خطوات لوقف الفساد في القضاء
الجمل- عبدالله سليمان علي: في ظل غياب خطة متكاملة لإصلاح القضاء تقوم على أساس تحقيق استقلاله وضمان حياده وتأمين الكادر الكفء والخلاق له، فإن وجود مبادرة فاعلة لمحاسبة المقصرين والفاسدين من القضاة تظل خطوة جيدة وإن كانت غير كافية للحدِّ من الفساد ومنع انتشار بقعة زيته على سطح المؤسسة القضائية.
فالمحاسبة الجادة والعادلة من شأنها وقف الانحدار الأخلاقي والمهني الذي يعاني منه القضاء، ولا يخفى على أحد أن وقف الانحدار هي خطوة لازمة لإعادة النهوض والارتقاء لكنها خطوة غير كافية لأن تحقيق النهوض والارتقاء يتطلب إعداد خطة منهجية واضحة للسير قدماً بالمؤسسة القضائية على طريق الاستقلال والحياد والنزاهة والكفاءة.
وقف الانحدار .. هذا فقط ما يمكن أن نأمله من خطوات المحاسبة الأخيرة التي قامت بها وزارة العدل مع مجلس القضاء الأعلى والتي طالت بعض القضاة المشتبه بارتكابهم ممارسات فاسدة، حيث صدرت عدة قرارات بكف يد القضاة الفاسدين وإحالتهم إلى التفتيش القضائي للتحقيق معهم وفق الإجراءات القانونية الأصولية.
ولا يمكننا هنا إلا أن ننوه بالأسلوب المتبع في محاسبة القضاة سواء من حيث صدقية الاشتباه الموجه واستناده إلى أدلة دامغة، أو من حيث مراعاة الضمانات القانونية للقضاة المشتبه بهم وتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم خلاف ما جرى منذ سنوات عندما تقرر تسريح أكثر من ثمانين قاضياً دفعة واحدة دون معرفة سبب التسريح ودون إعطاء القضاة المسرحين حق الاعتراض والدفاع. إن هذا الأسلوب الجدي في محاسبة القضاة يعطي زخماً كبيراً لحملة مكافحة الفساد في أقدس مؤسسات الدولة ومن شأنه أن يلعب دوراً هاماً في إعادة الثقة بجدية هذه المكافحة.
ومن المهم أن نشير إلى أن القرارات الأخير الصادرة بكف يد بعض القضاة قد لقيت ردود أفعال متباينة لكنَّ معظم الآراء تتفق على أهمية هذه القرارات وتأثيرها الإيجابي في تبييض صفحة وجه القضاء لاسيما إذا استمرت بهذا الزخم الذي بدأت به. فعلي سبيل المثال فقد ساد في القصر العدلي بطرطوس جو من الارتياح بعد انتشار خبر كف يد القاضي ******* وإحالته إلى التفتيش وعبرت جميع الآراء التي سمعناها عن تفاؤلها بوزير العدل الجديد وقدرته على تطهير القضاء من الفاسدين خاصة وأن البعض تحدث عن حصول الوزير على ضوء أخضر بمحاسبة المقصرين أياً كان غطاؤهم أو سندهم حسب قولهم.
وقد أشارت بعض المعلومات المتداولة بين أوساط المحامين أن قرارات جديدة سوف تصدر قريباً بحق بعض القضاة المقصرين وأن قطار المحاسبة قد انطلق هذه المرة ومحطة وقوفه ليست قريبة.
من جهتنا نأمل أن تستمر سياسة المحاسبة بصرامة وحزم مع مراعاة حقوق وضمانات القضاة المشتبه بهم وخاصة حقهم في الدفاع عن أنفسهم، ونعتقد بحق أن المحاسبة هي السبيل الأوحد لوقف تفشي سرطان الفساد في الجهاز القضائي بانتظار وضع خطة متكاملة لإصلاح القضاء وتحقيق نهضته وارتقائه من حضيض التبعية والفساد إلى قمم الاستقلال والنزاهة.
التعليقات
القضاة
القاضي الشجاع و المحامي الماهر
حمص
إن كان القضاء بخير فنحن بخير
إضافة تعليق جديد