تشيخوف طبيباً متطوعاً في حملة مكافحة وباء الكوليرا
في 16 اغسطس 1892 كتب تشيخوف رسالة الى الكاتب والناشر الكسي سوفورين جاء فيها :" حسنا ، أنا على قيد الحياة ، وبصحة جيدة . كان الصيف جميلاً ، جافاً ، ودافئاً ، وثمار الأرض وفيراً . ولكن أنباء انتشار الكوليرا أفسد كل شيء . ... أنت تدعوني الى ( فيينا ) ، في حين انني الآن أعمل طبيباً محليا في منطقة " سيربوخوف " واكافح الكوليرا ، ومسؤول عن قطاع فيها (25) قرية ، و(4) مصانع ، وديراً واحداً .
استقبل المرضى صباحا ، ثم أبدأ جولتي ، أعالج المرضى والقي محاضرات عن الكوليرا، واغضب لأن الإدارة المحلية لم تعطني كوبيكا واحدا لشراء مستلزمات المكافحة . أتوسل الى الأغنياء للتبرع لشراء الأدوية ومواد التعقيم . لقد تحولت الى متسول ممتاز بفضل بلاغتي البائسة ... والآن فان القطاع الذي اتولى مكافحة الكوليرا فيه ، يمتلك نقطتين ( مركزين ) صحيين ممتازين، تتوافر فيها كل التجهيزات الطبية اللازمة ، وخمسة مراكز بائسة . لقد أنقذتُ الإدارة المحلية من توفير مواد التعقيم ذات الرائحة الكريهة ، وطلبتها من الشركات المصنعة بما يكفي ل(25) قرية . أشعر بالإرهاق والضجر . أنا لا املك نفسي ، بل افكر بمرضاي . اجفل في الليل من نباح الكلاب ، ومن الطرقات على البوابة : هل جاؤوا لأستدعائي ! . ركوب الخيول المثيرة للإشمئزاز على طرق غير معبدة . أنا الآن لا أقرأ ، الا ما يتعلق بمرض الكوليرا .
الوباء وصل الى مدينة موسكو وتوابعها ، ولكنه أخذ يتراجع بفضل الإجراءات الحازمة للسلطات . المثقفون لم يألوا جهدا ، وضحوا بأمولهم وراحتهم . اراهم كل يوم وانا معجب بهم . في منطقة " نيجني " يقوم الأطباء – وهم اناس مثقفون – بمعجزات .
لقد شعرت بالرعب عندما قرأت عن وباء الكوليرا في الأيام الخوالي ، حين كان الناس يمرضون ويموتون بالآلاف ، ولم يدر بخلدهم ، حتى ان يحلموا بتلك الانتصارات المذهلة التي تحدث اليوم أمام أعيننا . من المؤسف انك لست طبيبا ، ولا يمكنك ان تشاركني مشاعري ، أي أن تشعر وتدرك وتقدّر ما بذل من جهد في الحملة .
جودت هوشيار
إضافة تعليق جديد