تناغم بين الاحتلال و«الجهاديين» في وجه الجيش السوري: وحدة صواريخ إسرائيلية في الجولان
استكمال لارتسام منطقة آمنة في الجولان السوري، وإرساء أسس للتعاون مع بعض كتائب المعارضة المسلحة، أم الاستعداد لحماية القطاع المحتل من الجولان من جيرة «الجهاديين» الذين دخلوا منطقة الفصل في الجولان؟
أسئلة لا بد منها، مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن استقدام تعزيزات إلى التلال الجولانية المحتلة، والمحاذية لخط الفصل الممتد من وادي اليرموك جنوبا حتى مجدل شمس شمالا.
وبحسب القناة الإسرائيلية الأولى، فقد نشر الجيش الإسرائيلي وحدة «ميتار» الصاروخية لحماية كتائب المعارضة من أي هجوم مضاد قد يشنه الجيش السوري، لاسترجاع المواقع الإستراتيجية التي فقدها خلال الأسابيع الماضية، لا سيما التلال الحمر الغربية والشرقية في ريف القنيطرة، وتلة الجابية المواجهة لتل الفرس الاستراتيجي المحتل.
ونسبت القناة إلى مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى قد تستخدم أيضا لتمكين المسلحين من الانتشار في باقي المواقع التي لا يزال الجيش السوري يحتفظ بها في المنطقة.
وبات الإسرائيليون يعتمدون على نقاط ارتكاز في قلب الجولان السوري، وريف القنيطرة الجنوبي، وجزء من ريف درعا الغربي، إذ تتعاون قوات الاحتلال مع وحدات محلية في غرفة عمليات نوى، تابعة إلى «هيئة الأركان في الجيش الحر»، مثل «ألوية بني أمية»، «الحرمين الشريفين»، و«لؤي البصيري»، لتأمين خط الإمداد الذي بات يعبر من الأردن عبر ممر منطقة الفصل، التي تسيطر عليها المعارضة، وتفكيك تحصينات خط الدفاع الأول السوري. وأنجزت كتائب المعارضة السورية المسلحة خلال أشهر القتال في الجولان، الاستيلاء على 80 في المئة من الخط الفاصل، والموازي لمواقع الاحتلال الإسرائيلي في الجولان.
وقدمت العمليات القتالية التي خاضتها المعارضة المسلحة في منطقة الجولان وغربي درعا، حصيلة إيجابية للجانب الإسرائيلي، إذ أنجزت تدمير جزء مهم من خط الدفاع الأول في المنطقة، عبر استهداف مواقع «اللواء 61»، المكلف حماية المنطقة، وضرب مقر قيادته في تل الجابية قبل أسبوع. وكان «اللواء 61»، أحد أقوى الألوية المدرعة المنتشرة في الجولان، وهو اللواء الذي ينص اتفاق الفصل على انتشاره في هذه المنطقة، قبل أن يتعرض لهجمات وإنهاك الكتائب المعارضة له. كما تعرض «اللواء 112» من الفرقة الخامسة، لعمليات مشابهة، وهو اللواء المكلف بإسناد «اللواء 61». وفي الإطار نفسه، تعرضت الفرقة الخامسة التي ترابط، في خط الهجوم الثاني، للفيلق الثاني السوري في الجولان، إلى أضرار جسيمة في كتائبها وتحصيناتها. فبعد «اللواء 112»، تعرض لواء الدفاع الجوي إلى خسائر كبيرة في مناطق انتشاره، ومُنيت كتيبة الصواريخ بخسائر كبيرة، في منطقة انتشارها ما بين خربة غزالة وصيدا، على مشارف وادي اليرموك. وركزت المعارضة هجماتها على ضرب خط الدفاع الثاني للجيش السوري، الذي ينتشر فيه «اللواء 51» في غرب درعا، ما بين رخم والحراك.
لكن التغييرات الإستراتيجية والعسكرية في المنطقة، قد تجر إلى ورطة إسرائيلية تتجاوز الرهان على قيام المعارضة بتدمير تحصينات خطوط الدفاع السورية، وتفرض التعايش مع الجماعات «الجهادية»، التي سيزدهر وجودها في المنطقة، لا سيما على ضوء سير المعارك في الغوطة الشرقية، وسقوط المليحة، بوابتها الكبرى خلال الساعات المقبلة بيد الجيش السوري، واحتمال تسارع عمليات الانسحاب نحو المنطقة العازلة، التي يميل الإسرائيليون إلى حماية مكتسباتهم فيها، بالتحالف مع من أنجز ضرب مواقع الجيش السوري فيها، ومنع عودته إليها.
إذ تشهد المنطقة التي استولت عليها المعارضة «هجرة» الجماعات «الجهادية» إليها، خصوصا «جبهة النصرة»، و«حركة المثنى» الإسلامية، التي تفرض اللثام على جميع مقاتليها في المنطقة. وكانت المجموعات التي انسحبت من القلمون والزبداني قد بدأت بالوصول إليها. كما أن قيادة «النصرة» الأردنية والسعودية، تعمل في المنطقة علناً. وقد تتحول المنطقة، التي خلت من أكثر من ثلاثة أرباع سكانها، إلى منطقة اشتباكات دائمة. وليس مؤكدا في المقابل أن تكون دمشق، في المدى المتوسط، متضررة من انتشار «الجهاديين» بموازاة خطوط الاحتلال الإسرائيلي، واختبار قدرة الجيش الإسرائيلي على التعامل مع «جبهة النصرة» و«المثنى» الإسلامية، وغيرها من الجماعات «الجهادية»، التي ستحول المنطقة إلى بؤرة مفتوحة يصعب التعامل معها.
محمد بلوط
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد