أثرياء الأزمات يستثمرون في لقمة عيشنا،سلع متدنية الجودة بأسعار خمس نجوم

23-02-2012

أثرياء الأزمات يستثمرون في لقمة عيشنا،سلع متدنية الجودة بأسعار خمس نجوم

تشهد الأسواق المحلية فوضى وتسيبا غير مسبوقين ، لم تشهدهما في أي فترة سابقة رغم الفترات العصيبة التي مرت سابقا، والكثير من هذه الفوضى غير مبرر على الرغم من كل الحجج الواهية التي يسوقها المستفيدون من هذه الظروف والمتقاعسون عن عملهم في وقت يحتاج كل واحد منا للآخر حتى تمر العاصفة وتعود العافية إلى كل الوطن وأسواق الوطن، ومن خلال رصد بعض الأسواق في عدة محافظات ولقاء المستهلكين والتجار تبين أن الأسواق بلا ضابط ولا رقيب وتغيب عنها كل آليات الحماية وأي تدخل لكبح جماح ارتفاع الأسعار وخاصة للمواد غير المستوردة، كما يظهر ملفنا الآتي عجزاً واضحاً في دور مديريات حماية المستهلك التي يركض أعضاؤها خلف صهاريج توزيع المازوت والتي هي من اختصاص جهات أخرى تاركين الأسواق التي هي من صلب عملهم لبعض المحتكرين والجشعين وضعاف النفوس ليتحكموا بقوت ذوي الدخل المحدود، كما أن كل الذرائع والمبررات التي تتذرع بها بعض الجهات الرقابية هي لحفظ ماء الوجه فالجميع يقر بأن هناك غلاء مصدره خارجي ويتعلق بالاقتصاد العالمي وما يجري حولنا من مشكلات وأزمات إلا أن هناك مواد منتجة داخل القطر شهدت أسعارها ارتفاعات غير مبررة، إضافة إلى أن الكثير من المواد وخاصة الغذائية والخضراوات المنتجة محليا تتفاوت أسعارها من سوق إلى آخر بل من بائع إلى آخر داخل السوق ونسبة تفاوتها كبيرة، وكانت تحتاج إلى آلية ضبط مدروسة لا أن يترك الحبل على الغارب لبعض الانتهازيين ليسرقوا ويتحكموا بغذاء أبناء الوطن مستغلين الظروف التي تمر بها سورية، ومن اللافت أن معظم مديريات التجارة والاقتصاد تفتقر للكادر البشري والمعدات والآليات اللازمة للقيام بعملها وتكشف عجزها من خلال هذه الأزمة.

منذ أكثر من عقدين.. ثمانية عناصر لحماية المستهلك في دير الزور.. صامدون ‏
لعل وضع الرقابة التموينية في دير الزور يلخصه جواب المواطن أحمد القاسم حول وضع هذه الرقابة عندما قال: (وهل يوجد في دير الزور رقابة تموينية؟).. ويضيف: (الرقابة التموينية هي من أنواع البطالة المقنعة ومجرد زيادة في المصاريف على الحكومة. يُفضل لو تلغى ويستعاض عنها بشيء حقيقي.. أو لا يستعاض عنها بشيء). ‏

وشاركه بالرأي أيضاً مواطن آخر قال إنه يبلغ من العمر 65 عاماً وهو من أصحاب الأسر الكبيرة، أي إنه يتسوّق بشكل يومي تقريباً ومع هذا لم يصادف ولو مرة واحدة في حياته عناصر الرقابة التموينية، ولم ير ولو مرة واحدة أيضاً تاجراً جشعاً أو محتكراً عاقبته تلك الرقابة باستثناء ما يقرؤه في الصحف وهو لا يعدو – برأيه – المبالغات الإعلامية ومحاولات التلميع وملء صفحات الجرائد الرسمية. ‏

أما المواطن سعيد فقال: (وضع الرقابة التموينية مثل وضع الرقابة على مخالفات البناء والرقابة على التعليم والرقابة على النظافة والرقابة على الفساد.. وفهمكم كفاية). ‏

