المشروعات الصغيرة: تكاليف التأسيس ودوامة الروتين

03-12-2006

المشروعات الصغيرة: تكاليف التأسيس ودوامة الروتين

جملة أسئلة تدور حول موقع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في هيكلية الاقتصاد السوري من يشجعها- وكيف يتم تمويلها وما الشروط الملائمة لنموها وتطورها, وما المعوقات التي تتعرض لها, وهل تستطيع تلك المشروعات مواجهة التحديات الناتجة عن التغيرات في أوضاع الأسواق الدولية وتحرير التجارة واشتداد المنافسة في الداخل والخارج.

بالنظر إلى واقع المشروعات الصغيرة في سورية نجد أن هذه المشروعات وجدت في بيئة عمل غير مناسبة حيث لا توجد تشريعات خاصة بالمشروعات الصغيرة وبالتالي فإنها تعامل مثل أي مشروع حتى لو كان رأس ماله ملايين الليرات وربما تحظى المشاريع الكبيرة بنصيب من التسهيلات المتعلقة بالإعفاءات الضريبية وتخفيض الرسوم الجمركية وتفتقر المشاريع الصغيرة إلى أي ترابط أو تكامل أو تنظيم سواء فيما بينها أو في علاقاتها مع مشاريع وصناعات كبيرة كما أنها تفتقد إلى التشكل القانوني حيث أن معظمها غير مرخص ولا يخضع إلى خارطة تنظيمية بتبني علاقات فعالة بين هذه المشاريع, وبالتالي فإن إنتاجيتها ارتجالية والعمالة المرتبطة بها عشوائية غير محمية بقوانين العمل وتشريعات التأمين ما يتركها عرضة لأي رياح تغيير تهب على الاقتصاد السوري فتقتلعها من جذورها.‏

- وخلال الجولة التي قمنا بها على عدد من المشاريع الصغيرة الممولة من قبل هيئة مكافحة البطالة للاطلاع على واقع الحال الذي تعيشه هذه المشاريع ولمعرفة الصعوبات التي تعترضها, وهل حققت هذه المشاريع أهدافها, وجدنا أن ارتفاع مصاريف التأسيس التي يتكبدها أصحاب هذه المشاريع قبل المباشرة في مشاريعهم كانت أحد العراقيل التي تؤثر سلبا على مسيرة المشروع ومقومات نجاحه, فعملية الحصول على الترخيص الإداري أو المهني من أصعب المراحل التي تمر بها هذه المشاريع حيث يطلب من المستفيد من قروض البطالة في بداية تقديم أوراقه أن يحصل على ترخيص إداري (موافقة مبدئية) يفيد بأنه لا مانع من إقامة المشروع ولكنه يصطدم بعدد كبير من الطلبات والإجراءات التي لا يستطيع في معظم الأحيان تلبيتها لأمور خارجة عن إرادته ما يعرض تلك المشاريع إلى مشكلات تنظيمية على صعيد وجودها وأخرى مالية نتيجة عدم استلام كامل القرض ويؤثر النظام العمراني الحالي بشكل سلبي في ظل وجود مناطق سكن عشوائي بالإضافة إلى عدم توفر المناطق الحرفية والصناعية بالشكل المطلوب.‏

- السيدة فاطمة إحدى السيدات اللواتي وجهت نصيحة ومن خلال التجربة التي مرت بها من أجل إنجاز مشروعها إلى الشباب الراغبين بإنشاء أي مشروع بأن يقوموا بتأمين الترخيص أولا والترخيص ثانيا والترخيص ثالثا وعن ذلك تقول بسبب عدم وجود الخبرة الكافية في مجال الأوراق الرسمية والثبوتيات قمت بتكليف أحد الأشخاص الذين لديهم الخبرة وخلال ملاحقته للأوراق تشكلت لجنة من خمسة أعضاء في المحافظة (الصحة- البيئة- الحريق- الخدمات) وما أثار استغرابي هو زيارة كل عضو لوحده حيث كان بين الكشف والآخر فترة طويلة من الزمن إضافة إلى أنه كان علي تأمين سيارة لكل عضو من الأعضاء السابقين ذهابا وإيابا, كل ذلك كان سببا في التأخير في الحصول على التراخيص وبالتالي البدء بالعمل وبعد كل هذه الدوامة أخذت الدفعة الثانية ولكن للأسف دخلت في دوامة ساعة الكهرباء حيث بقيت ثلاثة أشهر بحجة عدم وجود عدادات, وتضيف السيدة فاطمة قائلة تجبرك عملية الترخيص ابلاغ البلدية وبالتالي قيامها بإشهار المشروع لدى المختار مدة ثلاثة أشهر حتى يستطيع من يمكن أن يتضرر أن يتقدم بشكواه إلى البلدية, وهنا نتساءل ماذا يمكن أن يحدث لو تقدم أحدهم بالشكوى بعد سحب دفعتين من القرض, فكيف يمكن أن أسدد قيمة القرض, ربما كان علي أن أبيع كل ما أملك حتى أسدد المبلغ.‏

- السيد جاد سعد الدين السيد ( جرمانا) تحدث قائلا: تقدمت للحصول على قرض لإقامة محل جملة لبيع المواد الغذائية ( سوبر ماركت) وبعد أن تقدمت بالأوراق المطلوبة تمت الموافقة على منحي 400 ألف ليرة, وكان من بين الأوراق الحصول على عقد آجار نظامي لمدة سنة قابلة للتجديد, وعندما تقدمت بالأوراق إلى فرع البنك بجرمانا طلبوا مني عقد آجار لمدة ست سنوات ما اضطرني إلى فسخ العقد القديم والحصول على عقد آجار جديد, وهذا الأمر كلفني مبالغ إضافية حيث طلب المؤجر زيادة الآجار وحتى الآن ومنذ سنة ونصف لم أتمكن من الحصول على القرض لأن البنك رفض أحد الكفلاء الأمر الذي زاد الوضع سوءا هو أنني لا أزال أدفع آجار ذلك المحل ولم استفد من ذلك المشروع بل على العكس ازدادت الديون وتراكمت علي.‏

- لم تكن مشكلة التراخيص هي المشكلة الوحيدة التي تعترض تلك المشاريع بل كانت تأمين الضمانات للحصول على القرض لتمويل تلك المشاريع معضلة حقيقية فأغلبية المتقدمين من الطبقات المتوسطة والفقيرة الذين يجدون صعوبة كبيرة في تأمين تلك الضمانات التي غالبا ما تكون ضمانات عقارية أو كفالات تجارية أو كفالة موظفين من الدرجة الأولى وذلك بحسب قيمة القرض, وتعود إشكالية الضمان في سورية إلى أشكال الملكية السائدة إذ يوجد نحو 90% من الأفراد يملكون بيوتهم دون ديون على المصارف ولكن لعدم وضوح وضع الوثائق القانونية للملكية يجعل منها أملاكا غير مقبولة للضمان فهي إما مشاع أو على التحديد والتحرير أو مناطق مخالفة, كل هذا يلقي بثقله على الأفراد ويزيد من حجم معاناتهم ونتيجة لذلك الوضع نشطت سوق سوداء للكفالات تقدم فيها الكفالة لمن يدفع مبلغا أكبر كل ذلك يصب حول حقيقة واضحة هي أن سياسة القروض المتبعة حاليا وفق الضمانات التي تطلب من عاطلين عن العمل لا يملكون شيئا لرهنه أو تاجر يكفلهم أو موظف لم يأخذ قرضا على راتبه هي سياسة تزيد الفقراء فقرا والأثرياء ثراء وتجعل المستفيدين الوحيدين من هذه القروض هم أصحاب الأعمال والأثرياء الذين لا يملكون الضمانات ويسحبون القروض.‏

