الحراك الديبلوماسي الإسرائيلي- الأمريكي والسيناريو الجديد

15-02-2010

الحراك الديبلوماسي الإسرائيلي- الأمريكي والسيناريو الجديد

الجمل: تشهد منطقة الشرق الأوسط في هذه الأيام تحركا دبلوماسيا إسرائيليا-أميركيا يجري ضمن ثلاثة محاور, ويتعلق بعدد من الخطوط والملفات, ويقوم بهذا الحراك الدبلوماسي, ثلاثة من رموز محور واشنطن-تل أبيب: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو-وزيرة الخارجية الأميركية ههيلاري كلينتون-ورئيس الأركان الأميركي الأدميرال مايك مولين: فما هي طبيعة هذا التحرك وما هو السيناريو القادم الجاري ترتيبه في المنطقة؟
خارطة طريق الحراك الدبلوماسي الإٍسرائيلي-الأميركي:
تقول المعلومات والتقارير بوجود حراك دبلوماسي إسرائيلي-أميركي, جاري العمل والتنفيذ حاليا ضمن المسارات الآتية:
• التحرك الإسرائيلي: توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى العاصمة الروسية موسكو, وذلك ضمن زيارة سوف تستغرق ثلاثة أيام, يعقد خلالها اللقاءات مع القيادة الروسية.
• التحرك الأميركي: جاء التحرك الدبلوماسي الأميركي هذه المرة ضمن العديد من المسارات, المسار الأول يتمثل في الدبلوماسية السياسية, ويتم ضمن خطين, أحدهما تقوم به وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون, والتي سوف تقضي ثلاثة أيام تزور من خلالها دولة قطر والسعودية, وثانيهما, يقوم به بعض كبار الدبلوماسيين الأميركيين المرافقين حاليا للوزيرة كلينتون, والذين سوف يتوجهون بعد انتهاء جولتها إلى كل من سوريا, الأردن ومصر وإسرائيل, أما المسار الثاني فيتمثل في الدبلوماسية العسكرية التي يقوم حاليا رئيس الأركان الأميركي الأدميرال مايك مولين, والذي سوف يزور: مصر-إٍسرائيل-الأردن-السعودية-والإمارات العربية المتحدة.
نلاحظ أن خارطة طريق الحراك الدبلوماسي الإسرائيلي-الأميركي, تتميز هذه المرة بمجموعة من المزايا والعناصر اللافتة للنظر: فهي تشمل ثمانية بلدان هي: سوريا-روسيا-إسرائيل-السعودية-قطر-الأردن-دولة الإمارات-مصر.
وإضافة لذلك نلاحظ أيضا أن هذا الحراك الدبلوماسي الإسرائيلي-الأميركي الجاري حاليا, يتميز بأنه مكثف, وفي نفس الوقت يتميز بالتزامن.
جدول أعمال الحراك الدبلوماسي الإسرائيلي-الأميركي:
تفيد التقارير والتصريحات المتداولة بواسطة الصحف وأجهزة الإعلام بأن هذه التحركات الدبلوماسية المكثفة-المتزامنة,الادميرال مايك مولين تتعلق بالخطوات القادمة الجديدة الخاصة بملف أزمة البرنامج النووي الإيراني, ولكن كل ما هو متوقع وشبه واضح, يتمثل في أن ملف أزمة البرنامج النووي الإيراني, وإن كان يمثل القاسم المشترك الأعظم في هذه التحركات, فإنه لابد وبالضرورة أن تكون هناك ملفات أخرى لها حضورها القوي في هذا الحراك الدبلوماسي.
نشرت شبكة ماكلاتشي الأميركية تقريرا, حول الحراك الدبلوماسي الأميركي-الإسرائيلي الجاري حاليا, وفي مقدمة التقرير أوردت النقاط الآتية:
• قيام كبار المسئولين في الخارجية الأميركية ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بجولة دبلوماسية في الشرق الأوسط, بتزامن مع جهود الرئيس أوباما المكثفة لجهة ترتيب المسرح من أجل فرض جولة العقوبات الدولية الجديدة الرابعة المتعددة الأطراف ضد إيران.
• مهمة الدبلوماسية السياسية-العسكرية الأميركية الجارية حاليا هي أن تعكس الجهود الأخيرة الجارية من أجل إيجاد الحل لملف أزمة البرنامج النووي الإيراني, والتي أصبحت على وشك أن تهدد استقرار منطقة الشرق الأوسط وإدخال هذه المنطقة إلى دائرة عمليات سباق التسلح بين أطرافها المتخاصمة.
تبدو المفارقة واضحة في الخطاب السياسي-الدبلوماسي الأميركي هذه المرة, فهو وإن كان يربط بين الحراك الدبلوماسي في الشرق الأوسط وملف أزمة البرنامج النووي الإيراني, فإن هذا الخطاب سعى إلى الربط بين ملف أزمة البرنامج النووي الإيراني وملف سباق التسلح, علما بأن سباق التسلح قد سعت واشنطن إلى قدح زناده وإطلاق شراراته الأولى, فتل أبيب ومن وراءها وواشنطن هي التي سعت إلى إطلاق فكرة الخطر النووي والصاروخي الإيراني, ثم بعد ذلك سعت إلى إقامة معارض الأسلحة والعتاد العسكري المتطور في منطقة الخليج, وهي التي باشرت في عقد صفقات بيع منظومات الأسلحة والعتاد الأميركي المتطور إلى دول الخليج, وبمليارات الدولارات, والآن يزعم الخطاب السياسي-الدبلوماسي-العسكري الأميركي بأن هدف الدبلوماسية الأميركية الحالي هو منع حدوث سباق تسلح في المنطقة!.
