مشفى الباسل في طرطوس يستغيث:أدوية منتهية الصلاحية وأجهزة معطلة

06-08-2009

مشفى الباسل في طرطوس يستغيث:أدوية منتهية الصلاحية وأجهزة معطلة

البداية باعتراف وزير الصحة د. رضا سعيد قال في حديث إعلامي: «من حيث المبدأ أنا من المعارضين لهذه الهيئات, فإذا عدنا إلى سبب إحداثها نجد أنها من أجل الالتفاف على موضوع المعاش

فقد كانت القناعة من أجل تحسين الأداء في مشافينا العامة يجب تحسين الوضع المادي للعاملين فيها ومادام القانون لا يسمح بذلك فقد تم الاتجاه إلى موضوع الهيئات وبرأيي لم تكن الحل الأمثل لعدة نواح, حيث بقينا ندفع الأموال من الدولة دون تحمل المواطن لأي تكاليف إضافية»، مضيفاً: «لاأنكر حصول التحسن في بعض الهيئات باستثناء مشفى الباسل بطرطوس ومشفى ممدوح أباظة في القنيطرة »..‏‏

لافتاً وزير الصحة أن أكبر خطأ يمكن القيام به هو تحويل مشفى إلى هيئة عامة إذا كان وحيداً في المنطقة الموجودة ضمنها ونعمل حالياً على إعادة النظر في نظام الهيئات العامة لضبطها بشكل أفضل ورفع نسبة المجاني وكذلك السير في موضوع التأمين الصحي ..‏‏

جاء تدخل وزارة الصحة في مرحلة احتضار مشفى الباسل بطرطوس حيث وضعت الحال تحت المجهر ربما بعملية كبيرة ودقيقة وحرجة أيضاً, بعد أن عانى سكان طرطوس ما فيه الكفاية خلال تسع سنوات من غياب أبسط الأولويات عن مشفى رئيسي لاسيما بغياب أي بديل ..‏‏

وبينما المحافظة كانت على وعد مشروع تأهيل المشفى منذ سنوات, إلا أنه تبين وفق ما أكده د.خير الدين السيد مدير صحة طرطوس أن الإضبارة غير موجودة أصلاً بهيئة تخطيط الدولة بهذا الخصوص, مضيفاً أنه أعدت الآن إضبارة جديدة بموافقة وزارة الصحة ..‏‏

وهنا أشار د. محمود رمضان المكلف برئاسة الهيئة أن كل ما يقام الآن ليس إلا ترميماً إسعافياً لا يغني عن الترميم الكامل المنتظر, فالمشفى في الخدمة منذ /1995/ وهو مبني قبل ذلك وكافة البنى التحتية تجاوزت عمرها بكثير ..‏‏

وعند توصيف الوضع الراهن فلا بد بداية من ذكر أن عدة لجان شكلت الآن لدراسة الوضع الحالي للأجهزة والأدوية والخدمات بالإضافة لتحسين أداء الكادر الطبي والتمريضي والإداري .‏‏

وللوقوف على حقيقة الوضع الذي تمر به المشفى سنعرض آخر ما توصلت له هذه اللجان ..‏‏

تبين وفق فحص اللجان لوضع الأجهزة الطبية أنه بالرغم من وجود كادر فني كاف من الناحية النظرية لإصلاح وصيانة كل الأعطال والتعامل معها بشكل آني لكن الأداء غير موجود حتى بالحد الأدنى, وهذا سببه التسيب والفوضى وعدم توزيع الأعمال لحصر المسؤوليات في حال حدوث أي خلل, ونجد بعض الأعطال البسيطة تستمر فترة طويلة وتبقى بدون إصلاح حتى يتم التعاقد مع الشركات الخاصة لإصلاحها وبدون الاعتماد على الكوادر الموجودة والتي يفترض أن تقوم هي بإصلاح الأعطال بشكل فوري .‏‏

فكان بداية العمل بشكل إسعافي لبعض الأجهزة المتوقفة حيث تم إصلاح جهازي التعقيم المركزي وأجهزة التنفس الاصطناعي الخمسة وجهازي أشعة قوسي بالإضافة لتشغيل جهاز تصوير الثدي وجهاز الأشعة النقال, وكذلك تشغيل جهاز التنظير الهضمي وتجهيز الإكسسوارات والقطع اللازمة لتشغيل الحواضن وعددها /9/ وهي قيد التركيب حسب إمكانية القسم لتفريغها وتسليمها للصيانة, وتشمل أعمال الصيانة تجهيز جناح العزل الخاص بمرضى انفلونزا الخنازير وإصلاح براد الموتى, وتركيب جهاز أشعة جديد وتصوير وتنظير وإعادة تجهيز الغرفة, وكذلك إصلاح أجهزة كلية صناعية ..‏‏

