اعترافات الشبكة الإسرائيلية تقـود إلى ... «عملية مغنية»

13-11-2008

اعترافات الشبكة الإسرائيلية تقـود إلى ... «عملية مغنية»

ظلّت زيارة وزير الداخلية اللبناني زياد بارود إلى سوريا محور أخذ ورد، فيما ينتظر أن تتحول جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم غد إلى »سوق عكاظ« للمزايدة السياسية، خاصة من جانب فريق الرابع عشر من آذار الذي واصل »إطلاق النار« سياسيا على وزير الداخلية وقرر إسقاط مشروع لجنة التنسيق والمتابعة الأمنية بين لبنان وسوريا.
وإذا تمكن فريق الموالاة من ذلك، خاصة أنه يملك الأغلبية في مجلس الوزراء، فإن علامة استفهام كبرى سترسم حول كل المسار المستقبلي للعلاقة اللبنانية السورية، بعدما كانت »المصالحة الأمنية« قد أشاعت مناخات إيجابية في الاتجاهين، ليثبت لاحقا وبالملموس أن فريقا سياسيا لبنانيا يريد مواصلة حربه ضد هذه العلاقات.
وإذا كان هناك من يريد للوزير بارود أن يكون »ضحية« إعادة تعويم المنطق الثأري في مقاربة العلاقات بين بيروت ودمشق، فإن الهدف الفعلي هو قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، خاصة أن زيارته يفترض ان تتم خلال اسبوعين على ابعد تقدير، علما أن مواضيع البحث باتت قيد التحضير من الجانبين اللبناني والسوري، وربما تكون النتائج أكبر مما يتوقع الكثيرون.
وفي هذا السياق، قالت مصادر سورية رفيعة المستوى إن كل ما تم الاتفاق عليه في القمة اللبنانية السورية سيوضع موضع التنفيذ، لكن ليس بالإكراه بل بالنوايا الصادقة والحريصة، فإذا استمرت المناخات الأخيرة بالتطور، سنشهد تبادلا للسفارات قبل نهاية العام الحالي، أما موضوع السفراء فربما يكون بحاجة إلى وقت أطول، وهذا الأمر يسحب نفسه، على موضوع ترسيم الحدود وباقي مندرجات القرار ،١٧٠١ فإذا تم الانتهاء من المسائل التقنية، فإن عملية ترسيم الحدود ستبدأ من الشمال ولن تشمل مزارع شبعا المحتلة.
أضافت المصادر أن الانتشار العسكري السوري يهدف إلى ضمان عدم تهريب البضائع والأشخاص، ويرمز في جانب منه إلى البعد الأمني، خاصة في ضوء التحقيقات مع مجموعة »فتح الإسلام« التي نفذت اعتداء دمشق، ولا يجوز أن يعطى هذا الانتشار أية أبعاد أخرى، فسوريا لن تعود عسكريا إلى لبنان، وقد أثبتت تجربة السنوات الثلاث الأخيرة أنه بمقدورها أن تكسب بالسياسة والصداقات أكثر بعد سحب جيشها من لبنان، وهذا الأمر يسحب نفسه على المقاومة التي دافعت عن نفسها في »حرب تموز«.
وقالت المصادر  إن سوريا مرتاحة لتطور الأوضاع سياسيا وأمنيا في لبنان بعد اتفاق الدوحة، وهي تعتبر أن هناك فرصة حقيقية لإعادة الأمور إلى مجاريها بين البلدين.
ورفضت المصادر السورية الدخول في موضوع الأسماء المرشحة لتولي منصب السفير السوري في لبنان، وقالت إن هذا الموضوع سابق لأوانه...
وأشارت المصادر السورية إلى أن دمشق تدعم أجواء المصالحات والحوار الوطني وهي تشجع اللبنانيين على المضي قدما باتجاه الانتخابات النيابية، وإن كانت هناك مخاوف من أن تبادر جهات خارجية لا تريد الخير للبنان، إلى زرع العراقيل بوجه الانتخابات إذا شعرت بأن نتائجها لن تكون في مصلحة الفريق السياسي الذي يتحالف معها في لبنان.
وأكدت المصادر أن أبواب دمشق مفتوحة »وهي ستستقبل نهاية هذا الشهر رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون«.
-من جهة ثانية، ظلّ الملف الأمني مشرع الأبواب، في الاتجاهين، الأول المتعلق باستمرار التحقيق مع شبكة »فتح الإسلام« من قبل مخابرات الجيش وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، والثاني، المتعلق بشبكة علي الجراح (علي ديبو) وشقيقه يوسف الجراح، وهي الشبكة الإسرائيلية التي استحق وصفها من قبل مرجع أمني كبير بأنها ربما تكون بين الشبكات الأخطر في تاريخ العمل الاستخباراتي الإسرائيلي في الداخل اللبناني منذ أكثر من ستين عاما.
وأوضح المرجع نفسه أن التصنيف الكلاسيكي الإسرائيلي، وفقا للتجارب والمعلومات، يشير إلى ثلاثة أنواع من الشبكات، أولى تتولى تحديد وانتقاء الأهداف، وعادة تكون عبارة عن شخص واحد، وثانية تتولى استطلاع ومسح الهدف الذي تم اختياره أو مسرح التنفيذ، وثالثة، تتولى التنفيذ. أضاف المرجع أن هذه الشبكات تكون مقفلة إقفالا تاما على بعضها البعض، وندر أن تم فتح مجموعة على ثانية في تاريخ العمل الاستخباراتي الإسرائيلي في لبنان وغيره من دول المنطقة والعالم.
