انقسام حزب العمل الإسرائيلي: المقدمات والنتائج

17-01-2011

انقسام حزب العمل الإسرائيلي: المقدمات والنتائج

الجمل: تحدثت التقارير عن استقالة الجنرال إيهود باراك من حزب العمل الإسرائيلي، وتقول المعلومات بأن أربعة زعماء قد استقالوا وخرجوا من الحزب مؤثرين الوقوف إلى جانب الجنرال باراك: فما هي طبيعة هذا الخروج من حزب العمل الإسرائيلي، وما هي طبيعة البدائل المتاحة أمام حزب العمل وأمام مجموعة الجنرال باراك؟ وإلى أي مدى سوف يؤثر ذلك في العملية السياسية الإسرائيلية الجارية حالياً؟
* انقسام حزب العمل الإسرائيلي: توصيف المعلومات الجاريةالجنرال إيهود باراك رئيس حزب العمل سابقاً ومؤسس حزب أتزموت الجديد
أعلن الجنرال إيهود باراك اليوم خروجه رسمياً من حزب العمل الإسرائيلي وسعيه من أجل تشكيل حزب سياسي إسرائيلي جديد يحمل اسم حزب «أتزموت- أي حزب الاستقلال». وفي هذا الخصوص أشارت المعلومات إلى الآتي:
-    حزب أتزموت (الاستقلال) الجديد سوف يكون صهيوني المذهبية وديمقراطي في الأسلوب إضافة إلى التزامه بالوقوف في الوسط.
-    خرج مع إيهود باراك أربعة من كبار زعماء الحزب هم: نائب وزير الدفاع ماتان فيلناي، وأعضاء من الكنيست هم: شالوم سمحون، إينات  ويلف وأوري نوكيد.
-    أولويات حزب أتزموت الجديد سوف تركز على شعار: الدولة أولاً، الحزب ثانياً، ونحن في نهاية.
هذا، وتقول المعلومات بأن الجنرال إيهود باراك والزعماء الأربعة الذين خرجوا معه قد أعلنوا دعوتهم العلنية لجهة مطالبة الجميع بالانضمام إلى عضوية حزب أتزموت الجديد.
لم تتحدث التقارير حتى الآن عن مدى وجدها حزب أتزموت الجديد في أوساط الإسرائيليين وبرغم ذلك فمن المتوقع أن لا يجد هذا الحزب المساندة الجماهيرية الواسعة طالما أن الرأي العام الإسرائيلي أصبح أكثر عدائية لخيار عملية سلام الشرق الأوسط في مواجهة الجنرال باراك الداعم لاستمرار إسرائيل في هذه المفاوضات وتقديم التنازلات الممكنة لاستمرار المفاوضات مع الفلسطينيين.
* انقسام حزب العمل الإسرائيلي: المحفزات والأسباب
تشير معطيات الخبرة السياسية التاريخية الإسرائيلية إلى أن ظاهرة انقسام الأحزاب السياسية الإسرائيلية ليست أمراً جديداً، فقد شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية على مدى الستين عاماً الماضية حوالي 80 انقساماً حزبياً كان معظمها بسبب الصراعات الداخلية حول السلطة والنفوذ داخل هذه الأحزاب.
تقول المعلومات والتسريبات بأن أسباب انقسام حزب العمل وخروج زعيمه باراك كان بسبب الآتي:
•    الخلافات داخل الحزب بسبب عملية سلام الشرق الأوسط والمفاوضات مع الفلسطينيين أدت إلى بروز تيارين داخل حزب العمل.
•    الخلافات بين زعيم حزب العمل ايهود باراك الذي يتولى منصب نائب رئيس الوزراء نتنياهو، ووزراء حزب العمل المشاركين في نفس الحكومة، وفي هذا الخصوص علق الجنرال ايهود باراك قائلاً بأن وزراء حزب العمل يقفون إلى جانب توجهات نتنياهو ويعارضون توجيهات باراك في اجتماعات الحكومة الإسرائيلية.
