نهائيات الحرب الأمريكية المفتوحة في العراق وأفغانستان وباكستان

17-10-2010

نهائيات الحرب الأمريكية المفتوحة في العراق وأفغانستان وباكستان

الجمل: ينهمك معظم الخبراء الأمريكيون المعنيين بملفات الأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية هذه الأيام بدراسة النتائج الرئيسية التي أفضت إليها عملية الحرب المفتوحة ضد الإرهاب في المسرح الأفغاني والمسرح العراقي والمسارح الفرعية الأخرى المرتبطة بهما مثل المسرح الباكستاني: ما هي معطيات الإستراتيجية الأمريكية الجديدة الكبرى؟ وما مدى مصداقية النتائج الجديدة التي أفرزتها الحرب الأمريكية المفتوحة ضد الإرهاب؟

خارطة العراق* الموقف الإستراتيجي الأمريكي: توصيف المعلومات الجارية

طرحت إحدى الأوراق البحثية الأمريكية الصادرة يوم الخميس 14 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 تساؤلاً عن مدى جدوى الإستراتيجية العظمى الأمريكية، طالما أن كل الإستراتيجيات العظمى التي طرحتها الإدارات الأمريكية المعاصرة تخضع في نهاية الأمر لتأثير الوقائع والأحداث اليومية الجارية، بما ظل يؤدي إلى حرف الإستراتيجيات العظمى عن مساراتها المحددة، وجعلها لا تصل إلى أهدافها وغاياتها المرسومة وحسب، وإنما إلى أهداف وغايات تتعاكس في معظم الأحيان مع ما هو مقصود ومحدد سلفاً. تقول الورقة البحثية تأكيداً على فشل الإستراتيجيات العظمى الأمريكية بالآتي:

  • مؤشر الفشل الأول: لم تنجح كل محاولات واشنطن لجهة تأمين استمرار الوجود الأمريكي العسكري-الأمني-السياسي في العراق، وحالياً أصبحت واشنطن تبحث في المخرج من الأزمة وذلك عن طريق السعي الحثيث لإخراج القوات الأمريكية وبناء قوات الأمن العراقية القادرة على ضبط وحفظ أمن واستقرار العراق، وإذا كان خروج القوات العراقية ممكناً، فإن بناء قوات الأمن العراقية مازال صعباً وبعيد المنال عن قدرة واشنطن.
  • مؤشر الفشل الثاني: لم تنجح كل محاولات واشنطن لجهة فرض السيطرة على أفغانستان ولا حتى في الحد من التدهور الأمني المتزايد يوماً بعد يوم، وبدلاً من القضاء على تنظيم القاعدة، تورطت أمريكا في الحرب ضد طالبان وحلفائها، وعندما تبين لواشنطن استحالة هزيمة حركة طالبان تراجعت واشنطن لجهة التأكيد على أن حربها هي بالأساس ضد القاعدة و ليس ضد حركة طالبان. والآن، بدأت واشنطن تنزلق باتجاه التفاوض مع حركة طالبان بما يتيح التوصل لاتفاق يوفر لواشنطن الانسحاب والخروج من الحرب وهي مرفوعة الرأس.
  • مؤشر الفشل الثالث: سعت واشنطن إلى تعزيز تحالفها مع باكستان، بما يتيح لأمريكا توظيف القدرات الباكستانية في مشروع الحرب في أفغانستان، وبدلاً من قيام باكستان بدور العامل المساند تحولت باكستان إلى عبء ومصدر للمخاطر المحدقة بالقوات الأمريكية وقوات حلف الناتو وبقية القوات الدولية التي تقاتل في أفغانستان، إضافةً إلى نجاح حركة طالبان في التمدد داخل باكستان وإشعال المسرح الباكستاني، والآن تورطت أمريكا في حرب منخفضة داخل باكستان مع وجود العديد من المؤشرات التي تفيد لجهة تحول هذه الحرب إلى النموذج المرتفع الشدة. ويدور حالياً خلاف كبير في الإدارة الأمريكية حول كيفية التعامل مع المسرح الباكستاني خاصةً وأن كل المؤشرات تفيد لجهة احتمالات كبيرة لصعود خصوم أمريكا إلى سدة السلطة في إسلام آباد التي أصبحت دولة نووية تحت سمع وبصر الأمريكيين.

علقت الورقة البحثية على هذه المؤشرات قائلة بأن تكلفة الدماء والدولارات التي أنفقتها واشنطن في هذه الحروب هي تكلفة يمكن أن تجد المبرر والتسويغ الذي يجعلها مقبولة على أساس اعتبارات عائدها ومردودها الإستراتيجي وليس على أساس التقارير الدورية الأمريكية التي ظلت تزعم بأن هناك تقدم تم إحرازه، بينما النصر النهائي الحاسم ما زال غير وارد في هذه التقارير، إضافةً إلى أن العديد من مراكز الدراسات وتقارير الخبراء أصبحت تستخدم معطيات التقدم الذي تم إحرازه كمبرر لإقناع الإدارة الأمريكية والرأي العام الأمريكي والعالمي لجهة ضرورة الشروع في مخططات سحب القوات الأمريكية في المنطقة.

