معلومات حول المحادثات الأمريكية–الإيرانيةومحاولة اختطاف أحمدي نجاد

14-07-2008

معلومات حول المحادثات الأمريكية–الإيرانيةومحاولة اختطاف أحمدي نجاد

الجمل: من الثابت والمعروف أن العلاقات بين أي دولتين هي إما علاقات تعاون أو علاقات صراع وبإسقاط ذلك على العلاقات الأمريكية – الإيرانية يبدو لنا الصراع بين الطرفين واضحاً ولكن ما هو مثير للجدل هو جانب التعاون الذي يبرز بين الفينة والأخرى بشكل خافت سرعان ما تطغى عليه أخبار الحشود الأمريكية والتهديدات الإسرائيلية والتحليلات التي ترجح احتمالات اندلاع الحرب: فما هي حقيقة الأمر؟ وهل يتضمن ملف العلاقات الإيرانية – الأمريكية المزيد من المسارات الأخرى غير المعلنة؟
* آخر التسريبات:
نشرت وكالة فرانس برس اليوم 14 تموز 2006م تقريراً حمل عنوان «أحمدي نجاد يقول بأنه التقى بقائد الاحتلال في العراق» وأشار التقرير إلى النقاط الآتية:
• قال الرئيس نجاد بأنه التقى باثنين من القادة العسكريين الأمريكيين الموجودين في العراق.
• تم تسريب حديث للرئيس الإيراني بواسطة صحف الإصلاحيين والمحافظين في إيران.
• لم يصدر حتى الآن أي تأكيد أو نفي لهذه الواقعة بواسطة الرئاسة الإيرانية.
• لقاء الرئيس الإيراني مع القادة العسكريين تم توثيقه بالصور التذكارية –كما وردت في وكالة فرانس برس-
• زعمت بعض الأطراف الإيرانية بأن الرئيس نجاد قد تعرض للآتي:
- محاولة اختطافه خلال زيارته للعراق.
- محاولة استهدافه بأشعة إكس خلال زيارته للعاصمة الإيطالية روما.
* سياسة طهران إزاء واشنطن وسياسة واشنطن إزاء طهران:
على الصعيد المعلن نلاحظ:
• تقوم سياسة طهران إزاء واشنطن على أساس اعتبارات أن واشنطن تمثل الاستكبار والهيمنة والطغيان في العالم، ويتوجب على الجميع التعاون من أجل مقاومتها وعدم السماح لها بالسيطرة على العالم ولا بالسيطرة على الشرق الأوسط.
• تقوم سياسة واشنطن إزاء طهران على أساس اعتبارات أن طهران تمثل أبرز دول محور الشر والدول المارقة على النظام الدولي، والتي تحاول امتلاك أسلحة الدمار الشامل وتهديد العالم إضافة إلى القيام بإيواء ودعم الإرهاب.
لكن برغم احتدام العداء وعمليات التعبئة السلبية التي يقوم بها كل طرف في مواجهة الآخر برز خلال الفترة الماضية خيط رفيع يربط بين الطرفين عبر ما يعرف بالمحادثات الإيرانية – الأمريكية الجارية في المنطقة الخضراء ببغداد، إضافةً إلى التسريبات الأمريكية السابقة التي أشار فيها بعض المسؤولين الأمريكيين إلى ضرورة أن تقوم الإدارة الأمريكية بإنشاء مكتب تمثيلي في طهران وبالأمس برزت على الجانب الإيراني تصريحات تقول بأن إيران سترحب بإنشاء المكتب التمثيلي الأمريكي فور تلقيها طلب الإدارة الأمريكية المتعلق بذلك. الخيط الرفيع بين طهران وواشنطن ما زال موجوداً ولكن البحث في حلقاته يشبه البحث عن قطة سوداء في غرفة مظلمة، وذلك بسبب قلة المعلومات وتكتم الطرفين اللذان على ما يبدو ما يزال كل منهما أكثر حرصاً على الاحتفاظ بمعلوماته حول الآخر طالما أن الأمور تمضي على ما يرام ولا تخلو من بعض الآمال المتوقعة وحتى الآن لم تلجأ طهران أو واشنطن للحديث عن الجوانب غير المعلنة وهو أسلوب يختلف شكلاً ومضموناً عن الأسلوب الذي عودنا عليه محور واشنطن – تل أبيب خاصةً في كشف ملفات الاتصالات الإسرائيلية – السعودية التي كشفتها وسربتها إسرائيل وأكدها صمت السعوديين و"خبث" واشنطن.
* ماذا يقول "الصندوق الأسود" الخاص بكابينة واشنطن – طهران؟
بإلقاء نظرة عامة على الخارطة الجيوسياسية لمنطقتي الشرق الأوسط والأدنى وعلى وجه الخصوص خرائطها الفرعية التي تتضمن:
• ملف النزاعات الطائفية – الإثنوثقافية.