بينما جاء تقرير اللجنة من ناحية الأداء الطبي يشير لتراجع الأداء الطبي بشكل ملحوظ جداً, ويلخص الحالة واضعاً اليد على الجرح حيث ورد بالتقرير أن كافة الخبرات الجيدة إما تركت المشفى بالاستيداع أو العزوف عن العمل أما من بقي من الأطباء فدوامه شبه كيفي ولم تنفع كل تقارير الهيئة والرقابة الداخلية في معالجة هذه الفوضى ولم تنفذ توصياتها لضبط دوام الأطباء الذين واظبوا على الدوام لساعة واحدة حتى في حال المناوبة التي كانت تبدأ الساعة الحادية عشر, وفي المحصلة يشير التقرير الأخير أن الأداء الطبي تراجع بشكل مخيف على حد تأكيد د. خير الدين السيد مدير الصحة الذي أشار أن الواقع لا يرضي المراجعين والمرضى الذين اتجهوا للمحافظات الأخرى وأصبحت المشافي الخاصة في المحافظة مكتظة, بالإضافة لانخفاض عدد العمليات داخل المشفى خاصة النوعية منها.‏‏

بتدقيق محضر جرد مستودع الأدوية تبيّن أنه انتهى إلى إتلاف جميع الأدوية المنتهية الفعالية وفق محضر إتلاف أصولي, وتحديد المسؤوليات في وصول كميات كبيرة من الأدوية إلى مرحلة انتهاء الفعالية من خلال تحقيق يتم إجراؤه مع أمناء المستودعات الذين تعاقبوا على العمل, بالإضافة لتحديد المسؤولية في شراء كميات كبيرة وعدم التمكن من استهلاكها ووصولها إلى مرحلة انتهاء الصلاحية, كما تبيّن فقدان الأدوية الإسعافية مع وجود كميات كبيرة من الأدوية الأخرى التي شارفت على الانتهاء ولم يتم استخدامها حيث يوجد /100/ألف عبوة دجوكسين و/300/بخاخ فانتولين للربو في أماكن ليس هناك حاجة لاستخدامها وشارفت على النهاية ..‏‏

تذكر التقارير أنه لا يوجد سرير صالح ولا كرسي ولا مغسلة حتى تواليت, ويضيف في هذا الإطار (حدّث ولا حرج) هكذا تماماً, والأمر ينسحب على الشراشف والمخدات وعلى المريض أن يستقدم معه مخدته وشراشفه وحتى مروحته صيفاً وسخاناً كهربائياً شتاءً بالإضافة إلى أن المصاعد خارج الخدمة أغلب الأوقات والروائح تنتقل عبر الأدراج إلى الطوابق العليا .‏‏

وعليه جرت صيانة لعدد كبير من الأجهزة الخدمية (كهربائية, أثاث, الندوة, الحدائق والساحات، التكييف, المصاعد, المداخل, معمارياً )..‏‏

مدير صحة طرطوس يؤكد أن بعض الأعطال التي كانت تحتاج إلى /15/يوماً لإصلاحها بقيت معطلة لأكثر من سنة, كحال شيدرات التبريد التي كانت تحتاج لصيانة بقيمة /5/آلاف ليرة لم تصرف وبقي نظام التكييف خارج الخدمة .. علماً أن تأهيل الحدائق وتعزيلها احتاج لأكثر من /165/شحنة نقل نفايات وأتربة وبقايا أشجار وردميات ..‏‏

بدوره د.محمود رمضان أشار إلى أن المشفى دون لجان إتلاف منذ أكثر من خمس سنوات, ضارباً مثل أن الأرشيف الورقي فقط بلغ حمولة /7/شاحنات ..‏‏

بالنتيجة يتبيّن أن مشفى الباسل شكل خير مثال وواقع انطلق منه د. رضا سعيد بقوله:«الهيئات برأيي لم تكن الحل الأمثل لعدة نواح, حيث بقينا ندفع الأموال من الدولة دون تحمل المواطن لأي تكاليف إضافية»..‏‏

وبالفعل بقيت إعانات الحكومة السنوية لمشفى الباسل /441/مليون, ولكن إيراداتها لم تتجاوز /8/مليون ليرة . ولم يصدر نظام حوافز أو نظام داخلي للهيئة حتى الآن .‏‏

وهنا أشار مدير صحة طرطوس د.خير الدين السيد:«لا يوجد بمشفى الباسل نظام التفرغ أو الضمان الصحي, وغابت التعليمات التنفيذية للهيئة»، مضيفاً «الهيئات لاتقبل الإسعاف, ولكن الإسعاف الوحيد بطرطوس يوجد بالباسل باعتبار لا مشفى بديل وهو مكلف أكثر من أي قسم آخر, ولكن لا خيار أمام المواطن بطرطوس لعدم وجود مشفى وطني».‏‏

كما وافق د.خير الدين كلام وزير الصحة بضرورة اعتماد التخصص بالنسبة للهيئات ..‏‏

وبالنهاية حول سوء الحالة التي وصلت إليه المشفى, وانطلاق التأهيل والصيانة فيها من قبل مديرية الصحة الجهة غير المسؤولة وفق نظام الهيئة أكد مدير الصحة أن الوضع لم يعد يحتمل الوقت, وكل موضوع ومشكلة بذاتها أحيلت للرقابة الداخلية للصحة بعد أن قامت اللجان بالجرد ..‏‏