* إستراتيجية اللحظات الأخيرة: ما الذي يمكن تحقيقه عشية الخروج

أظهرت توقعات الخبراء الإستراتيجيين الأمريكيين المزيد من الشكوك إزاء مصداقية قدرة الولايات المتحدة على الخروج بنتائج إيجابية مشرفة من مسرح الحرب العراقية ومسرح الحرب الأفغانية والباكستانية. ولكن، وبرغم ذلك، تحدثت أحد الأوراق البحثية التي أعدها الخبير الإستراتيجي الأمريكي الحائز على كرسي بوركة في الإستراتيجية كوردسمان عمن ما يمكن تسميته بإنجازات اللحظة الأخيرةِ، والتي يجب أن تسعى واشنطن إلى تحقيقها على عجل، ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:

  •  إنجازات اللحظة الأخيرة في المسرح العراقي:

-       أن يسعى العراق إلى لعب دور رئيس في الحد من تمدد النفوذ الإيراني.

-       أن يسعى العراق إلى فصل عرى التحالف السوري-الإيراني.

-       أن يسعى العراق إلى دعم تركيا بما يدفع تركيا إلى التخلي عن إيران.

-       أن يسعى العراق إلى دعم أمن بلدان منطقة الخليج والسعودية.

-       أن يسعى العراق إلى دعم الروابط مع حلفاء أمريكا الرئيسيين في الشرق الأوسط وتحديداً: إسرائيل، مصر والأردن.

-       أن يسعى العراق خلف بناء مجتمعي سني-شيعي يساعد أمريكا والمجتمع الدولي في القضاء على التطرف الديني السني والتطرف الديني الشيعي.

-       أن يسعى العراق إلى تلبية طموحات الأكراد إزاء المستقبل.

-       أن يسعى العراق إلى توسيع إنتاجه النفطي بما يلبي تطلعات الولايات المتحدة والغرب إزاء أسواق تغطية عالية مستقرة.

-       أن يسعى العراق إلى التعاون عسكرياً وأمنياً مع الوجود العسكري-الأمني الأمريكي الغربي الموجود في السعودية وبلدان الخليج بما يتيح بناء منظومة عسكرية-أمنية متكاملة لحماية المنطقة بقيادة أمريكا وحلفائها الإقليميين والدوليين.

  • إنجازات اللحظة الأخيرة في المسرح الأفغاني-الباكستاني:

-       أن تسعى أفغانستان إلى إجراء الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الضرورة اللازمة لاستقرار شكل الدولة الحالي.

-       أن تسعى أفغانستان إلى قبول التحالف العسكري-الأمني الإستراتيجي مع أمريكا كواقع على غرار ما هو حالياً بين أمريكا ودول الخليج.

-       أن تسعى أفغانستان إلى لعب دور في دعم الإستراتيجية الأمريكية إزاء الصين وروسيا وآسيا الوسطى.

-       أن تسعى أفغانستان إلى اعتماد نظام سياسي يستوعب مكونات المجتمع الأفغاني ضمن عملية سياسية موحدة تدعم برامج مكافحة واحتواء التطرف الديني.

-       أن تسعى أفغانستان إلى الاندماج ضمن تحالف منطقة شبه القارة الهندية الواسع الذي يضع في الاعتبار أن الهند هي حليفة أمريكا وليس باكستان وحدها، وبالتالي، يجب على أفغانستان بناء الروابط مع الهند بنفس القدر وبعيداً عن أي تورط في الصراع الهندي-الباكستاني حول منطقة كشمير.

-       أن تسعى باكستان إلى الحفاظ على نظام الحكم المدني الموجود حالياً.

-       أن تسعى باكستان إلى إجراء الإصلاحات الاقتصادية التي تركز على محاربة الفساد.

-       أن تسعى باكستان لجهة مكافحة التطرف الديني بكافة الوسائل المتاحة.

-       أن تسعى باكستان إلى تقليل وتائر سباق التسلح النووي والإستراتيجي بما يتيح التوصل إلى صيغة لضبط انتشار أسلحة الدمار الشامل في شبه القارة الهندية.

-       أن تسعى باكستان إلى التعاون مع الهند في المسائل المتعلقة بضبط أسلحة الدمار الشامل، ومحاربة الإرهاب بغض النظر عن أزمة الصراع الكشميري.

-       أن تسعى باكستان إلى التعاون مع أمريكا في الأجندة المتعلقة بالصين وروسيا وإيران وآسيا الوسطى.

نلاحظ أن إستراتيجية اللحظة الأخيرة التي يسعى الأمريكيون إلى إقرارها ما تزال مثقلة بالمزيد من الطموحات الصعبة التحقق، وذلك لأن ما هو متعارف عليه أن يسعى اللصوص المعتدين إلى أخذ ما خف وزنه وغلا ثمنه. ولما كانت إستراتيجية اللحظة الأخيرة ما تزال مليئة بما ثقل وزنه، فإن على واشنطن أن تسعى إلى التخفيف أكثر فأكثر. وفي هذا الخصوص تقول النكتة الشهيرة أن لصاً مسلحاً وجد شخصاً يقطع الحطب في إحدى الغابات وبجواره حماره، وهنا شهر اللص سلاحه وقال للرجل: لا تسرف في قطع الأخشاب، وفقط اقطع بقدر ما تستطيع حمله على رأسك، لأن هذا الحمار سوف لن يحملها معك..

 

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...