أسعد الجبوري: مياه الكائنات المضطربة

26-07-2008

أسعد الجبوري: مياه الكائنات المضطربة

1
النصُّ واللصُ في اللوحة.
كلاهما مثقلٌ بالفرجة على القارئ.
الأولُ لقيطٌ يخرجُ من أعناق أنابيب
مختبرات المخيلة.
والآخرُ مُستكشفُ للموت في ِمدافن العقلِ..
ملتقطٌ للمعاني في البراري في السفنِ..
ومتربصٌ بطاولة القمار في اللغة.
.......................
...........................
......................................
وهو أين .
أبعادهُ خرائطٌ في الشك والأقفال.
ومنامتهُ اكواريومٌ لتماسيح تخوضُ في اللاهوت
والكونسروة ووراء منسوب الضوء في النساء.
.........................
........................................
..............................................
ليس أفظع من سبات الشهوات في مجرى
بركان.
مقعدهُ ذاك هناك.
أراهُ متخماً بالسواد على تلال الغيم.
لا من مسندٍ أو مسندٍ إليه.
كأسهُ ترسانتهُ في الحبّ .
ومنه يمتلئ جمراً لسهرة تشبههُ
عند اكتمال الذئاب على مائدة القمر.
هل كان مؤلف ذعرِ في كتابٍ واقفٍ
بين أصابع الليل .
لا يعرفُ
لا أعرفُ .
الظلامُ أبادني وغطى زقاق ذاكرتي
بنعاس مُشتقٍ من بخار الرصاص.
والشِعرُ خبزٌ يَمرضُ في العاشقين.
....................
................................
.............................................
لا يُدركُ
لا أدركُ .
لأن قلبي لم يكتمل رغيفاً يُدمنُ عليه
جرادُ الحب في الجسد.
وكل سؤالٍ ماءٌ سيُثمرُ لاحقاً.
هل أقولُ:النصَ طينٌ نبني به العمرَ
الخربان .
وإن بلاداً بعيدةً تصنعُ من لحومنا الغذاء الملكي
لمدافنَ يولد التاريخُ فيها ولا يدفن .
هل النصُ غير رقعة حربٍ.
أقصدُ ميداناً لتبادل القصفِ بالقبلِ أو بالقاذفات.
اقصدُ مكاناً لمحو مستوطنات الزمن
من الرأس .
أقصدُ سيوفاً منشورةً على حبال غسيل.
أقصدُ اللهَ
وكيف درّبَ الأرضَ فكانت حبة زيتون
بدل الزر الضائع من قميص حبيبي .
..................
................................
..............................................
ليس أكثر مشقة من إقامة على ورق
أو في حضن أو فوق صخرةٍ في منتهى
سيزيف.
كنت حلُمتُ الأرضَ كرسيّاً مقذوفاً
في الظلام.
قنبلةً في فم ريح .
كرةً يُدحرجها النملُ إلى نفسهِ في شقوق
السُّبَات.
2
الورقُ الاليكتروني بلادٌ
دون تراب.
.................
.........................
......................................
أنتَ الأفضلُ
تَشقُ وتعبرُ حدودَ الزمكنة.
وليس أجمل من منزل في الريح.
3
هل من تعبيرٍ مضادٍ لمرض
الذاكرة العضال في منازلنا المقامة هوامشَ
على ظهور الكومبيوترات.
النعاسُ يحطمُ أثاثَ قوافلهُ في النفس.
وكنتُ أراني ثياب جبلٍ ممزقٍ على طريق
المريخ.
تتبعني نساءاتٌ من صنعٍ يدوي.
..............
........................
......................................
تلك المرأةُ ..
أليست جريدةً للسرير.
ذلك الذكرُ ..
أليس أرشيفاً تَخلّعت أبوابهُ برياح
نزواتٍ.
والآن:
كل ما كافأتنا به المخيلةُ تسحقهُ أحذيةُ
الدوّابِ.
4
المؤلفُ بارودٌ .
هكذا يُسمي نفسهُ..
ويستمرُ باللعب داخل صناديق الديناميت
مُديراً شؤونهُ مع عقارب الجماليات
وبعض ما في الفلسفة من أقفالٍ وخُدعٍ
وعضلات يابسة لكتبٍ تاهَ مؤلفوها