• ملف النفط.
• ملف الوجود العسكري الأمريكي.
• ملف القيمة الجيو-ستراتيجية.
• ملف الأوضاع الداخلية وعلاقتها بالأوضاع الإقليمية.
• ملف الأوضاع الإقليمية وعلاقتها بالأوضاع الدولية.
* جدول أعمال الصراع الإيراني  - الأمريكي:
يمكن تحديد الآتي باعتباره يمثل الأجندة المحتملة للمحادثات الإيرانية – الأمريكية:
• توازن القوى داخل العراق.
• الوجود العسكري الأمريكي في العراق وأفغانستان.
• الوجود العسكري الأمريكي في الخليج وباكستان.
• العلاقات الإيرانية – السورية.
• العلاقات الإيرانية مع الحركات والمليشيات المسلحة.
• العلاقات الإيرانية مع روسيا.
• العلاقات الإيرانية مع دول آسيا الوسطى.
• أمن مضيق هرمز.
• ملف نفط بحر قزوين.
• العلاقات الإيرانية – التركية.
• ملف البرنامج النووي الإيراني.
• ملف أمن إسرائيل.
تتفاوت وجهات النظر داخل الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي وأدت الخلافات إلى تبلور اتجاهين الأول يقول بسيناريو خيار ضرب إيران والثاني يقول بسيناريو خيار الدبلوماسية مع إيران وعلى هذه الخلفية يسعى أنصار سيناريو الضربة العسكرية باتجاه التأكيد على أن بإمكان الولايات المتحدة الحصول على النتيجة الإيجابية المطلوبة في كل ملفات الأجندة المشار إليها بضربة عسكرية واحدة وبالتالي لا داعي للدخول في عملية دبلوماسية مرهقة غير مضمونة النتائج. أما أنصار الدبلوماسية مع إيران فيقولون بأن مخاطر وتداعيات الضربة العسكرية ضد إيران ليس بإمكان أمريكا احتواءها، لأن المطلوب في هذه الحالة لن يكون مجرد القضاء على القدرات النووية الإيرانية وإنما "طاقة العنف" الإقليمي والدولي التي ستنفتح ضمن تداعيات الضربة، وهو أمر سيؤدي إلى إلحاق الأضرار الفادحة بالمصالح الأمريكية في كافة أرجاء العالم إضافةً إلى توريط الولايات المتحدة في حرب عالمية لا متماثلة جديدة، ولن يكون العدو في هذه الحالة تنظيم القاعدة الإسلامي السني وحده، وإنما التنظيمات الإسلامية الشيعية التي ستظهر إلى الوجود بفعل الضربة. إضافةً لذلك، أكد مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي نقلاً عن مصادر في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجود نقص كبير في المعلومات المتعلقة بالقدرات العسكرية الإيرانية وهو أمر سيورط أمريكا في نفس مأزق إسرائيل التي دخلت في مواجهة ضد حزب الله استطاع فيها الحزب حسم المعركة لمصلحته بسبب تفوقه الاستخباري.
* المحادثات الإيرانية – الأمريكية: إلى أين؟
تريد أمريكا من إيران تقديم المساعدة في استقرار السيطرة الأمريكية على العراق وأفغانستان وعدم استهداف الخليج ومناطق القفقاس وآسيا الوسطى وعدم التعاون مع روسيا في تمديد خطوط الأنابيب إلى شبه القارة الهندية وعدم التعاون مع الصين في المجالات النفطية والتجارية إضافةً إلى عدم التعاون مع سوريا وحزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية. أما إيران فهي تريد من أمريكا عدم استهداف إيران لا عن طريق العقوبات ولا باستخدام الوسائل الدبلوماسية أو العسكرية إضافةً عن الامتناع عن مساندة خصوم إيران، وعلى وجه الخصوص جماعات المعارضة الإيرانية وحركات التمرد المسلح في بلوشستان وخوزستان وكردستان. إضافةً إلى ذلك تريد إيران السماح لها بالمضي قدماً في تنفيذ برنامجها النووي بغض النظر عما إذا كان يهدف إلى إنتاج الطاقة النووية أو والأسلحة النووية والتعامل مع البرنامج النووي على غرار الأمر الواقع الذي تعاملت به أمريكا مع البرنامجين النوويين الباكستاني والهندي.
* لعبة المنطقة الخضراء: محادثات طهران – واشنطن والنتيجة المحتملة:
المماثلة بين قواعد نظرية الألعاب ومعطيات لعبة المنطقة الخضراء هي مماثلة يمكن أن تتم على النحو الآتي:
• اللاعبون هم واشنطن وطهران.
