السياحة الدينية: ما بين زيادة عدد السائحين والقلة الاستيعابية للفنادق

14-12-2009

السياحة الدينية: ما بين زيادة عدد السائحين والقلة الاستيعابية للفنادق

لقد أدركت العديد من الدول (منها دول مجاورة) أهمية السياحة ودورها في دعم الاقتصاد الوطني وتحسين مستوى المعيشة حتى انطلق مصطلح صناعة السياحة والذي أصبحت تعمل عليه معظم الدول خاصة تلك التي تحوي مواصفات معينة، مثل الموقع الجغرافي المتميز والمواقع الأثرية وهنا نتساءل: ولا يخفى على أحد أن وزارة السياحة قد استطاعت بالسنوات الماضية أن تتخذ العديد من الإجراءات التي حققت مجموعة من النتائج التي تستحق الذكر إلا أن السياحة لم تعد بسيطة كما هو في السابق بل تعددت أشكالها واختلفت طرقها وأسبابها فبتنا نسمع عن أشكال متعددة من السياحة، مثل الطبية وسياحة المؤتمرات والمعارض وغيرها وبما أن سورية تعتبر من الدول التي تحوي العديد من المواقع المقدسة والدينية والتي تخص الدين الإسلامي والمسيحي على حد سواء لذا نتساءل مجدداً:‏

- أين أصبحت السياحة الدينية في سورية؟‏

- وماذا عن البنى التحتية المخدمة لهذا النوع من السياحة؟‏

وللاطلاع على التفاصيل التقينا بداية المهندس فيصل نجاتي مدير سياحة دمشق والذي تحدث قائلاً:‏

يوجد في دمشق العديد من المواقع الدينية والتي تعتبر أساس السياحة الدينية التي ما زالت مستمرة منذ زمن وتنامت بالإضافة إلى ظهور أشكال جديدة مثل السياحة الصحية والمعارض والتسوق والمؤتمرات ناهيك عن سياحة الاصطياف إلا أن السياحة الدينية تعتبر صاحبة الحظ الأوفر في دمشق وريفها حيث ثمة نوعان من السياحة الدينية (الإسلامية والمسيحية).‏

فيما يتعلق بالسياحة الدينية المسيحية والكلام للمهندس نجاتي: تعتبر دمشق مهمة جداً بالنسبة لتاريخ الديانة المسيحية فهي مرتبطة بشكل مباشر بقصة القديس بولس الذي يعتبر من أهم كبار المضطهدين في القرن الأول الميلادي نتيجة لاعتناقه المسيحية وكما تقول القصة فقد جاء القديس بوليس إلى دمشق ليظهر له نور السيد المسيح واعتنق المسيحية ومن ثم هرب عبر باب كيسان ليبدأ بنشر المسيحية في كل من انطاكيا وأوروبا وصولاً إلى روما، لذا فإن دمشق تعتبر مهداً لانتشار المسيحية في العالم كما يوجد العديد من المواقع الدينية المهمة والتاريخية مثل كنيسة باب كيسان وكنيسة حنانيا ناهيك عن البطركيات الموجودة فيها.‏

وأضاف: وبعد الزيارة التاريخية لباب الفاتيكان لدمشق عام 2002 تم تسليط الضوء بشكل أكبر على المواقع الدينية المسيحية وبالتالي ارتفاع وتيرة السياحة الدينية لهذه المواقع ولم يقف الأمر عند هذا الحد حيث تم إعلان العام الماضي عاماً مقدساً (للقديس بولس) من 28/6/2008 إلى 28/6/2009 حيث استغلت وزارة السياحة هذه المناسبة لتفعيل السياحة الدينية للمواقع المقدسة المسيحية من خلال احتفاليتين ضخمتين، واحدة بالافتتاح وأخرى بالختام في تل كوكب بمنطقة داريا (موقع الرؤية) مع تنظيم العديد من الجولات السياحية، كما تم إصدار كتيبات خاصة تحمل معلومات عن القديس بولس ناهيك عن المشاركة بمعرض الروح في روما ومتحف بريطاني وتم لقاء مجموعة من المؤسسات المعنية بتسيير رحلات للحجاج في أكثر من بلد وأهمها إيطاليا التي تصدر أكبر عدد من الرحلات السياحية الدينية، حيث تقدم هؤلاء بمجموعة من المقترحات والمطالب التي تم تنفيذها وقد أثمر هذا التعاون بدليل النسبة العالية التي سجلتها أعداد الحجاج الذين قدموا لسورية من إيطاليا والتي كانت الأعلى خلال هذا العام.‏

وبالنسبة للسياحة الدينية الإسلامية قال المهندس نجاتي:‏

تتعلق السياحة الدينية الإسلامية بداية بزيارة المقامات والأضرحة وهي متواجدة بشكل رئيسي في دمشق وريفها وتتمثل بزيارة مقامات السيدة زينب والسيدة رقية والسيدة سكينة إضافة إلى مقبرة باب الصغير التي تحوي قبور مجموعة من آل البيت ناهيك عن مقام الصحابي الجليل عمار بن ياسر بالرقة، وأيضاً الجامع الأموي الذي يزار من كل الشرائح الثقافية والدينية خاصة أنه يعتبر رمزاً إسلامياً كما أن فيه مشهد الامام الحسين وقبر السلطان صلاح الدين حيث يأتي أغلب السائحين لهذه المواقع من إيران بحدود 400 ألف سائح سنوياً لذا فقد كان لنا مشوار طويل من التنسيق مع وزارة الحج والزيارة الإيرانية بهذا الخصوص حيث تقدم لنا الجانب الإيراني بمجموعة من المتطلبات والرغبات والملاحظات وبالتالي تم تشكيل لجنة مشتركة على مستوى عال تحوي ممثلين عن (الطيران - الجمارك - الإدارة المحلية - السياحة - الداخلية) لدراسة هذه المطالب وتلبيتها كما تم وضع برامج تنفيذية لتتبع حركة الزائرين من لحظة الوصول حتى المغادرة حيث قمنا بتزويد جميع الجهات المعنية بالمتطلبات لهذه الوفود مع متابعة تنفيذها، وتجدر الإشارة إلى أن الاجتماعات بين الجانبين تتم بشكل دوري.‏

وعند سؤاله عن المعوقات أجاب:‏

سأتحدث أولاً عن المتطلبات التي تقدم بها الجانب الإيراني والتي تتعلق بمطار دمشق الدولي وصالة الركاب واللافتات التي طالب الجانب الإيراني بأن تحتوي على عبارات باللغة الفارسية إضافة إلى تأمين مراكز طبية على النقاط الحدودية، ومن جهة أخرى ثمة متطلبات تتعلق بمقام السيدة زينب الذي يعاني من الضغط الشديد وعدم القدرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من الحجاج ومن جهة أخرى تأمين مياه الشرب والحلول للأزمة المرورية الخانقة، كما أن ثمة متطلبات تتعلق بالإقامة مثل حجز الفندق بشكل كامل مع المطبخ، وبالعودة إلى المعوقات أعتقد أنها تنحصر بضرورة تحسين الخدمات في منطقة السيدة زينب إضافة إلى زيادة الفنادق والشقق الفندقية لتصبح قادرة على استيعاب الكم الكبير من السياح من حين أن باقي المواقع لا تعاني من أي معوقات.‏

وأضاف: ضمن إطار معالجة المعوقات بالنسبة للسياحة الدينية فقد أصدر المجلس الأعلى للسياحة قراراً بضرورة تخصيص ميزانيات إضافية للبلديات التي تحوي مواقع سياحية دينية.‏

