تركيا بعد الانتخابات

24-07-2007

تركيا بعد الانتخابات

طغت نتائج الانتخابات العامة في تركيا على المشهد السياسي في البلاد، وبدأ الأتراك يومهم الجديد برؤية أكثر استقرارا مع بلوغ حزب العدالة والتنمية نسبا قياسية في عدد الأصوات، ومع تحقيقه سابقة للمرة الأولى منذ نحو 52 عاما، حيث لم يحدث منذ ذلك الوقت أن فاز حزب حاكم بالسلطة منفردا مرتين متعاقبتين وبقدر أعلى من التأييد الشعبي.

وصدرت الصحافة التركية اليوم مؤكدة هذه المعاني، حيث اعتبرت غالبيتها أن تركيا توحدت خلف حزب العدالة والتنمية، فيما اعترفت الصحف العلمانية بالهزيمة ووصفت فوز الحزب المذكور بالانتصار الساحق وقالت إن التظاهرات الضخمة التي نظمها العلمانيون عشية الانتخابات لم تعكس نفسها في صناديق الاقتراع.

وقد أضفت كلمة زعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان في الحشود المحتفلة بانتصار حزبه مزيدا من الاطمئنان على الجو السياسي العام في تركيا، حيث خلت كلمته من نبرات التحدي والتعامل مع خصومه كمنتصر، بل إن إشارته إلى احترام أسس العلمانية، كانت رسالة للفريق الآخر المتوجس من هذا الحزب وما يمكن أن يلحقه بالعلمانية في تركيا.

ويستطيع المراقب أن يتلمس شعور المواطن التركي باستقرار افتقدته هذه البلاد خلال سنوات طويلة قبل تولي العدالة والتنمية الحكم لأول مرة منفردا قبل خمس سنوات، وكان هذا الاستقرار الذي انعكس على مجمل حركة المجتمع والدولة سببا أساسيا لنتائج انتخابات يوم الأحد.

ويقول مدير الأخبار في القناة التركية السابعة سفر طوران إن حزب العدالة والتنمية اثبت أنه يمثل كل تركيا، حيث إنه لم يحصل فقط على الغالبية المطلقة، لكنه أيضا فاز في مختلف الولايات التركية، بل إنه حصل على نسب مرتفعة من الأصوات في ولايات محسوبة تقليديا للعلمانيين مثل أزمير وأنطاليا، وهذا يؤكد جدارة هذا الحزب في تمثيل تركيا وشرعية هذا التمثيل.

وأضاف أن حزب العدالة والتنمية لن ينفذ برامج متطرفة كما يروج منافسوه، لكنه سيستمر بالإصلاحات السياسية ومنها التعديلات الدستورية، حيث أثبتت الأزمة السياسية التي نجمت عن الفشل في انتخاب رئيس الجمهورية غموض بعض فقرات الدستور والتفسيرات المختلفة له حتى من قبل من شارك في كتابته ما يؤكد الحاجة إلى هذه التعديلات.

ونوه طوران بشخصية زعيم الحزب رجب طيب أردوغان الذي فرض نفسه على الوسط السياسي التركي وتمكن من استقطاب العديد من الشخصيات السياسية والأوساط الشعبية وحقق الاستقرار داخل الحزب وفي الحكومة، ما جعله يحوز على قناعات المواطن التركي البسيط الذي قال إنه أثبت في انتخابات الأحد بأنه كان أكثر وعيا من النخبة المثقفة.

من جانبه قال المحلل السياسي التركي محمود عثمان إن الفوز العريض الذي أحرزه حزب العدالة والتنمية لن ينهي حالة الصراع السياسي في البلاد تماما، وتوقع أن يبادر حزب الشعب الجمهوري الذي اعتبر خاسرا في الانتخابات إلى ردة فعل سريعة قد تظهر في الفترة المقبلة مع أول استحقاق للبرلمان الجديد الممثل بانتخاب رئيس للجمهورية.

وقال إنه بسبب المهمة الصعبة وحتى المستحيلة لانتخاب رئيس للجمهورية بعد اشتراط نصاب الـ367 صوتا، فإن حزب الشعب الجمهوري سيناور بقوة وإن كان بصعوبة ليفرض تحكم الأقلية بإرادة الأغلبية، وأشار إلى أن زعيم هذا الحزب دينيس بايقال الذي ظهرت أصوات من داخل حزبه تدعوه للاستقالة هو رجل المناورات والدهاء السياسي، وهو سيستخدم ذلك في مواجهة العدالة والتنمية.

وعن إمكانية تفاهم بين العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية لحسم قضية رئيس الجمهورية قال عثمان إن الأمر يتعلق بشخص رئيس الجمهورية، فإذا قبل العدالة والتنمية تسمية رئيس جمهورية غير خاضع له فإن هذا الأمر قد يكون ممكنا، وأشار إلى أن هناك شخصيات مهمة داخل حزب العدالة والتنمية تعود بأصولها إلى الحركة القومية مثل رئيس بلدية أنقرة مليح يوجك يمكن أن تكون حلا وسطا شريطة أن يتخلى القيادي في العدالة والتنمية عبد الله غل عن ترشحه لمنصب رئاسة الجمهورية.

وأكد أن تركيا مقبلة على ما وصفه بالشطرنج السياسي المتطور، حيث ستنشأ تحالفات واستقطابات حتى على مستوى الأشخاص، فهناك كما يقول شخصيات داخل حزب العدالة والتنمية يمكن أن تنزع قميص هذا الحزب في أي لحظة طائعة أو مرغمة، لكن في كل الحالات هناك أدوار للقوى السياسية في البرلمان لتقوم به في مواجهة العدالة والتنمية.

لقاء مكي

المصدر: الجزيرة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...