علماء دين بالمغرب ينددون برفض آلاف طلبات الزواج بقاصرات

30-07-2008

علماء دين بالمغرب ينددون برفض آلاف طلبات الزواج بقاصرات

أثار رفض القضاء المغربي آلاف طلبات الزواج من فتيات قاصرات، رغم قلتها مقارنة مع الطلبات التي تمت الموافقة عليها، انتقادات علماء الدين الذين اعتبروا الرفض "تجاوزا للشريعة الإسلامية"، وأن توحيد السن القانونية للزواج وتحديده في 18 عاما بالنسبة للجنسين معا "جرت الويلات على المغاربة"، في حين اعتبر عالم دين آخر أنه يجوز للمسلم أن يتزوج حتى قبل سن البلوغ، وذلك في أول رد فعل ديني على ما أصدرته وزارة العدل المغربية قبل أيام قليلة من إحصائيات رسمية تبرز فيها عدد طلبات زواج القاصرين.

وكانت مدونة الأحوال الشخصية بالمغرب (قبل أن يتغير اسمها وتتحول إلى مدونة الأسرة) تحدد سن الزواج بالنسبة للإناث في 15 سنة وبالنسبة للذكور 18 سنة. لكن مدونة الأسرة الجديدة جاءت لتحدد في المادة 19 سن الزواج بالنسبة للفتى والفتاة معا سن 18 سنة، مع استثناءات تذكرها المادة 20 تجيز لقاضي الأسرة أن يقبل بزواج الفتى والفتاة دون سن 18 سنة بقرار مبرر ومعلل بعد الاستماع لوالدي القاصر والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي في حالة استدعت الضرورة ذلك.

وكشفت الإحصائيات التي أوردها عبد الواحد الراضي، وزير العدل المغربي، يوم الثلاثاء 22 يوليو/تموز الجاري بمناسبة الانطلاقة الميدانية لمشروع "ميدا لتحديث المحاكم" أن الوزارة استقبلت خلال السنة الماضية 38710 ألف طلب، منها 379 من القاصرين الذكور، و38331 ألفا تهم فتيات قاصرات، و أن 20324 طلبا قدمت من طرف سكان المدن، في حين تقدم سكان البوادي بـ598 طلبا فقط، ويقدر حوالي 38121 من طالبي هذه الزيجات عاطلين عن العمل.

ويتراوح عمر 33 ألفا من المتقدمين بهذه الطلبات بين 15 و17 عاما. وتم قبول زهاء 33596 ألفا، بينما رفضت 4151 قضية.

ويعزو العلامة محمد زحل، أحد مؤسسي العمل الإسلامي بالمغرب وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في حديث لـ"العربية.نت"، رفض آلاف الطلبات إلى التقيد بالتغييرات التي جاءت بها مدونة الأسرة التي تم العمل بها منذ 2004 بالمغرب، معتبرا أن هذه المدونة بشكلها الجديد "جرت الويلات على الناس"، وأحدثت الكثير من المشاكل بسبب التطبيق السيئ للمدونة بعد التعديل، مضيفا أنها تجاوزت ما تقتضيه الشريعة في مسألة الزواج الذي يهدف إلى درء الفساد وتحصين الأمة من سوء الأخلاق وانتشار الزنا والرذيلة.

وحول مصير طلبات آلاف طلبات الزواج من قاصرات، يؤكد الشيخ محمد زحل أنه ينبغي مراجعة هذه الملفات لأن هناك من الفتيات مَن زواجها يعتبر أمرا ملحا، فقد تتعرض الفتاة لكثير من المخاطر أو قد تقع في المحظور (من زنا ودعارة ) إذا لم تتزوج رغم عدم بلوغها السن الذي حددته مدونة الأسرة الجديدة.

ودعا زحل المسؤولين إلى مراجعة هذه المدونة في بعض بنودها وقوانينها وأن تعود إلى سابق عهدها حتى لا يكون هناك أي تجاوز للشريعة الإسلامية ومقتضياتها، مشددا على أنه في قضية طلبات الزواج يجب أن تتم معالجتها بكثير من المرونة لما فيه خير للشباب وللمجتمع، بعيدا عن التقيد بالقوانين الجامدة، بمراعاة مقاصد الشريعة والمصالح المرسلة.

وأكد الشيخ محمد التاويل، أحد كبار علماء المالكية بالمغرب، في حديث لـ"العربية.نت" أن مدونة الأسرة التي جاءت لتحدد سن الزواج بشكل موحد بين الجنسين في سن 18 عاما جعلت من العديد من الشباب المتقدمين بالطلبات يلجأون إلى تحايلات معينة من قَبيل تزوير العقود مثلا لتثبت السن المطلوبة، الأمر الذي أفضى إلى الوقوع في زواج تحايلي، وهو أمر غير مقبول.

وشدد التاويل على أن الزواج حق من حقوق الإنسان، لا ينبغي تحديده بسن محددة، ولا في أي عمر من الأعمار، بل إن الزواج جائز حتى لمن لم يصل سن البلوغ.

ويوضح العلامة المغربي أن المقصود هو اختيار الزوج في وقت مبكر والعفاف والإحصان، إلا في حالة الفتاة اليتيمة التي يشترط فيها بعض الفقهاء أن تبلغ سن البلوغ، وما عدا ذلك فبإمكان المسلم الزواج في أي سن، مع الإتيان بشروط وأركان صحة الزواج، وهذا ما تخالفه المدونة الجديدة والتي من آثارها رفض العديد من طلبات الزواج من فتيات لم يبلغن سن 18 عاما بعد، مع استثناءات أوردتها المدونة بخصوص إعطاء القاضي صلاحية التنازل عن شرط السن (18 عاما) في مقتضيات وحالات مبررة ومحدودة.

 

حسن الأشرف

المصدر: العربية نت
 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...