السيد حسام بسمة القاطن في منطقة الطبالة في دمشق والذي تقدم إلى هيئة مكافحة البطالة للحصول على قرض لإنجاز مشروعه الخاص يقول: لم أتمكن من الحصول على القرض لعدم مقدرتي تأمين الضمانات المطلوبة التي تعتبر عقبة حقيقية أمام انطلاق عدد كبير من المشاريع خاصة لأولئك العاطلين عن العمل والذين لا يملكون شيئا ويبدؤون مشاريعهم من نقطة الصفر ويتساءل السيد حسام لماذا يتم معاملة المشاريع الصغيرة بذات الكيفية التي تعامل بها المشاريع الكبيرة من حيث الإجراءات والأوراق المطلوبة, ولماذا لا تكون الآلات الموجودة في المشروع هي ضمانة لهذا المشروع.‏

- بالإضافة إلى الصعوبات السابقة تعاني المشاريع الصغيرة في سورية من مشكلات تسويقية حقيقية والسبب يعود إلى اعتماد المجتمع السوري على التقليد في استثماراته واتخاذ قرارات الاستثمار بناء على ظواهر بالعين المجردة وعلى الأقوال والشائعات فنجد التدفق الهائل في صناعة معينة خلال فترة بسيطة وكأن مناديا ينادي لهذا النوع من الصناعات بالإضافة إلى عدم توفر المكاتب المتخصصة بالتسويق عالميا واعتماد أشخاص ضعيفي التأهيل لفبركة دراسات الجدوى الاقتصادية وبالتالي تكون الدراسة التسويقية المتضمنة في دراسة الجدوى هزيلة ولا تفي بالغرض وتأتي توقعات الإيرادات بناء على أسس وهمية فليس المهم أن تنتج فقط بل يجب أن نوفر سبل وقنوات لتصريف الانتاج وإيجاد الثقة من خلال إقناع الجمهور بجودة هذا المنتج.‏

تلك كانت جزءا من المشكلات التي تعاني منها المشاريع الصغيرة في سورية حيث أن الحصول على التراخيص كان من أبرز الصعوبات التي تواجه أصحاب هذه المشاريع الأمر الذي دفعنا لسؤال محافظة دمشق حول آلية منح التراخيص المتعلقة بالمشاريع الصغيرة خاصة التراخيص الممنوحة في أماكن السكن العشوائي وكيفية تذليل العقبات التي تعترضها.حيث حصلنا على إجابات من مدير المهن والرخص السيد هاني مهنا الذي قال: يتم الترخيص من قبل مديرية المهن والرخص لجميع المهن المسموحة كل بحسب المنطقة بعد أن يتقدم أصحاب المحلات بطلب ترخيص أصولا إلى دائرة الخدمات المعنية استنادا إلى القرارات الناظمة بذلك, وقد تم تعميم جدول بالمهن المسموحة حسب المناطق ( تجارية- سكنية- مخالفات جماعية على دوائر الخدمات للتقيد عند تقديم الطلب).‏

ويتم تطبيق مبدأ اللجنة المشتركة للكشف على المحلات المراد ترخيصها والمؤلفة من مندوبين من عدة مديريات (مديرية المهن والرخص- مديرية الشؤون الصحية- مديرية شؤون البيئة) بدلا من انتقال المواطن بين المديريات لإجراء الكشف, وقد صدرت عدة قرارات لتسهيل معالجة أوضاع المحلات وتسهيل الإجراءات حيث تعالج نسبة كبيرة من المخالفات ومنها ما يمنح الرخص الإدارية للمحلات النظامية والحاوية على مخالفات بناء قابلة للتسوية.‏

أما فيما يتعلق بالتراخيص الممنوحة في أماكن السكن العشوائي تمنح التراخيص المؤقتة لمهن تخديمية مختلفة مسموحة في مناطق المخالفات الجماعية مثل صالون الحلاقة ومحلات بيع الألبسة والبقاليات بأنواعها وبرمجة الكمبيوتر وبذلك يتم اختصار كبير للوقت آلي يحتاجه الترخيص الإداري والحد من احتكاك المواطن مع عدد كبير من الموظفين والمديريات.‏

- أما السيد مطانس النور مدير القطاع الصناعي الخاص والحرف في وزارة الصناعة فتحدث عن الدور الذي تلعبه المشروعات الصغيرة في الاقتصاد خلال تأمين احتياجات البلد وإمكانية فتح باب للتصدير وبالتالي جلب قطع أجنبي للبلد أما فيما يتعلق بمنح التراخيص فهناك سياسات معينة متبعة في غرف الصناعة حيث تدرس الطلبات المقدمة لمديرية الصناعة ثم ترسل إلى مديرية القطاع الخاص في وزارة الصناعة لدراسته ووضع اقتراحاتهم وذلك من خلال لجنة التراخيص المؤلفة من أكثر من 60% من وزارات الدولة المختلفة ثم يتخذ الرأي حول قرار الترخيص بعد أخذ موافقة اللجنة ويرسل للمديريات التي أرسلت الطلب.‏

وأضاف السيد مطانس أن تكاليف الترخيص مفهوم عريض فلكل حرفة أو صناعة رسومها الخاصة وهذه الرسوم لا تذهب لجيوب أحد وإنما لخزينة الدولة, فكل ترخيص صناعي أو حرفي يسبقه ترخيص إداري في مكان المنشأة حيث تطلب منه البلديات والمحافظة مخططات وصورا لهذه المخططات رسوم محددة وكتوصية للجميع سواء أكان حرفيا أم صناعيا أن يطالب بوصل لقاء أي رسم يدفعه وألا يكون عرضة للمستغلين والمنتهزين.‏

وعن السبب الأساسي في أن المشروعات الصغيرة تعامل بنفس الكيفية التي تعامل بها المشاريع الكبيرة من حيث الرسوم, أجاب: إن رسم قرار الترخيص لايتناسب مع عدد الآلات أو قيمتها بل مع الجهود والأتعاب المبذولة لإنجازه فالمدة الزمنية لإنجاز قرار ترخيص يكلف ملايين الليرات هو نفس المدة لوضع قرار ترخيص لمشروع صغير, أما القرار كقيمة أو كمفهوم مالي فله رسم محدد من قبل وزارة المالية بالتعاون مع وزارة الصناعة حيث إن هناك عدة اجتماعات عقدت وصلنا من خلالها لنتائج حيث تم تحديد رسم قرار الترخيص ورسم منح الشهادة ورسم منح بيانات الأعمال.. الخ ولا يتجاوز رسم قرار الترخيص الحرفي 3500 ل.س و(15) ألف ليرة رسم قرار الترخيص الصناعي, أما رسم الشهادة فلا يتجاوز (10) آلاف ليرة أي مجمل ما يدفعه الصناعي 25 ألف ليرة والحرفي (8) آلاف ليرة وكل ما زاد عن هذه المبالغ لا تدفع.‏

- رغم الخطوات التي اتخذتها الحكومة السورية والمانحون لتشجيع تنمية صناعة القروض الصغيرة فإن الجهود الحالية محدودة وغير كافية لردم الفجوة الأساسية الموجودة في التمويل بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود. فقد قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP باطلاق المبادرة التجريبية الأولى لتمويل المشروعات الصغيرة في جبل الجص ثم تتابعت بعد ذلك جهود المنظمات القومية متضمنة مؤسسة فردوس - هيئة مكافحة البطالة وانضمت اليهم وكالات دولية مثل وكالة الآغاخان وحديثاً وكالة UNRWA وتعمل جميعاً كأداة للتنمية مع إدخال أفضل الممارسات على نطاق محدد.‏

وفي هيئة تخطيط الدولة ولمعرفة ماذا حملت الخطة الخمسية العاشرة للمشروعات الصغيرة التقينا السيد رفعت مجازي مدير إدارة الموارد البشرية في هيئة تخطيط الدولة حيث أجابنا قائلاً: وضعت الخطة الخمسية العاشرة برنامجا للحد من الفقر وتنمية المشروعات والهدف منه التركيز على الدور الاقتصادي والاجتماعي للمرأة وكذلك التركيز على ثلاثة محاور أساسية منها محور الخدمات الاجتماعية وبرنامج الاشغال العامة والاهتمام بمجال الصحة والتعليم وهناك محور التدريب والتأهيل حيث يركز هذا المحور على تدريب المرأة لتتمكن من تأسيس مشاريع مصغرة.‏

ويضيف السيد مجازي أن من أهم الصعوبات التي تواجه الهيئة تحديد المستهدفين ضمن الوحدات الإدارية وإيجاد بدائل لضمان القروض وتحديد الآليات المثلى لعملية الإقراض والسداد ومعدلات الفائدة بما يتناسب مع خصوصية كل منطقة من المناطق في سورية وسيتم قريباً اطلاق دراسة حول ما يسمى بخارطة الفقر وسيتم انشاء حالياً قاعدة بيانات (معلومات التنمية) على مستوى المحافظات ولتذليل تلك الصعوبات من خلال الاستمرار في إعداد خطة محلية على مستوى المحافظة وهناك آليات للإقراض بما يتناسب مع كل منطقة وستقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة بإعداد دراسة لتحديث الآليات الأخرى للإقراض وإيجاد بدائل ضمانات للقروض.‏

السيدة أمل دالاتي مديرة مكتب التمويل الصغير في هيئة تخطيط الدولة تحدثت قائلة: إن المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر تعنى بالأشخاص الناشطين اقتصادياً الذين يعيشون فوق خط الفقر الأول حيث يمكن لهذه الفئات أن تتأثر عند الانتقال من الاقتصاد المركزي إلى اقتصاد السوق الاجتماعي لذلك عمدت الحكومة ومن خلال الخطة الخمسية العاشرة إلى استباق الأمر وبدأت بتحضير برامج لمساعدة هذه الفئات. ويمكن القول إنه في الوقت الحالي لا يوجد تصنيف وطني للمشاريع الصغيرة وستقوم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بدراسة هذا الموضوع من خلال لجنة ستقوم بالتصنيف على اتجاهات عدة وفق عدد العمال - رأس المال- المبيعات - التكنولوجيا في المنشأة ونحن ضمن هذه اللجنة سنعقد اجتماعات تحضيرية قبل النزول للسوق وسنعمد إلى توزيع استمارة للحصول على المعلومات المطلوبة, وهناك مشاريع ستنفذ في 2007 منها مشروع التعاون مع شركة نوعية البيئة, وهي شركة مصرية ومصرف التوفير حيث تم توقيع مذكرة تفاهم بهذا الشأن مع هيئة تخطيط الدولة وسيكون مشروعاً رائداً لمصرف التوفير الذي يملك الإمكانات الكبيرة, ويهدف هذا المشروع إلى إقراض المنشآت القائمة حالياً التي تحتاج إلى التمويل وسنعمد كجهة لدعم رأسمال العامل ليعطي نتائج إيجابية ومردودا كبيرا وأن لا يكون عبئاً على المقترض وستخفف هذه التجربة كثيرا على المقترضين من خلال ضباط الإقراض الذين سيذهبون إلى المقترض في منشأته لدراسة حاله ولتقديم الاستشارات والطرق التي يستفيد منها لاستثمار قرضه وتحديد المبالغ التي تتحملها المنشأة كذلك الأمر هنا الاطلاع على تجربتين متميزتين في سورية تجربة الآغا خان وتجربة الأنروا التي تعطي قروضا صغيرة للمشاريع.‏