ماذا وراء الحراك الدبلوماسي الإسرائيلي-الأميركي؟
عودنا الخطاب الدبلوماسي-السياسي-العسكري الأميركي على مشهد الصورة المقلوبة, ومن خلال التسريبات الجانبية نلاحظ الآتي:
• الهدف غير المعلن في الحراك الدبلوماسي الأميركي إزاء دول الخليج هو الصين, فواشنطن تسعى إلى حث الدول الخليجية من أجل التأكيد لبكين, بأنها سوف تلتزم بتزويد الصين باحتياجاتها النفطية إذا وافقت بكين على فرض جولة العقوبات الدولية الرابعة ضد إيران, ولكن, على الجانب الصيني فإن بكين تدرك تماما أن النفط الخليجي هو مصدر غير مضمون طالما أنه في يد الأميركيين, إضافة إلى أن اعتماد بكين على النفط الخليجي سوف يتيح للأميركيين اللجوء لاستخدام الورقة النفطية الخليجية ضد الصين في المساومات التي يسعى الأميركيون لعقدها مع الصين على طاولة علاقات عبر الباستيل على خط واشنطن-بكين.
• الهدف غير المعلن لزيارة رئيس الأركان الأميركي الأدميرال مايك مولين لإسرائيل هو إخطار تل أبيب بشكل واضح وحاسم بأن واشنطن لا تملك في الوقت أي خطة حاسمة لتنفيذ عملية عسكرية ضد إيران.
• الهدف غير المعلن لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لموسكو, هو تفادي الدخول في مواجهة مع رئيس الأركان الأميركي الأدميرال مايك مولين, فنتنياهو أكثر حرصا على استخدام الخيار العسكري, ومايك مولين أكثر حرصا على استخدام الخيار الدبلوماسي مع إيران.
تدور حاليا المزيد من الخلافات داخل الكرملين حول مستقبل الشرق الأوسط, ومستقبل العلاقات الروسية-الشرق أوسطية, إضافة إلى مستقبل العلاقات الروسية-الإيرانية, فمن جهة يسعى الرئيس الروسي ميدفيديف إلى عقد صفقة متكاملة مع الإدارة الأميركية, ومن الجهة الأخرى يرفض رئيس الوزراء الروسي والرجل الأقوى داخل الكرملين بوتين عقد مثل هذه الصفقة, وتقول المعلومات والتسريبات بأن موسكو وإن كانت قد أبدت موافقة مبدئية لواشنطن إزاء مشروع جولة العقوبات الرابعة ضد إيران, فإن السؤال يتمثل في أي نوع من العقوبات سوف توافق موسكو, أما بكين فقد استمرت في رفضها لمشروع العقوبات, بشكل أصبح يهدد بعدم تمرير مجلس الأمن الدولي لقرار العقوبات.
وبغض النظر عن ما يدور في أروقة مثلث واشنطن-موسكو-بكين, فما هو مثير للاهتمام ولافت للنظر يتمثل في أن الحراك الدبلوماسي الأميركي-الإسرائيلي المكثف-المتزامن, قد تفادى وتجاوز العاصمة التركية أنقرا, ولما كانت تركيا هي الشريك الاستراتيجي لأميركا في منطقة الشرق الأوسط وفي القوقاز, وآسيا الوسطى, وسائر أنحاء الشرق الأدنى, فلماذا لم تشكل أنقرا محطة رئيسية أو حتى ثانوية في هذا الحراك, وبكلمات أخرى, لماذا سعى محور تل أبيب-واشنطن إلى إبعاد أنقرا عن لعبة الشرق الأوسط هذه المرة؟
برغم عدم وجود أي تسريبات أو تقارير توضح أسباب استبعاد تركيا, فإن ما هو واضح يتمثل في أن أنقرا قد قررت تقديم عرض بأن تتم عملية تبادل اليورانيوم الإيراني المنخفض التخصيب باليورانيوم المرتفع التخصيب على أراضيها, الأمر الذي يترتب عليه أن تتم عملية التبادل بين الإيرانيين والغربيين, تحت غطاء الضمانات التركية, وبالتأكيد فإن وجود أي ضمانات تركية في هذه المرحلة, سوف يسبب حرجا بالغا لمحور واشنطن-تل أبيب, وإضافة لذلك, فإن وجهة النظر التركية إزاء الملفات الأخرى المتعلقة بمستقبل استقرار منطقة الشرق الأوسط, وملفات مفاوضات السلام التي تسعى إسرائيل لتقويضها, هي وجهة نظر لم تعد مرغوبة من جانب محور تل أبيب-واشنطن, فهل يا ترى سوف تشهد الفترة القادمة المزيد من قيام محور واشنطن-تل أبيب بالإقصاء للدور التركي في المنطقة, بما يؤدي إلى تقويض مفاعيل ملف المحادثات السورية-الإسرائيلية, أم أن عملية الإقصاء هذه تمثل مجرد "فركة أذن" لأنقرا..


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...