"افاتار" عالم جيمس كاميرون المتخيل

24-02-2010

"افاتار" عالم جيمس كاميرون المتخيل

كُتب الكثير عن فيلم (أفاتار)،وفي الفيلم ما يبرر وفرة الكتابة عنه : الفكرة ، الخيال ، الصورة ، التقنيات ، الموسيقا ، الحوار،التمثيل ، الإخراج .
باختصار : كل ما في الفيلم . لقد صنع (جيمس كاميرون) عالماً خيالياً افتراضياً أسقط عليه واقعاً معاصراً ،وهواجس مبررة ، وأملاً بتحقيق النجاح على سياسات تقود لتدمير عالمنا ، و إفناء بيئته..ولتحقيق غايته تلك جمع لفيلمه أفضل ما أمكنه من متطلبات صناعة فيلم عصري حتى أمكن وصف الفيلم أنه نقطة تحول في تاريخ السينما . ما يليها يجب أن يكون مختلفاً عما سبقها..‏
عالم( كاميرون) المتخيل يلي زماننا بعقود كثيرة , ومكانه يبعد عن أرضنا سنوات سفر طوال. إنه يقوم على كوكب مفترض يقطنه سكان بدائيون – أو هكذا نعتقد بداية – تتجاوز قامة الواحد منهم ضعف طول قامة الإنسان الأرضي ، ويبدو نسخة مشوهة عنه بلونه الأزرق وتفاصيل وجهه وذيله الطويل وجسده العاري إلا من قليل الثياب . ومع ذلك فإن عبقرية المخرج تدفع المشاهد للتعاطف مع أولئك المخلوقات ذوات الأشكال الغريبة ضد أشخاص يشبهونه شكلا. مثلما تدفعه للانحياز إلى عالم الطبيعة البكر في وجه التقنيات الحديثة المنفلتة من العواطف و المشاعر الإنسانية ..وهو ما عبرت عنه دموع انهمرت في صالات العرض أمام مشهد الشجرة المحترقة إثر هجوم طائرات الغزاة الأرضيين( رجال الجو ) ..‏
من بعض أسباب نجاح الفيلم ، بل في مقدمتها، بساطة فكرته : قوم يعيشون في حالة تناغم كامل مع محيطهم البيئي إلى حد الاتحاد التام معه .تحكم حياتهم الآمنة أعراف وتقاليد اختاروها ورضوا بها تؤكد احترامهم للطبيعة الأم. لكنهم لسوء الحظ يعيشون فوق أرض غنية بثروات يطمع بها الغزاة الأرضيون والذين يختلقون مختلف الحجج لسلب السكان الأصليين أرضهم وثرواتها المخبأة، تارة بدعوى تمدينهم وخلق أسلوب حياة جديدة لهم .وتارة أخرى بإعلان الحقيقة مجردة: إذا كان في أرض ما شيء نريد الحصول عليه، فإن الذين يعيشون فوق هذه الأرض يصبحون أعداء لنا..‏
التقط معظم من كتب عن (أفاتار) هذه الفكرة الواضحة الجلية بل إن المتظاهرين في الضفة الفلسطينية ضد جدار العزل العنصري قد تشبهوا في إحدى مظاهراتهم الأسبوعية الأحدث بشعب (نافي) سكان كوكب( كاميرون) استجابة لنداء أطلقه احد النشطاء المعادين للاحتلال بضرورة أن يتبنى الفلسطينيون مغزى الفيلم الذي يحكي عن نضال شعب ضد الاحتلال. ارتدى المحتجون اللون الأزرق مع أزياء شخصيات الفيلم الخاصة من الكوكب الخيالي (باندورا). وبينما جذبت تلك المبادرة أنظار الصحافة والمصورين كان رد الاحتلال بالرصاص والقنابل المسيلة للدموع التي أطلقت عليهم. أحد الفلسطينيين المتظاهرين قال لصحيفة (لوس أنجلس تايمز ): نحن هنا أفاتاريون ونافيون نحارب ضد المحتلين الذين يسرقون أرضنا ويحتلون شعبنا، نحن هنا ولسنا منتجاً من هوليوود، ما يجري هو حقيقي .‏
التقط معظم من كتب عن (أفاتار) هذه الفكرة الواضحة الجلية باستثناء (ناقد سينمائي)!! في محطة تلفزيونية عربية – إلى حد ما – .جلس هذا (الناقد) أمام الكاميرا كالطاووس متكئاً على أحد مرفقيه ليقول بعجرفة حازمة جوفاء : إن الفيلم يمثل تيارات منتشرة في عصرنا تدعو لعبادة الطبيعة .لذلك فأنا أرفضه ..‏

 

سعد القاسم-الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...