إدارة الكوارث الطبيعية واستثمارها سياسياً

16-08-2010

إدارة الكوارث الطبيعية واستثمارها سياسياً

الجمل:  تحدثت التقارير خلال الثلاثة أيام الماضية بكثافة غير مسبوقة عن موجة الأمطار والسيول والفيضانات وانزلاقات التربة في مناطق من باكستان وشمال غرب الصين، بما أدى إلى جعل ملايين السكان المدنيين يواجهون كارثة طبيعية زاد من خطورة تداعياتها عجز السلطات الباكستانية والصينية عن تقديم الدعم والمساعدة لهؤلاء السكان. من المعروف أن العديد من دول العالم المتقدمة تمتلك المزيد من أنظمة رصد ومتابعة التطورات الطبيعية، فلماذا لم تتم عملية الإنذار المبكر بما يضمن ويؤمن سلامة ملايين السكان المدنيين؟ هذا وعلى خلفية كارثة زلزال هاييتي وبركان أيسلندا، وعواصف تسونامي فهل يا ترى التباطؤ في الإنذار المبكر كان مقصوداً في حد ذاته أم لا؟
* الكوارث الطبيعية ومعطياتها الجارية: ماذا تقول المعلومات؟
شاهد العالم على شاشات الفضائيات التلفزيونية وشبكات الإنترنت مناظر السيول والفيضانات العنيفة وتدفقات سيول المياه الضخمة التي تدك البيوت وتحمل الناس وأثاث المنازل مخلفة الدمار والخوف من الخطر المحدق، وتقول المعلومات، بأن أمطاراً غزيرة للغاية قد هطلت في بعض المناطق الآسيوية. وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:خارطة الفيضانات في العالم
- سيول باكستان: أدى هطول الأمطار الغزيرة في المناطق الجبلية الواقعة شمال وشرق وشمال شرق باكستان إلى تدفق السيول الغزيرة المتدفقة من ممرات الأودية والمجاري المائية إلى امتلائها بما أدى بدوره إلى فيضانات ترتب عليها اندفاع الكتل المائية ضمن نطاق واسع تسبب بإزالة القرى الصغيرة وبعض الأحياء الفقيرة في المدن الباكستانية، إضافة إلى تشريد ملايين المدنيين الباكستانيين مما شكل حركة نزوح هائلة. وحالياً تقف السلطات الباكستانية ومنظمات الإغاثة المحلية والإقليمية والدولية في حالة عجز وعدم قدرة كاملة عن السيطرة على الأوضاع وتداعياتها. وتقول آخر المعلومات بأن حالات وباء الكوليرا بدأت بالظهور مجدداً.
- سيول الصين: تتميز مناطق غرب الصين بتضاريسها الجبلية الوعرة، وعلى وجه الخصوص مقاطعة التبت ومقاطعة سيكيانغ، وبسبب الهطول المطري الغزير المتواصل فقد تجمعت مياه السيول واندفعت في شكل كتل مائية ضخمة اندفعت على طول الممرات والأودية الجبلية، وكان أخطر ما فيها حجم الكتل المائية الضخمة وقوة الاندفاع، الأمر الذي أدى إلى إزالة العديد من القرى والمدن الصغيرة من الوجود، وإضافةً لذلك، فقد أدت اندفاعات الكتل المائية إلى إحداث انزلاقات كبيرة في التربة، فقد جرفت السيول التربة من المناطق المرتفعة نحو المناطق المنخفضة بما أدى الى طمر المدن والقرى الصغيرة وآلاف المدنيين الفقراء تحت ركام الطين، ومن استطاع الهرب مبكراً بقي معلقاً على الصخور الجبلية العالية بلا مأوى.
حتى الآن لم تصدر أي إحصائيات رسمية تحدد حجم الخسائر البشرية والمالية، إضافة إلى الخسائر الاجتماعية، وعلى ما يبدو أن السلطات الباكستانية أصبحت مثلها مثل السلطات الصينية أكثر ولعاً بإخفاء حقائق الكوارث وخسائرها.
*إدارة الكوارث الطبيعية: مقاربة نظرية المؤامرةخطوط الزلازل الرئيسية في العالم
تحدثت العديد من التقارير والتحليلات عن معرفة دول العالم العظمى والكبرى بكارثة زلزال هاييتي وكارثة بركان أيسلندا وكارثة تسونامي الأخيرة قبل وقوعها. وتقول التسريبات والتقارير، بأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت هي الدولة الأكثر علماً قبل غيرها بشكل مسبق بوقوع هذه الكوارث، وفي هذا الخصوص نشير إلى الحقائق الآتية:
- كارثة زلزال هاييتي: تحدث بعض الخبراء الأمريكيون المختصون بشؤون الزلازل محذرين وتحديدا في نهاية العام 2008م بأن جزيرة هاييتي سوف تتعرض لزلزال مدمر عالي الشدة بعد نحو عامين، وفي هذا الخصوص أكدت التقارير والمعلومات والمزيد من التسريبات التي اشارت تحديداً إلى أن العديد من الأجهزة الأمنية والعسكرية والمخابراتية الأمريكية قد رتبت سلفاً ضمن تدبير مسبق لاستغلال وتوظيف كارثة هاييتي بما يتيح لواشنطن السيطرة على الجزيرة.
- كارثة بركان أيسلندا: تقول التقارير والمعلومات بأن الأجهزة المختصة برصد حركة الكتل البركانية داخل الأرض قد رصدت حراك بركان أيسلندا الخامد منذ فترة تتجاوز العام، ولكن واشنطن رأت في هذا البركان فرصة ثمينة للإضرار بشركات السياحة والطيران الأوروبية، وهو ما حدث بالفعل.
- كارثة التسونامي: أشارت التقارير إلى أن مراكز رصد الزلازل الأمريكية قد رصدت حدوث المزيد من الهزات في أعماق المحيط الهادي (باسيفيك) وذلك قبل وقت كافي، وبعد فترة تحركت الموجات البحرية والأعاصير العاتية لكي تضرب جزر المحيط الهادي ومناطق جنوب شرق آسيا بما ألحق المزيد من الأضرار باقتصاديات هذه المناطق، وهو ما رأت فيه واشنطن فرصة لاستغلال وابتزاز قدرات هذه المناطق عن طريق بنود التجارة غير المتكافئة، وإفقار سكانها بما يجعل من حكومات هذه البلدان في حاجة ماسة للمساعدات الأمريكية، وهو ما حدث بالفعل.
هذا، وبالنسبة لسيول باكستان والصين يمكن الإشارة إلى الآتي:
- رصدت الأقمار الصناعية الأمريكية المعنية برصد التقلبات الجوية حركة السحب الضخمة الكثيفة التي نتجت بفعل تزايد معدلات التبخربفعل ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقة هذا الصيف. وبالتالي، فقد كان واضحاً من خلال تحليل ورصد اتجاهات التيارات الهوائية الحاملة للسحب، بأنها تتجه نحو مناطق وسط آسيا المرتفعة. وتقول التحليلات، بأن واشنطن قد رأت في ذلك فرصة لاستغلال الأزمة بما يتيح لها المزيد من الضغوط على السلطات الباكستانية لتقديم المزيد من التنازلات الجديدة الإضافية لواشنطن في مشروع الحرب ضد الإرهاب، وإلا فإن إسلام آباد لن تحصل على المساعدات والمواد الإغاثية بما يمكن أن يجعل الحكومة الباكستانية في مواجهة ثورة شعبية عارمة.
- رصدت واشنطن التقلبات الجوية وحركة السحب الكثيفة باتجاه مناطق شمال غرب الصين، وما هو مثير للاهتمام أن الصين قد رصدت أيضاً هذه الظاهرة. ولكن ما هو واضح فقد رأت بكين في الكارثة فرصة ثمينة لجهة إلحاق المزيد من الأضرار والخسائر بالسكان المدنيين الصينيين الذين ينتمون إلى قومية الإيغور المتمركزين في مقاطعة سينكيانغ، وايضاً السكان المدنيين التبت البوذيين المتمركزين في مقاطعة التبت الصينية. وحالياً، يواجه هؤلاء السكان ضغوط وطأة كارثة السيول وانزلاق التربة ويقيمون مشردين في أعالي الجبال، وما هو لافت للنظر أن السلطات الصينية ما زالت تسعى إلى احتواء الأزمة، ولكن ضمن حركة بطيئة الإيقاع، وتقول التسريبات بأن النوايا الصينية تهدف إلى دفع هؤلاء السكان إلى النزوح بكميات كبيرة بما يؤدي إلى تفرقهم داخل المقاطعات الصينية الأخرى، ويجعل من حركات الإيغور المعارضة وحركات البوذيين المعارضة أثراً بعد عين..
نستطيع وبكل سهولة أن نصل من خلال معطيات الكوارث الطبيعية إلى أن ثنائية العلم والمؤامرة اجتمعت ضمن إطار واحد، بحيث تمت عملية إنتاجها ضمن ثنائية: استبدال قدرات الإنذار المبكر من أجل الخير، بقدرات الإنذار المبكر من أجل الشر، وهو ما حدث بالفعل، فقد نجحت تقنيات الإنذار المبكر المتطورة التي تعتمد الاقمار الصناعية كوسيلة لسبر سيناريوهات غضب الطبيعة، ولكن الإنسان نفسه، هو الذي أدى به إدراكه إلى استغلال هذه القدرات في خدمة الأغراض الشريرة.
 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...