مهرجان الماغوط.. كواليس بلا مشهد!

27-07-2008

مهرجان الماغوط.. كواليس بلا مشهد!

لا أدري من اكتشف هذه الجملة الخبطة (سلمية تغني لدمشق) كي تكون شعاراً لمهرجان الماغوط المسرحي الثاني؟ فالغريب أن تقوم سلمية (بالغناء) في مهرجان مسرحي يحمل اسم شاعر اشتهر كثيراً على صعيد الصور الجديدة والكلمات النادرة وفتح الآفاق! هل لأن تلك المدينة لم تستطع أن تقدم في هذا المهرجان سوى أغنية كتبها الشاعر الجميل أحمد خنسا ووردت في البروشور تحت عنوان (منبحك يا شام) بدلا من (منحبك يا شام)! وهل كان من الصعب كثيراً على كل تلك الأعداد الهائلة التي شاركت في التنظيم والإعداد للمهرجان أن تجهد قليلاً لتجد شعاراً أكثر خيالاً وجدّةً وينسجم مع ريادة الماغوط في اكتشاف العبارات والجمل الشعرية ودكّ حصون الخيال؟!..

كان من المستغرب بالفعل، ألا تقدم مدينة الماغوط أي عمل مسرحي في المهرجان، أسوة بباقي الفرق التي جاءت من مختلف المناطق كي تؤسس لمشهد مختلف ليس على صعيد المسرح فقط بل فيما يخص الثقافة بشكل عام كما تؤكد الكلمات التي افتتحت مقدمة البروشور، فكان الكلام أكبر بكثير مما أنجز أو على الأقل كان بالإمكان القيام بأكثر من أضعف الإيمان.. حتى العراضة التي حيّت الضيوف القادمين وصرخت بالشوباش للمنظمين، كان بالإمكان اختصارها من أجل دعم صناعة الفيلم الذي قدم في الافتتاح حتى يبدو أكثر حرفية وتقنية وعلاقة بالمهرجان..! 
أعتقد أن التعاطف والدعم ضروري لأي مهرجان أو نشاط ثقافي تبتكره عقول الشباب وتحاول من خلاله أن تضيف شيئاً مختلفاً وجديداً على طول المشهد الذي يصفه الجميع بالاستكانة والتكرار.. لكن لابد في الوقت نفسه أن نركز على التقييم والنقد وكشف مكامن الخلل حتى يتطور المهرجان ويستفيد من عثراته وهفواته على مختلف الصعد التقنية والفنية إذا صح التعبير.. فرغم الجهود الكبيرة التي بذلها أصحاب الفكرة والمنظمون، مازلنا بعيدين عن فكرة المؤسسات ومتمسكين بعقلية الأفراد..! ومن هذا الباب كنت أربأ بصديقي مدير المهرجان ألا يسمح بوضع صورته على الغلاف الأخير من العدد الأول من النشرة اليومية للمهرجان مع الفنانين السوريين تحت عنوان (نجوم في سماء المهرجان) وألا يترك المجال لتكرار اسمه في مختلف الاختصاصات حتى في تلحين أغنية المهرجان أو في تحيات فرقة العراضة التي راحت تشوبش للجميع..! فرغم الجهود الكبيرة التي بذلها شخصياً، إلا أنها ليست بالحالة الصحية أن يتأسس المهرجان على فرد واحد بحيث أن غيابه سيؤدي إلى عدم قيام النشاط من الأساس..! ‏

أعتقد أن الدعم البنيوي للثقافة أفضل بكثير من الاكسسوارات ورشّات البهار التي تلقى هنا وهناك، وهو سؤال برسم جميع الجهات التي ترعى وتدعم الأنشطة الثقافية التي لا تستمر في الغالب سوى عدة أيام.. فتأسيس فرقة مسرحية جديدة لهذه المدينة مثلاً، أفضل بكثير من استقدام فرق مشهورة تقدم عروضها ثم تمشي.. ألا نقول جميعاً بأننا نريد أن نؤسس لمشهد ثقافي مختلف قادر على الابداع وتقديم كل جديد؟ لماذا لم تستطع الجهة المنظمة دعم الفرق المسرحية في سلمية كي تقدم إحداها عرضاً في غمرة العروض الهامة التي قدمها المهرجان، حتى ولو أدى ذلك إلى تأخير المهرجان عدة أيام؟ ‏

أعتقد أن السؤال الأساسي يبدأ بماذا نريد نحن أن نحقق بالفعل؟ وهل المهرجانات هي غاية بحد ذاتها؟ أم أنها مجرد وسيلة لطرح التجارب والأسئلة والحوارات؟ لقد كانت الدورة التدريبة لأعضاء فرقة كور الزهور المسرحية التي أقامها إيليا فجميني خلال المهرجان، إحدى الأوجه التي من الممكن التركيز عليها من أجل أن ندعم ونفتح الباب من أجل التطوير أكثر.. فالمعروف أن الفرق المسرحية والفنية تقوم في تلك المنطقة على جهود أفراد لا يملكون سوى الارادة والحب والبحث عن جديد وهم محتاجون إلى من يغنيهم بالدعم المادي والنفسي والتقني، وهذا شأن طبيعي..! ‏

في كل الأحوال، يؤكد الجميع أن عروض المهرجان كانت مميزة بالفعل، وهي بدأت ترسي وتؤسس لمشهد سنوي نأمل أن يتكرر تصاعدياً بحيث يصبح محرضاً من أجل تأسيس العديد من الفرق الجديدة في تلك المنطقة، وأيضاً أن يتجاوز كل العثرات والهنات فيغدو أكثر حرفية وإتقاناً إذا صح التعبير..! ‏

بانتظار المهرجان المسرحي الثالث.. (كاسكم) كما يقول الماغوط! ‏

زيد قطريب

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...