- وللاطلاع على تجربة هيئة مكافحة البطالة في دعم المشروعات الصغيرة وماذا ستتحمل تلك المشروعات بعد أن تحولت إلى الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات التقينا الدكتور بيان حرب المدير العام للهيئة حيث قال: هناك مساهمة كبيرة من قبل الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات لدعم المشروعات الصغيرة خاصة بعد صدور المرسوم 39 الناظم التشريعي الجديد لما نسميه المشروع المتناهي الصغر والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ويعتبر هذا المرسوم الإطار القانوني المحدد لمفهوم المشروعات حيث قسم المشروعات إلى ثلاثة أقسام الصغرى والصغيرة والمتوسطة وفق معيارين, عدد العمال ورأس المال, وستعمل الهيئة على إنشاء النافذة الواحدة لتجاوز أهم عقبة من العقبات التي تعترض المشروعات الصغيرة وهي مشكلة الحصول على التراخيص من جهات مختلفة بالإضافة إلى ذلك ستعمل الهيئة بالتعاون مع جهات أخرى على وضع خارطة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لمعرفة توزع هذه المشاريع القائمة حالياً المنظمة وغير المنظمة بمختلف المحافظات والقطاعات الصناعية والخدمية ومن خلال هذه الخارطة نستطيع أن نتلمس المواقع والقطاعات ومعرفة واقعها وبالتالي ما تحتاجه إلى مشاريع جديدة لإنشائها وفيما يتعلق بالمشاريع الصغيرة أو المشاريع الأسرية سابقاً قد تكون الهيئة غير فاعلة بشكل كبير في تنمية هذه المشروعات وذلك بسبب وجود جهات مختلفة وناشطة في هذا المجال ورغم ذلك سنقدم الدعم غير المباشر لتنميتها من خلال بناء علاقات مع الجمعيات التعاونية غير الربحية حيث ترتبط هذه الجمعيات وبشكل مباشر بالواقع الاجتماعي والاقتصادي لمنطقة ما وتستطيع أن ترسخ قاعدة لمشاريع تنمية في تلك المناطق وتكون ضامنة لهذه المشاريع علماً أن الهيئة ستقدم خدمات تسويق وتدريب ما أمكن لأصحاب هذه المشروعات.‏

أما المشروعات الصغيرة فقد أصبح سقف القروض فيها 5 ملايين ليرة وهذه الأموال كافية لإدارة شركة صغيرة تمول من قبل المصرف وستقدم الهيئة مختلف الخدمات التسويقية والتدريبية والإشراف لأصحاب تلك المشروعات ونحن الآن في طور وضع نظام للإقراض مع مجموعة من الخبراء المحليين والأجانب لتحديد الشروط المختلفة لمنح تلك القروض حيث تقوم الهيئة بترشيح أصحاب المشاريع بعد دراسة الجدوى الاقتصادية لمشاريعهم ولمعرفة الأفكار التي يحملونها وإخضاعهم لدورة رواد الأعمال وسنسعى أيضاً لتأمين المكان في المناطق الصناعية أو المناطق المخصصة بالريف لإنشاء مثل هذه المشاريع بالإضافة إلى ذلك بدأت الهيئة بإنشاء رابطة لأصحاب المشروعات التي مولت ودربت في الهيئة وخاصة تلك المشاريع الصغيرة التي يتجاوز عدد العمال فيها 25 عاملا وذلك لتبادل الخبرة والعمل التجاري فيما بينهم وتنظيم شؤونهم بشكل دائم.‏

ويمكن القول إن أسباب تعثر بعض المشاريع يعود إلى جهل بالإدارة وعدم معرفة بالتسويق وعدم القدرة على إدارة الموارد البشرية للمشروع وربما سيكون التدريب حلا من حلول بعض هذه المشاكل كذلك يمكن أن يساعد تخفيض التكلفة المبدئية للمشروع كالضرائب والرسوم والتراخيص في نجاح المشروع وبالتالي عدم إرهاق هذا الشخص الذي مازال في انطلاقته الأولى.‏

