ملف سورية في وكالة الطاقة النووية: التعاون والصراع

16-11-2008

ملف سورية في وكالة الطاقة النووية: التعاون والصراع

الجمل: تناقلت التقارير الإخبارية الصادرة اليوم المزيد من المعلومات حول وثيقة وكالة الطاقة الذرية العالمية التي اقترحت مساعدة سوريا دولياً لجهة إعداد دراسة جدوى اقتصادية لإقامة محطة كهربائية تعمل بالطاقة النووية في سوريا..
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن ملف الطاقة النووية في سوريا قد شهد خلال العام الماضي حملة أمريكية – إسرائيلية هدفت إلى محاولة بناء الذرائع المعادية التي تحاول اتهام سوريا بالسعي لإنتاج أسلحة الدمار الشامل النووي المحرمة دولياً..
* ماذا يقول ملف سوريا في وكالة الطاقة الذرية: سرديات التعاون والصراع النووي:
تقول التسريبات بأن وثيقة وكالة الطاقة الذرية التي اقترحت ضرورة التعاون النووي بين سوريا والوكالة وقد طرحت النقاط الآتية:
• إبرام اتفاقية تعاون فني بين سوريا والوكالة.
• إعداد دراسة جدوى اقتصادية لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية والمدنية في سوريا.
• اختيار الموقع المناسب لإقامة المشروع.
هذا، وأضافت التسريبات بأن مشروع الوثيقة سيتم عرضه في اجتماع مجلس حكام الوكالة الذي سينعقد في العاصمة النمساوية فيينا بعد أسبوعين وبرغم ذلك فقد أبدت بعض المصادر الدبلوماسية الغربية اعتراضاتها المسبقة، لجهة أن تقديم مثل هذا الاقتراح سيبعث بالرسائل الخاطئة لدمشق!!
* ملف الطاقة النووية: ثنائية الفرص والمخاطر:
تمثل الطاقة النووية أحد المصادر الهامة لإنتاج الكهرباء إضافة إلى العديد من الاستعمالات الأخرى، وفي الوقت نفسه تمثل الطاقة النووية خطراً يهدد بتدمير العالم دماراً شاملاً. وعلى خلفية الاستخدامات الوظيفية المزدوجة لجهة التنمية البشرية المدنية السلمية من ناحية، ولجهة الدمار الشامل من ناحية أخرى، فقد أكد القانون الدولي والمواثيق والأعراف الدولية على الآتي:
• التأكيد على حق بلدان العالم في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
• حظر بلدان العالم من استخدامات الطاقة النووية للأغراض العسكرية والحربية.
الاستثناء الوحيد يتمثل في البلدان الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي باعتبارهم الدول التي أصبحت ملكيتها للأسلحة النووية أمراً واقعاً، أما بقية دول العالم فمن غير المسموح لها إنتاج الأسلحة النووية وبرغم ذلك نجحت بعض الدول في كسر احتكار إنتاج السلاح النووي منها: إسرائيل، الهند، باكستان. وهناك دول امتلكت الأسلحة النووية ولكنها –كما يقولون- تراجعت عن ذلك كجنوب إفريقيا التي نجحت في إنتاج الرؤوس الحربية النووية وكوريا الشمالية التي قامت بإجراء التفجيرات النووية التجريبية.
بصعود إدارة بوش الجمهورية إلى البيت الأبيض سعت جماعة المحافظين الجدد إلى تطبيق مبدأ المعايير المزدوجة في مسائل القانون الدولي لجهة استهداف خصوم أمريكا وإسرائيل عن طريق فبركة الذرائع المؤدية إلى بناء ملفات الاستهداف والإدانة وعلى النحو الذي يضعهم في مواجهة المجتمع الدولي. وتأسيساً على ذلك، فإن خصوم أمريكا وإسرائيل الذين يسعون إلى ممارسة حقهم المشروع في استغلال فرص استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية والمدنية تواجه "مخاطر" قيام الولايات المتحدة وإسرائيل باتهامها بأنها تسعى لإنتاج أسلحة الدمار الشامل النووية.
* كيف نفهم وثيقة اقتراح الوكالة؟
من المعروف أن سعي دول العالم الثالث لاستخدامات الطاقة النووية سلمياً ومدنياً أصبح مصدراً للخلافات ونشوء الأزمات وخلال الأعوام الماضية اندلعت الكثير من الأزمات بسبب مساعي استخدامات الطاقة النووية سلمياً، ومن أبرزها:
• ملف البرنامج النووي العراقي: الذي برغم قيام الطائرات الإسرائيلية بقصف مفاعل أوسيراك وتدميره فقد استمرت تداعيات ملف البرنامج النووي العراقي لجهة استخدامه في حملة بناء الذرائع ضد نظام الرئيس صدام حسين على النحو الذي انتهى بغزو واحتلال العراق.
