واشنطن تبحث عن حلول مناسبة للخروج من العراق

16-07-2007

واشنطن تبحث عن حلول مناسبة للخروج من العراق

الجمل:     ضغوط الرأي العام الأمريكي والعالمي الرافضة لاستمرار الاحتلال الأمريكي في العراق، وأيضاً بسبب فشل الوسائل العسكرية والاستخبارية والسياسية والدبلوماسية في السيطرة على العراق، إضافة إلى تدهور موقف الحزب الجمهوري الأمريكي وتآكل شعبيته، جميعها شكلت الخلفية الدافعة للمسؤولين والخبراء الأمريكيين من أجل البحث عن سيناريو المخرج المناسب.
• استراتيجية إدارة بوش: استنفاد (الفرص) وتزايد (المخاطر):
طرحت الإدارة الأمريكية استراتيجية متكاملة ليس للعراق فقط، وإنما لـ(الشرق الأوسط الكبير)، وتضمن مخطط هذه الاستراتيجية العديد من المخططات الفرعية، التي حددت دوراً لكل طرف من الاطراف:
- المبادئ الرئيسية لموجهات الإدارة الأمريكية:
* إعطاء العراقيين دوراً في القيادة.
* مساعدة العراقيين في حماية السكان.
* عزل المتطرفين.
* إفساح المجال أمام إحراز التقدم السياسي.
* تنويع الجهود والأنشطة السياسية والاقتصادية.
* ملاءمة الاستراتيجية ضمن الوضع الإقليمي.
- المبادئ الرئيسية للتوجهات الأمنية:
مسؤولية العراقيين:
* القضاء على العنف الطائفي.
* مساعدة قوات التحالف والقوات الأمريكية في حفظ الأمن والسيطرة على بغداد وحماية السكان.
* تجنيد المزيد من العناصر العراقية، وضمان حياديتها في الصراع السياسي.
* تعزيز الجهود.
* العمل من أجل احتواء ظاهرة الميليشيات وعناصرها.
مسؤولية التحالف:
* مساعدة العراقيين في مجالات الأمن.
* تقديم المزيد من الموارد العسكرية والمالية والمدنية لدعم العراقيين.
* زيادة في دعم جهود القبائل والعشائر الراغبة في محاربة القاعدة.
* زيادة الجهود في مجال توسيع الفرص وتقليل المخاطر.
كذلك تضمن الاستراتيجية الأمريكية المزيد من العناصر والأهداف الأخرى، واعتبرها المراقبون بمثابة الفرصة الأخيرة لإدارة الرئيس بوش، ولكن وبرغم الإمكانات العسكرية والمادية والإعلامية والسياسية الضخمة التي تم توظيفها، لم تستطع الإدارة الأمريكية تحقيق أي تقدم في الاتجاه المطلوب. وإزاء الفشل وانكشاف الإخفاقات أمام الرأي العام الأمريكي تزايدت حدة الصراع في الكونغرس الأمريكي، وتقدم النواب الديمقراطيون للمرة الثالثة خلال ستة أشهر بمشروع قرار يدعو للانسحاب من العراق.
• الخلافات حول (النموذج العراقي) فيما بعد الانسحاب:
تركزت المخاوف الأمريكية في احتمالات قيام (نموذج الجمهورية الإسلامية العراقية) والذي بموجبه سوف يتحول العراق إلى تبني نمط الثورة الإسلامية الإيرانية المذهبي والعقائدي، على النحو الذي يمكن أن تنتقل عدواه إلى منطقة الخليج العربي.. وبالتالي تكون الإدارة الأمريكية لم تخسر العراق وحسب، بل خسرت كل جهودها الماضية في دعم صدام حسين في حربه ضد إيران، والتي هدفت لإضعاف الثورة الإسلامية الإيرانية والحيلولة دون تفشي وانتشار المذاهب الشيعية في المنطقة الإسلامية والعربية.
انحصرت خلافات الخبراء الأمريكيين في النماذج الآتية باعتبارها النماذج المقرحة لعراق ما بعد الانسحاب الأمريكي:
- النموذج الكوري الجنوبي:
ويتضمن قيام أمريكا بالاحتفاظ بقواتها ضمن قواعد عسكرية يتم توزيعها بعناية بحيث يتاح للإدارة الأمريكية استغلال (الفرص) الآتية:
* التواجد العسكري الدائم في الشرق الأوسط.
* السيطرة على النفط العراقي.
* توجيه الاقتصاد العراقي رأسمالياً.
* دعم بناء المحور العراقي- الإسرائيلي- الأردني.
* ضمان تبعية الاقتصاد العراقي.
كذلك يتيح هذا التواجد لأمريكا درء (المخاطر) الآتية:
* عدم التورط في الصراعات العراقية.
* عدم استنزاف الموارد المالية والبشرية والعسكرية الأمريكية.
* عدم التعرض لانتقادات الرأي العام الأمريكية والعالم.
* المساعدة في تحسين صورة أمريكا.
* إبعاد شبح الثورة الإسلامية الإيرانية عن العراق.
- النموذج اللبناني:
ويتضمن أن تحذو أمريكا حذو ما قامت به فرنسا في لبنان، وذلك عن طريق اعتماد نظام المحاصصة الطائفية والاثنية كأساس لقسمة السلطة في العراق.. وبالتالي تقوم سلطات الاحتلال الأمريكي بإجراء عملية تعداد سكاني، تقوم أمريكا بـ(إعلان نتائجها) واعتبارها أساساً نهائياً يتم على أساسه تحديد نصيب كل طرف عراقي في السلطة. ثم بعد ذلك يتم وضع اتفاقية دولية إقليمية بإشراف أمريكا على ضمان أمن العراق، وذلك لردع أي طرف إقليمي (وبالذات إيران) من التدخل لاحقاً والعمل من أجل هذه الصيغة.
- النموذج الفيتنامي:
ويتضمن قيام أمريكا بـ(فتنمة) الوضع العراقي، بحيث تواصل القوات الأمريكية القتال لفترة مؤقتة، تعمل خلالها على تسليم حلفائها العراقيين الواجبات الميدانية القتالية، وفي الوقت نفسه تنسحب تدريجياً، وتواصل ذلك حتى يصبح مسرح الحرب العراقي بكامله تحت مسؤولية حلفاء أمريكا العراقيين، ثم ينحصر دور أمريكا بعد ذلك في تقديم الدعم لهؤلاء الحلفاء، والضغط على الدول الإقليمية الأخرى مثل إيران وسورية والسعودية من أجل عدم التدخل، وتستمر العملية حتى يسيطر حلفاء أمريكا العراقيون على مقاليد الأمور بالكامل.
- النموذج البوسني:
ويتضمن قيام أمريكا بالعمل ضمن عدة محاور أبرزها:
* التنسيق مع الدول المجاورة للعراق في حفظ الأمن ومراقبة الحدود.
* تجميع الأطراف العراقية والضغط عليها من أجل التوصل إلى صيغة سياسية لإدارة شؤون الدولة العراقية.
* بناء القوات المسلحة العراقية وقوات الأمن والشرطة على أساس النسب الاثنية والطائفية الموجودة في المجتمع.
* دعم بناء القطاع الخاص كأساس للاقتصاد العراقي.
* اعتماد الفيدرالية الواسعة الصلاحيات كأساس للحكم الإقليمي والمحلي وتنظيم العلاقة وتوزيع الاختصاصات بين المركز والأطراف.
- النموذج الايرلندي الشمالي:
في النموذج الايرلندي الشمالي كانت الحرب مشتعلة بين الكاثوليك والبروتستانت، بحيث كان البروتستانت يطالبون بالبقاء ضمن التاج البريطاني، وكان الكاثوليك يطالبون بالانفصال عن بريطانيا، إما لتكوين دولة مستقلة، أو الانضمام إلى ايرلندا الجنوبية.. وظلت القوات البريطانية تعمل على تطبيق استراتيجية مكافحة التمرد حتى تم التوصل إلى اتفاق نهائي، أصبحت بموجبه ايرلندا ضمن التاج البريطاني، ولكن بصلاحيات فيدرالية واسعة.. وعلى غرار هذا النموذج، تقوم الإدارة الأمريكية بالاستمرار في مكافحة التمرد العراقي مهما طال الأمر، إلى حين استتباب الأمن والتوصل إلى حل نهائي تقبل به أمريكا.
ومن أنصار هذا النموذج الجنرال بتراوس قائد القوات الأمريكية الحالي في العراق، والذي وضع استراتيجية شبيهة لما كانت تقوم به القوات الأمريكية في ايرلندا الشمالية بالفصل بين السكان الكاثوليك والبروتستانت.. وهو نفس ما قام به بتراوس في عملية الفصل بين الأحياء السنية والشيعية في العاصمة بغداد، ويسعى الجنرال بتراوس إلى تعميق عملية الفرز والاستقطاب الطائفي والاثني في المدن العراقية، بحيث يتم فرض المزيد من الضغوط على السكان العراقيين في المناطق المختلطة بحيث تتم عملية نزوح واسعة إلى مواطنهم الأصلية: الشيعية في الجنوب، والسنة في الوسط والغرب، والأكراد في الشمال، أما العاصمة بغداد فتبقى مقسمة إلى أحياء لكل منها قاعدة خدماته واحتياجاته الأساسية، ثم يستمر الوضع لفترة طويلة، وبعد إحلال السلام بهذه الطريقة، يمكن أن تبدأ عملية اختلاط السكان بهدوء بين بعضهم البعض في المدن الرئيسية والثانوية، ثم الأرياف.
وعموماً، الصراع الدائر حالياً في الإدارة الأمريكية ومعارضة الرأي العام الأمريكي، وتزايد المقاومة العراقية سوف تؤدي إلى حسم أمر احتلال العراق في نهاية المطاف.
وحالياً يمكن القول: إن السقف الزمني المتاح أمام الرئيس بوش والجنرال بتراوس وجماعة المحافظين الجدد هو 15 شهراً فقط لا غير، وبعدها سوف تحدد الانتخابات الأمريكية الرئاسية القول الفصل. كذلك تجدر الإشارة إلى أن جميع المرشحين الحاليين للرئاسية يطالبون بالانسحاب من العراق. ماعدا مرشحين جمهوريين أحدهما أصبح بعيداً عن الحصول على تأييد الحزب الجمهوري له، والثاني تحاول جماعة المحافظين الجدد والديمقراطيين تلميعه ودفعه إلى مقدمة مرشحي الحزب الجمهوري، ولكن بين هذا وذاك، فإن الحزب الجمهوري كله أصبح بعيداً عن دائرة الفوز بالرئاسة الأمريكية.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...