- أخيراً كان لنا لقاء مع السيد سعيد زاهر الخبير في تنمية المجتمعات المحلية مستشار الدولة لبرنامج تنمية شرق سورية حيث قال: في الحقيقة المشروعات الصغيرة موجهة للفقراء, فالفقراء إذا لم يقوموا بتنظيم هذه العملية ولم يتمكنوا من إدارة مشاريعهم فإن هذه المشاريع في التنمية سوف تفشل ولنجاح هذه المشاريع تتطلب وجود لجنة رقابية محلية في كل قرية هذه اللجنة هي التي تمتلك الأموال أي بمعنى أن يكون هناك ما يسمى الصندوق الدوار وهذا الصندوق يكون بمثابة مصرف صغير وهذا المصرف ملك للقرية وليس ملكا للدولة أي أن يكون للدولة فقط دور المشرف حيث تقوم بمتابعة وضع المشروعات وتقوم بوضع شروط معينة في حال عدم الوصول إلى الأهداف المتفق عليها حيث تقوم بسحب الأموال ويمكن القول إن الأموال عندما تدار من قبل الناس فإنهم سيبذلون جهودهم للمحافظة عليها لأن هذه الأموال أموالهم.‏

ملايين الليرات ذهبت لمشاريع لم تنفذ والسبب يعود إلى العديد من المعوقات التي يتعرض لها أصحاب هذه المشاريع فالحصول على المال أمر مكلف وهذا يرتب على المشروع أشياء أكثر من القرض ذاته ولن يعطي مردوداً كافياً لسد القرض وليعيش أصحاب هذا المشروع بمستوى معين, الأمر الثاني نحن لا نعيش اليوم أزمة مال بقدر ما هي أزمة تعامل مع المصارف, فالبنك هو الذي يحول هذه المشاريع ولكن عملية التعاطي مع البنوك عملية غريبة فالاحصائيات الموجودة في سورية أن 15 % فقط من رجال الأعمال يتعاملون مع البنوك بينما تتكدس الأموال في البنوك وتقوم هذه البنوك بدفع الفوائد لأصحاب الأموال بينما لم تشغل تلك الأموال وهذه بالنتيجة تشكل خسارة كبيرة, ما نعاني منه الآن أن هناك حوالي مليونين تحت خط الفقر وهؤلاء يحتاجون إلى حل اقتصادي سريع فليست المشكلة أن نقدم قرضا معينا بتسهيلات معينة للقيام بمشروع صغير بل يجب دعم هؤلاء دعماً غذائياً وبمختلف القضايا حتى لا يضطرون إلى صرف أموال هذا القرض لسد احتياجاتهم الغذائية ولا يمكن اعتبار نسبة السداد مقياساً لنجاح تلك المشاريع بل يجب معرفة كيف تمكن صاحب هذا المشروع من السداد هل من مردود مشروعه أم أنه اضطر إلى بيع ما تبقى من ممتلكاته لتسديد القرض وبالتالي فإن هذه القروض لم تساعد في تحسين حالته وإنما زادته فقراً والأمر الآخر هي أن الرسوم والضرائب التي تفرض على شخص يملك المليارات تفرض على شخص يملك ماكينة صغيرة بالإضافة إلى ذلك لابد من إيجاد حلول للقطاع غير المنظم, هؤلاء يتهربون من دفع الضرائب والرسوم الكثيرة ولكن لو طلبت منهم الدولة أن ينظموا أنفسهم خلال فترة معينة ومن دون رسوم هذا الأمر سيساعدهم على تحسين واقعهم وكذلك الحصول على مستند يمكنهم من الحصول على قروض لتوسيع أعمالهم ثم يدخلون فيما بعد على جدول الضرائب أي بمعنى حل لمرة واحدة لتقوم الدولة بعد ذلك بالتشديد في فرض العقوبات على كل من يخالف وبالتالي أكون قد نظمت الأمور في مرحلة أولى.‏

ويرى السيد زاهر أن تجربة ديرفراديس في حماة أحدى التجارب الناجحة على مستوى سورية في البرنامج المثالي لتنمية الريف العربي بمشاركة الناس وأساس نجاحه هو أن الناس أنفسهم هم الذين أداروا هذه المشاريع ولقد طبقت هذه التجربة في اليمن والأردن على أساس القاعدة التي أقيمت في سورية ولكن للأسف أقيمت القاعدة في سورية ولكنها لم تطبق في سورية.‏

رويدا محمود- وعد ديب

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...