الأبعاد غير المعلنة لاتفاقية ستارت الجديدة بين واشنطن وموسكو

23-12-2010

الأبعاد غير المعلنة لاتفاقية ستارت الجديدة بين واشنطن وموسكو

الجمل: شهدت العاصمة الأمريكية ظهر أمس الأربعاء 22 كانون الأول (ديسمبر) 2010 قيام الكونغرس الأمريكي بالموافقة على اتفاقية تخفيض الأسلحة الإستراتيجية الجديدة (ستارت)، وتقول التقارير بأن يوم غد الجمعة 24 كانون الأول (ديسمبر) سوف يشهد قيام مجلس الدوما الروسي بالموافقة على نفس الاتفاقية: ما هي طبيعة الاتفاقية؟ وما مدى مصداقية تطبيقها؟ وما هي الأبعاد غير المعلنة في هذه الاتفاقية؟ وما هي تداعياتها؟
* اتفاقية خفض الأسلحة الإستراتيجيةخارطة انتشار الدرع الصاروخي الروسي في شرق أوروبا
تقول المعلومات، بأن أطراف خط موسكو-واشنطن قد سعت بعد انتهاء الحرب الباردة باتجاه المضي قدماً من أجل خفض حدة التوتر وتوسيع نطاق سياسات إستراتيجية الانفراج الدولي الذي سبق أن أسست لها اتفاقية هلسنكي بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي السابق.
•    في عام 1991 تم التوقيع على اتفاقية ستارت الأولى التي عُرفت باتفاقية خفض الأسلحة الإستراتيجية START- 1 ودخلت حيز التنفيذ في نهاية عام 1994. ومن أبرز معطيات هذه الاتفاقية أنها حددت عدم السماح لموسكو أو واشنطن القيام بنشر أكثر من 6 آلاف رأس نووي إضافة إلى تحديد سقف عدد الصواريخ البالستية والغواصات النووية والقاذفات النووية.
•    في عام 1993 تم التوقيع على اتفاقية ستارت الثانية التي عُرفت باتفاقية خفض الأسلحة الإستراتيجية START- 2، وسعت إلى المزيد من تخفيض السقف المسموح به لحجم الأسلحة الإستراتيجية لدى الطرفين الأمريكي والروسي.
•    في عام 1997، بدأت موسكو وواشنطن العمل لجهة وضع إطار عمل اتفاقية ستارت الثالثة، ولكن، وبسبب تدهور العلاقات وتزايد الخلافات، فإن الاتفاقية لم يتم التوقيع عليها.
تزايد رغبة طرفي خط موسكو-واشنطن لجهة القيام بالمزيد من الخطوات الإيجابية إزاء مبادرة مشروع خفض الأسلحة الإستراتيجية، وفي نيسان (أبريل) 2010 الماضي تم الاتفاق بين الرئيس الأمريكي أوباما والروسي ميدفيديف على توقيع ما أطلق عليه تسمية اتفاقية ستارت الجديدة والتي أجازها الكونغرس الأمريكي ظهر الأمس، وسوف يقوم مجلس الدوما الروسي بإجازتها يوم غد الجمعة.
* اتفاقية ستارت الجديدة: توصيف المعلومات الجارية
اتفاقية خفض الأسلحة الإستراتيجية الجديدة NEW START هي عبارة عن اتفاق ثنائي روسي-أمريكي يتضمن إجراءات وضوابط لجهة التخفيض الأكبر والحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية.الرئيس الأمريكي أوباما والروسي ميدفيديف خلال توقيع اتفاقية ستارت الجديدة
تم التوقيع على اتفاقية ستارت الجديدة في يوم 8 نيسان (أبريل) 2010 الماضي في العاصمة التشيكية براغ التي استضافت فعاليات توقيع الاتفاقية بواسطة الرئيس الأمريكي أوباما والرئيس الروسي ميدفيديف.
تقول المعلومات بأن اتفاقية ستارت الأولى قد انتهى سريانها في كانون الأول (ديسميبر) 2009، واتفاقية ستارت الثانية سوف ينتهي سريانها في كانون الأول (ديسمبر) 2012، وهو نفس انتهاء سريان اتفاقية موسكو المتعلقة بخفض القوات الإستراتيجية أيضاً، ومن ثم تأسيساً على ذلك، فقد جاءت اتفاقية ستارت الجديدة وهي تمثل امتداداً لسريان اتفاقية ستارت الثانية واتفاقية موسكو وذلك لحرص موسكو وواشنطن لجهة عدم سماح حدوث أي فراغ يمكن أن يستغله أحد الأطراف ويقوم بنشر المزيد من القدرات العسكرية الإستراتيجية الهجومية بشكل يصعب على الطرف الآخر احتواءه عن طريق أي اتفاقية جديدة، وبالتالي يكون الباب قد أصبح واسعاً أمام احتمالات حدوث سباق تسلح إستراتيجي جديد، لا يؤدي في نهاية المطاف إلا إلى الحرب الباردة الجديدة والتي بلا شك سوف تقضي على موارد وقدرات الطرفين.