•    قيادات الصف الثاني في حزب العمل الإسرائيلي يعارض معظمها توجهات زعيم الحزب باراك وبالتالي كان من الصعب إن لم يكن من المستحيل على الجنرال باراك أن يسعى إلى تعيين قيادات حزب العمل من أجل الضغط على خصومه وزراء العمل.
هذا، وقد نقلت التقارير الصحفية الإسرائيلية تصريحات الجنرال باراك والزعماء الأر بعة الخارجين معه والتي تضمنت معلومات تصف الأعضاء الموجودين حالياً في حزب العمل بأنهم أصبحوا ضحايا لصراعات حزب العمل الداخلية ، إضافة إلى التأكيدات القائلة بأن الجنرال ايهود باراك والزعماء الأربعة قد قرروا الخروج من الحزب حتى لا يصبح الحزب مكوناً من فصيلين متناحرين و لما أصبحوا أكثر قناعة بأن محاولات الإصلاح الداخلي وتوحيد توجهات الحزب قد فشلت فإنهم قرروا الخروج وتكوين حزب جديد يعبر محتواه عن طموحاتهم وتطلعاتهم السياسية وترك الحزب للفصيل الآخر الذي يتزعمه هيرتزوغ.
* مقاربة انقسام حزب العمل الإسرائيلي: نظرية المؤامرةنواب حزب العمل في الكنيست -من اليسار الى اليمين: شالوم سمحون، إينات ويلف وأوري نوكيد.
برغم وجود العديد من النظريات التفسيرية المتعلقة بأسباب ومحفزات انقسام حزب العمل الإسرائيلي فإن مقاربة «نظرية المؤامرة» هي الأكثر قدرة لجهة تفسير هذا الانقسام، وفي هذا الشأن نشير إلى الآتي:
-    تأثير العامل الخارجي: وتمثل حصراً في عامل اللوبي الإسرائيلي، فقد ظلت جماعات اللوبي الإسرائيلي أكثر عداء لحزب العمل الإسرائيلي وسعت أكثر من مرة لجهة إزاحة المذهبية الصهيونية واستبدالها بالمذهبية الليكودية كأساس ونواة لتشكيل الهوية الإسرائيلية، وفي هذا الخصوص ظلت جماعات اللوبي الإسرائيلي أكثر حرارة لجهة بناء وتعزيز النموذج الأساسي للهوية الإسرائيلية القائمة على اليهود الغربيين والأمريكيين «أشكينازي».
-    تأثير العامل الداخلي ظل حزب العمل الإسرائيلي والحركة الصهيونية والمناصرين للحزب من اليهود الشرقيين «سفرديم» أكثر تعرضاً للضغوط الخشنة من قبل المؤسسة الدينية والقوى السياسية التي يشكل قوامها اليهود الغربيون «أشكيناز»، وفي هذا الخصوص فقد تلقى حزب العمل الإسرائيلي ضربات قاسية في كل الجولات الانتخابية الإسرائيلية الماضية خلال الفترة من منتصف تسعينات القرن الماضي وحتى مطلع العام 2011.
على خلفية تأثير العاملين الداخلي والخارجي، أصبح حزب العمل الإسرائيلي أكثر تعرضاً لعمليات شد الأطراف والتي تمثلت في مخطط استهداف الحزب والذي كان آخر خطواته ممثلاً في السيناريو المؤامراتي الآتي:
•    ظل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجري المزيد من التفاهمات مع أعضاء حزب العمل الإسرائيلي الممثلين في: وزراء العمل في الحكومة ونواب العمل في الكنيست الإسرائيلي، ويقدم لهم الإغراءات التي دفعتهم إلى عقد الصفقات وبناء ما يشبه التحالف شبه المعلن بينهم وبين الليكودي بنيامين نتنياهو.
