الاضرابات العمالية تشتعل في مصر
في ما ينذر بموجة جديدة من الاضطرابات والاعتصامات العمالية التي ارتفعت وتيرتها العام الماضي على نحو غير مسبوق، واصل امس نحو 20 الف عامل في المجمع الحكومي الضخم لمصانع الغزل والنسيج بمنطقة المحلة الكبرى في دلتا النيل اضراباً عن العمل بدأوه مساء السبت، احتجاجاً على تأخر الحكومة في صرف نسبتهم من الارباح السنوية المقررة طبقاً للقانون وكذلك امتناع الادارة عن منحهم قيمة البدلات النقدية التي يستحقونها مقابل وجبة غذائية يومية يفترض ان توفرها لهم خلال ساعات العمل.
وعلى رغم توسط القيادات النقابية في الاتحاد العام لعمال مصر لحل الازمة، واصدار وزير الاستثمار وقطاع الاعمال العام محمود محيى الدين بعد ظهر امس قراراً يقضي بمنح العاملين في المجتمع ما يعادل اجر 40 يوماً، الا ان العمال المعتصمين داخل اسوار المصانع رفضوا القرار وتمسكوا بمطلبهم الاساسي وهو صرف نسبتهم كاملة من الارباح، التي يقدرونها بما يعادل اجر 150 يوماً لكل منهم على اساس ان المجمع حقق العام الماضي ارباحاً صافية تجاوزت 180 مليون جنيه (قرابة 33 مليون دولار).
ويشكو العمال المصريون مع معظم فئات المجتمع من انهيار مستويات المعيشة، بسبب ضعف مستويات الاجور وتدنيها، في مقابل الانفلات الشديد لاسعار السلع والخدمات الاساسية التي سجلت، بحسب المصادر الرسمية، الشهر الماضي وحده ارتفاعاً راوح بين 14 و18 في المئة.
وكانت الحكومة المصرية بدأت منذ ليل السبت حشد الآلاف من رجال الامن في مدينة المحلة الكبرى، التي تعد واحداً من المراكز الصناعية الكبرى في مصر، وفرضت قوات الشرطة حصاراً صارماً على المدينة وانتشرت بكثافة في شوارعها وساحاتها، خشية تطور الاضراب الى تظاهرات ينضم اليها مئات الألوف من سكان المدينة والمناطق المجاورة لها والتي يغلب عليها الطابع العمالي، خصوصاً ان عمالاً في مراكز صناعية اخرى في مناطق كفر الدوار وشبين الكوم وطنطا، أعلنوا امس عزمهم على اللحاق باضراب عمال المحلة تضامنا مع زملائهم واحتجاجا على تجاهل الحكومة لمطالبهم برفع الاجور وتحسين الخدمات الاجتماعية والصحية للعاملين ولأسرهم.
ويذكر ان الاشهر العشرة الاخيرة شهدت طفرة كبيرة في نشاطات الاحتجاج للعمال المصريين في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية، وفي مشاريع القطاع العام والخاص على السواء، ونظم العمال خلال هذه الفترة اكثر من 350 اضرابا واعتصاما تمحورت كلها على مطالب تتعلق بسوء الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
على صعيد آخر، وفي ما يتعلق بتطورات الازمة المشتعلة بين الحكومة المصرية والصحافيين على خلفية الاحكام والملاحقات القضائية لاربعة من رؤساء تحرير الصحف المستقلة والمعارضة بتهمة المسؤولية عن ترويج اشاعة عن مرض الرئيس حسني مبارك و"الاساءة الى الحزب الوطني الحاكم ورموزه"، اصدر المجلس الاعلى للقضاء امس بيانا نادراً لفت فيه الى ما اعتبره "ظاهرة قيام بعض الصحف والاقلام بالتعليق على الاحكام وتوجيه انتقادات الى القضاة الذين اصدروها"، في اشارة الى الانتقادات الحادة الواسعة النطاق التي قوبل بها الحكم الذي اصدره قبل عشرة ايام قاض في احدى محاكم الجنح بالقاهرة وقضى بحبس رؤساء التحرير الاربعة سنة بعدما دانهم بالسب في حق الحزب الحاكم وقادته بمن فيهم مبارك ونجله جمال، وهو ما اعتبرته نقابة الصحافيين وقوى المعارضة واحزابها، الى العديد من الشخصيات القضائية والقانونية، "حكما مسيسا وخارجاً بالمرة عن نطاق القانون ومجافيا للتقاليد والاعراف المستقرة في تراث القضاء المصري".
لكن المجلس الاعلى للقضاء، الذي تهيمن الحكومة على تشكيله، ومن غير ان يذكر صراحة الحكم الذي صدر على الصحافيين، ذكر بان التعليقات على الاحكام في الصحف و"خصوصا اذا تجاوزت ومست بشخص القاضي" تقع تحت طائلة القانون "ويعاقب (مرتكبها) جنائيا".
واستبق مجلس القضاء الاعلى بهذا البيان شكوى تزمع نقابة الصحافيين تقديمها الى رئيس المجلس المستشار مقبل شاكر ترصد فيها اكثر من واقعة تعتبرها "مؤشرا خطيرا" لظاهرة خروج بعض القضاة على التقاليد القضائية واحكام القانون واتخاذ منصات العدالة" منبرا للخطابة السياسية"، واصدار احكام على الصحافيين واصحاب الرأي "تنطوي على محاباة واضحة للسلطة التنفيذية".
جمال فهمي
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد