ريمون بطرس وعبق دمشق في "ملامح دمشقية"

04-06-2009

ريمون بطرس وعبق دمشق في "ملامح دمشقية"

في بيتٍ عربيٍّ دمشقي( دار الفنون ) تمَّت استعادة الذكريات والأحداث التاريخية، خضنا مع دمشق جدل سنوات عدة مضت، ودمشق مازالت تلك الزهرة المتفتحة التي تنشر عبيرها على مرِّ الأيام.. دمشق عطر العطور والياسمين..
الحكايات والذكريات، تغوص في ثنائية عشقٍ على ضفاف بردى وصخور قاسيون وسماء المدينة التاريخية التي تقف في كل يوم بيتَ سرٍ لكلِّ ملتجئ، وفضاءً واسعاً لكلِّ طالبٍ للحياة.. دمشق مهد الحضارات في فيلم وثائقي درامي رومانتيكي يحاكي جمالية المدينة وعظمتها التاريخية..

استطاع المخرج ريمون بطرس، كاتب المادة الدرامية الوثائقية، عبر دراسات وقراءات عديدة، أن يعطي مدينة دمشق حقَّها، من خلال عدسة كاميرته السينمائية وتنقلاتها الكثيرة بين أرجاء المدينة المعروفة، والتي تدعوك كلَّ يومٍ إلى اكتشاف جديدها.. هكذا هي دمشق؛ متجدِّدة في كلِّ يوم، تمنح ياسمينها بلا مقابل.. أما تاريخها، فيشهد الكثير من الأحداث، منذ وضع حجر الأساس فيها عام 2400ق.م.. ومازالت دمشق ريعانة خافقة تنمو داخل نفوسنا، وتولد كلَّ يوم جوريةً متفتحة نشتهي وصالها ونخاف عليها ونفعل الكثير من أجلها..ريمون بطرس
ولوقع الحدث.. كان اختيار مكان عرض الفيلم مناسباً جداً للخوض في دائرة النقاش؛ فالمكان (دار الفنون) في حي القنوات، وطريقة العرض في الهواء الطلق في فناء الدار القديمة التي تظلِّلها شجرة ليمون، داعمة أساسات البيوت الدمشقية القديمة.. هذا المكان الذي كانت تعقد فيه جلسات العائلة لخوض نقاشاتها، فُعّل لذات الغرض، حيث خاض الحضور نقاشهم مع المخرج بعد عرض الفيلم، وتبادلوا الآراء، واتُّفِقَ على قاعدة أولى أساسية؛ هي أنَّ العمل السينمائي هذا، عمل رشيق: «استطاع اختصار تاريخ مدينة، ونحن الدمشقيين، خير مًن يعرف الحقيقة».. صدح أحد الحضور بهذه المقولة التي تعود إلى القديس بولس، مادحاً العرض، ومستفسراً عن تقنيات ريمون السينمائية التي تغدو معها نقلات الكاميرا سريعة وخاطفة.. أما الدكتور يحيى العريضي، فقد شكر الترجمة على دقّتها العالية وسلاستها، ودعا إلى مستقبل يُرى فيه الفيلم مروياً في بلاد الغرب وبلغتهم الأجنبية..
أما الزميل أحمد تيناوي (مدير الندوة)، فقد افتتح دائرة النقاش، وبدأ من قدرة ريمون على قول الكثير من خلال فيلمه هذا، وكيف استطاع ببساطة أن ينهي فيلمه بوردة.. هذه الشفافية العالية التي أعادتنا إلى الذكريات؛ مَن مرَّ بدمشق، وأجمل ما مرَّ بدمشق.. نعم، استطاع ريمون بطرس، كما يؤكِّد تيناوي، أن يلعب مع دمشق لعبة العاشق، وأن يخلق المساواة بين ما هو مر/أحمد تيناويوي، وبين الصورة السينمائية التي لا تدلُّ مباشرةً على الحدث السينمائي، بل تشير إليه..
ولابدَّ قبل النهاية، أن نركِّز على الجانب الشعري المهم الذي مرَّ من خلاله أهم الشعراء بقصائدهم الدمشقية عن المدينة، وربما نختم بكلمات للشاعر الدمشقي نزار قباني حين قال:
هذهِ دمشقُ وهذا الكأس والراحُ
إني أحبُّ وبعض الحبِّ ذباحُ
أنا الدمشقي لو شرّحتم جسدي
لسال منه عناقيدٌ وتفاحُ
هكذا هي دمشق.. قوية، جريئة، تقبع في ذاكرة مَن يزورها وتجري في دماء ساكنيها.

بطاقة فيلم «ملامح دمشقية»
سيناريو وإخراج: ريمون بطرس.. مدير التصوير: محمود صنوبر.. مونتاج: محمد علي المالح.. موسيقا: ناهل الحلبي.. رسومات: عبد الناصر الشعال.. غرافيك: عصام داوود- عدنان عرنوس.. مدير الإنتاج: شادي أبو الفخر.. المادة الوثائقية والاستشارة التاريخية: الدكتور عبد العزيز علون.. «ملامح دمشقية» من إنتاج وزارة الإدارة المحلية، بتمويل من مفوضية الاتحاد الأوروبي في دمشق، وإشراف برنامج تحديث الإدارة البلدية.. مدة الفيلم 32 دقيقة، واستغرق التصوير ستة أشهر، تمَّ العمل فيها ليلاً ونهاراً، فجراً وغروباً. ويُعدُّ هذا الفيلم، التاسع عشر في سجلّ الأفلام التسجيلية التي أنجزها المخرج ريمون بطرس، خلال ثلاثين عاماً، إضافة إلى أفلامه الروائية.

سماح القتال

المصدر: بلدنا

إقرأ أيضاً:

«ملامح دمشقية» في عرض نخبوي في دار الفنون
 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...