مغترب سوري يعمل على تأسيس جامعة «ماري» للعلوم التقنية بحلب

22-12-2006

مغترب سوري يعمل على تأسيس جامعة «ماري» للعلوم التقنية بحلب

د. موسى كاظم بك حاصل على دكتوراه في الهندسة الكهربائية والالكترونية من بريطاينا مغترب منذ حوالي 25 عاماً تنقل خلالها بين المانيا وامريكا وبريطانيا، عضو في نقابة المهندسين البريطانيين، وسكرتير عام في الجمعية السورية للطاقة الشمسية وسكرتير تحرير مجلة الجمعية ، وعضو لجنة الطاقة الوطنية في نقابة المهندسين السورية.
عاد الى وطنه الأم ليحقق حلمه بانشاء جامعة خاصة على مستوى عالٍ تمنح شهادة معترف بها دولياً وتهتم باستعادة الادمغة العربية للاستفادة منها من خلال التعاقد مع اساتذة عرب مغتربين ليكونوا اساتذة زائرين للجامعة ويؤكد ان الحلم سيكون خلال السنوات القادمة واقعاً يهنىء به كل طالب علم سوري.
عن تجربته الاغترابية وتصوراته للجامعة التي يتمنى انشاءها ورؤيته لسبل التواصل والتعاون مع العقول العربية المهاجرة وكيفية الاستفادة منها يقول د. كاظم بك:
سافرت الى مصر وعمري 20 سنة وحصلت منها على شهادة الهندسة الكهربائية بعدها سافرت الى بريطانيا لنيل شهادة الماجستير وكانت هذه الخطوة الأولى في نجاحي ولفت الانظار الى الامكانيات العلمية المميزة للسوريين حيث نلت الماجستير بدرجة امتياز وعنونت الصحف البريطانية في ذلك الوقت ان طالباً سورياً يحصل على المركز الأول في الماجستير في جامعة بريطانية.
بعد ذلك نلت شهادة الدكتوراه من جامعة بريطانية اخرى بدرجة امتياز أيضاً، وبعد عدة سنوات اقمت في الولايات المتحدة وقدمت عدة أبحاث هامة في مؤتمرات دولية (أكثر من 30 بحثاً)، تتعلق بالقيادة الكهربائية والالكترونية الصناعية والسيارات الحديثة المتطورة الكهربائية الشمسية، وتحويل الطاقة الشمسية الى طاقة كهربائية وغيرها الكثير من الابحاث التي ساهمت من خلالها في التواصل لاكتشافات علمية هامة تبنتها المؤسسات العلمية هناك، وخلال سنوات الغربة الـ25 كنت أطالب بتقديم خبراتي في مجال العلوم والهندسة في العديد من جامعات امريكا والمانيا وبريطانيا، وذلك بصفة استاذ زائر، اضافة لنشر الدراسات والابحاث التي اعدها بالمنشورات الغربية المختصة.
اليوم أطمح لتقديم خبراتي لأهل بلدي مع الاستعانة بخبرات زملائي الاساتذة المغتربين من خلال انشاء جامعة خاصة اسميتها (ماري) في مدينة حلب، وقد تم الاتفاق مع جامعات اوروبية عديدة على التعاون من خلال تقديم برامج ومناهج متطورة تخدم سوق العمل واحتياجاته، بحيث تكون الشهادة دولية وتوازي الشهادة التي ينالها الطالب من جامعات غربية متقدمة، والمناهج ستدرس باللغة العربية التي لا يجوز أبداً الاستغناء عن التدريس بها لانها لغتنا الأم، ولكن ستدخل اللغة الانكليزية في بعض المناهج والمراجع والمحاضرات التي يقدمها أساتذة أجانب زائرين.
حيث ستضم الجامعة أساتذة سوريين محليين ومغتربين بغية تشجيعهم على المجيء الى سورية وتقديم خبراتهم لأهلهم، كما ستضم أساتذة أجانب زائرين مختصين بعلوم متطورة والبداية ستكون مع جامعة تعنى بالعلوم التكنولوجية لتتوسع فيما بعد وفي مراحل لاحقة لتشمل العلوم الطبيعية أيضاً.
وهذه الخطوة أصبحت على وشك التطبيق بهدف التسهيلات والتشجيع الذي تقدمه سورية لا سيما القوانين الاخيرة المتعلقة بالجامعات الخاصة، وهي تجد قبولاً من قبل المعنيين والطلاب السوريين اضافةً للحماس الكبير لدى الدكاتره المغتربين الذين أعجبوا بالفكرة وارادوا التعاون والتواصل مع بلدهم عبر مجيئهم كأساتذة زائرين لفترات محدودة سنوياً، وهذه هي احدى اهداف الجامعة: عودة الادمغة والعقول السورية لبلدها للمساهمة في عملية التطوير والتحديث وتدريب الكوادر الموجودة من خلال نقل العلوم والتكنولوجيا الى مختبراتهم، ولعل هذه الجامعة لا تسعى للربح المادي إلا بالقدر الذي يسمح لها بالاستمرار في هدفها الذي هو رفع السوية العلمية للمناهج والدارسين، من خلال مكان متكامل مبني على الطراز الغربي يضم مطاعم وكافتريات ومحلات تجارية اضافةً للسكن الطلابي وسكن الاساتذة ومدرجات مفتوحة وملاعب.. إضافةً للمختبرات الحديثة المختصة بتطوير البحوث ونقل التكنولوجيا التي تتصل باحتياجات سوق العمل لدينا، وهنا أريد ان أوضح ان 80٪ من البحوث الامريكية التي تقام في الجامعات تكون على حساب الشركات الخاصة ومعظم الاساتذة مستشارين علميين وبحثيين في المصانع والشركات الخاصة وهذا يقدم الفائدة المادية والعلمية المشتركة للجامعة والشركات والمصانع الخاصة على حد سواء.
لذلك سأنقل هذه التجربة الى سورية، وسأسعى لتدريب الكوادر الطلابية في المصانع والمؤسسات الخاصة بحيث نضمن عملهم بعد التخرج، هذا هو توجهي المستقبلي وطموحي الخاص بالجامعة.
* وحول مضمون بحثه الاخير المتعلق بالعقول العربية المهاجرة ودورها في تنمية الوطن يقول د. موسى: هجرة العقول قضية معقدة تهم المجتمعات  المتقدمة والاقل تقدماً على حد سواء فالاقتصاد العالمي يرتكز على عنصر المنافسة على الكفاءات البشرية قبل المنافسة على البضائع والخدمات..
- ولعل أهم اسباب عدم عودة الموفدين لنيل شهادات تخصصية للوطن الأم هي افتقار الدول الموفدة للبنية التحتية الضرورية للقيام بالبحث العلمي وافتقار التقدير للجهد والموهبة في كثير من المؤسسات المتصلة بالتعليم والبحث العلمي، والأهم افتقار الدول الموفدة التي لا تسترد مبعوثيها عن خلق مناخ عام يحتضن توجهاً مستنيراً نحو بناء قاعدة علمية بحثية واعداد برنامج واضح، قابل للتنفيذ يستهدف تطوير مراحل التعليم قبل الجامعي والجامعي وتوفير الاعتمادات المالية الضرورية لدعم الباحثين، وانشاء وتجهيز المختبرات، إضافةً للحوافز المادية المشجعة في المهجر.
- وهذه الهجرة يترتب عليها من وجهة نظري ثلاث نتائج اساسية سيئة: نقص مؤثر في الكوادر العلمية المؤهلة لقيادة برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الوطن الأم ونتيجة لذلك يحصل تأخير في تنفيذ هذه البرامج وبالتالي تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وقد أفاد تقرير رسمي بأن القارة الافريقية قد خسرت بالهجرة ثلث قوة العمل الماهرة والمدربة من أبنائها في العقود الماضية، وتقدر الخسارة المترتبة على فقدان مشاركات واسهامات هذه القوة في تنفيذ خطط التنمية بمليارات الدولارات الامريكية سنوياً، بالاضافة الى خسائر اخرى متمثلة في تدهور كثير من الانظمة البيئية والموارد الطبيعية نتيجة غياب الخبرة اللازمة لادارتها.
وثانياً: هناك خسارة اخرى هي قيمة ما أنفق في تعليم وتدريب الكوادر العلمية والفنية التي غادرت اوطانها بلا عودة، حيث اشار تقرير دولي عن التنمية صدر عام 2001 ان الاقتصاد القومي الهندي يخسر ملياري دولار امريكي سنوياً نتيجة هجرة الخبراء الهنود في مجال واحد فقط، هو تكنولوجيا المعلومات، الى الولايات المتحدة الامريكية وغيرها من الدول المتقدمة، وأما النتيجة الثالثة فهي عجز المؤسسات التعليمية الجامعية ومراكز البحث العلمي على تبني برامج مستقبلية للتطوير والتحديث.
والجدير بالذكر ان النجاح الامريكي في القرن الماضي قد تأسس أصلاً على التدفق الهائل للمهاجرين ذوي الخبرات والمواهب الجيدة، والتي تعتبر القوى الحقيقية المحركة لعجلة الاقتصاد، وحسب ارقام مكتب الاحصاء الامريكي فقد هاجر الى الولايات المتحدة الامريكية ما يزيد عن (11) مليون مهاجر والدول العربية حسب تقرير منظمة العمل العربية خسرت حوالي (200) مليار دولار هذا وقدر الباحثون هجرة الاطباء والمهندسين والعلماء العرب فقط الى اوروبا الغربية والولايات المتحدة وصلت حتى عام 1976 الى حوالي (116.000) مهاجر.
والخطير في موضوع الهجرة أنها تصيب العناصر الاكثر استعداداً من الاجيال الفتية من كفاءات البلدان المتخلفة خاصةً اولئك الذين هم الاقدر بتطوير أنفسهم ويمكن لهم ان ينتظموا في مناهج تعليمية متطورة تقربهم مهنياً وثقافياً من البلدان الغربية المصنعة، وهذا يعني ان التطور المرتقب قد سلب مجتمع الكفاءات في البلدان العربية الأكثر شريحة حيوية، مما يترتب عليه نقص متزايد في انتاج المعرفة واكتسابها في المستقبل والمساهمة في عملية التطوير والتحديث في الوطن الأم، كما ان نقص الكفاءات العربية يؤدي ببلدان العالم العربي الى استقدام كفاءات أجنبية لدعم النشاط الاقتصادي مما يترتب عليه تكلفة مادية واجتماعية كبيرة.
ويختم د. موسى كاظم بك:
لا شك ان الهجرة واقع قائم إلا ان التواصل مع علمائنا العرب هو المهم وهذا ليس صعباً أومستحيلاً كل ما علينا ان نمد لهم جسور التواصل ونشجعهم ليشاركوا في تطوير وتحديث وطنهم الأم حتى لا نفقد هؤلاء العلماء ولعل هذا ما تقوم به حالياً وزارة المغتربين في سورية التي تهتم بشؤون المغتربين السوريين ومنهم العلماء وتقدم لهم التسهيلات لتشجيعهم على التواصل والاستثمار في بلدهم لقناعتها بأن الوطن بحاجة لهذه الادمغة والاموال للاسهام والمشاركة في التنمية الشاملة.

ليزا الياس

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...