من يقود الأغبياء العرب وإلى أين يأخذهم

07-12-2012

من يقود الأغبياء العرب وإلى أين يأخذهم

الجمل - ترجمة: رندة القاسم:

يجب النظر إلى القتال الأخير بين قطاع غزة و إسرائيل في نطاق رقعة شطرنج جيوسياسية أوسع. فأحداث غزة مرتبطة بسورية و المناورة الأميركية ضد إيران و نظام تحالفها الإقليمي.
اتفق على أن سورية كانت القناة لتمرير الأسلحة إلى غزة، و ذلك قبل زعزعة استقرارها الداخلي. و قد استثمرت إسرائيل الأمر سياسيا و عسكريا. إذ لم يحاول بنيامين نيتينياهو ضمان فوزه في انتخابات الكنيست عبر الهجوم على غزة فحسب، و لكنه انتهز أيضا فرصة زعزعة الاستقرار في سورية برعاية الولايات المتحدة لاستهداف مخزون الفلسطينيين من الأسلحة.
إذ اعتبر نيتينياهو أن غزة لن تكون قادرة على تسليح نفسها مع اضطراب سورية و حلفائها. و تفجير معمل اليرموك للأسلحة  في السودان ، و الذي قالت إسرائيل أنه مملوك من قبل الحرس الثوري الإيراني، كان على الأرجح جزءا من هذه الخطة و لاستهلال هجوم إسرائيل على غزة.
في لعبة الشطرنج هذه يوجد ما سمي ب"المعتدلين" (و هو لقب مضلل استخدمه كل من السيدين جورج بوش الابن و توني بلير لتنظيف صورة المتآمرين معهم في المنطقة من الطغاة و الأنظمة الرجعية) إلى جانب إدارة أوباما و الناتو. و هؤلاء المسمون معتدلين يضمون دكتاتوريي الصحراء الموجودين في مجلس التعاون الخليجي العدائي و الأردن و محمود عباس و تركيا. و في عام 2011 انضم إلى صفوف المعتدلين حكومة ليبيا التي عينها الناتو و الميليشيات المعادية للحكومة التي دعمها الناتو و مجلس التعاون الخليجي و أطلقاها في سورية.
و في الجانب الآخر من الرقعة تقف بتحد كتلة المقاومة المؤلفة من ايران، سورية، حزب الله ( و شركاء حزب الله في لبنان مثل أمل و التيار الوطني الحر) و جبهة الرفض الفلسطينية و العراق بشكل متزايد. و الأخوان المسلمون ، المنبثقون كقوة إقليمية جديدة، يدفعون بشكل متزايد لدخول معسكر المعتدلين من قبل الولايات المتحدة و مجلس التعاون الخليجي في محاولة للعب بورقة الطائفية ضد كتلة المقاومة.
هجوم إسرائيل على غزة كان اختبارا، فكل الأصوات التي دفعت باستمرار الجهاديين المدعومين من أميركا ضد الحكومة السورية باسم الحرية اختفت أو فجأة لاذت بالصمت عندما هاجمت إسرائيل غزة. الواعظ التلفزيوني في قناة الجزيرة يوسف القرضاوي و مفتي السعودية عبد العزيز، المختار من قبل الدكتاتور، كانا صامتين. عدنان العرعور، رجل الدين السوري غريب الأطوار المنفي في السعودية ، و هو واحد من الشخصيات الروحية للقوى المعارضة للحكومة، هدد بمعاقبة أي شخص يقول بأن القاعدة ضمن صفوفهم ، بل انه وبخ حماس و الفلسطينيين لقتالهم إسرائيل.
في الواقع وضعهم قتال غزة في ورطة. و هنا نرى التناقضات في "ربيعهم العربي"، و نرى الآن من الذي يقدم وعودا كاذبة بالحرية الفلسطينية و من لا يفعل. و الأكثر من ذلك، المؤيدون الأجانب للتآلف الوطني السوري، و هو الشكل الجديد للمجلس الوطني السوري، مؤيدون أيضا لإسرائيل. و لهذا كان أي ذكر للدعم الذي قدمته ايران و سورية و حزب الله لغزة أمرا محظورا بين الداعمين للقوى المعادية للحكومة في سورية. كل ما قالوه هو أن أي إقرار بالدعم الذي قدمته طهران و دمشق و حزب الله إلى غزة هو محاولة "لتنظيف بشار الأسد و مؤيديه".
صورايخ فجر 5 الإيرانية هي رمز لدعم طهران للفلسطينيين. و رغم حقيقة أن إسرائيل و غزة غير متكافئتين، إلا أن أسلحة إيران و تقنياتها هي من غيرت ميزان القوة. فإيران كانت الحليف و الداعم الأساسي للمقاومة الفلسطينية. و الولايات المتحدة و إسرائيل و حزب الله و حماس و الجهاد الإسلامي الفلسطيني و إيران نفسها أقروا ذلك بطرق مختلفة.
الجهاد الإسلامي الفلسطيني، المؤيد لإيران دون إحساس بالذنب، أعلن بأن كل شيء استخدمته غزة في القتال ضد إسرائيل، من الرصاص الى الصورايخ، تم تزويده بسخاء من قبل طهران. بل ذكر خلال القتال بأن حزب الله، باستخدام وحدة خاصة مكرسة لتسليح الفلسطينيين، أعاد تزويد قطاع غزة ببعض من صواريخه طويلة الأمد.
كل هذا كان يحدث بينما الأوغاد في السعودية و قطر و تركيا يقومون عوضا عن ذلك بتسليح الميليشيات المعادية للحكومة السورية. و الأردن و مصر تستمران بكونهما شريكتين أساسيتين في الحيلولة دون وصول السلاح الإيراني إلى الفلسطينيين.و تلقى المقاتلون الفلسطينيون أيضا  تدريبات في لبنان و سورية و إيران ، و لسخرية القدر أن القوات المعادية للحكومة في سورية تستهدف أيضا أعضاء من جيش التحرير الفلسطيني في سورية.
و الدعم الذي منحته كتلة المقاومة للفلسطينيين وضع هؤلاء الممثلين ،مثل تركيا و قطر ،المعادين للحكومة السورية في مأزق حقيقي. فتلك الدول المسماة سنية شعرت بالحرج، ليس فقط بسبب فشلها مساعدة شعب ذي غالبية سنية، و لكن أيضا لانكشاف نفاقها. و لهذا كان هناك جهود قوية لإنكار الدعم الذي قدمته إيران و حلفائها لغزة.
و على خلفية كل هذا، فان الهجوم الإسرائيلي على غزة و تودد "المعتدلين" لحماس هو أكثر من مجرد تحييد لغزة. فقادة حماس تعرضوا لإغراء الاختيار بين معسكري المعتدلين و المقاومة، و بين مقاومة تحت السيطرة أو أخرى فاعلة  ضد  الاحتلال الإسرائيلي. و من جانب آخر، سعت حماس إلى نوع من التسوية مع الولايات المتحدة و إسرائيل. و الهدف هو فصل الفلسطينيين، و خاصة حماس، عن كتلة المقاومة بهدف تصوير إيران و حلفائها كتحالف شيعي ينوي السيطرة على السنة.
و إن كنت غبيا كفاية بحيث تسقط فريسة لهذا الأمر، عندها أهلا  بالفتنة الأميركية الهادفة لإشعال حرب أهلية إسلامية بين الشيعة و السنة. و إدارة أوباما تحاول بناء و توجيه محور سني ضد شيعة المنطقة.
إنها إستراتيجية فرق تسد الكلاسيكية التي تستخدمها الولايات المتحدة و إسرائيل للسيطرة على المنطقة مع إضعاف المسلمين من خلال إراقة دماء بعضهم البعض. و بشكل نظامي يتعرض الشيعة لتشويه السمعة في الحرب الإعلامية الجديدة، فإيران و حزب الله و بشار الأسد( العلوي الذي يلقب باستمرار بالشيعي لأجل هذا المشروع) و إدارة نوري المالكي في العراق يصورون على أنهم القامعون الجدد للسنة. و في الطرف الآخر تقدم تركيا، بسياستها الخارجية المتصفة بولادة العثمانية الجديدة، و مصر تحت حكم الأخوان المسلمين على أنهم أبطال السنة. رغم أن محمد مرسي استمر بحصار غزة لأجل إسرائيل و أردوغان لاذ بالصمت حين بدأت إسرائيل قصف غزة.
و تحاول الولايات المتحدة استخدام أخوان مسلمي مصر للسيطرة على حماس، لأن القاهرة هي من توصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل و غزة. و في الوقت الذي قدمت إيران التكنولوجيا العسكرية و الدعم اللوجستي و المالي، يصور المصريون على أنهم بطاقة غزة لتأسيس شكل من النظام و يقدم مجلس التعاون الخليجي كبديل للتمويل. و لهذا زار أمير قطر غزة لإقناع حماس بواسطة البترودولار.
و لم يفت الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله اشتراك مشعل بالعملية السياسية ، لذا و بعد ساعات رد بخطاب يسأله فيه من الذي بذل الجهود لنقل صورايخ فجر 5 إلى غزة؟ و طالب نصر الله الناس ألا ينظروا إلى  أصدقاء غزة الظاهريين، مثل القطريين و السعوديين الذين يعتقدون أنهم يستطيعون شراء مجد الفلسطينيين، و لكن النظر إلى أصدقاء غزة المجربين الذين مكنوها من الوقوف على أقدامها. و بعد ذلك أكد القائد اللبناني مجددا الاستمرار في دعم كتلة المقاومة لأجل الشعب الفلسطيني.
الانقسام في الشرق الأوسط ليس طائفيا بين السنة و الشيعة، و لكنه في الأساس سياسي . و التحالف بين حركات المقاومة الفلسطينية ذات الغالبية السنية و التيار الوطني الحر  (وهو أكبر حزب لبناني بغالبية مسيحية) و إيران و حزب الله ذي الغالبية الشيعية يجب أن يشل هذه الرؤية التي تحاول الولايات المتحدة و حلفاؤها زرعها.


*بقلم مهدي داريوس نازيمورايا  مؤلف و محلل جيوسياسي يعمل في مركز بحوث العولمة في كندا
عن Russia Today

الجمل- قسم الترجمة

التعليقات

يحتاج الأغبياء العرب بحكم غبائهم لمن يقودهم , لكن أغبى عقلاء الغرب يستنكف عن قيادتهم, كونهم - بعكس الحيوانات الأليفة - يفتقرون للقدرة على التعلم من تكرار الخطأ نفسه.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...