الرقابة ومفاتيحها ‏
ما قاله المواطنون مُتوقع، لكن الغريب أن يشاركهم الرأي بعض أصحاب المحلات الذين من المفترض أنهم مستفيدون من غياب تلك الرقابة أو فسادها كما ألمح عدد من المواطنين، فيقول أحد أصحاب المحلات: ‏

(نحن أدرى بالرقابة التموينية، وهي ليست غائبة كما يظن كثيرون، بل موجودة لكنها مزاجية، وهذه المزاجية تضر بعملنا جداً، حيث يتم أحياناً مخالفة محل أو اثنين وترك البقية رغم وجود ذات المخالفات لديهم وهذا ظلم كبير. ‏

والظلم الأكبر الواقع علينا هو إمكانية اختراع مخالفة في أي لحظة ومهما حاولنا الالتزام بالقانون، وذلك لأن القانون أساساً تعجيزي ولا يستفيد منه سوى الموظفين ضعفاء النفوس والمرتشين، ومخطئ من يظن بأن جميع أصحاب المحلات مستفيدون من غياب الرقابة.. شخصياً أتمنى وجود رقابة نزيهة تنفذ القانون على الجميع دون تفضيل ولا استثناء). ‏

ويشاركه في الحديث عن هذه النقطة شقيقه صاحب المحل المجاور قائلاً: ‏
(كيف سيعرف أصحاب المحلات المخالفات دون وجود جهة تعلمهم بأن التصرف الفلاني مخالف أو صحيح؟ ‏
أليس من المفروض أن يكون هناك من يشرح لنا المخالفات حتى نتجنبها؟ ‏
أعتقد أن القانون تطرق إلى هذه الناحية لكن ليس من مصلحة الرقابة تعريف التاجر على المخالفات حتى يتسنى لهم اصطياده وقت يريدون). ‏
بينما أبدى جارهم الثالث رضاه عن مستوى الرقابة التموينية في دير الزور مشيراً إلى أنه تجمعه بهم صداقة قوية عمرها سنوات ويتمنى ألا يتغير الوضع لكيلا يضطر للتعرف على مراقبين جدد لا يعرف - حسب قوله - مفاتيحهم. ‏

مدير التجارة الداخلية مؤتمن الدخيل لم ينكر غياب الرقابة التموينية بعكس رئيس دائرة حماية المستهلك محمد حبش الذي أكد أن الرقابة على الأسواق تتزايد وبالذات فيما يتعلق بمادة المازوت. ‏
يقول المدير إنه تم تعديل عمل الرقابة، فقد كانت إحدى أهم المشاكل هي قلة العناصر الذين يبلغ عددهم ثمانية فقط لكل مدينة دير الزور! ‏
وهذا النقص في العدد هو سبب شعور المواطن بغياب الرقابة، مع أنه من المفروض أن يتم تغيير عناصر الرقابة كل خمس سنوات، لكن ومنذ عام 1990 لم يزدد هذا العدد ولم تجر أي مسابقة. ‏
ويضيف الدخيل إن الإجراءات التي اتخذتها المديرية حالياً هو ضم الإداريين المكلفين بالرقابة إلى العمل الميداني فأصبح العدد 24 مراقباً، قسم منهم يعمل على مراقبة الدوريات وهي في مواقعها وضمن ساعات عملها، كما أن هذه الزيادة ستكفل بقاء دورية تموينية في كل سوق بشكل ثابت ما سيؤدي إلى تغير حالة الأسواق، واعداً بظهور النتائج خلال الأسابيع القليلة القادمة. ‏

أسواق دمشق ...عروض خاصة على مواد غذائية منتهية الصلاحية تحت نظر مديرية حماية المستهلك ‏
تشهد أسواق دمشق حالة انفلات كبيرة من حيث ارتفاع الأسعار للكثير من المواد الاستهلاكية والغذائية وقد أظهرت الجولة التي قمنا بها على عدد من أسواق دمشق مدى فلتان الأسعار وعدم التقيد بالأنظمة والقوانين الصادرة التي تؤكد على ضرورة التقيد بالأسعار ومراعاة توفّر ما يضمن الحفاظ على صحة المواطن في ظل غياب واضح للرقابة التموينية. ‏