وقال المرجع نفسه، إن علي الجراح ينتمي إلى الفئة الثانية، ولذلك اقتضى عمله نوعا من التمويه من أجل تسهيل حركته ولذلك اختار مظلة سياسية تسهل له حرية الحركة بين لبنان وسوريا حيث بلغ به الأمر حد الحصول على سيارة تصنف عسكرية (وليس إذن دخول على الخط العسكري) وكان يتنقل من دون أي تفتيش بين البلدين ويزور المقرات الفلسطينية في دمشق من دون أن يثير الاشتباه على مدى ثلاثة عقود تقريبا.
وأشار المرجع إلى أن الجراح وشقيقه تم تجنيدهما بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام ،١٩٨٢ وهما اعترفا بكيفية حصول ذلك وبالاتصالات الأولى التي تمت في لبنان وخارجه وكيف تطورت العلاقة وصولا إلى تزويدهما برواتب ومكافآت تعتبر خيالية (عشرات آلاف الدولارات) وليس على طريقة بعض العملاء الذين كانوا يحصلون على خمسين أو مئة دولار لقاء عمل معين، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على حجم وضخامة الخدمات التي قدماها طيلة هذه الفترة.
وأوضح المرجع أن الجراح وشقيقه كانا يكيّفان حياتهما وعلاقاتهما وحتى طريقة امتلاكهما للأشياء (سيارة أو منزل) بما يتناسب مع »وظيفتهما« الأمنية، بحيث كانا يلحظان ضرورة وجود بعض التمديدات السرية في منزلهما، تماما كما حصل مع سيارة »الباجيرو« التي توليا الإشراف على عملية زرع الكاميرا بداخلها مثلما كانا يرفضان أن يقلا أحدا غير موثوق منهما فيها.
وتضيف المعلومات أن علي الجراح اعترف في الساعات الأخيرة أمام الجهات التي تتولى التحقيق معه للمرة الأولى بأنه كان مكلفا هذه السنة باستطلاع منطقة كفرسوسة في العاصمة السورية، كما طُلب منه في مرحلة لاحقة استطلاع نقاط معينة في مدينة طرطوس على الساحل السوري الشمالي، بالإضافة إلى تمحور عمله في منطقة المصنع الحدودية.
وتشير المعلومات إلى أن الجراح نفى أن يكون قد تبلغ بحقيقة الهدف المراد النيل منه في كفرسوسة أو في طرطوس، لكنه قدم كل ما يملك من معطيات حول المكان والانتشار الأمني فيه وطريقة تركيب الكاميرات وبعض النقاط الحساسة، غير أن هذه الاعترافات عززت الانطباع الموجود لدى المحققين بأنه كان فعليا جزءا من المنظومة الأمنية والاستخباراتية الاسرائيلية التي تولت عملية اغتيال الشهيد عماد مغنية (الحاج رضوان)، وربما تكون وضعت نصب عينيها أهدافا أخرى، لبنانية وسورية وفلسطينية، تبعا لطبيعة المنطقة المستهدفة والمراكز والشخصيات التي تتواجد فيها منذ فترة طويلة.
ووفق الاستنتاجات التي خلص إليها المحققون، فإن الجراح، كان يشكل ركيزة، لنجاح تنفيذ هذه العملية أو غيرها، باعتبار أن دور الفئتين الأولى(انتقاء الهدف) والثالثة (التنفيذ) هو دور يصنف في المرتبة الثانية بعد الدور المحوري الذي تتولاه مجموعة الاستطلاع، خاصة أن أي خلل في المعطيات التي يمكن أن يقدمها قد يؤدي لافتضاح أمر المجموعة التي تتولى التنفيذ.
ووفقا للاعترافات التي أدلى بها الجراح، فإنه ربما يكون قد قام بمهام أخرى، أبعد من لبنان وسوريا، خاصة أنه كان يزور بعض العواصم في المنطقة بشكل دوري تحت عناوين إنسانية أو سياحية!
ويجري التدقيق في احتمال أن يكون الجراح قد امتلك شققا أخرى في بيروت أو ضواحيها وكذلك في احتمال أن يكون قد احتفظ بسيارة ثانية في مكان آخر، فيما يجري التكتم على منظومة الاتصالات التي كان من خلالها يؤمن التواصل مع الإسرائيليين وثمة حديث في هذا المجال عن تقنيات متطورة ومركبة، كانت تتطلب منه في بعض الأحيان أن يحصل على ما يريده في أية منطقة لبنانية، تبعا للأوامر التي يتلقاها.
وأوضحت المصادر أن عملية التحقيق مع علي الجراح وشقيقه يوسف قد تستغرق شهورا، خاصة أن هناك حاجة للعودة إلى كل أرشيف الاغتيالات والعمليات العسكرية والأمنية الإسرائيلية في منطقة البقاع منذ الثمانينيات حتى الآن، بما في ذلك بعض المجموعات اللبنانية والفلسطينية التي كانت تقع في كمائن الجيش الإسرائيلي، قبل أن تنطلق أو بعد انطلاقها، خاصة أنه كان في مرحلة من المراحل يقدم نفسه بوصفه أحد رموز العمل الفدائي المقاوم في البقاع!

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...