في صحارى المطابع.
.................
...........................
.................................
وإننا لأنفسنا في الكتابةِ
والطير والنكاح.
5
النصُ واللصُ
كلاهما مرآةٌ مهشمةٌ قرب الآخر.
دلفينٌ وبهلوان.
وماذا يَصيدُ المرءُ في ماء نفسهِ
غير إخطبوط الزمن.
...........
.................
.........................
يكتبُ على صدري ملاحظاته بالسنسكريتية
وفي النقطة الحرجة يطلقُ النارَ على وحوش
البطارخ.
6
الكتابةُ درّجٌ أوتوماتيكي بظهرٍ
مضغوط الفقرات.
.........
...................
....................................
وهو كالعادة..
يَكسرُ على الورقِ نهراً
ثم يرثي نفسَهُ في الطوفان.
7
الشاعرُ ذاك..
هل كان نصاً تائهاً بين جبال تغسلُ
ثيابها بالكحول وبالقليل من العسل
الأسود.
هل كان قميصاً موسيقياً من تلك اللغة.
وتتمرنُ على بيانوهاته الشيطلائكة
بشئ من النرفزة والارتباك.
هل كان باخرة جانحة بنزوات ..
وعلى ظهرها نهودٌ من مختلف الأجيالِ
المغرمة بوشك الانفجار.
.....
.............
..................
سبحان من أسرَى بكتابكَ نطفةً
من العقلِ إلى مطابع الرماد.
8
الشاعر ذاك..
كان يقول:
الحب والماء توأمان في تاريخ الفراق.
وأول أقوام العاشقين شعوب الرماد.
........
................
.......................
النهدان وردتان من كهرباء
وملكوت الجسدِ مُخضبٌ بتلك الإنارة.
9
الشاعرُ الغائبُ في نفسه.
الشاعرُ الحاضرُ في غيبوبة الأبد،
يدركُ أنهُ وحدانيٌ في وحدةِ موحدين.
ولا تنفصلُ كلماته قبل النّو
ولا بعد تفسخ الزلازل.
.......
......................
..............................................
كان يرى نفسهُ نادلَ كلمات يتبادلُ
الأراضي والأنخابَ والمرافئ والعيون
مع كائنات قيد التعديل الوراثي .
كم في القصيدة من أعينٍ بلا رملٍ
ولا رمد.
الأعينُ مناجمٌ للمعادن الماجنة
وكان قلبهُ وحدهُ مُثقَلٌ بحديدكِ.
10
الشاعر ذاك..
ليس بدر شاكر السياب أو شكسبير.
ليس مالك بن الريب أو بورخيس.
ليس كارل ساندبرغ أو ديك الجن.
الشاعر ُ ذاك دنانُ خمر عميقٍ
في باطن أرضٍ عريقة.
ولم يأتِ بعد.
لكنه يخرجُ من نساء ويدخلُ فيها.
يلتقط الكمثرى من آبار الأجساد
الملبدة بلوتشانو بافاروتي ورياح أصواتهِ
العابرة للرأس غيوماً من جراد.
الشاعرُ ذاك غايةٌ في نفس
مجهولٍ من عصر الرومانسيات .
.........
................
..............................
هو شاعرٌ ..
كأنهُ يجري في الثعابين
حتى ذوبان العاشق في الأقحوان.
هو شاعرٌ سديمي قليلُ الارتباك..
وأعتبرهُ محفظةً لجمع نقاطي من الليالي
والثمار والسينما وأزرار مقطوفة من فساتينَ
نائماتٍ خارج لحومهن في صيفٍ عريق.
.............
....................
............................
أيضاً..
الشاعر ذاك
أعتبرهُ ضياعي في اللذة .
مركباً غارقاً بالحمى الهيروسية
حينما تستوطنُ تخوتَ البنات في البللِ
المُنتج للشرر.
...........
الشاعرُ
.......
ليس من أمل .
......................................
الشاعر ُ
بيضةٌ فاسدةٌ لا كرة أرض.
..........................
الشاعرُ
سعالٌ في صالون المنطق .
......
الشاعرُ
عربةُ إسعافٍ تجر التاريخ
إلى المقبرة.

أسعد الجبوري

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...