متسولون أكابر يستثمرون الدين
لا يكاد إمام المسجد يقول «السلام عليكم» مؤذناً بانتهاء صلاة الجماعة إلا وينبري شاب انيق من الصف الأول ليلقي خطبة قصيرة عن فضل الإحسان مبرراً الظروف التي اضطرته للوقوف بين هذه الوجوه الطيبة مخاطباً قلوب المحسنين.
ويتواصل المشهد في شكل دائم: يتهدج صوت الشاب محاولاً ايجاد تأثير مسرحي، شاقاً الصفوف ومغادراً الى الباب الأخير للمسجد الذي يخرج منه المصلون. يفرش غطاء رأسه على الأرض امامه وينظر الى النقود الورق التي تسقط فوقها، ولكن بصمت بالغ.
بدأت هذه الظاهرة بالنمو في مجتمع ينظر بكثير من الاحتقار الى استجداء الناس وطلب الإحسان منهم. وعرفت مساجد العاصمة مسقط الكثير من هذه النوعية التي تحفظ الأدعية والشواهد على فضل الإحسان بصورة مؤثرة، والفارق هو العذر الذي حدا بالشخص المحتاج، او المحتال كما تسميه الأكثرية. فمرة يدّعي المرض أو مرض الأم والأب، أو تكاثر الديون عليه, ويتنقل من مسجد الى آخر، وقد ينقل نشاطه الى مساجد خارج مسقط.
وتجد الجهات الرسمية مشكلة فـــــــي تعقـــب هؤلاء الذين لا يختلفون في زيهـــم عن بقيـــة المصلين، وربما اكثر اناقة من بعضهم. ويتخذون من التسول (المتطور) وسيلة لاستجداء الناس. وهذه الفئة تضـــاف الى آخرين يتنقلون بين مواقف السيارات متخذين من الظروف نفسها وسيلة للحصول على المال.
وفيما ينظر البعض الى هؤلاء على انهم مضطرون لذلك، يطالب آخرون بعدم منحهم أي مبلغ لأن ذلك يحفزهم على الاستمرار في هذا الدرب، الأكثر جلباً للمال وبأقل كلفة، ولا يحتاج من رأس المال سوى لقليل من الكلمات المؤثرة، خصوصاً أن المجتمع العماني المحافظ ينظر بكثير من الرحمة الى من يسمعه تلك العبارات الجميلة والنافذة الى القلب، من أناس يتصور (حين يرى شياكتهم) انهم فعلاً محتاجون... وليسوا محتالين.
محمد سيف الرحبي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد