النمو الحركي لدى الأطفال منذ الولادة
يبدأ نشاط الطفل (سلوكه) أثناء الحمل، ويزداد قوة مع اضطراب نمو الجنين، وبعد الولادة تظهر حركات الوليد بوضوح، وتتسم بعدم التحكم وعدم التحديد، حيث يكون نشاطه عشوائيا، ويرجع السبب في ذلك إلى عدم اكتمال النضج الفسيولوجي للجهاز العصبي.
ينقسم النشاط لدى الطفل الوليد إلى قسمين: النشاط الكتلي ويشمل الحركات العامة للجسم كله، فعندما تقع استثارة على أي جزء من أجزاء الجسم، يستجيب الوليد بحركة الجسم كله، وإذا كان المثير شديدا، استجاب بالصراخ وبسبب هذا النشاط الكتلي يبذل الوليد ثلاثة أمثال ما يبذله الشخص الراشد من طاقة، ولذلك يُجهد الوليد ويتعب بسرعة. أما القسم الثاني فهو النشاط النوعي، ويشمل أجزاء محددة من الجسم، ومن هذه الأنشطة الأفعال المنعكسة. وهناك فروق فردية بين الأطفال حديثي الولادة، فالبعض يكون نشيطاً، والبعض الآخر يكون هادئاً، ومنهم من يكون متوسط النشاط.
الأفعال المنعكسة للطفل الوليد
الأفعال المنعكسة هي التي لا يمكن التحكم بها، وهي تهدف إلى المحافظة على حياة الوليد. ومن الأفعال المنعكسة، الحركة غير الإرادية للعين، والشرقة لطرد الطعام من القصبة الهوائية، وانعكاسات الألم التي تجعله ينسحب بعيداً عن مصدره، وانعكاسات الثني في الأطراف والركبة، والعطس.. وغيرها. إلى جانب الأفعال المنعكسة تظهر استجابات عامة تستخدم مجموعة من العضلات أكبر مما يستخدم في الأفعال المنعكسة، مثل: تثبيت البصر على الضوء، والحركة التلقائية للعين، وإفراز الدموع، واستجابات المص والبلع، وحركة اللسان والشفتين، ومص الأصابع والحركات الإيقاعية للفم، وتقطيب الحاجبين، وإدارة الرأس، والجذع، وحركات الرفس.. وهي جميعها غير تآزرية (أي غير متوافقة) وغير هادفة.
ويجب على الأم أن تعمل على عدم تعرض الوليد للمثيرات القوية، مثل الضوء أو الصوت القوي، حتى لا تكون سببا في فزعه. وكذلك المثيرات المفاجئة مثل تغيير وضع الوليد فجأة، أو تقييد حركاته التلقائية، أو وضعه في فراش مبلل، أو وضع شيء بارد جداً على جسمه.
حواس الوليـد
السمع: يكون السمع عند الوليد في أدنى درجاته إذا ما قارناه بالحواس الأخرى، فمعظم الأطفال يكونون في حالة صمم كلي تقريباً عند الميلاد، ولعدة أيام بسبب انسداد الأذن الوسطى بالسائل الأميني، ولذلك فإنه لا يسمع حتى الأصوات العالية القريبة من أذنه، وتظهر علامات الاستجابة للصوت بدءاً من اليوم السابع بعد الولادة. وهناك أصوات ذات معنى كبير جداً للوليد، منها صوت نبضات قلب الأم الذي وُجد أن لها تأثيراً مهدئاً على الطفل، إذ تقلل من توتره، كما أن الأصوات المنتظمة الهادئة تسبب له ارتياحا.
البصر: شبكية العين التي تحتوي على خلايا الحس البصري لا يكتمل نموها عند الميلاد. وهذا يعني أن الوليد لديه عند الميلاد عمى ألوان جزئي أو كلي. ويستطيع الطفل حديث الولادة أن يستجيب بعدم الارتياح للضوء خلال الأسبوع الأول من ولادته. ومع ذلك يستطيع الوليد أن يركز بصره على مصدر الضوء، وقد يغلق عينه أمام الضوء الشديد، ولا يستطيع أن يركز على المرئيات المتحركة بعينيه معاً، فالتآزر العضلي بين العينين لا يكون قد اكتمل بعد الميلاد.
الشم: إحساس الشم يكون كاملا عند الولادة، وفي الأيام الأولى يتمكن الوليد من التمييز بين رائحة ثدي أمه ورائحة ثدي أي سيدة أخرى.
حساسية الجلد: يمكن للوليد الإحساس باللمس، والضغط، والألم، والحرارة والبرودة، ويكون هذا الإحساس موجوداً عند الولادة أو بعدها بقليل، إذ إن هذه الأحاسيس بدأت عملها قبل الميلاد بفترة. ويلاحظ أن نشاط الوليد يزداد في الجو البارد، ويقل في الجو الحار.
الإحساس بالجوع والعطش: إيقاع الجوع عند الوليد يكون غير منتظم، ليس بالنسبة للزمن فقط، ولكن أيضاً للكمية. ويحتاج الوليد إلى عدة أسابيع حتى ينتظم إيقاع الجوع، ومواعيد وجبات الرضاعة، ويعتبر الإحساس بالجوع أحد أسباب بكاء الطفل، حيث تستطيع الأم أن تتعرف من صوت البكاء إلى حاجة الطفل إلى الغذاء.
التذوق: حاسة التذوق تكون على درجة عالية من النمو عند الميلاد مباشرة. وتستوي حاسة الشم مع هذه الحاسة، ولذلك يستطيع الوليد أن يتعرف إلى أمه عن طريق هاتين الحاستين.
وعلى الأم ألا تقلق وليدها بالتغيير المفاجئ في وضعه أو بتعريضه للضوء المبهر الشديد، وعليها أن ترضعه في فترات متقاربة، ولا تلتزم بمواعيد معينة للرضاعة، لأن إيقاع الجوع وكميات الحليب التي يرضعها تكون أيضاً متفاوتة، وعليها أن تغير ملابسه في فترات متقاربة، وأن تحميه من بلل الفراش، ومن الضغط، وتقلب درجات الحرارة، وكذلك عليها أن تعمل على مساعدته على النوم والاسترخاء، ويمكنها أن تشدو لوليدها، حتى يغمض عينيه وينام.
ويمكن للأم كذلك أن تتحدث للطفل، وتغني له، وتناغيه خلال العناية به وأثناء فترات الرضاعة.
لمى طباخة
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد