ندوة عن المرأة في الدراما السورية

13-03-2008

ندوة عن المرأة في الدراما السورية

لم يخطر ببال عاملات النسيج في معامل نيويورك أن إضرابهن الذي نفذنه عام 1857 احتجاجا على الظروف اللا إنسانية في العمل سيعطي ثماره في 1945 في المؤتمر الأول لاتحاد النساء الديمقراطي ليكون عيدا للمرأة، وليقر رسميا عام 1975 من قبل الجمعية العمومية للمرأة ليكون عيدا عالميا في كل سنة في الثامن من آذار للاحتفال بالمرأة والسلام..
 قضايا المرأة وحقوق المرأة والتمييز ضد المرأة في الحياة الاجتماعية والقانون مازالت مواضيع ساخنة تستحق تكاتف كل المثقفين والحقوقيين للوقوف بجانبها ليس لأننا نريد الوقوف مع المرأة ضد الرجل ولكن لأن الانتقاص من حقوق المرأة هو انتقاص من إنسانيتها وبالتالي خلق مزيداً من القلق في المجتمع، ولا سيما في قانون الأحوال الشخصية وقوانين جرائم الشرف التي تعفي الرجل أو تخفف حكمه إذا قتل أخته أو أمه أو زوجته أو ابنته ليس لأنه ضبطها بالفعل الشائن ولكن لمجرد الشك أو الاشتباه.
ومن هنا يفسر الكثير من المهتمين بتلك القضايا موقفهم بأنه وقوف مع المجتمع والأسرة رجالا ونساء والقضية ليست قضية خاصة بالمرأة وإنما بالعدالة الإنسانية.
وتعزيزاً لهذا الدور نظمت لجنة دعم قضايا المرأة احتفالية تألفت من عدة فعاليات كانت بدايتها يوم 8 آذار اليوم العالمي للمرأة كرمت فيه فناناتنا السوريات
«نادين وضحى الدبس وأمل عرفة» كنماذج من النساء اللاتي نحترمهن واللواتي قدمن عبر مسيرتهن الفنية كماً من الأعمال تعاملن فيها مع حياة المرأة، وتم اختيار مجموعة من المشاهد للفنانات المكرمات من مسلسلات سورية مثل زمن الخوف، الحصرم الشامي، حسيبة، على حافة الهاوية لتنعقد بعدها جلسة حوارية كانت مثار الجدل عندما أطلقت فنانتنا الرائعة ضحى الدبس رأيها بأن الدراما السورية لم تعط المرأة حقها بسبب الرقابة الأخلاقية التي تنظر للأم على أنها رمز في الدراما..

- دارت الندوة التي أقيمت بعد مشاهدة مقاطع من الأعمال عن المرأة في الدراما السورية للفنانات المكرمات وألقت الضوء على ما يحملنه من وجهات نظر حول الدراما والحياة، فهل استطاعت هذه الدراما أن تحقق تقدما في النهوض بواقع المرأة؟ وإلى أي درجة من الممكن أن تقدم الفنانة السورية رؤيتها عن واقع المرأة في الدراما؟ تحدثت أمل عرفة: للأسف لم أحظ بفرصة مشاهدة «الحصرم الشامي» لأنه كان مشفرا والآن وفي هذه المقاطع عرفت لماذا كنت أحب «ضحى الدبس» دائما ولماذا أحترمها إلى هذه الدرجة لأنها شخصية تملك أخلاقا عالية وإحساسا عاليا في العمل. لا أعلم كم أثرت الشخصيات التي قدمتها على الناس لكنني متأكدة من أن الدراما من الممكن أن تقوم بالتغيير مثلما استطاع العمل «امرأة في الظل» أن يغير في أحد قوانين الأحوال الشخصية وهو فترة الحضانة.. ففي الوقت الذي عجز فيه قضاة عن تغيير القانون استطاع الفن أن يغير.. لذلك الفن هو سلاح خطير لأنه مؤثر ويصنع الوعي.. الدراما السورية هي على الأغلب دراما ذكورية ومن النادر أن نرى بطولة مطلقة أو فيلماً أو مسلسلاً أحداثه تدور حول حياة أم، ومع أننا نشهد حالات جديدة في الدراما تترسخ لكن في النهاية نحن لم نطلب أن تتحول القصة إلى جبهات للقتال ولكن جرت العادة أن تكون الدراما العربية والمصرية والسورية دراما ذكورية.. بعض الأعمال طرحت نفسها بطريقة سطحية عندما قدمت الأم بمثابة الخادمة في البيت- وهذا رسخته الدراما منذ سنين طويلة- والتي يشتمها ابنها وينكد عليها قبل أن يذهب إلى الجامعة مثلا لتودعه بـ«الله يرضى عليك» يجب أن نغير هذه النظرة.. ولكن من الصعب أن نحكي بمفهوم المرأة بالدراما أو الطفل بالدراما فهي كلها حالات إنسانية.. هناك مشكلة تواجهها الممثلة السورية في الدراما وهي أنها عندما تتجاوز مرحلة الصبا التي يمكنها فيها أن تقدم دور بنت الجامعة أو «الحبيبة» تقريباً توضع على الرف ويعطونها أدواراً تسبب لها الصدمة فمن الفتاة الصغيرة إلى دور الأم وهذا يؤكد أن الدراما عندما تركز على المرأة تركز على مرحلة عمرية معينة.. لا أحد يفكر بالوحدة التي تعيشها امرأة في الخمسين وأعتقد لحساسية المرأة أن الوحدة بالنسبة لها أقسى بكثير من الرجل.. ومع كل الاحترام لكل الذين يشتغلون على قضية المرأة – أنا ماني هون- أعتذر كثيرا والسبب أعرفه مع نفسي لأنني أحس بأن طرح قضية المرأة يوحي بأن هناك ظالماً ومظلوماً وحاكماً ومحكوماً وأنا أرى أنني مسؤولة عن قضية «بني آدم» سواء أكان ذكراً أم أنثى وعندما أمثل دور امرأة فهذا لأنني أنثى ولا أستطيع أن أكون مكان الرجل كممثل، وأنا أساهم كممثلة بأن ألقي الضوء على قضية مجتمع، وأنا لست مع تسمية قضايا المرأة وهي ممكن أن تكون قضية أنثى قضية بني آدم وهذا لا يمنع أبدا أن هناك نساء «مظلومات» وهناك نساء لم يأخذن حقهن وهناك نساء على الهامش وأحزن كثيرا عندما أرى امرأة متزوجة من شخص مثقف أو متنور وتعاني لكنني أعتقد أن هؤلاء النساء يتحملن جزءاً كبيرا من المسؤولية..

- لا يمكن أن يتغير وضع المرأة بمئة عمل أو ألف.. لأن حياتنا غنية بالأحداث والقصص والعبر والآمال، وأقول عن نفسي نكذب إذا قلنا إن الدراما أعطت للمرأة حقها.. وما تم كان تسليط الضوء على حياتها، ومنذ سنين بدأت الدراما تقدم المرأة بمواقع حساسة مهندسة ووزيرة وبدأت تقدم المرأة بشكلها الواقعي وبدأت المرأة تحس بأن وظيفتها الاجتماعية ليست فقط كأم ولكن امرأة لها دور بالمجال العملي، وهذا الوعي بالدراما شيء جميل ومن هنا نستطيع أن نقول إن الدراما خطت خطوة باتجاه الطريق الصحيح عندما أضاءت بعض الجوانب ولكن هناك العديد من الجوانب يجب أن تضاء وهذا بحاجة إلى سنين.. وبالنسبة لي بشكل خاص أحببت أن أخوض عالم الأم مبكرا ودخلته مبكرا لأن هذا العالم أغراني فهو الغني والمملوء بالأحاسيس والتفاصيل رغم أنه شائك، وقبلت أن أعمل مع رشا شربتجي دوراً صغيراً جدا كنت فيه ضيفة لدور امرأة مسلوبة الإرادة ولكنها صاحبة قرار.. أحببت أن أخوض مجال الأم لأنني أحب المغامرة دائما، وانتقدوني لأنني دخلت مبكرا إلى عالم الأم لأنه بحاجة إلى امرأة أكبر مني لكنني قلت لهم إننا نرى الكثير من الأمهات اللاتي لا نفرقهن عن بناتهن وهذا واقع لماذا تكون الأم هي المرأة مجعدة الوجه.. أعمالي ليست ضمن هاجس تقديم أعمال للمرأة وأنا لا أتحيز لفرد معين من المجتمع ولكن عن الإنسان بشكل عام وعن كل القضايا مثل الطفل والشباب.. لأن قضية المرأة لا تنفصل عن المجتمع كله ولا يجب أن يكون لدينا هذا التحيز لقضية المرأة.. يجب على المرأة أن تعي نفسها لأن جزءاً كبيراً من السيدات يعتمد على المظهر الخارجي بينما نجد أن الاعتناء بالداخل هو ما يمنح المظهر الخارجي الجمال.. وأنا لا أعتبر أن المرأة التي تعيش بين أربعة جدران امرأة متخلفة لأننا نحن خرجنا من رحم هؤلاء الأمهات بمثل وأقوال وقوانين حياتية، هذا ليس تخلفا إنما هو موروثنا الذي نعتز به..

- في كل عمل تقدمه ضحى الدبس يضيف إليها مثلما تضيف إليه بعدا جماليا آخر، وآخر ما قدمته كان دورا هائلا في «الحصرم الشامي». فنانة لا تقيم أي مسافة بين حقيقتها الإنسانية ومواقفها وبين ما تشارك به في الأعمال الدرامية:
عيد المرأة هو فرح ولكن بنفس الوقت هو غصة لأننا في كل عيد يمضي نحلم بأن يتغير شيء في وضع المرأة للأسف كل عيد يكرر نفسه.. وإذا سألنا لماذا المرأة تحس بالضعف فسنكتشف لأن القانون هو الذي يحمي الرجل أكثر من المرأة، وأيضاً جرائم الشرف التي تدفع ثمنها المرأة.. وأي قضية خيانة تكفي لأن تسحق المرأة أما يوميات الرجل المملوءة فلا أحد يعلق عليها.. هذه بعض من المنغصات وأتمنى أن يكون هناك إجراء جديد مترافق مع كل عيد.. المرأة التي تضاعفت مسؤولياتها تكون فاشلة في عملها أو غير قادرة على استلام مناصب، ثم يعلو الصوت بأن النساء لا تستحق المناصب الكبيرة، ولم نفكر لماذا؟ المناصب الكبيرة بحاجة إلى حلول تقدم للمرأة إما بتغيير القوانين أو بالعمل على توعية المرأة والرجل، وأحياناً أحمل الدراما المسؤولية لأن تأثيرها كبير جدا حتى ولو أن هذه المواضيع حساسة رغم أننا لمسنا بعض المحاولات ولكن يجب أن يكون النتاج أكبر وأن تكون القضايا أغنى وأعمق إن كان بالقانون أو بعمق مشاكل المرأة كأن ندخل إلى العوالم النفسية والروحية... وبالمكتوب الذي يقدم لنا ليس هناك مساحة لنقدم وجهة نظرنا.. الدراما السورية مقصرة بحق المرأة، وهذا يضعنا أمام سؤال كبير وعريض: لماذا؟ هل المشكلة في أننا لا نملك كتّاباً؟ أم إن الدراما السورية هي ذكورية؟؟ لدينا شيء في الدراما اسمه ممنوعات ولدينا حدود مرسومة لفسحة كلامنا وعندما نريد أن نتكلم عن الخيانة مثلا نستطيع أن نتكلم عن الرجل بحرية وجرأة ولا أحد يعترض ولكن إذا قلبنا الآية وجعلنا المرأة هي التي تخون فهل لدينا الجرأة لنطرح هذا الموضوع؟ برأيي المسألة مسألة خوف – معلقة «يوم المرأة وبدي احكي»- وسأضرب مثالاً: كنا مرة في عمل وفي أحد المشاهد لدينا بنت صغيرة والدها يريد أن يغصبها على شاب فتأتي هذه البنت وتضع رأسها على حضن أمها تشتكي وعند هذه اللحظة تنقاد المرأة في خيالها ويصبح عندها حالة بوح لتتذكر ما حصل معها.. فوجئنا بأن الرقابة وضعت «اكس» على المشهد، والسبب أن “الأم” هي رمز لا يجوز تدنيسه.. وهذه الرقابة مأخوذة من الواقع الاجتماعي لأن الرقابة تعرف ما معنى أن نعرض هذه الحالة.. الرقابة تتبنى شيئاً ممنوعاً اجتماعيا ولا تستطيع أن تفتح الأبواب وتدخل لترى ما يحدث فيها لأنه لدينا تابوات كثيرة عادات وتقاليد ودين.. وبالنسبة لنا نحلم بأن نصل لمرحلة اختيار الدور لأن المخرج يحكمني ويحكمني الدور ولدينا كثيرات من النجمات يستطعن أن يخترن أدوارهن لكن أنا مازلت إلى الآن لا أختار يأتيني الدور فأقبله أو أرفضه وما أفعله أنني أفكر بالدور فإذا كان سيرسخ ما لا أقتنع به ببساطة أرفض ولكن الأدوار التي آخذها أشتغل عليها لأحمّلها موقفاً، حتى ولو كانت أماً شعبية وضعت في موقف ولكن هذه الأم تتفاعل مع الموقف كأم مثقفة بالفطرة لأؤكد أن هناك نساء يتعاملن بالحياة بشكل أكبر من أي مثقف بالفطرة..
وهناك بعض الأعمال ومن دون ذكر أسماء التي تغنت بموروث يرسخ صورة نمطية للأم حتى ولو كان في مرحلة من المراحل.. ليست شجاعة أن نتكلم بها وإذا أردنا أن نوثق يجب أن نتغنى ونوثق لشيء جميل عندنا وهنا يجب أن نتوقف عند وظيفة الدراما: فهل مهمتها التوثيق ونقل هذا الواقع كما هو؟ يجب أن يكون هناك مهمة للدراما.. هل أنا أمثل في هذا الدور فقط لأستمتع وأتلقى مالا؟ إنها أعمال بيئية وحقيقية ولكن يجب أن نأخذ موقفاً عبر عدة وسائل إما بخط يضاف للعمل يوضح موقفنا مما يحدث أو أن نعمل على هذه الشخصية مثلما نعمل في المسرح ونحمّلها موقفاً لنترك عند المتلقي موقف حب أو كره، وليس أن نجلس ونستمتع بشخصيات تثرثر وتقلقل على مدى ثلاثين حلقة «لإنو نحنا ناس منستمتع ومنسلطن على الثرثرة» وتأتي الأعمال التي تعتمد هذا النوع «فنسلطن» عليها ونعطيها أكبر نسبة تصويت – تصفيق حاد-.

فاديا أبو زيد

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...