الموقف الأمريكي تجاه التوترات الهندية - الباكستانية

11-12-2008

الموقف الأمريكي تجاه التوترات الهندية - الباكستانية

الجمل: تزايدت التوترات على خط نيودلهي – إسلام آباد على النحو الذي أصبح يهدد بتشكيل بؤر صراع نوعي جديد تعمل باتجاه المزيد من التعبئة الفاعلة – السلبية في العلاقات الهندية – الباكستانية المتوترة أساساً، بما يهدد هذه المرة باستدراج الهند في سيناريو الصراع والعنف السياسي السلوكي المندلع حالياً في الساحتين الأفغانية والباكستانية.
* مفاعيل الصراع على خط نيودلهي – إسلام آباد:
بسبب الخلافات الإسلامية – الهندوسية التاريخية نشأ الصراع الهندي – الباكستاني حول إقليم كشمير وبسبب الخلافات البوذية – الهندوسية التاريخية دخلت الصين طرفاً في الصراع حول الإقليم، وحالياً تحتل كل واحدة من هذه الأطراف جزءاً من الإقليم، هذا، وقد أدى توازن القوى بين الأطراف إلى نشوء حالة اللاحرب واللاسلم لفترة طويلة حيث استمر الوضع على ما هو عليه على الحدود الهندية – الباكستانية، والهندية – الصينية، والباكستانية – الصينية داخل الإقليم. وبرغم ذلك، فقد انخرطت أجهزة المخابرات والقوى السياسية الكشميرية في ظاهرة الشبكات وتنفيذ العمليات السرية والمسلحة.
نجحت الصين في فرض سيطرتها الكاملة على الجزء الواقع تحت سيطرتها من الإقليم ولكن الهند وباكستان لم تنجحا في تحقيق ذلك بسبب اقتسام النفوذ بين الطرفين حيث:
• باكستان تسيطر على السكان المحليين بسبب انتمائهم الإسلامي وقوميتهم (الأردو) التي تشكل أغلبية سكان الإقليم.
• الهند تسيطر على الهياكل السياسية والإدارية مدعومة بالأقلية الهندوسية التي تقطن الإقليم.
بسبب تداعيات الحرب السوفيتية – الأفغانية وتحولها إلى حرب جهادية انخرطت فيها الحركات الإسلامية المنتشرة في سائر أنحاء العالم انتقلت عدوى الحركات الإسلامية إلى الإقليم وبالفعل فقد نشأت الحركات المسلحة الإسلامية الآتية فيه:
• حركة عسكر طيبة.
• حركة حزب المجاهدين.
• حركة جيش محمد.
• حركة المجاهدين.
هذا، وإلى جانب هذه الحركات نشأت العشرات من الحركات الأصولية الإسلامية الأخرى ولكن هذه الحركات الخمسة تعتبر الحركات الرئيسية وتجدر الإشارة إلى أن حركة عسكر طيبة هي الأقوى والأكثر خطراً ونشاطاً، بسبب ارتباطاتها الوثيقة بحركة طالبان وتنظيم القاعدة إضافة إلى الطابع الاستراتيجي – التكتيكي العابر للحدود الذي ظلت تعمل وفقه هذه الحركة وذلك لجهة تبنيها المذهبية الجهادية، وبالتالي العمل في كافة أنحاء شبه القارة الهندية، وتقول المعلومات أن الحركة تنشط حالياً في الساحات الهندية والباكستانية والأفغانية على النحو الذي يجعلها في مصاف تنظيم القاعدة.
استطاعت الحركات الإسلامية الكشميرية المسلحة أن تحقق التكامل العملياتي والتعبوي مع الحركات الإسلامية في شبه القارة الهندية، إضافة إلى أنها استطاعت التغلغل في أجهزة المخابرات والجيش الباكستاني بسبب ارتباطاتها القديمة مع الأجهزة الباكستانية إضافة إلى أن قضيتها الأساسية التي تحارب من أجلها في كشمير هي انفصال كشمير عن الهند بحيث يتم إقامة دولة خلافة إسلامية مستقلة في كشمير أو الانضمام لدولة باكستان طالما أن نظامها إسلامي والدستور يؤكد إسلامية الجمهورية الباكستانية.
* لعبة الصراعات بالوكالة في شبه القارة الهندية:
دخلت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في شبه القارة الهندية واستخدمت الحركات الأصولية في حربها ضد الاتحاد السوفيتي، ولاحقاً دخلت الوكالة في محاولة استخدام هذه الحركات كبروكسيات في حرب الوكالة ضد الصين. لجأت باكستان إلى استخدام هذه الحركات ضد الهند كذلك وحالياً:
• تحاول واشنطن استخدام الهند كبروكسي في الصراع مع الصين.
• تحاول واشنطن استخدام باكستان كبروكسي في الصراع ضد الحركات الأصولية.
ولكن بسبب فشل واشنطن في استخدام باكستان لجأت إلى محاولات جديدة تهدف إلى الآتي:
• تعميق الخلافات الهندية – الباكستانية بما يؤدي إلى استخدام نيودلهي في تهديد إسلام آباد.
• تحييد الصين عن طريق تهديدها باحتمالات تصعيد التمرد البوذي التبتي الذي يقوده الدالاي لاما بدعم المخابرات الهندية والأمريكية.
تقول السردية بأن سيناريو استخدام الورقة الأمريكية الجديدة قد بدأت أولى حلقاته بقيام الهند بمطالبة باكستان بالآتي:
• تسليم 40 شخصاً باعتبارهم مسؤولين عن تفجيرات مومباي وبعض التفجيرات الأخرى.
• التعاون الكامل مع السلطات الهندية في القضاء على خطر الحركات الأصولية الإسلامية الكشميرية.
• التعاون مع الهند في تفكيك البنيات التحتية للحركات الأصولية الإسلامية الناشطة في كامل منطقة شبه القارة الهندية.
هذا، ونلاحظ أن الهند لم تطالب الصين بتسليم عناصر الحركات الشيوعية الماوية الناشطة في الهند الذي يتخذون من الأراضي الصينية قواعد دائمة لهم إضافة إلى تلقيهم المنتظم للدعم الصيني. ونلاحظ أن الموقف الأمريكي إزاء التوترات الهندية – الباكستانية كان يتسم بالخبث الشديد وتضمن النقاط الآتية:
• أن لا تستعجل الهند القيام بالرد العسكري ضد باكستان.
• أن تتعاون الهند وباكستان جنباً إلى جنب مع أمريكا في محاربة الإرهاب في كل مناطق شبه القارة الهندية (أفغانستان – باكستان – الهند – بنغلاديش – بوتان – نيبال - سيرلانكا).
• أن تتعاون الهند وباكستان في القضاء على الحركات الإرهابية الكشميرية.
ونلاحظ عند تشغيل هذا السيناريو أنه لن يؤدي إلى مكافحة الإرهاب وإنما إلى توليد السيناريوهات الفرعية:
• قائمة المطلوبين التي قدمتها نيودلهي لباكستان هي قائمة تتضمن زعماء الحركات الانفصالية الكشميرية المقيمين في باكستان.
• قيام باكستان بتسليم عناصر القائمة سيؤدي إلى الآتي:
- القضاء على الحركات الكشميرية الداعمة لباكستان.
- تسليم مواطنين كشميريين من أصل باكستاني.
- تسليم الكشميريين المتعاونين مع الأجهزة الباكستانية وهذا معناه انكشاف ملفات هذه الأجهزة للمخابرات الهندية وبالتالي الأمريكية والإسرائيلية.
- إشعال المواجهة داخل باكستان بين الحكومة والحركات الأصولية.
- إشعال الخلافات والعداوات مع تنظيم القاعدة وطالبان اللتان تؤيدان وتدعمان الجماعات الإسلامية الكشميرية وعلى وجه الخصوص حركة عسكر طيبة التي تعتبر الفرع الكشميري لطالبان والقاعدة.
- القضاء على الأيادي الخفية التي ظلت الأجهزة الباكستانية تستخدمها في ابتزاز أمريكا في الساحتين الأفغانية والباكستانية وابتزاز الهند في الساحة الكشميرية والهندية.
سيناريو تحويل باكستان إلى طرف متعامل مع الهند هدفه الرئيس غير المعلن هو إثارة نقمة كل من الحركات الأصولية الأفغانية والباكستانية في مناطق القبائل والحركات الإسلامية الكشميرية ضد إسلام آباد. وفي حالة استدراج إسلام آباد إلى مواجهة كبيرة مع هذه الحركات فإن أولى التداعيات ستتمثل في انهيار الجيش الباكستاني ذو الأغلبية الباكستانية من أصول كشميرية المتميزين بالنزعة الإسلامية المتشددة أو الباشتونيين ذوي الأصول التي تتمركز في مناطق القبائل المتميزين بالنزعة الإسلامية كذلك.
إن القصد من استخدام سيناريو ورقة الضغط الهندية ضد باكستان هو إشعال الساحة الباكستانية بما يؤدي إلى توسيع مسرح الحرب الأفغانية بإضافة المسرح الباكستاني الذي سيندمج مع المسرح الكشميري ولاحقاً سيمتد إلى شمال الهند حيث يقطن حوالي 250 مليون مسلم في مواجهة 750 مليون هندوسي، وبرغم ذلك، فإن توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة لا تحمل بين ثناياها أي خطوط للتهدئة بل على العكس، إذا كانت إدارة بوش قد سعت إلى سحب القوات الأمريكية من أفغانستان وإرسالها إلى العراق، فإن حملة الرئيس الجديد أوباما ركزت على ضرورة سحب القوات الأمريكية من العراق وإرسالها إلى أفغانستان. فهل سيكون سيناريو استخدام الورقة الهندية ضد باكستان قد قصد منه تمهيد المسرح في شبه القارة الهندية بما يوفر الذرائع المناسبة لإرسال القوات الأمريكية إلى المنطقة.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...