ثرثرة على ضفاف الشعارات (2)

06-12-2006

ثرثرة على ضفاف الشعارات (2)

ماهر سلوم:   قال لنا الرفاق: الدين لله والوطن للجميع .. وقال لنا رفاق آخرون: الدين لأهل الدين والوطن للجميع .. وقال باحثٌ في لغز عشتار: الدين محرر، لكنه من أكبر المقيدات إذا تحول إلى إيديولوجيا ناجزة وضاغطة على الفرد .. وقالت لنا الحكومة: سنمنع تشكيل أي حزب على أساس ديني .. والشعارات كثيرة ومغرية ــ المشكلة أن السوريين جميعاً (علمانيين ومتدينين) يتوقون للديمقراطية. والديمقراطية لعبة عددية لا تقبل المساومة. واللعبة قادرة على تحويل الشعارات، وأصحابها، إلى أصفار!! .. ما هو الحل؟؟. بعضهم ينظّر لحلٍّ جديد يسميه: ديمقراطية معرفية(؟؟).

هذي هي بضاعتهم فاختر منها ما شئت: البعث هو الحل .. الإسلام هو الحل .. القومية هي الحل .. الاشتراكية هي الحل!. أما البعث والقومية والاشتراكية فهي بضاعةٌ مستعملة؛ ولا أظنك مفضلاً لها في سوقٍ يعج ببضاعة جديدة! ــ المشكلة الأولى أن "إخواننا" حاملي الشعار الاسلاموي هم ردايكاليون حتى العظم .. والمشكلة الثانية أن السلطة تحولت إلى فزاعة: إما البعث أو الإخوان .. والمشكلة الثالثة أن بعضهم ينظّر لشعار إقصائي جديد: لا بعث ولا إخوان .. والمشكلة الأخيرة فينا بعد أن أُصبنا بفيروس العقم السياسي! ... وإذ يسألوك عن الحل فقل: أما الحل فمن عند ربي!!.

إذا أردت أن تصاب بالجنون فعش في "شرق المتوسط" ..جميع الآلهة والأنبياء والعظماء عاشوا هنا؛ لكنهم ماتوا مجانين .. أتبحث عن الاشتراكية؟ الكل هنا اشتراكيون. أتبحث عن السوق والخصخصة؟ لنا فيها باعٌ كبير. عن الدولة الأمنية؟ لنا فيها تجارب لا تموت. عن العلمانية والطائفية والأصولية والجبهة الوطنية؟ .. وعن أي شيء كان أو مازال أو سيكون؟ في شرق المتوسط ستجد ضالتك؛ لكنك حتماً ستصاب بالجنون! ــ أربعون عاماً عشتها هنا ومازلت أهلوس بأضغاث أحلامي .. ستقتلني الثرثرة في يوم ما؛ لكنها اليوم كصدفةٍ تغلفني في شرق المتوسط: أرض الشعارات والجنون وتهجين النظريات  العتيقة!!.

أخطر الشعارات تلك التي يتم فرضها عليك بقوة الدستور!. إذا أردت أن تصون شعارك من السقوط فعليك أن تحشره حشراً في الدستور؛ لأنك عندئذٍ ستنجح في تدجين الآخرين  (حلفاء كانوا أم معارضين) ــ الجبهويون في وطني يبصمون اليوم على قانون جديد للأحزاب يكرّس شعار " الحزب القائد للدولة والمجتمع "!! .. لماذا يبصمون؟ ألانهم يقدسون الدستور! أم خوفاً على شعارٍ هم صنعوه! أم.. لغاية في نفس يعقوب؟!.

اللعبة معروفة للجميع: موالاة ـ معارضة! .. جربتم الموالاة 30عاماً ونيف! متى ستجربون المعارضة؟! .. متى تستبدلون نياشينكم الجبهوية بأوسمة الجماهير؟! .. نظريتكم يا رفاق لم تستحوذ على الجماهير؛ لأنكم لم تحولوها إلى قوةٍ مادية كما أرشدكم ماركس!.. ولذلك لبطكم ماركس اليوم!!. فاتكم الماضي والحاضر! متى ستمشون إلى الغد؟! ــ  اليوم سأمضي إلى القادم من الأيام بلا تردد أو وجل. اليوم سأعلن عصياني على كل شيء هجين. إذا صفعني ماركس مرة ثانية على خدي سأحول له الآخر! أليس أفضل من أن يلبطني! .. ولسوف يبقى ماركس، كما شرق المتوسط، ممتداً على جلدي كوشمٍ لا يزول!!.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...