الأبعاد غير المعلنة في جولة أوباما الآسيوية

06-11-2010

الأبعاد غير المعلنة في جولة أوباما الآسيوية

Image
asia_east_pol_2004_0

الجمل: بدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما جولةً آسيوية سوف تستغرق عشرة أيام يزور خلالها أربعة بلدان آسيوية، إضافةً إلى المشاركة بحضور قمتين آسيويتين: ماذا يحمل جدول أعمال جولة أوباما الآسيوية؟ وما هي دلالات دبلوماسية آسيا في هذا الوقت بالنسبة للإدارة الأمريكية الديمقراطية التي خسرت أمام خصومها الجمهوريين انتخابات الكونغرس النصفية؟
* جدول أعمال جولة أوباما الآسيوية: توصيف المعلومات والمعطيات
تقول التقارير والمعلومات بأن الرئيس الأمريكي بعد أن حضر إعلان نتائج انتخابات الكونغرس الأمريكي وما ترتب عليها من صعود لقوة الجمهوريين وهبوط لقوة الديمقراطيين، غادر العاصمة واشنطن إلى قاعدة أندروز العسكرية الجوية الأمريكية وغادر متوجهاً إلى القارة الآسيوية من أجل القيام بجولة دبلوماسية سوف تستغرق عشرة أيام، ويمكن الإشارة إلى تفاصيل الجولة على النحو الآتي:
•    المحطة الأولى: الهند
بدأت الزيارة اليوم بوصول طائرة الرئيس أوباما إلى مطار العاصمة التجارية الهندية مومباي، وتقول التقارير بأن أوباما سوف يزور مبنى تاج محل وسوف يزور أيضاً فندق البرج الذي شهد الانفجار والهجوم الي نفذته جماعة عسكر طيبة وأدى إلى مقتل 166 شخصاً، وتقول المعلومات بأن أوباما يغادر بعد ذلك إلى العاصمة الهندية نيودلهي لإجراء الاجتماعات واللقاءات مع الزعماء الهنود.
•    المحطة الثانية: إندونيسيا
سبق أن سعى الرئيس أوباما لزيارة إندونيسيا ثلاث مرات، ولكن لم تتم الزيارة بسبب الخلافات والمواقف المتباينة داخل واشنطن، خاصة أن إندونيسيا تمثل البلد الإسلامي الأكبر في العالم الإسلامي، ولكن، وبسبب عدم تواصل واشنطن مع إندونيسيا، فقد أصبح من غير الممكن لأمريكا عقد أي اتفاقيات تعاون مع منظمة الآسيان التي تمثل إندونيسيا القطب الرئيس داخلها. والآن، وعلى خلفية ضغوط الأزمة الاقتصادية، فقد أصبح أمام الرئيس أوباما أحد خيارين هما: إما زيارة إندونيسيا والحصول على التعاون الاقتصادي مع منظمة الآسيان، أو عدم زيارة إندونيسيا وعدم تحقيق أي تعاون اقتصادي منظم مع منظمة الآسيان. وتأسيساً على ذلك فقد جاءت زيارة الرئيس أوباما لإندونيسيا لتؤكد مدى حاجة واشنطن الملحة للتعاون مع منظمة الآسيان التي تمثل إحدى أهم التكتلات الاقتصادية الإقليمية الصاعدة.
•    المحطة الثالثة: كوريا الجنوبية
تقول التقارير بأن فعاليات زيارة الرئيس أوباما للعاصمة الكورية الجنوبية سيؤول سوف تتضمن: عقد لقاء مع الرئيس الكوري الجنوبي لي مايو نقباك، حضور فعاليات قمة العشرين، عقد لقاء مع الرئيس الصيني هو جينتاو على هامش قمة العشرين وتوقيع اتفاقية التجارة الحرة الثنائية الأمريكية-الكورية الجنوبية.
•    المحطة الرابعة: اليابان
تقول التقارير بأن فعاليات زيارة أوباما سوف تبدأ بزيارة مدينة يوكوهاما لحضور فعاليات مؤتمر قمة زعماء آسيا-الباسيفيك، ثم عقد لقاء مع رئيس الوزراء الياباني الجديد ناووتو كان.
تواترت التحليلات السياسية الأمريكية المتعلقة بجولة الرئيس أوباما الآسيوية، فقد نظر إليها البعض باعتبارها تسعى إلى رفع مصداقية الرئيس أوباما والتي بدأ العديد من الديمقراطيين ينظرون إليها بشيء من الإحباط، ورأى البعض الآخر بأن الزيارة هدفت لتحقيق مكسب اقتصادي يتيح لإدارة أوباما تعزيز قدرة الاقتصاد الأمريكي إضافةً إلى احتواء ضغوط الأزمة. ورأت بعض الأطراف الأخرى بأن الجولة هدفت إلى ردع الجمهوريين على أساس اعتبارات أن الأولوية هي للملفات الاقتصادية، وليس للملفات الأمنية والعسكرية.
* الأبعاد غير المعلنة في جولة أوباما الآسيوية
