سورية الأسد أو سورية السلفيين

11-11-2012

سورية الأسد أو سورية السلفيين

الجمل- إسماعيل سلامي- ترجمة رندة القاسم: في مقابلة نادرة مع تلفزيون روسيا اليوم ، وضح الرئيس بشار الأسد بقوة موقفه في الأزمة السورية الحالية التي خلقها الغرب و بعض دول المنطقة المتضمنة السعودية و تركيا و قطر و حذرهم من النتائج الكارثية لأي تدخل أجنبي في سورية فقال: "لا أعتقد أن الغرب سيتدخل، و لكن إن فعلوا، ما من أحد يستطيع أن يقول ما سيحدث بعد ذلك. أعتقد أن ثمن الغزو الأجنبي في حال حدوثه سيكون أكبر مما يستطيع العالم بأسره تحمله".
و حذر الأسد أن النتائج الشبيهة بلعبة الدومينو لأي هجوم عسكري على سورية ستؤثر على المنطقة الممتدة من الأطلسي إلى الهادي و سيشمل الأمر بقية العالم. و الأسد مدرك تماما لما يخطط له الغرب و حلفاؤه العرب و أي نوع من السيناريو يضعون لكي يتبعوه في بلده.
امتدت الأزمة السورية أشهرا كثيرة و مازالت مستمرة، و قتل أعداد كبيرة تتضمن مدنيين، و الجهود التخريبية للغرب و التمويل المالي للمتمردين من قبل دول المنطقة لم تجني بعد أي ثمار مهما كانت لمساعدة هذه القوى المعادية على تحقيق أهدافها في سورية.
كان هناك افتراض أولي بأن الرئيس الأسد سيدرك سريعا أن الهروب هو الحل الأكثر حكمة. و لكن، هذه التكهنات لم تتعدى كونها فكرة سخيفة.و بفضل إيران و الصين و روسيا، وقفت سورية بثبات  و وصفة الغرب المتعلقة بالانتقال السلمي للسلطة لم تتجسد على أرض الواقع.
و بشكل غير متوقع إطلاقا، انهارت الخطط المتعلقة  بالمعارضة السورية في مؤتمر الدوحة. فالمبادرة التي دعمها الغرب بشراسة لأجل تشكيل معارضة سورية موحدة ذهبت عمليا هباء الريح ليلة الأربعاء مع انسحاب حركات معارضة أساسية من داخل سورية. إذ كان من المقرر أن تلتقي مجموعات المعارضة في الدوحة، عاصمة قطر يوم الخميس لتعيين قيادة جديدة قوية، و لكن فجأة قررت ثلاث مجموعات منشقة عدم حضور الاجتماع. و قال مصدر دبلوماسي غربي في الدوحة :"يوجد كثيرون ضد نجاح هذه المبادرة"
و لا حاجة للقول أن فشل الخطة كان صفعة مهينة لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي أعلنت عنها فجأة و كذلك للبريطانيين الداعمين بقوة لهذه المبادرة.و يبدو بأن الغرب و حلفاءه في المنطقة غير قادرين على بناء جبهة موحدة ضد حكومة بشار الأسد.
إضافة إلى جهود الغرب و حلفائه الساعية للسيطرة على سورية، هناك خطر رهيب آخر يهدد البلد بدرجة لا يمكن تصورها، و هو تدفق الجهاديين السلفيين إليها. ففي شباط الماضي، حث زعيم القاعدة أيمن الظواهري، و يقال أنه في الأردن، أتباعه في العراق و الأردن و لبنان وتركيا للنهوض و مساندة ما أسماهم "أخوانهم في سورية". أما محمد الطحاوي، و هو شخصية قيادية في حركة الجهاد السلفي في الأردن،فقد قال لل BBC :"الجهاد في سورية فرض على كل مسلم قادر لأجل مساعدة أخوانهم هناك".
و الحقيقة هي أن الجهاديين السلفيين المرتبطين بالقاعدة تجمعوا بالفعل في سورية و يقاتلون ضد حكومة بشار الأسد، فمن بين المقتولين، تم التعرف على أشخاص ينتمون إلى مجموعات سلفية. و الخطة الواسعة هي تحويل سورية إلى ملاذ آمن للسلفيين المسؤولين عن موت جنود و مدنيين سوريين. و مؤخرا أظهرت أفلام فيديو مرعبة تم تداولها على شبكة الانترنيت جهاديين سلفيين يقومون بقطع رؤوس جنود و مدنيين سوريين بدم بارد.
و بين قوسين، ضرب العنق هو طقس أكثر منه طريقة قتل في الحرب. فالعملية تحمل معنى رمزي، إذ أن الضحية تنزل إلى مرتبة البهيمة و لذا يجب أن تعامل بنفس الطريقة. و علاوة على ذلك، يخلق هذا التصرف الوحشي جوا من الرعب و الاهتياج لدى المشاهد و يروي العطش الوحشي داخل القاتل. أما من وجهة النظر المتعلقة بعلم الإنسان، فان معظم المجتمعات تبجل الرأس كمركز للحكمة و الإدراك و تعتقد أنه يجب أن يبقى متصلا بالجسد لكي تستطيع الروح الانتقال إلى العالم الآخر،و من دونه ستبقى الروح هائمة بقلق، و بناء على هذا الاعتقاد، فان ضرب العنق يمكن أن يتضمن عدم حصول الضحية على السلام لأن روحها  ستبقى في تيه لا ينتهي.
و في المحصلة، ظهرت الفظاعات في طرق مختلفة رهيبة من جهة المتمردين في سورية. فقبل أسبوع، شجبت منظمات إنسانية صور فيديو لمتمردين يقتلون جنودا سوريين أسرى بعد أن اعتدوا على حاجز للجيش قرب سراقب على طريق اوتستراد استراتيجي يربط دمشق و اللاذقية و حلب.و قالت منظمة العفو الدولية:"هذا المقطع الصادم يصور جريمة حرب، و يدل على استخفاف مطلق بالقانون الإنساني الدولي من قبل المجموعة المسلحة التي نحن بصدد الحديث عنها".
و قال روبيرت كولفيل، المتحدث باسم نافي بيلاي مسؤول حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بأن هذا يعتبر جريمة حرب و الفيديو الذي يظهر جنودا يدفعون نحو الأرض و يضربون بالأرجل قبل إطلاق النار عليهم هو الدليل على هذا.
مهما كانت الظروف، فان سورية بدون الأسد تعني دولة بيد الجهاديين الإسلاميين الذين سيحولوها بلا شك إلى مقبرة للعلويين و السنة المعتدلين و ارض خصبة للإرهاب و التطرف في المنطقة. و لا داعي للقول أن منطقة الشرق الأوسط بأسرها تتعرض بشكل نظامي و عن قصد لافتراس الإرهاب الممول و المدعوم من واشنطن و بعض الحكومات العربية. 
و حتى بدون أي تدخل أجنبي و ما يتبعه من آثار متلاحقة على  المنطقة و على العالم كما يتوقع الرئيس بشار الأسد، فان سورية تتآكل من الداخل و الخارج من قبل قوى مختلفة تتحرك رغم التصدعات في إيديولوجياتها ولكن لكل منها أجندة خاصة.
الصراع في سورية بدأ منذ زمن طويل و الخطر القريب يكمن في تورط المنطقة بأسرها في هذا الشجار الدموي.


*بقلم إسماعيل سلامي و هو صحفي إيراني و محلل سياسي و رئيس تحرير موقع Press TV
عن موقع Dissident Voice

الجمل- قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...