مصر: لجنة الدستور تمضي في عملها بمن حضر

29-03-2012

مصر: لجنة الدستور تمضي في عملها بمن حضر

عقدت اللجنة التأسيسية لوضع الدستور المصري الجديد، أمس، أولى جلساتها، متجاهلة الانتقادات التي وجهها إليها الليبراليون واليساريون بسبب هيمنة القوى الإسلامية على تشكيلتها، حيث انتخبت رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني، وهو أحد القياديين البارزين في جماعة «الإخوان المسلمين» رئيساً لها، في وقت اتسعت موجة الانسحابات من هذه اللجنة لتشمل المحكمة الدستورية.
وعقدت اللجنة التأسيسية أول اجتماع لها في مقر مجلس الشعب، برغم انسحاب قرابة 25 من أعضائها الأصليين والاحتياطيين، والذين يمثلون كل الأحزاب الليبرالية واليسارية، بالإضافة إلى شخصيات مستقلة، احتجاجا على هيمنة الغالبية البرلمانية («الإخوان» والسلفيون) على تشكيلتها، واعتراضاً أيضاً على ضعف تمثيل المرأة والأقباط فيها، واستبعاد الخبراء الدستوريين المشهود لهم بالكفاءة منها.
وانتخبت اللجنة التأسيسية في اجتماعها الأول سعد الكتاتني رئيساً لها. وتحدث العديد من أعضاء اللجنة، وخصوصاً من قيادات «حزب الحرية والعدالة» التابع لـ«الإخوان»، داعين إلى عدم الخضوع لما أسموه «الابتزاز» السياسي للمنسحبين.
وأكد الكتاتني انه أيا كانت نتائج الاتصالات التي ستجري مع المنسحبين فان «اللجنة ماضية في عملها»، غير أن بعض أعضاء اللجنة، ومن بينهم الشاعر فاروق جويدة والنائب عن «حزب الوسط» (إسلامي معتدل) عصام سلطان اقترحوا التنازل عن عضويتهم لإفساح المجال أمام أعضاء آخرين من اجل إنهاء الأزمة الراهنة.
لكن الكتاتني أبدى تشدداً حيال هذه المسألة، إذ قال بعد انتهاء الجلسة إنه «في حال تنازل أي عضو طواعية عن مقعده في اللجنة التأسيسية فانه سيحل محله من تم انتخابهم من الأعضاء الاحتياطيين»، الذين يشكل الإسلاميون معظمهم كذلك.

وأشار الكتاتني إلى أن اثنين فقط من أعضاء الجمعية التأسيسية اعتذرا عن عدم المشاركة في أعمالها، وإن الباقين أعلنوا عن انسحابهم في وسائل الإعلام فقط.
وأشار الكتاتني إلى أنه سيتم تخصيص موقع إلكتروني تعرض فيه جميع الآراء والمناقشات لتكون أمام الشعب ليرى رأيه فيها.
وتزامن بدء اجتماع اللجنة التأسيسية مع مؤتمر صحافي عقده المتحدث باسم المحكمة الدستورية العليا ماهر سامي أعلن فيه أن الجمعية العمومية لقضاة المحكمة قررت الانسحاب من اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد للبلاد بسبب الشكوك في شرعية تشكيلها.
وأوضح سامي أن «ما تردد في الآونة الأخيرة بشأن تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور نثر ظلالا كثيفة من الشك والاضطراب والالتباس حول أعضائها، ونثر غبارا قاتما من المطاعن التي تنال من هذا التشكيل، ومن الإجراءات»
وأضاف أن قرار الانسحاب «اتخذ في ضوء ما تشهده الساحة السياسية في البلاد في الآونة الأخيرة من اشتباك متعاظم بين القوى السياسية والحزبية حول سلامة تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور وما أثير حول صحة وسلامة انتخاب أعضائها».
وتابع «لما كانت المحكمة الدستورية العليا تحرص على أن تظل بمنأى عن أي خصومة أو خلاف أو صدام ينجم عن هذا التشكيك، فقد قررت عدم مشاركة المستشار علي عوض صالح نائب رئيس المحكمة في أعمال اللجنة التأسيسية بعدما كان قد تم انتخابه بها».
وكان رئيس المجلس العسكري الحاكم المشير حسين طنطاوي عقد أمس الأول اجتماعاً مع رؤساء 19 حزبا من بينها «حزب الحرية والعدالة» و«حزب النور» السلفي، وكذلك الأحزاب الليبرالية واليسارية لبحث أزمة اللجنة التأسيسية لوضع الدستور. وذكرت الصحف المصرية أن الاجتماع لم ينته إلى نتيجة محددة وتقرر عقد جلسة ثانية مماثلة الخميس لمحاولة التوصل إلى توافق حول اللجنة التأسيسية.
وفي موازاة ذلك، يتوقع أن تنظر المحكمة الإدارية في العاشر من نيسان المقبل في الطعن المقدم من أحزاب وحركات سياسية غير إسلامية على قرار البرلمان بان ينتخب نصف أعضاء الجمعية التأسيسية من نواب مجلسي الشعب والشورى والنصف الآخر من خارج البرلمان. وتؤكد الأحزاب التي قدمت هذا الطعن أن الدستور سيحدد العلاقات بين السلطات الثلاث للدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية وبالتالي لا يمكن لأعضاء البرلمان أن يحددوا بأنفسهم علاقتهم بالسلطتين الأخريين.
كذلك، فإن المحكمة الدستورية العليا ستنظر قريباً في طعن على قانون الانتخابات. وفي حال قضت بعدم دستورية هذا القانون، فان ذلك يتطلب حل مجلسي الشعب والشورى وإجراء انتخابات جديدة.
وأعلن سياسيون معارضون، أمس الأول، اعتزامهم تشكيل «لجنة موازية» لكتابة دستور بديل في اطار الضغوط لتغيير تشكيلة الجمعية. لكن مثل هذا الأمر قد يتطلب تعديل الإعلان الدستوري الذي صدر في آذار الماضي، وتضمن مادة عن تشكيل الجمعية التأسيسية يقول فقهاء دستوريون إنها لم تقطع بتشكيل الجمعية من أعضاء البرلمان المنتخبين أو غيرهم.
من جهته، اعتبر المرشح البارز لرئاسة الجمهورية عمرو موسى أن «النسب التي قامت عليها الجمعية التأسيسية غير مريحة»، مؤكدا أنه لا يمانع في وجود أعضاء مجلس الشعب في الجمعية التأسيسية، ولكن بنسبة لا تتعدى 20 بالمائة.
وأضاف موسى أن «ما يحدث حاليا بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين يمكن أن يعرف ببوادر موقف غير مريح أكثر من كونها أزمة».
بدوره، قال المرشح الرئاسي حمدين صباحي إن الدستور حق لكل المصريين، ولا ينبغي سيطرة حزب أو فئة أو جماعة عليه، حتى لو كانت الأغلبية.
من جهة ثانية، حذر المجلس العسكري الحاكم في مصر من أي مساس بمشاريعه الاقتصادية. وقال عضو المجلس العسكري اللواء محمود نصر خلال ندوة نظمها الجيش مساء أمس الأول أن «المجلس لن يسمح لأية جهة بالتدخل في شؤون المشروعات الاقتصادية للقوات المسلحة»، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية .
وأضاف اللواء نصر أن «هذه المشروعات ناجحة وتحقق عائدات سنوية بقيمة 1,2 مليار جنيه (200 مليون دولار) وانها تخضع لجميع قواعد التفتيش وقواعد رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات».
وتأتي تصريحات اللواء نصر في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر بين «الإخوان» والمجلس العسكري على خلفية تمسك المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحكومة كمال الجنزوري. واتخذ التوتر بعداً جديداً بعد حرب البيانات بين الطرفين، والذي أججه اتهام الجماعة ضمنياً للمجلس العسكري بالسعي لتزوير الانتخابات الرئاسية.
وفي مجلس الشعب، رفضت اللجنة البرلمانية الخاصة البيان الذي ألقاه الجنزوري أمام المجلس. وأكدت اللجنة التي تم تشكيلها للرد على البيان برئاسة أشرف ثابت، وكيل مجلس الشعب، أن جميع أعضائها (43 عضوا) رفضوا البيان، وأيده ثلاثة نواب فقط. وأكد تقرير اللجنة، رفض رؤساء اللجان النوعية في المجلس، وعددها 19 لجنة، للبيان، وشاركهم في الرفض 21 من ممثلي الهيئات البرلمانية للأحزاب، من بينهم ممثلو أحزاب «الحرية والعدالة»، و«النور»، و«الوفد»، و«المصريين الأحرار»، والتجمع، والمصري الديموقراطي.
في هذا الوقت، ذكرت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» أن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي قرر إعادة الحقوق السياسية للزعيم المعارض أيمن نور التي حجبت عنه ترتيبا على حكم بالسجن في قضية تزوير صدر في نهاية العام 2005.
وأوضحت الوكالة أن القرار «من شأنه أن يفسح المجال أمام نور لممارسة كافة حقوقه السياسية». وأضافت أن القرار تضمن إعفاء نور من «العقوبات التكميلية والتبعية وجميع الآثار المترتبة على الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...