وتقول المواطنة علا بحبوح ربة منزل: إن أغلب المواد الغذائية أصبحت من المحرمات على الأسر الفقيرة أو الأسر من ذوي الدخل المحدود بسبب ارتفاع أسعارها مثل اللحمة حيث وصل سعر الكيلو غرام إلى 900 ليرة سورية إضافة إلى ارتفاع سعر ألبسة الأطفال والأحذية بشكل كبير رغم ادعاء أصحاب المحال بوجود تنزيلات إلا أن أغلبها وهمي وغير صحيح، وتساءلت السيدة شهيرة الوزان عن سبب غياب الرقابة التموينية هذه الأيام وترك الأسواق على غواربها. ولماذا لا تتم محاسبة البائع الغشاش الذي يبيع مواد منتهية الصلاحية مثل الأجبان والألبان بحجة وجود عرض خاص حيث يتم وضع علبتين من الجبنة بسعر أقل عن السعر المعتاد بحوالي 50 ليرة ليكتشف بعدها المواطن أن إحدى العلبتين منتهية الصلاحية أو شارفت على الانتهاء, وعندما يتقدم بشكوى للجهات المعنية يأتيه الجواب بأن القانون لا يحمي المغفلين ويقع عليه اللوم، لماذا لم ينتبه لمدة الصلاحية وان هذه ليست من مهام الرقابة التموينية أو أن التاجر يرفع سعر المواد على هواه دون أي رادع أخلاقي أو ضمير ولا يهمه سوى تحقيق الربح. ‏

فوضى وارتفاع في الأسعار ‏
السيد وليد محمد موظف قال: الحال التي وصلنا إليها باتت لا تحتمل حيث فوضى الأسعار والارتفاع المستمر لمعظم المواد الغذائية واختفاء العديد من المواد من الأسواق مثل المتة، رغم أنها من المشروبات الكمالية، إلا أنها باتت تباع في السوق السوداء دون وجود للرقابة التموينية التي نحن على يقين تام بعلمها بما يجري لكنها لا تتدخل. ‏
السيد محمد المصري صاحب بقالية قال: هناك مواد ارتفعت أسعارها من مصدرها لأن سعر الدولار ارتفع بشكل كبير هذه الأيام وحتى البقول والخضراوات قد ارتفعت أسعارها من المنتج نفسه رغم أنها من إنتاج محلي. وبالنسبة للرقابة التموينية فهي شبه غائبة والحقيقة أنني منذ مدة لم يزرني أي مراقب تمويني. ‏
أحمد غضبان صاحب محل لبيع الألبسة الجاهزة قال: أسعار الألبسة وخاصة المستوردة مرتفعة الثمن بسبب ارتفاع الدولار لكن هذه الفترة من السنة هي موسم التنزيلات وهناك تخفيضات حقيقية على أغلب الموديلات والقطع وهي تناسب كل المستويات والشرائح الاجتماعية وبالنسبة للرقابة التموينية نحن ملتزمون بوضع التسعيرة على كل القطع والمنتجات بغض النظر عن وجودها أو عدم وجود الرقابة، وذلك للتسهيل على المواطن لمعرفة أسعار القطع وإمكانية شرائها. ‏