أبرز بنود اتفاقية ستارت الجديدة تشير إلى الآتي:
-    التزام موسكو وواشنطن بتقليل منصات الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية بنسبة 50%.
-    التزام موسكو وواشنطن إقامة نظام لبناء المصداقية والثقة، يقوم على السماح لمفتشي كل طرف بإجراء عمليات تفتيش قدرات الطرف الآخر بما يؤدي إلى التحقيق بأن الطرف الآخر قد نفذ التزاماته المنصوص عليها في الاتفاقية.
هذا، وتقول المعلومات، بأن وثيقة المصادقة على الاتفاقية التي تم تقديمها إلى الكونغرس الأمريكي ظهر الأمس، قد تضمنت قراراً بإزالة الآتي:
-    إزالة 30 منطقة صاروخية.
-    إزالة منصات إطلاق 34 قاذفة صواريخ برية، و56 قاذفة صواريخ موجودة في الغواصات النووية الأمريكية.
هذا، وتقول المعومات، بأن واشنطن قد اتفقت مع موسكو على ألا تتم عملية تدمير الصواريخ والمنصات، وإنما يتم الاحتفاظ بها لجهة تحويلها للاستخدامات العسكرية التقليدية.
تشير المعلومات الإحصائية المتعلقة بتوازنات القوى العسكرية غير التقليدية الأمريكية-الروسية بحيث يكون بحوزة كل طرف 1550 رأس حربي نووي فقط، وبرغم أن هذا الرقم يبدو كبيراً، فإن الخبراء الإستراتيجيين يعتبرونه مؤشرا هاما للنجاح في عمليات خفض التسلح الهجومي الإستراتيجي مقارنة بالعدد السابق الذي كان يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف هذا العدد عند لحظة التوقيع على اتفاقية ستارت الأولى.
* الأبعاد غير المعلنة لاتفاقية ستارت الجديدة
جاءت اتفاقية ستارت الجديدة كثمرة لجهود دبلوماسية استمرت لفترة طويلة وتضمنت العديد من الجولات التفاوضية البالغة التعقيد والصعوبة، وتأسيساً على ذلك يمكن ملاحظة الآتي:
•    لم يجد الكرملين صعوبة كبيرة في إقناع القوى السياسية الروسية الحاكمة ببنود الاتفاقية.
•    وجد البيت الأبيض صعوبة كبيرة في إقناع صقور الإدارة الأمريكية، وعلى وجه الخصوص الجمهوريين والجامعات التي تمثل قوى يمين الحزب الديمقراطي الأمريكي.
تقول المعلومات والتسريبات بأن واشنطن وإن كانت قد أقرت مبدأ تخفيض حجم الأسلحة الهجومية الإستراتيجية فإنها رفضت الموافقة على مبدأ الالتزام بعدم تطوير تكنولوجيا الأسلحة الهجومية الإستراتيجية، وبكلمات أخرى، فإن واشنطن قبلت بمبدأ التقليل الكمي، مع الإبقاء على مبدأ التطوير النوعي.
إضافة لذلك، تقول التسريبات بأن توافق واشنطن-موسكو على بنود اتفاقية ستارت الجديدة قد استصحب معه المزيد من التوافقات حول الملفات الخلافية الأخرى، والتي حرصت الإدارة الأمريكية على أن يكون من بينها ملف الشرق الأوسط، وملف شبكة الدفاع الصاروخي، وإذا كانت موسكو قد وافقت بالفعل على مشروع شبكة الدفاع الصاروخي فإن مواقف موسكو "الشرق أوسطية" الجديدة في مرحلة ما بعد اتفاقية ستارت الجديدة سوف تبدو أكثر وضوحاً بعد زيارة الرئيس ميدفيديف المتوقعة إلى إسرائيل في منتصف الشهر القادم!


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...