بدور فاعل في داخل منظمات المجتمع الدولي، وفي هذا الخصوص فإن قيام مجلس الأمن الدولي باعتماد أي مشروع قرار دولي ضد سوريا، سوف يترتب عليه بالضرورة دفع تركيا إلى إعادة النظر في بنود علاقاتها مع دمشق.
هذا وإضافة لذلك، فإن معظم الأطراف الدولية الرئيسية ذات العلاقة مع تركيا، مثل واشنطن وباريس ولندن إضافة إلى برلين، وبعض العواصم العربية، مثل الرياض والدوحة، أصبحت جميعها أكثر اهتماماً بالضغط على تركيا لكي تنخرط في فعاليات محور استهداف دمشق. ولكن بالنسبة للأطراف الأخرى، الرافضة لمشروع استهداف دمشق، وبالذات موسكو وطهران وبكين، فهي أيضاً تقوم بالضغط على أنقرا من أجل عدم الاستجابة لمخططات مشروع استهداف دمشق.


* أنقرا وإشكالية ضغوط عامل الحدث السوري
تشير المعطيات الجارية في أروقة دوائر صنع واتخاذ القرار السياسي التركي، إلى أن أنقرا أصبحت أكثر اهتماماً لجهة التعامل مع جميع الأطراف، وذلك لسبب بسيط يتمثل في تزايد حجم اللايقين الذي أصبح أكثر نفوذاً على الإدراك السياسي التركي المتعلق بفعاليات الحدث السوري، وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى تزايد ظاهرة وجود اللاعبين المؤثرين على القرار التركي الحالي إزاء سوريا، ومن أبرزهم:
• الفاعلين الداخليين: في داخل صفوف حزب العدالة والتنمية التركي توجد العديد من الأطراف ذات التوجهات الإسلامية السنية المتشددة، والتي أصبحت أكثر اهتماماً بالضغط على عملية صنع قرار الحزب المتعلق بسوريا، بما يمكن أن يؤدي بالضرورة إلى الضغط على قرار أنقرا الرسمي. وإضافة لذلك، توجد العديد من الأحزاب التركية ذات التوجهات المختلفة، منها على سبيل المثال لا الحصر حزب الشعب الجمهوري الذي يمثل ثاني أكبر حزب سياسي تركي، ويتميز هذا الحزب بتوجهاته التي تسعى إلى التطابق والانسجام التام مع توجهات بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
• الفاعلين الإقليميين: وتتميز توجهاتهم بالتنافر وعدم الانسجام، فطهران أكثر اهتماماً بضرورة دفع أنقرا إلى التعاون والقيام بدور بناء في دمشق، والرياض أكثر اهتماماً لجهة دفع أنقرا من أجل ممارسة المزيد من الضغوط على دمشق.
• الفاعلين الدوليين: تتميز توجهاتهم بالانقسام الشديد، فمن جهة تسعى أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن لجهة الدفع باتجاه تدويل الحدث السوري بواسطة مجلس الأمن الدولي، ولكن هناك على الجانب المقابل موسكو وبكين الرافضتان بشدة لعملية تدويل الحدث السوري، وبرغم هذا الانقسام المتعاكس فإن أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن بدت مؤخراً وهي أكثر اهتماماً لجهة استخدام المنظمات الدولية غير الحكومية ضمن آليات الضغط الساعية لاستهداف دمشق.
• الفاعلين السوريين: ويتمثلون في دمشق الساعية لجهة التعاون مع أنقرا وكافة الأطراف بما يؤدي إلى احتواء ضغوط الحدث السوري، إضافة إلى منع عملية تدويله بواسطة القوى الدولية الخارجية، وبالمقابل لذلك توجد المعارضة السورية التي أصبحت تعاني من الانقسام، ما بين أطراف خارجية تسعى إلى الدفع باتجاه خيار التدويل، وأطراف داخلية، بعضها رافض للتدويل، وبعضها الآخر أكثر اهتماماً بضرورة السعي لخيار الحوار الوطني باعتباره يمثل المخرج الحقيقي الأكثر جدوى وفائدة لجهة الحيلولة دون تدخل الأطراف الخارجية، والتي سوف تستغل الفرصة وتسعى إلى إعادة ترتيب الأوضاع السورية بما يتناسب مع معطيات أمن إسرائيل.
ساهمت جميع الصحف التركية الرئيسية في إبراز وجهات نظر الخبراء والمحللين السياسيين الأتراك إزاء واقع الحدث السوري، ولكن المساهمات الأكثر أهمية جاءت على المواقع الالكترونية الخاصة بمراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية التركية، وما هو مثير للاهتمام أن جميع الباحثين والمحللين الناشطين في هذه المراكز، برغم اختلافاتهم المتباينة حول تقييم واقع ومجريات الحدث السوري، فإنهم اتفقوا على جانب واحد، هو: ضرورة عدم السماح بتدخل الأطراف الخارجية طالما أن ذلك سوف يؤدي إلى تصعيد وتائر عدم الاستقرار في سوريا وبقية المنطقة. بما في ذلك جنوب تركيا المضطرب بالأساس، وتأسيساً على ذلك نشر مركز أورسام التركي للدراسات الشرق أوسطية والاستراتيجية ورقة تضمنت العديد من المداخلات، والتي أكدت جميعها على ضرورة مقاربة الحدث السوري عن طريق إتاحة الفرصة للإصلاحات والحوار الوطني السوري لكي يأخذ مجراه.

الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة

التعليقات

كان ينقص الخارطة المرفقة ضم جزء لبنان الذي ضمته فرنسا الأم الحنون الى لبنان حتى أصبح حرزان يصير دولة ... أقترح إذا كان لابد من إعادة رسم الخرائط حسب الشهوات كان يجب إزالة جزء من الجزيرة وضمها الى كردستان العراق أو كردستان حايلله... بعض الرصانة لاتضر في زمن الجنون ياسادة يامعدي التقارير...هناك أمم متحدة وإتفاقيات ومواثيق، وإن لم يعجبنا ذلك، كما أن سورية ليست دولة عُظمى لالشئ سوى لأن الوطن العربي لايتسع لأكثر من دولة عظمى واحدة تحولت الى مهزلة...حفظنا وحفظكم الله.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...