باولو كويلو يصف «عوليس» جويس بالحماقة

25-08-2012

باولو كويلو يصف «عوليس» جويس بالحماقة

هو سؤال عمره من عمــر الأدب نفسه. هل تشير كميات النســخ المبيعة لكاتب ما، حتى وإن كانت بالملايــين، إلى أهمية هذا الكاتب وجودة إنتـــاجه؟ سؤال يقودنا بدوره، إلى وعي الــقارئ الذي يجعل من كاتب ما، على الرغم من عاديته، نجماً يتبوأ الصحف ووسائل الإعلام. كلّ هذا من الأمور التي عرفها تاريخ الأدب، لكن المشكلة تبدأ حين يتحول هذا «النجم» إلى إطلاق أحكامه «الفذّة»، على كتّاب آخرين وعلى أعمال، تشكل فعلا مرتكزاً حقيقياً في تاريخ الأدب. والمسألة هنا لا تتعلق بالتأكيد «بحرية التعبير»، لأنها لا تنمّ إلا عن جهل كبير.
ربما من هذه النقطة يمكننا قراءة «تعليقات» الكاتب البرازيلي باولو كويليو الأخيرة - وهي تعليقات «فذة» بالطبع - حول الكاتب جيمس جويس وحول رائعته «عوليس»، والتي تأتي لتضاف إلى تعليقاته وآرائه «القاطعة» (التي لا تتوقف) حول القدر والموت والحلم و..و..الخ، التي يبثها على حسابه في «تويتر» (من سمات الحداثة بالطبع)، كأن يقول مثلاً: «للحياة طريقتان للبرهان على إرادة شخص ما، إما أن يتجاهل أن لا شيء يحدث، وإما أن يتصرف بأن كلّ شيء يجري في الوقت عينه». أو أيضا: «من غير المفيد أن نفهم الكون بأسره حين نكون وحدنا»...
آراء «فذّة» يتابعها أكثر من 5 ملايين شخص، يجدون فيها «نبراساً يهتدون بهديه»، بينما الكاتب يرغب في أن يكون أكثر تواضعاً لأنه لا يتابع سوى 97 حساباً، لأنه يتابع فيها حركة العالم الذي يحيط به. على الأقل هذا ما صرح به كويليو في مقابلة صحافية أجرتها معه صحيفة «فوليا دو ساو بالو» مؤخراً، بسبب صدور روايته الثانــــية والعشرين «المخطوط الـــذي وجد في أكرا». ويضيف الكاتب أنه يتابع ببراغماتية هذه الحداثة، لأن «تويتر» بالنسبة إليه عبارة عن «بار» يجد فيه عبق الزمان ويستمع فيه إلى ثرثرات الناس.
ثمة دليل آخر على المعاصرة التي يعرفها كويلــيو، إذ ترجمت روايته «الخيمــيائي» إلى أكثر مــن سبعــين لغة، أي لقد نجح «في أن يكـــون كاتب هذا العالم المعـــولم»، من هنا يتابعه جميع نقاد الكون، فالحداثة بالنسبة إليه «ليست في الأسلوب ولا في التجريب الحكائي، بل إنها تكمن في فن جعل البسيط صعباً». ويتابع كويليـــو: «يخطئ الكتّاب حين يركــزون على الشكل لا على المضـــمون، لذلك فإن رواية عوليس ليست سوى حماقة». وتستمر القريحة قائلة: «يرغـــب الكتّاب في غالب الأحيان بالتأثير في أقرانهم. ومن أكثر الكتب ضرراً كتاب جيمس جويس، إنه من أكثر الكتب التي أزعجت البشرية، وهو ليس سوى أسلوب. لا نجـــد أي شـــيء في داخله».
إذاً، وفق كويليو، إن أهم عمل أدبي في القرن العشرين (وفق جميع نقاد الأدب) ليس سوى.. عدم. وبما أن «تويتر» يتيح المجال للنقاش، لم ينتظر البعض كثيراً، إذ بدأت الردود تنهال على الكاتب البرازيلي فوجد البعض أن «توماس كينكادي (رسام أميركي حديث اشتهر بلوحاته التجارية) ينتقد ميكال أنجلو»، بينما نجد شخصاً آخر يقول «يجد باولو كويليو أن رواية «عوليس» لا تساوي شيئاً. لكن من يحب الكتب الجيدة فسيقولون إن كويليو ليس سوى (ضرطة) العصر الحديث». «صحيح أنه يمكن لباولو كويليو أن يعطي رأيه يقول ستيوارت كيلي في «الغارديان» في أي عمل أدبي، لكن يمكننا أيضا بدورنا أن نعطي رأينا في عمله الذي لا يشكل أي أهمية. من هنا أفضل شيء يمكن أن يحدث أن نرمي كتب كويليو في مزبلة الأمس».
بين هذا وذاك، هل تسمح «أنا» الكاتب البرازيلي المتضخمة بأن يواجه كل هذه الملاحظات؟ ربما هذا ما سنقرأه قريباً على «تويتر» الكاتب؟

اسكندر حبش

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...