• ملف البرنامج النووي الباكستاني: بسبب تحالف باكستان الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، فقد غضت أمريكا وإسرائيل الطرف عن أنشطة إسلام آباد النووية وباتت أمريكا تتعامل مع ملف البرنامج النووي الباكستاني على غرار قاعدة الأمر الواقع.
• ملف البرنامج النووي الهندي: بسبب رغبة الولايات المتحدة في استخدام الهند كقوة كبرى لموازنة الخطر النووي الصيني، فقد غضت الولايات المتحدة الطرف عن أنشطة الهند النووية ولم تكتف بذلك بل تعمدت توقيع اتفاقية تعاون نووي مع الهند وتقول المعلومات بأن هذا التعاون لا يهدف لاحتواء الخطر النووي الهندي فحسب بل والباكستاني كذلك إذا نجحت القوى الإسلامية المعادية لأمريكا وإسرائيل في الصعود إلى سدة السلطة في باكستان.
• ملف البرنامج النووي الإيراني: هذا البرنامج تعود بدايته إلى المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة لنظام الشاه في إيران ولكن بعد قيام الثورة الإسلامية وتوتر العلاقات على خط واشنطن – طهران، توقفت أمريكا عن تقديم المساعدات لإيران ولم يحاول الاتحاد السوفيتي ولا الصين تقديم المساعدات النووية لإيران بسبب روابطهما مع الرئيس صدام حسين ولكن لاحقاً بعد احتلال أمريكا للعراق وبروز تحالف إيران مع سوريا وحزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية وتزايد مخاوف الرياض والعواصم الخليجية الأخرى وبدأت واشنطن بالتعاون والتنسيق مع إسرائيل والمعتدلين العرب لاستهداف البرنامج النووي الإيراني بشكله الحالي الذي لعبت روسيا دوراً كبيراً في دعمه بهدف دعم إيران للقيام بموازنة حلفاء أمريكا النوويين في شبه القارة الهندية والقوات الأمريكية المتمركزة في الخليج والسعودية. وتقول المعلومات والتسريبات أن البرنامج النووي الإيراني قد دخل مرحلة حرجة لجهة عدم استعداد طهران للتراجع وعدم استعداد محور واشنطن – تل أبيب لقبول التعايش مع إيران النووية.
• ملف البرنامج النووي الكوري الشمالي: بسبب رغبة واشنطن في الحفاظ على أمن حلفائها في الشرق الأقصى، وتحديداً اليابان وكوريا الجنوبية، فقد ظلت تحاول القضاء على البرنامج النووي الكوري الشمالية لمنع كوريا الشمالية من التحول إلى قوة نووية تفرض إرادتها على أولئك الحلفاء.
• ملف البرنامج النووي الإسرائيلي: يعتبر هذا الملف من أخطر الملفات لجهة العديد من الاعتبارات منها:
- تهديد منطقة الشرق الأوسط وجنوب أوروبا وسائر أنحاء حوض البحر الأبيض المتوسط.
- إعطاء إسرائيل قوة الردع الكافية للقيام بتنفيذ اعتداءاتها ضد الفلسطينيين وبلدان المنطقة تحت غطاء الردع النووي.
وعلى هذه الخلفية ظلت واشنطن تدعم وجود واستمرار البرنامج النووي الإسرائيلي الذي تطور بفضل المساعدات الأميركية على النحو الذي جعل من قدرات إسرائيل النووية تتخطى قدرات بريطانيا النووية.
محاولة الاستقراء في خلفيات ودوافع اقتراح الوكالة بمساعدة سوريا في إنتاج الطاقة النووية السلمية تشير إلى رغبة الوكالة في القيام بإجراء وقائي احترازي يهدف إلى مساعدة سوريا في الحصول على الطاقة النووية بدلاً من تركها تسعى بنفسها، على النحو الذي سيجلب الشكوك والمتاعب للوكالة، إضافة لذلك فإن قيام الوكالة بتبني هذا المشروع سيؤدي إلى وضع الأنشطة النووية السورية تحت إشراف الوكالة وهو أمر سيؤدي إلى قطع الطريق أمام محاولات محور واشنطن – تل أبيب الهادفة لفبركة المعلومات وتزوير الحقائق لجهة استخدامها في استهداف سوريا ولما كان وجود برنامج نووي تحت إشراف الوكالة سيقطع الطريق على تلفيق وبناء الذرائع فإن واشنطن وتل أبيب ستبذلان قصارى جهدهما لمنع الوكالة من المضي قدماً في مشروع تزويد سوريا بالطاقة النووية السلمية.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...