تذكّر شكسبير

28-04-2012

تذكّر شكسبير

قد تكون هي اللحظة الكلاسيكية بامتياز، أي هؤلاء الكتاب الذين أصبحوا جزءا من الذاكرة البشرية، إذ تتنوع الاهتمامات بهم، حتى لا تتوقف أبدا. بالطبع، لا أحد يناقش أهمية شكسبير، ولا مكانته في العالم، ولا في دوره الثقافي، الذي لا يزال مصدرا من المصادر العديدة التي نلاحقها حتى بعد مضي مئات السنين من غيابه الجسدي.
مئات السنين، ولا يوم يمضي من دون استعادته، وها هو يعود ليتبوأ المشهد، عبر خبرين، أثارا اهتمام غالبية وسائل الإعلام. يقول الأول إن التحضيرات بدأت للانطلاق بمهرجان شكسبير العالمي، الذي سيستمر حتى تشرين الثاني المقبل، والذي سيضم أكثر من سبعين عرضا لمختلف أعماله. وهذه العروض ستقدم بكل لغات العالم، حيث تتوالى فرق من كلّ أرجاء الأرض، لتقديم رؤيتها الخاصة للمسرحي الانكليزي.
أما الثاني، فهو ما أعلنته جامعة أوكسفورد من أن توماس ميدلتون، هو الكاتب الذي شارك شكسبير في كتابة مسرحيته «كل شيء ينتهي بخير فهو جيد»، بعد سنوات من دراسة العمل وتحليله من قبل عدد كبير من النقاد ومن المختصين بأدبه.
خبران، وإن بدوا متناقضين بمعنى من المعاني، إلا إنهما يدلان كم أن ثمة ثقافة لا تموت، وكم من الأسماء التي أضاءت ظلمة هذا الليل الحالك، المسمى حياة لا تزال تسم كل شيء. وإلا فما معنى أن يمضي باحثون، عقودا في دراسة عمل ما.
شكسبير بكل لغات العالم. تخيلوا فعلا المشهد، كم من تأويل لهذه الأعمال، سيزيد من هذا الفرح. تخيلوا أيضا: كم من شخص يحيا عبر شكسبير ويعتاش منه، في حين، كم من شخص يموت بسبب السياسة والسياسيين في العالم. مقارنة بسيطة، لا بدّ من أن تجعلنا ننحاز إلى الأدب والثقافة، وان نرفض كلّ هؤلاء الذين يتحملون مسؤولية هذا السواد الذي يلفنا.
الأمر الثاني، بالتأكيد إن ما أكدته جامعة أوكسفورد، لن يجعلنا نبتعد فعلا عن هذا الكاتب، إذ ببساطة شديدة، وبالرغم من كلّ الدراسات الجديّة، لا يستطيع أحد أن يؤكد الخبر بدليل قاطع، أضف إلى ذلك كله، انه ووفق العادات المسرحية، كانت الكتابة للمسرح تتطلب أحيانا العمل ضمن مجموعة من الأفراد الذين يدلون بدلوهم، ويضيفون بعض التعديلات وبعض المقاطع إلى النص الأصلي. لكن مهما يكن من أمر، فهل يجعلنا هذا ننسى شكسبير؟ على الأقل، لم يصدر قول واحد لغاية اليوم، يشكك بروائعه الكبرى. ثانيا، بعيدا عن لعبة الاسم، ما الفرق حين نقرأ «هاملت» على سبيل المثال، من أن يكون مؤلفها فلان أو علان؟ أليس الأهم في ذلك كله هو النص لكونه نصا حاضرا لغاية اليوم؟
هنا القضية بأسرها، أن يبقى نص يحفزنا على الحياة، وليس خطابا يأخذنا إلى التهلكة. هنا عظمة الأدب بأسره. من هذه العظمة لا بد من أن نتذكر شكسبير.

اسكندر حبش

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...