عملية «درع الفرات».. هكذا فاجأت أنقرة واشنطن

31-08-2016

عملية «درع الفرات».. هكذا فاجأت أنقرة واشنطن

كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن واشنطن تفاجأت بعملية «درع الفرات» التي بدأتها أنقرة في جرابلس في 24 آب الحالي، خصوصاً أن الإدارة الأميركية كانت تقود جهوداً خلف الكواليس من أجل انسحاب القوات الكردية السورية من المنطقة، إضافة إلى أنها كانت لا تزال تنظر في طلب قدّمته تركيا لمُشاركة قوات أميركية خاصّة في هذه العملية.
وأشارت الصحيفة إلى أن التصريحات العلنية للجانبين حول العملية لا تُعبّر عن حقيقة ما يجري خلف الكواليس حيث توقّف التنسيق بين أعلى المستويات في البلدين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن «البيت الأبيض كان بصدد النظر في خطّة سرّية لانضمام القوات الأميركية الخاصّة إلى الأتراك في الهجوم الذي بدأ في شمال سوريا، لكن أنقرة أقدمت على خطوتها من دون إعطاء إنذار مسبق لواشنطن»، مضيفين أن القرار التركي «قوّض جهوداً أميركية خلف الكواليس لسحب العناصر الكردية السورية المُتنافسة من منطقة الصراع أولاً».
في ربيع العام 2015، بدأت المحادثات بين الأميركيين والأتراك حول عملية مُشتركة داخل الأراضي السورية. وقرّر الطرفان استخدام القوّة الجوية والقصف المدفعي لدعم آلاف المُقاتلين السوريين الذين يُمكنهم التحرّك على امتداد 60 ميلاً على الحدود التركية ـ السورية. وسمّت أنقرة حركة «أحرار الشام» للقيام بالعملية البرية، إلا أن واشنطن رفضت الأمر على اعتبار أن هذه الكتائب متطرّفة.
وما لبث أن تراجع الطرفان عن العملية بعدما شكّك قادة «البنتاغون» وضباط أتراك بقدرة أنقرة على حشد العدد الكافي من المُقاتلين للقيام بالعملية.
في آذار الماضي، عادت العملية إلى الواجهة بعدما قدّمت تركيا لائحة بأسماء 1800 مُقاتل سوري لقيادة العملية. وبعد لقاء اردوغان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 9 آب الحالي، أرسلت أنقرة وفداً عسكرياً رفيع المستوى إلى موسكو لبحث عملية «درع الفرات»، حيث اشترط الطرف الروسي عدم توغّل القوات التركية داخل الأراضي السورية والالتزام بالتحرّك على طول الحدود، في مقابل عدم استهدافهم من قبل الطائرات الروسية.
وبدأت الدوافع التركية لشنّ العملية تزداد يوماً بعد يوم، وخصوصاً مع سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» المدعومة من واشنطن على منبج، وتقدّمهم نحو الحدود التركية، على الرغم من الدعوات التركية والأميركية للتراجع.
في 20 آب الحالي، وجدت تركيا سبباً مُلحّاً لبدء هجومها في أعقاب التفجير الانتحاري الذي استهدف حفل زفاف في غازي عنتاب. وقال مسؤولون أتراك وأميركيون للصحيفة إن الجيش التركي «أراد أن يبدو حاسماً وأن يظهر الولاء لأردوغان بعد محاولة الانقلاب» في 15 تموز الماضي.
وضع الأتراك نظراءهم الأميركيين المُوجودين في أنقرة في أجواء خططهم في شمال سوريا، وطلبوا منهم مُشاركة قوات أميركية خاصة لدخول جرابلس.
دعم عدد من قادة «البنتاغون» الخطة التركية التي تتطلّب الاستعانة بحوالي 40 فرقة «كوماندوس» أميركية. لكنّ البيت الأبيض حذّر من الانخراط في أي عملية عسكرية وإرسال قوات عسكرية إلى سوريا قبل الحصول على إجابات مُحدّدة من البنتاغون من بينها كيفية حماية القوات العسكرية الخاصّة في ظلّ وجود مقاتلين على صلة بتنظيم القاعدة في المنطقة؟
 واعتبر مسؤولون عسكريون أن قلق البيت الأبيض كان بمثابة رفض للخطة المُقترحة، لأن الإدارة الأميركية كانت على علم بأن الاتراك كانوا على عجلة للتحرّك. عندها طلب «البنتاغون» من أنقرة الاستمهال وإعطاء المزيد من الوقت للمداولات الأميركية، بينما سعى مسؤولون أميركيون إلى محاولة دفع القوات الكردية للانسحاب من المنطقة التي تُزمع أنقرة الدخول اليها.
وفي ليل 23 آب، أعلن البيت الأبيض استعداده لعقد اجتماع للنظر في إرسال القوات العسكرية الأميركية لدعم نظيرتها التركية، إلاّ أن الأميركيين تفاجأوا بالهجوم التركي على جرابلس من دون سابق إنذار.
وعلى عكس ما تمّ الترويج له على أنه عملية عسكرية مشتركة مع «التحالف الدولي» بقيادة واشنطن، شنّت تركيا الضربة الجوية الأولى على جرابلس وحدها من المجال الجوي التركي لا السوري، بينما استخدم قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي جوزيف فوتيل صلاحياته من أجل توفير دعم جوي محدود للأتراك عبر الطائرات من دون طيار.
ولعبت القوات العسكرية الأميركية الخاصّة دور المراقب من الأراضي التركية المُطلّة على جرابلس، لإدارة الضربات الجوية الأميركية التي ظلّ تأثيرها محدوداً بسبب بُعد المسافة.
ومع انتهاء عملية «درع الفرات» بهذه السرعة وانسحاب تنظيم «داعش» خلال ساعات من بدء الهجوم، اعتبر مسؤولون أتراك أن واشنطن أخطأت في تشكيكها بقدرات أنقرة العسكرية، بينما اعترف مسؤولون أميركيون بسوء تقديرهم لقدرة «داعش» على السيطرة على المنطقة، لكنّهم، في الوقت نفسه، أبدوا قلقهم من ازدياد تورّط أنقرة، الحليف في «حلف شمال الأطلسي» (الناتو)، في سوريا.



إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...