العيد في زمن السوشال ميديا

29-06-2023

العيد في زمن السوشال ميديا

لا تنكر “ليلى” (30 عاماً) أن مدة انقطاعها عن زيارة أخواتها القاطنات في مدينة حمص تتلخص بعبارة “من العيد للعيد”، في دلالة على تراجع أواصر التواصل العائلي فيما بينهم.

وتعدّ الشابة “ليلى” مثالاً واحداً فقط من بين عشرات ومئات الأمثلة الحاضرة في المجتمع، بعد أن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بديلاً عن زيارات العائلة والأقارب والأصدقاء في معظم المناسبات.

“يا محلاها أيام زمان” تقول “سلام” (ربة منزل في منطقة تلكلخ بريف حمص)، فالعيد هذه الأيام بلا طعم ويختلف بشكل كلي عن الماضي، عندما كانت العزومات والولائم تلم الشمل بين الأهل والأقارب والأصحاب من كل حدب وصوب”.

وتضيف المرأة الخمسينية : “اعتدنا الاستيقاظ صباح العيد والبدء باستقبال الضيوف بعد أن نتلقى قبلات أطفالنا ونبادلهم الدعوات، وكل ذلك كان قبل الفيسبوك ، والواتساب، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي”.

بدوره، قال “أسامة يوسف” (مهندس زراعي) : “لا شك أن وسائل التواصل جعلت العالم الواسع قرية صغيرة، لكنها أوجدت جدران العزلة داخل المنزل الواحد، و بين أفراد الأسرة الواحدة في الوقت نفسه، فكل فرد منهمك في شاشة هاتفه أو جهازه رغم أنهم يجلسون معاً ظاهرياً”.

وأضاف “يوسف”: “حتى خلال الزيارات العائلية أيام العيد، تجد أفراد الأسرة منهمكين في جوالاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي منشغلين عن الآخرين في حضورهم، خاصة مع كبار السن من أجداد وغيرهم، وبالتالي أصبح بعض كبار السن يشعرون بالعزلة عن أقاربهم لانشغالهم بالأجهزة أثناء زيارتهم لهم بدلًا من الحديث معهم والاهتمام بهم”.

ويمتعض “شوقي” (طالب أدب إنكليزي) من سيناريو متكرر صباح كل عيد، وهو تلقي عشرات رسائل “واتس آب” الجاهزة على شاشة جواله.

وأضاف :“قلصت وسائل التواصل الاجتماعي مساحة التواصل الحقيقي المباشر بين الأهل والأقارب والأصدقاء، لأن الكثيرين باتوا يعتبرونها بديلاً عن الزيارة المباشرة أو المعايدة بالحضور واللقاء وجها لوجه”.

وتابع “شوقي”: “استيقظ لأجد رسائل تتضمن خاروف العيد مع عبارات منمقة جاهزة معاد إرسالها ومن أصدقاء ومعارف لا يبعدون أمتاراً عن منزلي، وأتجاهل الرد عليها عمداً، لأنني أفهم العيد بتبادل الزيارات وليس مجرد نقرات على شاشة الجوال”.

من جانبها، قالت “رهف” (موظفة) : “من الحكمة والواجب استغلال فرصة العيد وقربنا من أفراد الأسرة والأقراب والأصدقاء للتواصل المباشر وجها لوجه دون وسيط تكنولوجي ورسائل افتراضية لا تنقل مشاعرنا”.

وأضافت “رهف”: “قتل الإنترنت مشاعرنا وحوَّل واجب المعايدة إلى رسالة أو “ايموشن” إلكتروني، وهو ما يثير الاستغراب وبشكل خاص عند أولئك الذين يعيشون في البلد نفسه وأحيانا في الحي نفسه”.

الجدير بالذكر ومن باب الاعتراف بالواقع المعاش في سوريا، فإن الكثير من العائلات تجد في إرسال المعايدات الإلكترونية مهرباً ونجاة من تبادل وتلقي الزيارات المكلفة مادياً، فالضيف حتى في أيام العيد بات ثقيلاً باللهجة العامية، جراء ثقل الأعباء المالية الملقاة على كاهل السواد الأعظم من السوريين.

الخبر
 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...