وأشار المهندس نجاتي إلى أن عدد الفنادق السياحية في دمشق وخاصة تلك التي تستقبل السائحين للمناطق الدينية ما زال دون مستوى الطموح وفي هذا الإطار ثمة توجه واضح لدعم الاستثمار في هذا الاتجاه حيث صدر قرار لتأهيل الشقق الفندقية المفروشة وهناك مجموعة من المستثمرين الإيرانيين الذين قدموا لسورية لهذا الغرض إلا أن المشكلة تكمن في عدم وجود أراض للاستثمار ولكن الأمر متاح في ريف دمشق وهو متعلق بالتخطيط الاقليمي والسياحي وفيما يتعلق بوزارة السياحة فهي تعدم وتشجع الاستثمار في هذا الجانب من خلال حملات الترويج وتقديم الخدمات السياحية والعمل على زيادة القدرة الاستيعابية الفندقية بكل السويات مما يمكننا على استقبال عدد أكبر من السائحين.‏

وللاطلاع على واقع الفنادق السياحية التي تستقبل أفواج السياحة الدينية التقينا السيدة هيفاء عنبتاوي مدير عام فندق الفارس العربي المجاور للجامع الأموي والتي تحدثت قائلة:‏

لقد شهدت السياحة الدينية في السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً بدليل الأعداد الكبيرة من السائحين التي باتت تزور سورية وخاصة دمشق وريفها على اعتبار أن أغلب المواقع الدينية السياحية متواجدة فيها وأعتقد أنه ثمة دور كبير لوزارة السياحة للوصول لهذه النتائج فهي استطاعت بالآونة الأخيرة أن تهيء بنية صلبة للسياحة الدينية كما قدمت ولا تزال الدعم الكبير للشريحة العاملة في مجال السياحة مثل الفنادق والمطاعم والمنشآت السياحية.‏

وأضافت: لا يزال المجال متاحاً للكثير من المستثمرين للدخول في مجال العمل بالاستثمار السياحي والفندقي حيث ثمة حاجة لعدد أكبر من الفنادق على وجه الخصوص فالموجود حالياً لايتناسب مع الأعداد الكبيرة من السياح التي باتت تزور سورية وأعتقد أن السبب وراء هذا الأمر يتعلق بعوامل لا دخل لوزارة السياحة بها مثل غلاء العقارات وقلة المعروض منها للبيع خاصة في الأماكن المجاورة للأماكن المقدسة والسياحية.‏

وعند سؤالها عن عدم تناسب الخدمات المقدمة في الفنادق مع الأسعار أجابت:‏

لا يمكن تعميم هذا الأمر على جميع الفنادق وخاصة تلك التي تستقبل سائحين دينيين حيث تتمتع هذه الفنادق بمواصفات خاصة مثل الاعتذار عن تقديم المشروبات الكحولية وأن يكون التصميم والفرش يعبر عن الموقع السياحي الديني وهذا ما عملنا على القيام به في فندق الفارس العربي الذي عملنا على توفير كل الإمكانيات لضمان راحة السائح وذلك ضمن أسعار مدروسة ومنطقية.‏

ومن خلال جولة على أحد المواقع الدينية السياحية (الجامع الأموي) التقينا أحد السائحين الذي أشار إلى جمال المكان وقيمته التاريخية ولكن أبدى امتعاضه من ضعف الخدمات مثل قلة النظافة في المرافق والحمامات وأيضاً كثرة المتسولين والبسطات التي ما إن يروا أحد السياح حتى يلاحقوه لطلب المعونة أو إجباره على الشراء بأسعار لا تتناسب مع البضائع التي غالباً ما تكون سيئة جداً.‏

وأكد سائح آخر على قلة الفنادق المجاورة للمواقع الأثرية الدينية والسياحية خاصة تلك المجهزة بشكل جيد حيث ثمة فنادق ولكنها غير مريحة كما أن أسعارها لا تتناسب مع الخدمات المقدمة فيها لكن هذا لا يعني عدم وجود فنادق جيدة فالأمر متفاوت.‏

وقال ثالث: أعتقد أن السياحة الدينية في سورية قد شهدت تقدماً ملحوظاً عن السنوات الماضية حيث ثمة إجراءات اتخذت باتت ملموسة إلا أنه ثمة أمور أخرى بحاجة لمعالجة مثل زيادة عدد الفنادق وتحسين جودة الخدمات المقدمة فيها.‏

باسل معلا

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...