الرقابة منشغلة بالمازوت ‏
وقد حاولنا أخذ رأي مديرية الاقتصاد والتجارة بدمشق، لكننا لم نوفق لانشغال المدير العام باجتماع مهم استغرق عدة ساعات. بينما وعدنا معاونه بإرسال المعلومات حول الرقابة التموينية إلى فاكس الجريدة إلا أن الأخير لم يفِ بوعده ولم نتمكن من التحدث إليه لإغلاق هاتفه الجوال وانشغال الهاتف الأرضي لكننا من متابعتنا للموضوع استطعنا من خلال مصادر مديرية التجارة والاقتصاد في دمشق معرفة أنه خلال هذه الفترة تبدو الرقابة التموينية في الأسواق غائبة بسبب انشغال معظم المراقبين التموينيين بتأمين المواد الأساسية للمواطنين من خبز وغاز ومازوت وكثفت دوريات مديريات الاقتصاد في المحافظات عملها في الأسواق لمنع أصحاب النفوس الضعيفة من الاستغلال وتمت زيادة عدد المراقبين على مراكز توزيع المازوت والغاز، كما تمكنت مديرية تموين دمشق من ضبط 110 كراتين من البسكويت المستورد السعودي الصنع المخصص للأطفال والمنتهية الصلاحية منذ أكثر من تسعة أشهر في إحدى بقاليات دمشق.كما تقوم المديرية من خلال دورياتها الجوالة في الأسواق بمراقبة توفر الدقيق التمويني المخصص للأفران لمنع تهريبه، من جانبها مصادر وزارة الاقتصاد والتجارة الداخلية أكدت أنه ستتم محاسبة كل مراقب تموين لا يقوم بواجبه، أو يمارس دوره بشكل سلبي فمراقب التموين لا يزاول المهنة إلا بعد أداء اليمين القانونية أمام محكمة البداية بوجود قاض مختص ما يحمله مسؤولية أداء عمله بصدق وإخلاص، والثقة بأن مراقب التموين سيكون ميزان حق وعدل بين البائع والمستهلك. ‏

منذ بداية العام ... مديرية حماية المستهلك في ريف دمشق تنظم ضبطين لغلاء أسعار الألبسة! ‏
أسعار مرتفعة وسلع تتعرض للاحتكار بين الفترة والأخرى هي حال معظم الأسواق الشعبية المنتشرة في ريف دمشق وقد لايستغرب المواطن أن تشهد السلع على اختلاف أنواعها موجة جديدة من الغلاء في ظل غياب الرقابة التموينية عن معظمها. ‏
أسئلة كثيرة تنتظر الإجابة حول الغلاء الذي تشهده الأسواق السورية على جميع منتجاتها ولاسيما الغذائية منها «المحلية والمستوردة» في ظل الطمع الذي يسيطر على تجار التجزئة والجملة. ‏
وخلال جولة على بعض الأسواق استطلعنا آراء مختلفة حول الغلاء الذي بات يفرض نفسه على كل أسرة ومن مختلف المستويات ودور الرقابة ومديرية حماية المستهلك في الحد من الاحتكار وارتفاع الأسعار. ‏
المواطن سعيد قال: لم يعد بمقدوري تحمل موجة الغلاء وخاصة بعد أن طالت جميع المواد الغذائية فعلى الرغم من أنني مرتبط بعملين إلا أن الدخل الشهري بالكاد يكفي لشراء الحاجيات الأساسية التي تسعر وفق مزاجية البعض الذين ما إن تسرب إليهم خبر عدم توفرها بادروا إلى احتكارها لوقت يعجز الشخص عن تأمينها ليتم طرحها في السوق بالسعر الذي يريدونه كالسكر الذي يتعرض لعملية قرصنة في المحلات ففي الوقت الذي تسعره الدولة بـ70 ليرة سورية نجده بسعر مختلف تماماً على أرض الواقع بزيادة تتراوح بين 10- 15 ليرة سورية وإذا لم ترد الشراء فببساطة شديدة تجد الجواب عند البائع جاهزاً أي: بإمكانك الذهاب لشرائه من مكان آخر لأنه على علم يقين بأنك لن تجده بسعر أقل لأن سعره محدد من المستورد أو المحتكر له سلفاً. ‏
أما المواطن ثائر فيجد في اللحوم أسعاراً كأسعار الذهب تنخفض وترتفع بين الفترة والأخرى دون أسباب تذكر فقد اشترى على حد قوله الفروج المشوي منذ أيام بـ350 ل.س علماً أنه قد اشتراه الاسبوع الماضي بـ425 ل.س من المحل ذاته أما لحوم الضأن فيشتري كيلو الغرام الواحد منها تارة بـ700 وتارة بـ850 ل.س وهو لا يؤمن بدور الرقابة أو حتى بعناصر حماية المستهلك لأنهم يعرفون أكثر من غيرهم ماذا يحدث في الأسواق ولايتدخلون وإذا تدخلوا فلمصلحة البائع لا لمصلحة المستهلك وقد أصبحوا مديرية حماية التاجر وليس حماية المستهلك. ‏
كما سجلت المنظفات وبقية المواد التموينية من أجبان وألبان ارتفاعاً هي الأخرى على الرغم من أن معظمها إن لم يكن جميعها انتاجاً محلياً فالمواطن أبو علي صاحب محل أجبان وألبان يبرر ارتفاع الأسعار المستمر في منتجاته بأنها موضوع عام فأسعار الألبان والأجبان تسجل ارتفاعاً لأسباب كثيرة معتبراً أن ارتفاع أسعار الألبان والأجبان مرتبط بارتفاع أسعار مستلزماتها وخاصة فيما يتعلق بأسعار النقل والطاقة ولاسيما المازوت الذي شهد أزمة أثرت سلباً على توفير المواد الأساسية من مصادرها. ‏
تاجر آخر يرى أن غلاء السلع والمنتجات المستوردة مرتبط كثيراً بغلاء المنتجات المحلية التي قد تنافس في بعض الأحيان المنتجات المستوردة فعلى الرغم من جودة المنتج المحلي خاصة في بعض السلع الغذائية والطبية إلا أنه يعاني من ضعف الانتاج الأمر الذي يخل بموضوع العرض والطلب ليسجل ذلك بدوره ارتفاعاً غريباً في الأسعار وخصوصاً بوجود قدرة شرائية تتطلب السرعة في مواجهتها. ‏

