مشروع الشراكة الشرقية وإعادة بناء مشروع الاتحاد من أجل المتوسط

20-11-2010

مشروع الشراكة الشرقية وإعادة بناء مشروع الاتحاد من أجل المتوسط

الجمل: تتحدث الأوساط الدبلوماسية عن مساعي حثيثة تقوم بها المفوضية الأوروبية لجهة تفعيل ما أطلق عليه الخبراء تسمية «الشراكة الشرقية»: فما هي هذه الشراكة الشرقية؟ وما علاقتها بالفعاليات الإقليمية الأخرى وعلى وجه الخصوص مشروع الاتحاد من أجل المتوسط ومشروع البُعد الشمالي؟
* مشروع الشراكة الشرقية: ماذا تقول المعلومات؟
تقول التقارير بأن الاتحاد الأوروبي يسعى حالياً إلى تفعيل الشراكة الشرقية التي سبق أن تم إطلاق مشروعها في يوم 26 أيار (مايو) 2008م، وتم تدشينها في احتفال رسمي يوم 7 أيار (مايو) 2009م، وأعقب ذلك عقد اجتماع رسمي لأطراف هذه الشراكة في العاصمة البلجيكية بروكسل في 8 كانون الأول (ديسمبر) 2009م.دول الاتحاد الأوروبي ودول الشراكة الشرقية الأوروبية
الأعضاء المؤسسين لهذه الشراكة هم: أرمينيا، أذربيجان، بيلاروسيا، جورجيا، مولدافيا، أوكرانيا والاتحاد الأوروبي.
أشارات التقارير والتحليلات إلى أن الاتحاد الأوروبي قد سعى إلى التفاهم مع العديد من دول شرق أوروبا السابقة لجهة تجميعها وضمها في مشروع الشراكة الشرقية، وتقول المعلومات بأن الدول التي تحفظت إزاء الانضمام لهذه الشراكة هي: جمهورية التشيك، بلغاريا ورومانيا وذلك لجهة إدراك هذه الدول الثلاثة إلى أن الدخول في مشروع الشراكة الشرقية سوف يؤدي إلى تقويض جهود لبناء وتعزيز مشروعين إقليميين هامين بالنسبة لها وهما:
•    مشروع منتدى البحر الأسود من أجل الشراكة والحوار.
•    منظمة التعاون الاقتصادي في منطقة البحر الأسود.
سعت أطراف مشروع الشراكة الشرقية إلى التأكيد على ضرورة إطلاق التعاون المشترك في مجالات: حقوق الإنسان - حكم القانون إضافة إلى ترقية الديمقراطية وتعزيز فعاليات اقتصاد السوق الحر.
* إستراتيجية الترتيبات الإقليمية الأوروبية الجديدة: إلى أين؟
تشير تطورات الوقائع الجارية إلى أن الاتحاد الأوروبي ظل أكثر انهماكاً لجهة النظر في كيفية التوفيق بين خيارين هما:
-    خيار تمديد نفوذ الاتحاد الأوروبي في مناطق الجوار الإقليمي بما يؤدي إلى تعزيز قدرات ومكانة الاتحاد الأوروبي إضافةً إلى ضمان عدم وقوع مناطق الجوار الأوروبي في نفوذ القوى الإقليمية والدولية الأخرى.
-    خيار تفادي توسيع الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن المزيد من الخلافات الأوروبية-الأوروبية قد برزت بشكل متزايد بسبب تصاعد النزعة القومية الأوروبية الرافضة لانضمام المزيد من الدول الأخرى لعضوية الاتحاد الأوروبي.
تقول التحليلات والدراسات، بأن خبراء الاتحاد الأوروبي قد توصلوا إلى إمكانية الجمع بين مزايا الخيارين، ضمن مفهوم بناء الشراكة، وفي هذا الخصوص فقد سعت المفوضية الأوروبية إلى بناء الشراكات الآتية:
•    مشروع الاتحاد من أجل المتوسط: ويهدف إلى تعميق روابط الاتحاد الأوروبي مع دول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط بما يتيح للأوروبيين درء المخاطر المتعلقة بملف الهجرة غير الشرعية، إضافة الى التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب، وتأمين التجارة مع هذه الدول.
•    مشروع البعد الشمالي: ويهدف إلى تعميق روابط الاتحاد الأوروبي مع دول البلطيق وروسيا إضافة إلى فنلندا وأيسلندا والنرويج وذلك بما يتيح للاتحاد الأوروبي درء المخاطر المتعلقة باحتمالات تكتل هذه الدول مع روسيا، إضافة إلى تأمين حصول الاتحاد الأوروبي على الموارد النفطية والمعدنية القادمة من هذه الدول.
•    مشروع الشراكة الشرقية: ويهدف إلى تعميق روابط الاتحاد الأوروبي مع دول شمال حوض البحر الأبيض المتوسط باعتبارها منطقة للنفوذ الأوروبي الغربي التقليدي.
