1500 طن من اللحوم المستوردة إلى أمعاء المواطنين

01-11-2006

1500 طن من اللحوم المستوردة إلى أمعاء المواطنين

مرة اخرى تتدخل الحكومة بشكل عاجل لمواجهة موضوع اقتصادي وقد سبق لها ان فعلت ذلك كلما اقتضى الامر لكنها هذه المرة

اتبعت اسلوبا جديدا يحمل معه الكثير من اشارات الاستفهام فالموضوع في ظاهره تدخل ايجابي لمصلحة المواطن وفي نتائجه المتوقعة ارهاق للخزينة العامة وتبريد لمحتوياتها من القطع الاجنبي اذ من غير المعقول ان تواجه حالة ارتفاع اسعار اللحوم في الاسواق المحلية وعدم استقرارها بفتح الاستيراد لتأمين هذه المادة دون النظر الى تأثيرات هذا الموضوع على دورة الاقتصاد وحاجة البلاد فتأمين المادة مسؤولية وضرورة لا يمكن تجاهلها ولكن فتح الاستيراد وان نجح في حل عاجل للمشكلة لكنه لن يكون كذلك في المستقبل خاصة وان الابواب ستفتح بشكل واسع وسيجري الاتكال على تدخل الحكومة بدلا من تعزيز امكاناتنا الذاتية علما ان سورية تملك ما يزيد عن 24 مليون رأس من الثروة الحيوانية منها 20 مليونا من اغنام العواس التي تشكل ميزة كبيرة لهذا البلد يجب الاستفادة منها وتطويرها وزيادة عددها والتشجيع على تربيتها لتكون ثروة حقيقية يمكنها ان تحقق عائدات مهمة للخزينة من خلال الوصول الى الاكتفاء من مادة لحوم العواس والتوجه بعدها الى التصدير.‏

لا احد ينكر حاجة الاسواق السورية للحوم اغنام العواس نظرا للميزات التي تتمتع بها هذه المادة الغذائية التي يكثر الطلب الخارجي عليها فتصبح عمليات تهريبها خارج القطر هاجسا للكثير من الاشخاص الذين يحترفون هذا الامر ولا ننسى هنا عدد الحالات التي تم ضبطها في محاولة لتهريب الاغنام والماعز الشامي خارج الحدود.‏

وامام هذا النجاح وجدنا تشجيعا لتصدير هذه المادة رغم حاجة اسواقنا اليها فصار من الطبيعي ان يصبح تواجدها وعرضها في الاسواق قليلا الى درجة التحكم بالعرض وارتفاع الاسعار وحرمان المواطن منها خاصة خلال شهر رمضان الماضي وعيد الفطر هنا تدخلت الدولة كحل اسعافي باستيراد نحو 1500 طن من اللحوم المثلجة من الاورغواي وطرحها في الاسواق.‏

من حيث المبدأ القرار سليم وجاء في وقته لكنه من حيث النتائج لن يكون كذلك فلدينا بالتأكيد متسع من الوقت للتفكير الجدي بتطوير هذه الثروة والاعتماد عليها بدلا من تركها اسيرة رغبات المربين وتوفر مواسم الري والمواد العلفية الجاهزة وتقديم حوافز لتنشيط تربية اغنام العواس ورعايتها من خلال تأمين المناخ اللازم او المساعدة في توفير مستلزمات هذه التربية مع الاشارة الى خطوة سابقة للمصرف التعاوني الزراعي في منح القروض لتربية وتسمين الخراف لكن هذه الخطوة لم تتابع بالشكل المطلوب فانصرف الناس عنها.‏

ومع ذلك فالحل النهائي لن يكون بفتح الاستيراد للحوم المثلجة على الاطلاق ولا يصح ان نطعم مواطننا لحوما مثلجة وبلادنا تملك ثروة من اللحوم الافضل بكل المقاييس.‏

فاذا كانت الحكومة واجهت ارتفاع اسعار اللحوم وندرتها في بعض الاسواق باستيراد الكميات المشار اليها فالحل يكون بنظرنا على المدى البعيد بتشجيع تربية الاغنام العواس والحفاظ عليها وتأمين حاجة المواطن منها ثم تصدير الفائض وهذا ابسط المسلمات الاقتصادية فلماذا تفاجئنا الحلول الاسعافية ولا نتوجه الى خطوات استراتيجية من شأنها تقديم الجواب الدائم لمثل هذه الاسئلة. فالتصدير مسألة مطلوبة ومهمة لاقتصادنا شريطة الا يكون على حساب المواطن والاستيراد ممكن شريطة توفر البدائل المنطقية ولا يخفى على احد ان المواطن السوري لم يعتد الاقبال على اللحوم المثلجة ويشترط في عرض اللحوم ان تكون الذبيحة ذكر عواس والسؤال هنا لماذا نصدر الاغنام ونستورد اللحوم ولماذا نضع المواطن امام استهلاك لحوم مثلجة لا تملك مواصفات اللحوم المحلية عن طريق استيرادها.‏

واين نظرية الحفاظ على محتويات الخزينة من القطع الاجنبي اذا كان الاستيراد هو الحل؟!.‏

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...