إجماع غريب من تجار التجزئة والجملة في الأسواق على أن ارتفاع الاسعار انما هو ردة فعل طبيعية لارتفاعها في معظم دول العالم وهو جواب منطقي إلا أنه يعتبر من وجهة نظرهم مبرراً كافياً لفرض احتكارهم المبني على الطمع فلو وجد من يراقبهم باستمرار لاختلف الموضوع لأن المواطن يدرك تماماً أن الغلاء هو موجة عالمية وسيجد الطرق الكفيلة للتعايش مع هذه الموجة أما أن تستغل حاجته فهو أمر مرفوض. ‏

بعض المستهلكين قالوا إنه من المفروض أن تحظى أسواق المدينة بالطمأنينة لأنها تراقب من عدة جهات منعاً للتلاعب بالأسعار والفلتان إلا أنها ليست كذلك فأسعار الليل تختلف عن اسعار النهار فالذي يباع في أول السوق أغلى من آخره باختلاف الجودة فلكل منهم سعره الخاص، فمثلاً سعر كيلو البندورة 35 ل.س في بداية سوق الخضرة أما سعرها في آخر السوق 50 ل.س وسعر صحن البيض في نهاية السوق بـ 280 ليرة سورية بينما سعره في أول السوق 300 ليرة سورية علماً أن سعره وفق نشرة مديرية التجارة الداخلية واحد فما الذي طرأ، حتى المياه التي تعد منتجاً محلياً بامتياز شهدت منذ أيام ارتفاعاً ملحوظاً حيث وصلت العبوة الكبيرة إلى 35 ليرة سورية علماً أنها كانت بقيمة 20 ليرة سورية أما الصغيرة فتباع بـ20 ليرة سورية فإذا افترضنا جدلاً أن الأسعار ارتفعت من المصدر فلماذا ترتفع أسعار المنتجات المحلية ولماذا هناك تفاوت في أسعار المنتج نفسه من تاجر لآخر؟ بالتأكيد الجواب واحد لدى الجميع وهو غياب واوضح لدور مديريات حماية المستهلك التي لا تغيب عن الأسواق ولكن لا تضبطها لأسباب نترك الجواب عنها إلى المعنيين في وزارة الاقتصاد.. ‏

وتذكر مصادر مديرية الاقتصاد والتجارة في محافظة ريف دمشق أنها قامت بتسجيل ضبوط متنوعة عن الأغذية الفاسدة وأخرى التلاعب بالأسعار وكانت الضبوط لتاريخ اليوم نحو 215 ضبطاً في مديرية ريف دمشق، فقد تم تنظيم 50 ضبطاً مخالفاً لمعظم المواد الغذائية منذ بداية العام و28 ضبطاً آخر لمخالفات المحروقات إضافة إلى أخذها لبعض العينات لإرسالها إلى مخابر المديرية وفحصها وإجراء اللازم وتم التأكد من مخالفة 3 عينات من الحليب والعصير والكاكاو وتجري حالياً المديرية مطابقة 4 عينات أخرى وهي قيد التحليل. ‏