جهود المفوضية الأوروبية لجهة تفعيل هذه المشروعات سوف تزداد خلال الفترة القادمة، وذلك بسبب تزايد نفوذ وقوى وأحزاب يمين الوسط الأوروبية ذات التوجهات القومية-الاجتماعية، إضافةً إلى ضغوط قوى وأحزاب يمين الوسط والتي ضاقت ذرعاً بمشروعات توسيع الاتحاد الأوروبي.
* سياسة الجوار الأوروبي: الشراكة أم الدبلوماسية الخبيثة؟
أطلق الاتحاد الأوروبي سياسة الجوار الأوروبي وذلك على أساس اعتبارات أنها تهدف إلى ترقية وتطوير علاقات الاتحاد الأوروبي مع الدول المجاورة له، ومن المفارقات المثيرة للاهتمام أن الدول التي تم اعتباراها جارةً للاتحاد الأوروبي تضمنت دولاً بعيدةً كل البعد عن الاتحاد الأوروبي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: سورينام التي تقع في قارة أمريكا اللاتينية وغوادلوب التي تقع في جزر الكاريبي، وكما هو واضح، فإن هذه الدول ما تزال تحت الاستعمار الأوروبي، وبالتالي، فإن التفسير الحقيقي لذلك يتمثل في أن الاتحاد الأوروبي ما يزال حتى الآن أكثر تشبثاً باستعمار الدول الأخرى، وهذه الدول تم استعمارها بواسطة بعض الدول الأوروبية وفقاً لنظام الوصاية الذي تم إقراره بواسطة عصبة الأمم، وكان من المفترض أن تقوم القوى الأوروبية بالانسحاب ومنح هذه البلدان استقلالها، ولكنها لم تفعل ذلك. والآن، وبقيام مفوضية الاتحاد الأوروبي بإضافة وإدراج هذه المستعمرات ضمن سياسة الجوار الأوروبي، فإنها تكون قد أضفت قدراً من الشرعية لاستمرار الاستعمار.
أشارت العديد من التسريبات إلى أن ملف مشروع الشراكة الشرقية يتم الآن تفعيله من أجل هدف معلن يتمثل في التعاون وتعزيز الروابط وما شابه ذلك، وهدف غير معلن يتضمن قدراً كبيراً من الغايات والتي من أبرزها:
•    استقطاب دول الجوار التركي (جورجيا، أرمينيا، أذربيجان) إلى مشروع الشراكة الشرقية بما يؤدي عملياً إلى إبعاد هذه الدول عن تركيا.
•    الضغط على تركيا لاحقاً لجهة إما خيار الانضمام لمشروع الشراكة الشرقية أو خيار البقاء معزولة في منطقة القوقاز الجنوبي.
هذا، وتقول المعلومات والتسريبات بأن ملف الشراكة الشرقية يتضمن العديد من الملفات والتي يأتي في مقدمتها تعزيز مشروعات نقل النفط والغاز القادمة من آسيا الوسطى عبر أذربيجان ثم عبر جورجيا ثم مباشرةً إلى بقية دول شرق أوروبا السابقة بما يتيح عملياً إبعاد تركيا عن القيام بدور الممر الرئيسي لإمدادات النفط والغاز من آسيا الوسطى.
وإضافةً لذلك، تقول المعلومات بأن ضم تركيا لمشروع الشراكة الشرقية سوف يمثل الخطوة الأولى الرئيسية لجهة القيام بتطويع تركيا وإعادتها إلى دائرة النفوذ الغربي-الأوروبي، فأمريكا ترى بضرورة تشديد الضغوط خلال الفترة القادمة لجهة ترويض تركيا، أما وجهة النظر الأوروبية فترى بضرورة السعي لضم تركيا ضمن مشروع الشراكة الشرقية باعتباره النطاق الملائم لجهة القيام بإعادة ترويض تركيا، وذلك على أساس اعتبارات أن المشكلة ليست هي حزب العدالة والتنمية، وإنما هي تزايد توجهات الرأي العام التركي الداعمة للمواقف الإسلامية والشرق أوسطية.
أشارت المعلومات، إلى أن عملية ضم تركيا لمشروع الشراكة الشرقية سوف تتم عبر مراحل أولها إكمال عملية استقطاب أرمينيا-جورجيا-أذربيجان إلى الشراكة الشرقية، ثم بعد ذلك الضغط على تركيا، أو بالأحرى، سوف تجد أنقرا نفسها مضطرة إلى اللحاق بركب الشراكة الشرقية والتي سوف تكون بمثابة الوسيلة الأساسية لإبعاد تركيا عن توجهاتها الإسلامية والشرق أوسطية وعندها سوف تبتعد تركيا تلقائياً عن سوريا وإيران بما سوف يؤدي بالضرورة إلى تحسين روابط تركيا مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...