إسرائيل: الليكود ضد الليكود وكاديما يستهلك زعماءه

27-12-2008

إسرائيل: الليكود ضد الليكود وكاديما يستهلك زعماءه

الجمل: تقول المعلومات التي أوردتها الصحافة الإسرائيلية اليوم بأن موقف حزب الليكود الإسرائيلي بدأ يشهد تراجعاً في مستوى التأييد الشعبي بعد فترة من التقدم المضطرد الذي أبرزته استطلاعات الرأي لموقف الحزب خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
* بحسب معطيات خارطة التوزيع السياسي للأحزاب الإسرائيلية فقد كان الإسرائيليون ينظرون لليمين الإسرائيلي الذي يتكون من الليكود باعتباره يمثل "يمين الوسط" وحزب شاس وحزب إسرائيل بيتنا وغيرها من الأحزاب الدينية اليهودية الصغيرة باعتبارها تمثل أقصى اليمين.
خلال فترة صعود حزب كاديما الذي يمثل يمين الوسط أيضاً وتحالفه مع حزب العمل الذي يمثل يسار الوسط وما ترتب على ذلك من تشكيل ائتلاف بهدف التأسيس لحكومة الوسط وكان الليكود وزعيمه نتينياهو أكثر تبنياً لأطروحات اليمين الديني الإسرائيلي وهو الأمر الذي أدى إلى جعل نتينياهو يحظى بتأييد قاعدة اليمين الإسرائيلي وبكلمات أخرى فقد حظي نتينياهو بتأييد كافة قطاعات اليمين الإسرائيلي وتعزز موقفه أكثر بسبب تحول جزء كبير من قاعدة يمين الوسط الداعمة لكاديما إلى دعم نتينياهو تحت تأثير تداعيات أزمة هزيمة جنوب لبنان وتحقيقات الفساد في مواجهة أولمرت زعيم كاديما ورئيس مجلس الوزراء.
* الأزمة السياسية الإسرائيلية:
لا يمكن القول أن الأزمة السياسية الإسرائيلية الحالية مصدرها فقط الأحزاب الإسرائيلية وزعماؤها وما هو صحيح يتمثل في أن النظام السياسي الإسرائيلي مأزوم بالكامل وبكلمات أخرى تتميز الأزمة السياسية الإسرائيلية بطبيعتها الهيكلية المؤسساتية والقيمية الإدراكية والتفاعلية السلوكية بما يجعل منها أزمة نظام وليس مجرد أزمة سياسية عابرة، ويمكن استعراض مكونات أزمة النظام هذه على النحو الآتي:
• الرأي العام الإسرائيلي: تسيطر على توجهاته عوامل الشكوك واللايقين إزاء المستقبل وانفصام العلاقة بينه وبين زعمائه السياسيين إضافة إلى تعدد المكونات الاجتماعية – العرقية التي تختلف باختلاف أصل مواطن يهود الشتات التي هاجروا منها.
• المؤسسات السياسية الإسرائيلية: وتتمثل في المؤسسات الحكومية وهي الكنيست ومجلس الوزراء ومؤسسة الرئاسة وتتميز هذه المؤسسات بسبب عدم الفاعلية لجهة سيطرة الأطراف الأخرى عليها وعلى وجه الخصوص المؤسسة الدينية الإسرائيلية والمؤسسة العسكرية – الأمنية اللتان يتدخل زعماؤهما في كل كبيرة وصغيرة.
• المؤسسات المدنية الإسرائيلية: وتتمثل في الأحزاب السياسية والوسائط الإعلامية الخاصة، إضافة إلى الجمعيات والمنظمات ذات الطابع الديني والشعبي اليهودي، وبرغم الدعم الواسع الذي تتلقاه من المساعدات والهبات فإنها ما تزال غير قادرة على تشكيل المجتمع المدني الإسرائيلي وكل ما تقوم به هو تسويق الثقافة التلمودية المصحوب بالتسويق للهواجس الأمنية وتعميق عقدة الخطر المستقبلي الداهم.
على خلفية هذه المكونات المتناحرة نجد أن الرأي العام الإسرائيلي يقوم عادة بدعم طرف ثم ما يلبث أن ينقلب عليه داعماً نقيضه، ونلاحظ أن التناقضات بين القوى السياسية الإسرائيلية هي مجرد تناقضات شكلية طالما أنها تعبر عن جدول أعمال واحد يهدف إلى عدم الاعتراف بالآخر وبحقوقه المشروعة.
* الليكود الإسرائيلي: ثنائية مفاعيل أزمة السياسة الإسرائيلية:
لعب الليكود دوراً رئيسياً في صنع أزمة السياسة الإسرائيلية وفي الوقت نفسه لعبت الأزمة السياسية دوراً رئيسياً في صنع أزمة الليكود وتأسيساً على ذلك أصبحت مفاعيل الأزمتين تغذيان بعضهما البعض:
• شن الليكود حملة شعواء ضد محادثات السلام التي ظلت تقوم بها حكومة كاديما – العمل ولكنه في الوقت نفسه ذاته أعلن أنه سيواصل محادثات ومفاوضات السلام في حالة فوزه بالانتخابات.
• شن الليكود حملة ضد فساد رموز كاديما – العمل ولكنه لم يؤكد على تبني أطروحات محاربة الفساد المستشري في إسرائيل.
• نسق الليكود برنامجه السياسي بما يتماشي مع برنامج الإدارة الجمهورية الأمريكية مراهناً على صعود المرشح الجمهوري جون ماكين ولكنه بعد صعود الإدارة الديمقراطية الأمريكية الجديدة، عاد محاولاً تعديل وتكييف برنامجه بما يتماشى مع برنامج الإدارة الأمريكية الجديدة.
• طالب الليكود الإسرائيلي بضرب إيران وضرب جنوب لبنان وضرب قطاع غزة ولكنه أعلن وقوفه إلى جانب الضغوط الدبلوماسية ضد إيران ودعم قوى 14 آذار وتشديد الحصار على القطاع.
إضافة إلى العديد من الأمثلة والشواهد الأخرى فقد ظل الليكود يستخدم جدول أعمال برنامجه السياسي كمجرد ساحة للمناورة السياسية ومحاولة كسب الدعم الشعبي بأي وسيلة ممكنة.
* انعكاسات الأزمة داخل الليكود:
طرح بنيامين نتينياهو برنامجاً متشدداً وضع أجندته وجدول أعماله من خلال معطيات انتقاداته داخل الكنيست لأداء حكومة ائتلاف كاديما – العمل وبالمقابل فقد شهد الليكود الإسرائيلي على هذه الخلفية توازنين هما:
• صعود العناصر اليهودية المتطرفة إلى المناصب القيادية داخل الحزب.
• تزايد أعداد المتطرفين الداعمين لتوجهات الحزب بما أدى إلى ارتفاع شعبيته في استطلاعات الرأي العام.
بحدوث هذين التطورين تزايد توقعات المراقبين والمحللين بأن تتضمن قائمة الليكود الإسرائيلي الانتخابية نخبة من المرشحين الأكثر تطرفاً من رموز اليمين الديني الإسرائيلي إضافة إلى طرح الليكود الإسرائيلي لجدول أعمال يدفع باتجاه التسويق لإشعال المنطقة. غير أن زعيم الليكود نتينياهو عاد مرة أخرى ليقوم بانقلاب خاطف ضد حلفائه داخل الليكود:
• انقلب على قائمة مرشحي الحزب عندما قام بإنزال أسماء المتطرفين من رأس القائمة إلى وسطها وأسفلها.
• السعي من أحل حرمان زعيم الليكود موشي فائجلين اليميني المتطرف من الترشح ضمن قائمة الحزب الانتخابية.
وتأسيساً على ذلك يمكننا القول أن تداعيات الأزمة داخل الكنيست قد ألقت بظلالها ليس على حزب كاديما بما أدى إلى الصراع بين الجنرال موفاز زعيم صقور كاديما وبين الوزيرة ليفني زعيمة الحمائم، وإنما امتد إلى داخل الليكود حيث بدأ الصراع بين موشي فائجلين زعيم صقور الليكود وبنيامين نتينياهو الذي من سخرية القدر يحاول أن يبدل ريش الصقور ويرتدي بدلاً عنه ريش الحمام!!

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...