وهذا يؤكد أن مديرية حماية المستهلك مازالت تعمل وكأنها في وضع طبيعي بينما الأسعار، والأسواق تشهد حالة استثنائية. ‏

كما أن طريقة عمل المديرية التي يجهلها البعض تفرض عليها واقعاً غير ديناميكي لايوفر لها سهولة وحرية في الحركة داخل الأسواق لقمع المخالفات فهي تستند إلى شكاوى موثقة عبر ضبط يتم تسجيله بعد أن يستوفي الشروط المطلوبة من الاسم الصريح للشاكي ومكان الشكوى للتوجه إليها فكل شكوى تختلف طرق معالجتها عن الأخرى، فمثلاً التلاعب بالأسعار يتم التأكد منه مباشرة عند البائع وذلك من خلال الفاتورة المعتمدة لمعظم السلع الغذائية والموزعة على جميع المحلات التجارية والتي يتوافر فيها بيان التكلفة والسعر النهائي. ‏

أما شكاوى اللحوم الفاسدة فتتم عبر العينات مع إنها قد تكشف ظاهرياً من لونها ورائحتها ومع ذلك ترسل العينات إلى المخابر للكشف عليها عبر طاقم طبي متخصص. ‏

وترى الجهات التموينية أن غلاء الأسعار مبرر في بعض السلع، وغير مبرر في سلع أخرى وهو ما يرتبط بجشع التجار ويمكن أن يعتبر السبب المبرر منطقياً لكونه يرتبط بالأزمة المالية العالمية وما فرضته على أسعار العملات الأجنبية. ‏

وبالتالي ارتفاع أسعار الواردات، إلا أن غير المبرر هو الجشع وهنا يطرح سؤال جوهري على هذه الجهات «أليس من المفروض إعادة تكثيف دوريات المراقبة»؟ في ظل ارتفاع عامل الطمع لدى التجار والذي لم يقف عند حد معين بل أصبح يشمل منتجات الأطفال من الحليب والفوط التي قاربت أسعارها حداً غير مقبول وارتفعت أسعارها أكثر من 100 ليرة سورية خلال الفترة الأخيرة. ‏

قد يكون المواطن جاهلاً بطرق الشكوى أو قد يسيطر عليه عامل الخجل من جاره التاجر، ولكن زيادة الرقابة واستمراريتها أكثر قد يفرض عليه التخفيف من حالة الطمع التي أصبحت حال الكثيرين في الأسواق، لاننكر طبعاً الدور الذي تقوم به المديرية إلا أنه من الملاحظ وفي هذه الحالة من فلتان الأسواق أن المديرية لم تنظم إلا ضبطين بغلاء الأسعار وهي لمحلات ملابس فيما لونزلت أي دورية لحماية المستهلك إلى أي من الأسواق لوجدت تفاوتاً في أسعار المبيع بين محل وآخر ما يثبت قيام البعض بزيادة الأسعار لكون المنتج واحداً والأسعار مختلفة كما أن الأسعار تتفاوت بين سوق وآخر وللمواد نفسها وهو دليل على غياب الرقابة وعدم صحة البيانات حول تكلفة المنتج التي تعتمد عليها مديرية الاقتصاد في تسعيرها. ‏

‏ الرقة: قانون الأسعار لدينا « مايكتبه النهار يمحوه الليل»! ‏
شهدت أسواق محافظة الرقة خلال الفترة القليلة الماضية ارتفاعاً كبيراً في أغلب أسعار المواد التموينية من غذائية واستهلاكية وبشكل غير مسبوق وسط غياب أدوات الضبط الفاعلة لمواجهة ذلك خاصة في هذه الظروف التي تتطلب إيجاد آليات متعددة لضبط السوق وحماية المستهلك. وقد شكلت هذه الظاهرة موضع أحاديث المواطنين في المحافظة ومصدراً مستمراً لشكاواهم التي لا تتوقف عند حدود الأرقام الذين يرون أن أحداً لم يعد يستطيع أن يجاري تقلباتها ارتفاعاً بل تمتد نحو التساؤل حول دور الرقابة التموينية وحماية المستهلك في التصدي لذلك, وما يمكن أن تفعله في ضوء التداعيات الكثيرة والكبيرة على الحياة المعيشية للمواطنين من ذوي الدخل المحدود. ‏

