شهبا الأثرية في عهدة من يخصصونها «لحاجاتهم الفيزيولوجية»

23-12-2009

شهبا الأثرية في عهدة من يخصصونها «لحاجاتهم الفيزيولوجية»

لا ينقص مدينة شهبا الأثرية في السويداء ذات التاريخ العريق إلا أن يدون في زوايا أبنيتها الصامدة منذ عصور قديمة جمل الردع المعتادة والتي لا تجدي في وجه من يقومون ببعض الحاجات الفيزيولوجية في الأمكنة غير المناسبة، ويظنون بأن الأمكنة الأثرية تصلح كحمام مفتوح على الفضاء مخصص لمخلفاتهم، أو مكب لقماماتهم... فما الذي يجدي إذا كانت القيمة التاريخية والأثرية وفق معايير الإهمال التي تصيب آثارنا تساوي –حسب ذهنية المستهترين بالآثار- بين الحمامات الرومانية في شهبا وبين الجورة الفنية العصرية المعتمدة كآلية بدائية للصرف الصحي في بعض مناطق الريف الحالم بخدمات لائقة..؟!

عندما يأتي السائح إلى شهبا –خصوصاً السائح الأوروبي- سيوثق وبالصور آثار شهبا إضافة إلى مشاهد المخلفات البشرية وغيرها وهي عينة من المشاهد التي توثقها الصور المرافقة حيث يحلو للبعض من الزائرين والعابرين في المكان بأن يسجلوا موقفاً يكشف الجهات المعنية بالآثار وغير المهتمة بالآثار، ويفضح فقدان الخدمات الرسمية المطلوبة قرب الأماكن الأثرية، وفقدان الحراسة والرقابة... 
 ‏ إذاً ما الذي يميز بين شهبا في العهد الروماني مثلاً حيث أقيمت المعابد والمسارح والقصور ونافست أهم المدن في الامبراطورية الرومانية، وشهبا عام 2009 التي تنافس في قمامتها العشوائية وزواياها المخصصة للسياحة وللتبويل محطة ترحيل القمامة المجاورة لباب شرقي بدمشق منذ 18 عاماً تحت اسم أنها محطة ترحيل مؤقتة؟! ‏

ماذا لو تمت الكتابة على جدران شهبا الأثرية لا تبول هنا يا...، ولا تلق القمامة يا ابن...؟! أو لا ترم القمامة تحت طائلة المسؤولية...؟ ألا يشبه ذلك القول مثلاً: لا تعبر بجوار باب شرقي ومحطة ترحيل القمامة بدون كمامة...!، أو لا تلمس سور مدينة دمشق القديمة كي لا يصيبك السخام؟! ‏

ترى من يضع المديرية العامة للآثار أو الجهات الإدارية المعنية بتأمين أفضل حماية وخدمات للمواقع الأثرية تحت طائلة المساءلة أمام مشاهد الاستهتار بالآثار؟! ‏

بعض السياح والزائرين والعارفين بوضع شهبا الأثرية يشيرون إلى بعض الكولبات والمحلات المخالفة حول منطقة الحمامات الأثرية والتي لا تضيف أي مشهد لائق للمكان، ويتساءلون هل من منقذ من هذا الوضع الرديء لشهبا؟ ‏

وهكذا فشهبا في النبذة التاريخية هي مدينة أثرية متكاملة حيث يقف الكثير من أوابدها شامخاً حتى اليوم وتدل على حضارة مزدهرة قامت على أرض شهبا، وهي من المدن الرومانية الهامة ونموذج رائع للمدن التاريخية بكل مقوماتها، وآثارها تدل على عظمتها وتاريخها بكل وضوح... ‏

إذاً هي شهبا الأثرية وذاتها شهبا التي تم توريثها جيلاً عن جيل حتى أصبحت في عهدة المديرية «الهامة» للآثار والمتاحف وفي عهدة العابرين ممن يفهمون أن الآثار تصلح أمكنة لهواياتهم ولحاجاتهم ‏الفيزيولوجية!! ‏

ظافر أحمد

المصدر: تشرين

التعليقات

الموضوع كثييير حلو ... وبيطرح أسئلة محرمة هذا الشخص أو غيره الكثيرين في كل محافظات القطر لا يمتلك الثقافة اللازمة لإدراك أهمية هذه الآثار وهذا منبثق من خلفيته الإجتماعية والإقتصادية والثقافية التي لم تستطع الدولة حتى يومنا هذا أن تؤمنها له. بداية بعدم وجود الحمامات العامة. ثانياً عدم وجود فريق مختص يحرص على الإهتمام الدائم بهذه الآثار وحمايتها، فأنا من مدينة شهبا وأحس أحياناً أن هذه الآثار متروكة للزمن والعبث ليزيلها أو يمحي ملامحها بسبب عدم الإهتمام والترويج لها بالشكل الصحيح والتجديد الدائم عليها من ترميم وغير ذلك.

هي هكذا ثقافة الآثار والشعب السوري المهتم بكمالياته وحاجاته الضرورية.. كيف تستطيع أن تفهم شعب أهميتها أو تمنحه بعضاً من الثقافة وتمده بروح الحضارة، إذا كان يلهث كل الوقت لتحصيل لقمة عيشه.. إذا كان كل تفكيره محصور بـ كيف يحصل على المال من أجل استمراره بالحياة..

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...