«الجزيرة» والقاعدة: تعاون قديم في «حصريّة البثّ»

03-12-2015

«الجزيرة» والقاعدة: تعاون قديم في «حصريّة البثّ»

منحت «جبهة النصرة» الحقّ الحصري في تغطية عمليّة إطلاق العسكريين اللبنانيين أمس الأوّل، لقناة «الجزيرة» القطريّة، وقناة «أم تي في» اللبنانيّة. بدا دخول قناة المرّ إلى المشهد نافراً بالنسبة لكثر، فعبّروا عن رفضهم لأسلوب تغطيتها المنغمس في تبييض صورة الإرهابيين. في حين كتب أحد المعلّقين على «تويتر» أنّ وجود «الجزيرة» لا يدعو إلى الاستغراب. ما كان سيبدو صادماً، هو غياب القناة عن صدارة مشهد مماثل، خصوصاً أنّها تحرص على تقديم صورة «إنسانيّة» و«سموحة» عن مقاتلي «النصرة»، وتعدّ المنبر الإعلامي الأكثر إصراراً على إظهار الفرق بين الجبهة (المعتدلة) و «داعش» (الإرهابي).
ليس ذلك بجديد على «الجزيرة». فمنذ انطلاقها في العام 1996، من فيديو يجمع بن لادن والظواهري بثّته «الجزيرة» العام 2010 (فوكس/ أ ب)شكلت القناة القطرية منبراً هاماً لزعماء وقياديي «القاعدة»، فتحولت إلى أحد أبرز منابر التنظيم الإعلاميّة، والوجهة الأولى لعرض إصداراته المرئية. في العام 1998 انفردت القناة ببثّ لقاء مطول مع زعيم ومؤسس التنظيم أسامة بن لادن، ونشرت خلال الحرب الأميركيّة على أفغانستان عدداً كبيراً من التقارير حول التنظيم، إلى جانب تسجيلات حصريّة لأيمن الظواهري. في السنوات الأخيرة الماضية، ومع انتقال ثقل التنظيم القتالي إلى سوريا، واصلت القناة مواكبتها الإعلاميّة للفصائل «الجهاديّة» التابعة له، أبرزها «جبهة النصرة»، و «حركة أحرار الشام»، وغيرها...
المسؤول عن الملف السوري في القناة، أحمد زيدان (مدير مكتب «الجزيرة» سابقاً في باكستان) لا يخفي توجهاتها القاعديّة. يكتب ابن مدينة تفتناز في ريف إدلب على مواقع التواصل، مفاخراً، بقتال أقربائه وأشقائه في صفوف تنظيم «جبهة النصرة». وقد أشار زيدان عبر حسابه الرسميّ على موقع «فايسبوك»، إلى مقتل ابن شقيقه (اسمه أحمد اسماعيل زيدان) خلال مشاركته في القتال مع التنظيم خلال اشتباكات في ريف حماة. كما كشف زيدان في منشورات أخرى، أنّ اثنين من أقربائه أصيبا خلال المعارك أيضاً، أحدهما في السابعة عشرة من عمره.
من جهته، ينشط مدير مكتب القناة في أفغانستان وابن مدينة دير الزور تيسير علوني، في إجراء لقاءات مع قياديي التنظيم. هو الذي كان اعتُقل في إسبانيا بتهمة التعامل مع القاعدة، وسُجن بين عامي 2005 و2012.
كذلك انفردت «الجزيرة» بإجراء لقاءين مع مؤسس وزعيم «جبهة النصرة» في سوريا أبو محمد الجولاني، الأول أجراه علوني في كانون الأول مع العام 2013، والثاني جاء ضمن برنامج «بلا حدود» مع المذيع المصري أحمد منصور في أيار من العام الحالي. كما انفردت القناة بإجراء لقاء مع طيار سوري مختطف لدى «جبهة النصرة»، إلى جانب نشر صور الجنود اللبنانيين المخطوفين لديها. كذلك انفردت القناة باللقاء مع زعيم ومؤسس «حركة أحرار الشام» حسان عبود في كانون الأول من العام 2013، قبل أن يُقتل.
تجدر الإشارة إلى أنّ الجبهة، كغيرها من فروع «القاعدة»، باتت تعتمد على «مؤسسات» إعلاميّة خاصة تملكها، لتنشر عبرها التسجيلات والإصدارات المرئية خصوصاً عبر «يوتيوب»، ما يجعل من لقاءاتها مع «الجزيرة» محاولةً منها لتوسيع هامش حضورها الإعلامي.
تعتمد القناة في تغطيتها الحرب في سوريا على مراسلين ميدانيين يرافقون مقاتلي القاعدة، إذ تنشر تقارير من داخل مناطق نفوذ التنظيم بالإضافة إلى إفساحها المجال لمقاتلي وقياديي التنظيم للظهور على شاشتها مطولاً. تجدر الإشارة في هذا السياق إلى اللقاء الشهير الذي أجرته مع «أبو مقداد الأنصاري» أحد قياديي التنظيم خلال هجمات الأخير على منطقة وادي الضيف في ريف حماه.
تلجأ القناة الداعمة علناً لجماعة «الإخوان المسلمين» إلى تكريس عدد من المصطلحات، لدى حديثها عن «جبهة النصرة»، والفصائل الأخرى القريبة من «القاعدة»، إذ تحاول دوماً تصويرها كـ «معارضة معتدلة»، بخلاف «وحشيّة داعش». وهو الخطاب نفسه المعتمد في أعمال الجبهة المنشورة على «يوتيوب»، حيث يصرّ مقاتلو التنظيم على إعلان تمايزهم عن جماعة أبو بكر البغدادي.
لذلك، فإنّ حصريّة مواكبة «الجزيرة» للإفراج عن الجنود اللبنانيين المختطفين لدى «جبهة النصرة» ليست إلا حلقة أخرى، تنسجم مع تاريخ القناة ونهجها المتبع منذ سنوات. وليس غريباً إن تابعت القناة الحدث من وجهة نظر «جبهة النصرة» فنقلت لقطات لاحتفالات مسلحي التنظيم بإتمام الصفقة، وانفردت بإجراء لقاء مع سجى الدليمي.

علاء حلبي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...