ويقول المواطن أحمد المحمد: إن مسألة الأسعار أصبحت شائكة جداً إذ نسأل عن السعر ليلاً ثم نعود صباحاً لنجده قد ارتفع وكذلك بين محل وآخر ونحن لم نر أو نشاهد دوريات تموينية تتابع مسألة الأسعار . ‏

أما المواطن إبراهيم الأنور فقال: من غير المعقول أو المقبول أن يترك الحبل على الغارب للتجار في السوق ليتحكموا بتحديد الأسعار وهم حتماً يبحثون عن أكبر ربح ويستغل الكثير منهم مختلف الظروف لتحقيق ذلك. من جهته يشير المواطن عبد الباسط الحسن إلى أن تركيز الرقابة التموينية يتم على المواد الأساسية المدعومة من خبز ومازوت وغاز بينما تركت بقية المواد وتسعيرها للسوق وآلية التداول. ‏

لكن هل تراجع فعلاً دور الرقابة التموينية؟؟ و أين هم أمام هذه الأزمة بما تحمله من تداعيات؟؟ ‏
يقول السيد يحيى الحمادة رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية بالرقة: إن الدوريات تتابع عملها وفق ما هو معمول عليه سابقاً ونحاول بكل ما نملك من إمكانيات متابعة وضبط الأسواق ولكن مشكلة الأسعار هي مشكلة التكلفة ومعظم المواد مستوردة وما هو غير مستورد أي مصنع محلياً فإن قسماً مما يحتويه مستورد وهذا الواقع شكل مع ما شهده ارتفاع سعر الصرف للقطع الأجنبي السبب في هذا الارتفاع بحيث إذ ما علمنا أن معظم تجار الرقة يوردون بضائعهم من تجار جملة في محافظات أخرى وبالتالي فإن ما يحدده تجار الجملة في المحافظات الأخرى من أسعار هو الذي يسود ولدى الأكثرية فواتير بالتكلفة والأسعار الجديدة. ‏

وأورد حادثة تتعلق بمادة السكر حيث أشرفت قبل أشهر الدائرة بشكل مباشر على بيعها من أحد مستودعات التجار واستطاعت حينها الحفاظ على السعر الأقل ولكن بعد أن انتهت الكمية الموجودة فلم يعد باليد حيلة وأصبح ورود المادة وفقاً لما هو متداول من أسعار جديدة. ‏

أما عن إمكانيات الدائرة فقد أشار إلى أنها قليلة مقارنة بمساحة المحافظة وامتدادها الجغرافي وهي كما هو معروف ضعف مساحة لبنان وما هو موجود فيها من مراقبين تموينيين هو /30/ مراقباً بما في ذلك الموزعين على شعب الرقابة في المناطق وكذلك بالنسبة للآليات التي يبلغ تعدادها خمس آليات لكل نطاق المحافظة. طبعاً بين هذا وذاك يبقى أن نقر بأحقية ما يقوله المواطنون فالأسعار لم تعد مقبولة والارتفاع المستمر لها لم يعد معقولاً ومع ملاحظة ظروف البلد المختلفة التي يجب أن تؤخذ في عين الاعتبار فإن الرقابة التموينية مدعوة لتفعيل أدوات الضبط من خلال الإجراءات المحلية التي أثبتت قبل ما نشهده من أحداث نجاعتها وكانت الرقة أفضل من غيرها في هذا المجال والتركيز على زيادة إمكانيات الرقابة التموينية في المحافظة من خلال رفدها بما تحتاج من كوادر وآليات لتستطيع تحقيق المتابعة الفاعلة والميدانية وليشعر المواطن والتاجر على حد سواء بوجودها. ‏

جمال كنعان -فصيح السلوم- بشرى سمير

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...