استخدام البشرة السوداء لكينغ و أوباما لتحسين صورة الحلم الأمريكي

21-01-2009

استخدام البشرة السوداء لكينغ و أوباما لتحسين صورة الحلم الأمريكي

الجمل- مازن كم الماز:  "لم تؤسس المستعمرة في جيمس تاون دولة انكلترا إنما أسستها شركة ساعية للربح" ( جون ستيل غوردون , إمبراطورية الثروة , التاريخ الملحمي للقوة الاقتصادية الأمريكية , مكتبة الشروق الدولية , ترجمة هشام طه , يناير 2008 , ص 23 ) , هكذا منذ فترة مبكرة جدا جرى غرس الربح كأساس أو كقاعدة في حضارة الرجل الأبيض هناك في ما سمي بعالم جديد , حيث لم تتمكن عيون المستكشفين و من بعدهم الآباء الأوائل و أخيرا منظري الليبرالية الأمريكية من رؤية سكان البلاد الأصليين , سيكتفي رأس المال الأمريكي في وقت لاحق باستخدام بعض رموزهم كأسماء لبعض أنواع السيارات الأمريكية المعروفة كشيروكي مثلا و بونتياك ( زعيم قبلي هندي أحمر قاوم تمدد مستوطنات البيض في مناطق الهنود ) , لكن هذا "العالم الجديد" كان يحمل للقادمين "البيض" خاصة وعدين أساسيين : أولا بالثراء , الذي عادة ما اتخذ شكل البحث عن الذهب و الاستيلاء على أرض جديدة , و وعد آخر بالحرية , الدينية خاصة أو على الأقل في البداية...."تأسست نيويورك , مثل مستعمرات نيو انكلاند و فيرجينيا , من قبل مؤسسة ساعية للربح" ( غوردون , إمبراطورية الثروة , ص 53 ) , في مطلع الأربعينات من القرن 17 "كان تقريبا كل المواطنين الألف ( في نيويورك ) جاءوا إلى هناك من أجل المال" ( نفس المصدر , ص 54 )..هذا "التلازم" بين الحرية و بين الربح , الارتباط الغريب و الساذج و غير المنطقي كان يجب منطقته أمريكيا , أو على الأصح هكذا فعلت الظروف الفعلية في الواقع الأمريكي عند تحديد العلاقة بينهما , بإلحاق أحدهما بالآخر , كانت الحرية هي ضحية الربح , عندما أخضعت لمنطق الربح بحيث أصبحت حرية السعي وراء الربح هي الحرية الأساسية , بل و أصبحت الحرية نفسها شيئا قابلا للبيع , مصدرا للربح , سلعة جالبة للربح , حتى منذ البداية كانت هناك حالة غريبة جديدة من تبعية الحرية لمنطق الربح التي أدت لظهور نوع جديد من البروليتاريا المؤقتة , كان الكثير من الوافدين الجدد لا يملكون حتى تكاليف الرحلة البحرية إلى أمريكا , "و كي يوفروا تكاليف الرحلة البحرية , كان هؤلاء الأشخاص مستعدين لقبول فترة محدودة من العبودية في شكل خدم مرهونين بعقد ... بمجرد انتهاء المدة التي ألزمهم بها عقد الخدمة المرهونة , كانوا على الفور يهجرون أسيادهم و يحصلون على مساحة أرض...و بالطبع لم ينطبق هذا الازدهار على العبيد ( نفس المصدر السابق , ص 66 – 67 ) ( هذا هو بالضبط واقع معظم القادمين الجدد اليوم أيضا إلى أمريكا ) , يعتبر أبراهام لنكولن هنا مثالا توضيحيا هاما , فهذا الرئيس الأمريكي قاد واحدة من أكبر المجازر في الغرب الأمريكي ضد الهنود الحمر , في نفس الوقت الذي قام فيه بإلغاء العبودية مغامرا بنشوب حرب أهلية مع الولايات الجنوبية , كان هذا بكل بساطة في سبيل الربح و إن استخدم الحرية , حرية العبيد , كمبرر و كشعار أخلاقي لسعي النخبة المهيمنة نحو المزيد من الأرباح , لقد هدف ذلك بالفعل إلى الاستيلاء على المزيد من الأراضي  من أيدي أصحابها الأصليين و توفير يد عاملة رخيصة للمصانع البرجوازية , مستبدلا بذلك العبودية المباشرة للعبيد في المزارع الجنوبية بعبودية العمل المأجور الذي يبيع قوة عمله "بحرية" , هكذا كانت النخبة المهيمنة في أمريكا تدفع بشعبها من حرب إلى أخرى باسم الحرية و في سبيل الربح , و آخرها العراق , إنها من جهة تريد أن تجعل من الحرية مرادفا لهذه الهيمنة , و هي في نفس الوقت تحول الحرية إلى سلعة تخضع لقوانين العرض والطلب العادية , سلعة لم تنفق حتى اليوم , كان هذا هو التشويه الرأسمالي للحرية , المختلف , و الأكثر تقدما , بالتأكيد عن التشويه العبودي الذي اعتبر انقسام البشر إلى سادة و عبيد انقساما "طبيعيا" على لسان منظره أرسطو معرفا الديمقراطية بالتالي على أنها حرية ملاك العبيد , هذا بالتحديد هو المضمون الرمزي و الفعلي لعملية انتخاب رئيس أسود , لا يمثل هذا الحدث نهاية للتمييز العنصري بقدر ما يمثل دخوله مرحلة جديدة , أرقى , أكثر تمويها لكنها مؤقتة بانتظار صعود جديد للعنصرية عندما يتطلب ذلك هدف بحث النخبة المسيطرة عن الربح و إمكانية ترويج الحرية , بمعناها السائد الخاضع لشرط الربح , بنجاح بين الناس , إنها صورة جديدة لمحاولة بيع الحرية , لمحاولة إعادة إنتاجها كسلعة رائجة و مقنعة للباحثين عنها و مصدر للربح بالنسبة لمن يسيطر على المجتمع , هنا يمكن بالفعل الموافقة على أن تنصيب أوباما هو جزء من حلم لوثر كينغ , الذي كان بالأعم محاولة لإدخال السود في النخبة السائدة , لا في تحريرهم الفعلي من سطوة الربح و الباحثين عن الربح , أي كجزء من النظرة السلعية للحرية , أي كسلعة يجب إعادة تحسينها و إعادة تسويقها بصورتها الجديدة باستمرار , لكن مفهوم المضطهدين عن الحرية مختلف , يقول مالكولم إكس في إحدى مقابلاته التلفزيونية :
المذيع : .... و لكن هدف الدكتور كينغ هو المساواة الكاملة و الحقوق الكاملة لجميع المواطنين في الولايات المتحدة .. أليس كذلك ؟
مالكولم إكس : كلا ! هدف الدكتور مارتن لوثر كينغ هو مجرد السماح للنيجروز ( الزنوج ) بدخول مطاعم الفصل العنصري , و الأكل بجانب الرجل الأبيض الذي عاملهم بوحشية طيلة 400 سنة ! هدف الدكتور مارتن لوثر كينغ هوالعمل بجد على إقناع النيجروز لكي يصفحوا عن الرجل الأبيض الذي جعلهم يكابدون الجحيم منذ مئات السنين ! إنه يريدنا أن نصفح ببساطة , ثم نذهب إلى النوم .. هكذا ببساطة ! ( النصوص المحرمة و نصوص أخرى , مالكولم إكس , ترجمة وتعليق حمد العيسى , المؤسسة العربية للدراسات و النشر , 2007 , ص 45 ) .

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...