خلال الجولة ضمن المشفى كانت عضو مجلس الشعب فهيمة عروس ومنى ضيعة تتجولان بالمشفى أجوبتهما كانت مشابهة, حيث أشارت ا لسيدة فهيمة إلى أن تجربة الهيئة غير ناجحة ولم تلب حاجة المواطنين في طرطوس وهو المشفى الوحيد, السيدة منى ضيعة أضافت: أن نظام الحوافز الذي لم يصدر أثّر على أداء الأطباء وبالتالي المرضى.‏‏

بجولة على العيادات بمشفى الباسل بأقسامه المختلفة, توزع المرضى الذين لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة في كل عيادة على المقاعد الخشبية بانتظار قدوم الأطباء في الساعة الحادية عشر, التقينا بعضهم وأكد أحدهم ان من مر على العيادة مسبقاً قبل المجيء إلى المشفى هو من يدخل مباشرة إلى غرفة الطبيب بينما على الآخرين الانتظار لساعات .‏‏

وبالجولة على الغرف في المشفى ولقاء المرضى أشار البعض إلى أنه يجلب مروحته وبعضهم المخدات والشراشف, كما أكد آخر أن دواء مرضى القلب (كلوبيد، برافاستاتين) وأبرة مرضى الكلية لا تقدم بالمشفى إلا أن الجميع أبدى إعجابه بتحسن النظافة العامة وشكر الأطباء .‏‏

د. محمود رمضان أشار إلى أن الوضع الآن تحسن ولكنه ليس بمستوى الطموح, منوهاً أنه تمت إعادة عدد لا بأس به من الأطباء الأختصائيين الذين تركوا المشفى, كما تم حل جزء كبير من مشكلة التكييف بمشاركة المجتمع المحلي كتقدمة مجانية من متبرعين, كما غطي الإسعاف بالأطباء الأختصائيين /24/ساعة متواصلة .‏‏

وحول شراء الأدوية أكد د.محمود أن ذلك قد يحصل خاصة في بعض الأدوية فالمشفى إسعافي ويقدم الأدوية الإسعافية وبعض الأدوية الأخرى, ولا تستطيع المشفى تأمينها لأن موازنة الأدوية منتهية, الأمر الذي تتطلب الاستعانة بمديرية الصحة لحل الموضوع .‏‏

وبالنسبة للأدوية التي كانت مكدسة بالمشفى دون استخدام والتي تكاد تنتهي مدتها أكد مدير المشفى لايوجد لجنة إتلاف بالهيئة منذ خمس سنوات ..‏‏

أعمال الصيانة والأجهزة الجديدة ليست من تمويل وزارة الصحة التي لم ترصد للمشفى أموالاً باعتبارها ضمن نظام الهيئة وعليه الإصلاحات جميعها تقدمة خيرية لمديرية صحة طرطوس كي يتم تنفيذ ما هو مطلوب ريثما تصدق إضبارة التأهيل من هيئة تخطيط الدولة ..‏‏

من ناحية ثانية ما تزال أبواب مركز جراحة القلب بمشفى الباسل مغلقة على قسم مجهز بأساسات ممتازة بينما الكادر تدرب بشكل كامل وهو اليوم يعمل في مشفى الباسل لجراحة القلب في دمشق بانتظار افتتاح مركز طرطوس في الوقت الذي يعاني فيه مرضى المحافظة من مشكلة النقل الإسعافي إلى مشافي دمشق وحمص أو اللاذقية والتي غالباً ما يذهب ضحيتها مرضى لم يستطيعوا الوصول في الوقت المناسب إلى تلك المشافي، وكل ذلك لعدم رفد مشفى الباسل بطرطوس بالأجهزة اللازمة .‏‏

مشفى عام .. هيئة عامة .. لم تعد التسميات تعني مريضاً أو إعلامياً أو غيره, ولكن ما يعني الجميع هو الخدمة الصحية، وتغيير الحال الذي وصلت إليه مشفى الباسل وإن كان تدخل مديرية صحة طرطوس قرار إسعافي اليوم إلا أنه يجب إيجاد الحل الدائم والفعال وكذلك محاسبة المقصرين الذي يديرون المشفى والذين يأتون ويرحلون دون مساءلة أو محاسبة عن الحال الذي وصلت إليه الأمور بمشفى مركزي ووحيد بمحافظة طرطوس ومن ناحية ثانية ما تزال طرطوس تئن من الحاجة لقسم جراحة القلب الذي أغلقت أبوابه في مشفى الباسل على قاعة مؤهلة وكادر مدرب والجميع ينتظر الفرج والرحمة من الوزارة على الموافقة بإحداثه وتزويده بالأجهزة اللازمة ..‏‏

***‏

أرقــــــام ..‏

< 14 عاماً من العمل المتواصل دون تأهيل ..‏

< 165 شاحنة من النفايات والردميات ..!!‏

< 5 سنوات دون محضر إتلاف..‏

< 5 آلاف قيمة إصلاح بعض الأجهزة المعطلة ..ولم تصرف !!‏

< 1 ساعة مدة مناوبة الأطباء..!!‏

محمد حسين- ربا أحمد

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...