من يذكر الانتفاضة الطلابية في باريس؟

01-05-2008

من يذكر الانتفاضة الطلابية في باريس؟

ما زالت انتفاضة أيار 1968 الطلابية، التي قلبت فرنسا رأسا على عقب، تثير جدلا حاميا بين مَن يرونها هبّة للدفاع عن الحرية، ومَن يعتبرها رمزا للانحطاط، منهم الرئيس نيكولا ساركوزي الذي دعا إلى «تصفية» إرثها.
وتميــزت الذكــرى الأربعــون لأحـداث أيــار في فرنســا بصدور عدد كبير من المنشورات، بينها 100 كتاب، وملحـقات خاصة في الصحف والمجلات وبرامج تلفزيــونية، ما يدل على استمرار الاهتمام بتـلك الحـقبة المؤسســة في تاريخ البلاد المعاصر.
واعتبر عالم الاجتماع جان بيار لوغوف، صاحب كتاب «أيار 68 ميراث مستحيل» أن الثـورة الطلابيــة التي تسببت في إضراب عام شل حركة البلاد طوال شــهر، اكتست أبعاد أسطورة تواجه فيها معسكران هما «حراس الهيكل» و»النــاقمون»، معتبراً أن «المجتمع الفرنــسي يتردد بين الإعـجاب بالتـمرد ورفضه، ولا يتمكن من اتخاذ المسـافة المناسـبة من الحــدث لإدراجه في التاريخ».
وبات اليــمين الفرنســي يــرى أن تلك الثورة وما رافقها من إقامة متاريــس في الحـي اللاتيــني في باريس واحتلال الكليات وشعــارات تتـغنى بالحــرية المطلقة مثل «الحظر محظور»، ساهمت في تدمير القيم الأخــلاقية وانــهيار المؤسسـة الـــتربوية.
وكان ساركوزي قد دعا الفرنسيين، عندما كان مرشحاً، إلى «القطيعة» مع «وقاحة» أيار ,68 التي «ألغت الفرق بين الخير والشر وبين الحقيقة والكذب وبين الجمال والقبح»، ما أثار احتجاجات اليسار.
لكن تلك الثورة الطلابية أسست لتطورات مشهودة. ويذكر المؤرخ ميشال وينوك أن المجتمع الفرنسي خلال الستينيات في عهد الجنرال ديغول كان «متزمتا ومنغلقا»، بحيث لم يكن يُسمح للنساء مثلاً بالعمل وهن يرتدين السروال، ولم يكن جائزاً الطلاق بالتراضي، ولم تكن العطل المدفوعة الأجر معممة، وكانت وسائل الإعلام تخضع للرقابة، لدرجة بلغت حد فصل مذيعة لم تكن تستر ركبتها.
وفي المحصلة يقول معظم الفرنسيين إنهم متمسكون بإرث أيار ,68 الذي يعتبره 74 في المئة منهم إيجابيا. وذكر 80 في المئة منهم «إيجابية» تلك الأحداث في توزيع المهام بين الجنسين، وذكر 72 في المئة منهم مسألة الحياة الجنسية، و64 في المئة مسألة العلاقات بين الأهل والأبناء.
وبعد مرور أربعين عاماً، ما زال الطلاب الفرنسيون يخرجون إلى الشوارع للتظاهر، إلا أن التهجم المتطرف على النظام تحول إلى معارك أكثر براغماتية.
وقال رئيس نقابة طلابية يدعى جان باتيست بريفوه إن «الشبان تغيروا كثيرا. إذ تدهورت ظروفهم المعيشية كثيرا، وتنامى قلقهم من المستقبل، بسبب البطالة، ما يفسر التزاما أكبر بالقضايا المادية». ويؤيده في ذلك القيادي الطلابي السابق دانيال كوهين بينديت، وهو نائب ألماني حالياً، بأن مجتمع اليوم «يواجه مشاكل مختلفة عن الـ68».
وإن كان بينديت قد دعا إلى «نسيان الـ68»، إلا أنه يرفض سخرية ساركوزي، متهماً إياه بأنه «من أتباع تلك الأحداث، الذين اقتبسوا منها شعارها: الاستمتاع من دون عراقيل، لمصلحتهم الخاصة»، في إشارة إلى طلاق الرئيس مرتين.

المصدر: أ ف ب

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...