مصر: السيسي يقترب من حسم خياره الرئاسي

06-01-2014

مصر: السيسي يقترب من حسم خياره الرئاسي

بات ترشّح القائد العام للقوات المسلّحة المصرية وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية أمراً قريباً من الواقع، وذلك بعد ليلة من التخبط والجدل، قضتها مصر أمس الأول، بين تضارب في التصريحات بين وسائل الاعلام وأجهزة الدولة المختلفة بشأن انتشار خبر يفيد بإعفاء الرجل القوي في البلاد من منصبه، في تغيير وزاري مرتقب بعد الاستفتاء على الدستور الجديد، في خطوة تمهّد لخوضه السباق الرئاسي، الذي يبدو منذ الآن محسوماً لصالحه في حال حسم قراره بالترشح.
الخبر جرى بثّه عند السابعة من مساء أمس الأول، على شريط الأخبار العاجلة لقناة «إم بي سي ـ مصر»، لينتشر بعدها على المواقع الإلكترونية، التي كان أكثرها إسهاباً في شرحه موقع صحيفة «الوطن» الذي نقل عن «مصادر مطلعة» ما يفيد بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد وافق بالإجماع في اجتماعه يوم الثلاثاء الماضي على اختيار رئيس الأركان الفريق صدقي صبحي ليتولى منصب وزير الدفاع خلفاً للفريق أول السيسي، والموافقة على إعفاء السيسي من منصبه.
وأشارت «الوطن» إلى أن المجلس العسكري أبلغ رئاسة الجمهورية بالقرار، موضحة أن هذه الإجراءات تهدف إلى إتاحة المجال أمام السيسي للترشح لرئاسة الجمهورية، وتوفير الوقت أمامه لقيد اسمه في جداول الناخبين حتى يتمكن من ترشيح نفسه.
ردود الأفعال الرسمية على هذه التسريبات، التي بدت أبعد من مجرد شائعات، اقتصرت على نفي حدوث أي تغيير وزاري حالياً، لكنها لم تنف إمكانية ترشح السيسي لرئاسة الجمهورية.
وفي مداخلة هاتفية مع قناة «التحرير» بعد ساعات قليلة على انتشار التسريبات، نفى رئيس مجلس الوزراء حازم الببلاوي وجود أي تغييرات جذرية في حكومته، لكنه قال، برغم ذلك، «لا تعليق على ما تردد بشأن تغيير وزير الدفاع».
بدوره، قال المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد علي، في بيان نشره عبر حسابه على موقع «فايسبوك»، «إن الجيش يركز خلال المرحلة الراهنة على الاستحقاقات التي رسمتها خريطة المستقبل للمصريين بعد ثورة 30 يونيو، وأهمها الاستفتاء على الدستور وتأمين البلاد من أي مخاطر خارجية أو داخلية في إطار خطة للقضاء على الإرهاب ومواجهة العنف بكل صوره وأشكاله، بما يكفل تحقيق الاستقرار والأمن للمواطن المصري.
وأضاف أن «المؤسسة العسكرية وقادتها لا تعتمد، في نشر أخبارها أو أي أحداث حالية أو مستقبلية تتعلق بها، على مصادر مجهولة تختلف مسمياتها بين وسائل الإعلام، بل تحرص كل الحرص على إطلاع الرأي العام بشكل مباشر على كل الأمور التي تتعلق بها وبقادتها من خلال أجهزتها والقادة المعنيين بهذا الأمر في الوقت المناسب».
الخبيرالعسكري اللواء حمدي بخيت قال لـ«السفير» إن «انتشار الأخبار بشأن ترشح الفريق السيسي يشيرالى أن ثمة حركة وطنية مصرية منتشرة في المجتمع المصري تريد أن يكون السيسي رئيساً للبلاد».
وأكد بخيت أن السيسي «سيستقيل من منصبه كوزير للدفاع عقب الاستفتاء على الدستور الجديد لكي يكون جاهزا للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة»، مشدداً على أن هذه الخطوة «لن تضعف من موقفه أمام الجماهير».
الكاتب الصحافي عبد الله السناوي، والمعروف بقربه من المؤسسة العسكرية، قال في حديث إلى «السفير» إن كلام الببلاوى والمتحدث العسكري لم ينف ترشح السيسي للرئاسة، مشيراً الى أن لديه أخبار شبه مؤكدة بترشح القائد العام للقوات المسلحة، حيث أنه بدأ طرح أفكار برنامجه الرئاسي على عدد من أصدقائه العسكريين.
وأضاف السناوي أن «المرحلة التي تمر بها مصر حالياً تفرض على الفريق أول السيسي الاستجابة لدعوات الجماهير المطالبة له بالترشح، وفي المقابل أيضا هناك رهان من الدول الخليجية الرئيسية الكبرى (السعودية والإمارات العربية والكويت) على ترشحه للرئاسة، لضمان أمن واستقرار هذه الدول في ظل التحولات الإستراتيجية التي تشهدها المنطقة بعد التقارب الأميركي الإيراني».
من جهته، قال مؤسسس حركة «تمرد» محمود بدر لـ«السفير» إنه «لا يعتبر انتشار مثل هذه الأخبار ليس من باب اطلاق الشائعات، ولكنه يعبّر عن أمنيات موجودة لدى الكثير من طبقات الشعب المصري»، مشيراً الى أن «ثمة اجماعاً شعبياً في مصرالآن على ترشح الفريق السيسي لرئاسة مصر».
ورأى بدر أن «من الأفضل لمصر في هذه المرحلة ترشيح السيسي للرئاسة» معتبراً أن «رفض أميركا واسرائيل وعملائهما في مصر ترشحه يعني أنه الأصلح لقيادة البلاد».
وأضاف بدر «أخشى أنه في حالة عدم ترشح السيسي أن تدخل مصر في اشكالية ازدواجية السلطة، إذ كيف سيتعامل الرئيس الجديد مع الفريق السيسي كشخصية جماهيرية؟».
وتابع بدر «أعتقد أن الملايين التي ستخرج للتصويت بنعم على الدستور الجديد ستساعد بشكل كبير الفريق السيسي على حسم قراره بالترشح للرئاسة»، مشيراً إلى انه «إذا ترشح السيسي، فذلك سيكون بإرادة الجماهير التي سينجح أيضا بارادتها».
من جهة ثانية، تجددت آمال الكتلة المسيحية بـ«العهد الجديد» المنبثق من ثورة 30 يونيو، وذلك بعد زيارة بالغة الرمزية قام بها الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور للكاتدرائية المرقسية في العباسية، وهي تعد أول زيارة يقوم بها رئيس مصري للمقر البابوي لتهنئة الأقباط بعيد الميلاد.
وقال منصور لمستقبليه في الكاتدرائية: «زيارتي تأتي للتعبير عن اعتزاز الوطن بكم وبدوركم الوطني في مواجهة محاولات بث روح الفرقة والشقاق بين المصريين، والإرهاب الذي لم يفرق بين مسلم و مسيحي، و بين مسجد أو كنيسة».
من جهته، رحّب البابا تواضروس بالرئيس الموقت قائلًا: «باسم الكنيسة والمجمع المقدس والمجلس الملي والأوقاف وكل الحضور نرحب بسيادتكم وسعداء بهذه الزيارة التي نعتز بها»، مضيفاً «سيادتكم في بيتكم ومكانكم، والمشاعر الطيبة والود بين القادة تقدم رسالة جميلة للناس».
ولم يزر أي رئيس مصري سابق مقر الكاتدرائية لتقديم التهنئة بعيد الميلاد.
كما أن زيارات الرؤساء للمقر البابوي تعد نادرة، وغالباً ما كانت ترتبط بمناسبات استثنائية، ومن بينها زيارة قام بها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لوضع الحجر الأساس للكاتدرائية المرقسية في العام 1965، وأخرى لافتتاحها في 25 حزيران العام 1968. وبعد عبد الناصر، قام الرئيس الراحل محمد انور السادات بزيارة وحيدة للكاتدرائية عقب أحداث الخانكة بين المسيحيين والمسلمين في العام 1972. وتوقفت الزيارات الرئاسية حتى العام 2006، لتعود بزيارة وحيدة خلال 30 عاما من حكم حسني مبارك، وكان ذلك لحضور جنازة حنا ناشد، عضو المكتب السياسي للحزب الوطني ورئيس مجلس الدولة الأسبق.
وبعد قيام «ثورة 25 يناير»، لم يقم رئيس المجلس العسكري حسين طنطاوي بأي زيارة للكاتدرائية، ولا حتى لطمأنة المسيحيين بعد مجزرة ماسبيرو التي راح ضحيتها 17 قبطياً في اشتباكات مع قوات الجيش.
وتزامناً مع بدء السباق الرئاسي في العام 2012، حضر الرئيس المعزول محمد مرسي قداس عيد الميلاد في الكاتدرائية ـ وكان وقتها يشغل منصب رئيس «حزب الحرية والعدالة». وتوالت المناسبات الرسمية على الكاتدرائية منذ تولي مرسي رئاسة البلاد، لكنه لم يحضر أيا منها، بداية من جنازة البابا شنودة الثالث، وحتى تنصيب البابا تواضروس. وجاء بعد ذلك قداس عيد الميلاد في العام 2013، ورغم توجيه الكنيسة الدعوة لمرسي للحضور، إلا إنه لم يأت.
واعتبر عدد من النشطاء الأقباط أن زيارة الرئيس عدلي منصور تعد خطوة الى الامام، ورسالة طمأنة للمسيحيين بعد الاحداث الطائفية التي عاشتها البلاد خلال عهد مرسي.
ويرى المفكر السياسي سمير مرقص أن زيارة منصور توحي بأن مصر مُقبلة على مرحلة جديدة من التصالح والتآلف بين مواطنيها من مختلف الأطياف، بعد أن تم إفراز المتطرفين والمنتمين للإخوان مؤكدا «الزيارة وخاصة أنها الاولى من نوعها تحمل رسالة الى كل المصريين اننا شعب واحد نعيش على ارض وطن واحد».

أحمد علام ومصطفى صلاح

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...