•    ظلت الحكومة الأمريكية تجري المزيد من الاتصالات والتفاهمات مع زعيم حزب العمل الإسرائيلي الجنرال ايهود باراك الأمر الذي أغرى باراك لجهة السعي لتقمص دور باني العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية.
بعد ذلك،بدأت عمليات التعبئة السلبية الفاعلة تؤدي مفعولها، فمن جهة نجح الزعيم الليكودي نتنياهو في جعل وزراء العمل في الحكومة ونواب العمل في الكنيست يتمردون على زعيمهم الجنرال ايهود باراك، وفي نفس الوقت نجحت عناصر اللوبي الإسرائيلي في رصد تفاهمات باراك مع الأمريكيين والتي أكد لهم فيها بأنه من الضروري وقف الاستيطان وتقديم التنازلات الكافية لجعل الفلسطينيين يعودون للمفاوضات.
جاءت ساعة الصفر، وانفجر اللغم، فقط أطلق مسئول أمريكي رفيع المستوى تصريحاً في العاصمة الأمريكية واشنطن قال فيه بأن الإدارة الأمريكية ناقمة وغاضبة من الجنرال باراك لقيامه بتضليل الأمريكيين من خلال أحاديثه وتفاهماته معهم والتي ظل يؤكد فيها بأن وقف الاستيطان والعودة لمفاوضات السلام هما ممكنان، إضافة إلى تأكيداته بأنه قادر بالضغط على نتنياهو وإقناعه بضرورة القبول بالموقف الأمريكي، وبالمقابل، جاءت الصفعة الكبرى من نتنياهو الذي أطلق تصريحاً نارياً قال فيه بأن الجنرال ايهود باراك هو المسؤول عن عدم عودة الفلسطينيين لطاولة المفاوضات وذلك لأن إظهاره لمساندة فكرة وقف الاستيطان وتقديم التنازلات قد أغرت الجانب الفلسطيني لجهة التمسك بعدم العودة للمفاوضات طالما أن باراك يتبنى وجهة النظر التي تتوافق مع توجهاتهم.
أبرز ردود الفعل جاءت هذه المرة على لسان نتنياهو الذي قال بأن انقسام حزب العمل وخروج الجنرال باراك منه سوف يتيح للحكومة الإسرائيلية تحقيق المزيد من الاستقرار. وفي هذا الخصوص تقول المعلومات والتسريبات بأن نتنياهو سوف يسعى إلى إدارة صراعاته على النحو الآتي:
•    التركيز على دعم الطرف الضعيف، فبعد بضعة أيام سوف يحدد نتنياهو خياراته" دعم حزب العمل أم دعم حزب أتزموت الجديد.
•    التركيز على نحر حزب إسرائيل بيتنا وذلك لجهة قطع الطريق أمامه حتى لا يصبح حزباً سياسياً كبيراً ومؤثراً.
اختلف الزعيم الليكودي بنيامين نتنياهو كثيراً مع زعيم حزب العمل الجنرال باراك حول عملية سلام الشرق الأوسط والمفاوضات مع الفلسطينيين بما أدى إلى نجاح وتفعيل مخطط نحر حزب العمل الإسرائيلي، وحالياً يختلف الزعيم الليكودي نتنياهو كثيراً مع إفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا حول موضوع لبنان وحزب الله.
ومن المتوقع أن تبدأ عملية نحر حزب إسرائيل بيتنا بعد أن تنتهي زيارة الرئيس الروسي ميدفيديف لإسرائيل، خاصة أن ليبرمان الذي يزعم أمام الإسرائيليين بأنه قادر على التأثير على قرار السياسة الخارجية الروسية الشرق أوسطية، سوف يتبين أنه تأثير غير حقيقي، إذا فشلت جهود الدبلوماسية الإسرائيلية الجارية لجهة استقطاب موسكو إلى جانب إسرائيل في مسرح الصراع العربي-الإسرائيلي!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...