تشير المعطيات إلى أن دائرة اهتمامات السياسة الخارجية الأمريكية قد شهدت مؤخراً المزيد من التحولات والتبدلات المحورية، بحيث لم تعد دائرة أمريكا اللاتينية والدائرة الأوروبية تهمّان أمريكا كثيراً، وتأسيساً على ذلك فقد بدأت الدائرة الآسيوية ودائرة الشرق الأوسط هما الأكثر أهميةً لجهة تكثيف جهود السياسة الخارجية الأمريكية، وفي هذا الخصوص، بالنسبة للدائرة الآسيوية نلاحظ أن قضايا السياسة الخارجية الأمريكية تتمثل في الآتي:
-    السعي من أجل احتواء صعود القدرات الإستراتيجية الصينية، وذلك لمنع الصين من التحول إلى قوة عظمى على النحو الذي يمكن أن يعيد النظام الدولي إلى مرحلة القطبية الثنائية.
-    السعي لتحقيق أكبر قدر ممكن من المنافع والمكاسب على حساب الاقتصاد الآسيوي الذي أصبح يمثل قائد النمو الاقتصادي العالمي.
-    تجميع أكبر قدر ممكن من التحالفات والروابط الثنائية التي تجمع بين أمريكا والبلدان الآسيوية المحيطة بالصين.
تحدثت التحليلات الأمريكية قائلةً بأن جولة أوباما الآسيوية الحالية تهدف إلى تعزيز مشروع توازن القوى الآسيوية، بحيث تشرف واشنطن على تجميع واصطفاف القدرات الآسيوية في جانب واحد لمواجهة الجانب الآخر المتمثل في القدرات الصينية، وبالتالي على أساس معادلة ميزان القوى الجديدة تستطيع واشنطن ضمان وتأمين المشروع الآسيوي ضمن مظلة مشروع القرن الأمريكي الجديد الذي يطلق عليه الجمهوريون تسمية «الهيمنة الأمريكية على العالم» ويطلق عليه الديمقراطيون تسمية «قيادة أمريكا للعالم».
هذا، وبحسب التسريبات والمعطيات المائلة نلاحظ الآتي:
•    سعي واشنطن إلى استغلال وتوظيف الخلافات الصينية-اليابانية بما يتيح لأمريكا تأمين روابطها العسكرية-الأمنية مع اليابان لفترةٍ أطول.
•    سعي واشنطن إلى استغلال وتوظيف صعود قدرات كوريا الشمالية النووية لجهة ابتزاز قدرات كوريا الجنوبية وتأمين بقائها تحت الحاجة الملحّة لوجودها تتح مظلة الحماية الأمريكية.
•    سعي واشنطن إلى التخلي تدريجياً عن مبدأ استخدام أستراليا كوكيلٍ إستراتيجي إقليمي لأمريكا في آسيا والباسيفيك، وذلك لأن قدرة أستراليا ماتزال محدودة إضافةً إلى أن ظهور أستراليا بهذا المظهر قد أصبح أكثر محفزاً لإثارة كراهية الآسيويين الذين لم يعودوا قانعين بـ «الهيمنة الأسترالية الجديدة بالوكالة عن أمريكا».
أشارت بعض المصادر الأمريكية إلى أن جولة أوباما الآسيوية قد تم إعدادها بشكلٍ مسبق بحيث تنطلق فعالياتها بعد انتهاء انتخابات الكونغرس النصفية، وعلى أساس اعتبارات هذا التوقيت فقد تمت عملية ترتيب أولويات جلسة أعمال دبلوماسية آسيا الأمريكية بحيث تركز على تعزيز الروابط الثنائية مع البلدان الآسيوية لجهة الآتي:
-    بناء التحالفات المناوئة للصين.
-    بناء ضغوط آسيوية-أمريكية لجهة الضغط على العملة الصينية بما يؤدي إلى إجبار بكين على رفع اليوان الصيني مقابل الدولار الأمريكي والين الياباني وغيره من عملات القارة الآسيوية الأخرى التي تضررت أيضاً من انخفاض سعر صرف اليوان الصيني.
-    تجديد التحالف والروابط الأمنية-العسكرية مع هذه الدول.
وعلى خلفية هذه المعطيات، فإن الخطوة القادمة التي تسعى واشنطن للقيام بها هي: بناء شراكة إستراتيجية عبر الباسيفيك التي تجمع بين أمريكا والدول الآسيوية، بما يؤدي إلى وضع بكين في دائرة الحصار والضغط. هذا، ولما كانت الدول الآسيوية غير راغبة في تصعيد مشروع الحرب الأمريكية ضد الإرهاب في أفغانستان وباكستان والعراق، فإن النتيجة سوف تؤدي إلى وضع الجمهوريين أمام واحدةٍ من أكثر الإشكاليات حرجاً: تصعيد الحرب ضد الإرهاب سوف يؤدي بالضرورة إلى معارضة حلفاء أمريكا في علاقات شراكة عبر الباسيفيك، وهذا أمر سوف يلقي بتداعياته السالبة على  الاقتصاد الأمريكي، وبالتالي إذا سعى الجمهوريون لجهة تصعيد مشروع الحرب ضد الإرهاب، فسوف يتحملون أمام الرأي العام الأمريكي المسؤولية عن الأضرار الاقتصادية التي سوف تنعكس سلباً على أداء الاقتصاد الأمريكي.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...