• الاستراتيجيات المتاحة أمام كل طرف.
• القواعد التي تحكم سلوك وأداء كل طرف.
• الناتج الذي يمكن التوصل إليه.
• الثمن الذي يدفعه كل طرف مقابل ما يحصل عليه.
أما السياق النظري لنتيجة المباراة فهو محدد بأربعة نتائج محتملة هي:
• رابح – رابح: وتتضمن أن يحصل كل من طهران وواشنطن على ما يريدان.
• رابح – خاسر: وتتضمن أن تربح طهران وتخسر واشنطن.
• خاسر – رابح: وتتضمن أن تخسر طهران وتربح واشنطن.
• خاسر – خاسر: وتتضمن أن تخسر طهران وتخسر واشنطن.
بحسب المعطيات الحالية وبحسب التحليلات حول نتائج الضربة العسكرية المحتملة والخسائر الأمريكية المترتبة عليها فقد أصبح في حكم المستبعد الحصول على نتيجة رابح – خاسر، أو خاسر – رابح. بكلمات أخرى، من المستحيل في حالة حدوث الضربة أن تخسر طهران وتربح واشنطن أو العكس، إضافة إلى أن احتمالات حدوث الضربة ينفي ويلغي نهائياً احتمالات حدوث نتيجة رابح – رابح.
أما في حالة عدم حدوث الضربة العسكرية الأمريكية فإن النتيجة المستبعدة هي نتيجة خاسر – خاسر، وتبقى أمامنا المفاضلة بين الثلاثة نتائج الأخرى:
• هل تستطيع واشنطن أن تربح بالدبلوماسية مقابل أن تخسر إيران؟
• هل تستطيع إيران أن تربح بالدبلوماسية مقابل أن تخسر واشنطن؟
• هل سيربح الاثنان ويحصلان كل على ما يريدان؟
عند حل الخلافات عن طريق المحادثات سواء كانت سرية أو معلنة فإن ثمة منطقة للحل يمكن التوصل إليها من خلال اكتشاف النقاط التي تتقاطع فيها مصالح الطرفين الإيراني والأمريكي. لقد حددت إيران موقفها بأنها لن تعتدي على أي طرف وبالتالي:
- لن تعتدي إيران على الخليج العربي وهو ما يتوافق مع مطلب واشنطن المتعلق بحماية المصالح الأمريكية في الخليج.
- لن تعتدي إيران على إسرائيل طالما أن إسرائيل أو أمريكا لم تبادرا إلى الاعتداء على إيران؟
وعلى هذه الخلفية يتبقى أمام الإيرانيين والأمريكيين حل الخلافات المتعلقة بـ:
• علاقات إيران مع دمشق وحزب الله وحركة حماس.
• علاقات إيران مع الجماعات الشيعية العراقية.
• علاقات أمريكا مع الجماعات التي تستهدف إيران.
• أزمة الملف النووي الإيراني.
عندما تدور المحادثات بين الأطراف المتنازعة فإن التوازنات داخل غرفة المفاوضات تتأثر بالتوازنات الميدانية واستناداً إلى هذه الحقيقة يمكن ملاحظة الوقائع الآتية ومحاولة فهمها كوقائع ميدانية تم تحريكها من أجل التأثير على توازنات طاولة المحادثات الأمريكية – الإيرانية:
• محاولة حكومة المالكي (الحليفة لطهران) الدفع باستلام ملف معسكرات حركة مجاهدي خلق بحيث تكون قوات الأمن العراقية وليس القوات الأمريكية هي المسؤولة عن أمن معسكرات مجاهدي خلق الموجودة في العراق هي محاولة لإضافة نقطة قوة لصالح الطرف الإيراني الذي ظل يطالب في طاولة المحادثات بضرورة عدم دعم أمريكا للمعارضة الإيرانية.
• محاولة القوات الأمريكية استهداف المليشيات الشيعية العراقية هي محاولة هدفت إلى إضعاف طهران وتعزيز موقف واشنطن التي ظلت تطالب بضرورة امتناع إيران عن دعم المليشيات الشيعية العراقية.
• محاولة استخدام الهند في أفغانستان ومحاولة استخدام جماعات البلوشيستان السنية المسلحة ضد إيران وتفعيل أنشطة الحركات الكردية المسلحة هي محاولات تهدف إلى الضغط على طهران داخل طاولة المفاوضات.
• محاولة التدرج في تشديد العقوبات الأمريكية والدولية ضد إيران هي محاولة تهدف إلى إضعاف موقف طهران داخل طاولة المفاوضات.
وبرغم المناورات وتزايد انكشافات الطرفين أمام بعضهما البعض فإن آخر ما سيوافق عليه الأمريكيون هو القبول بصيغة تؤدي إلى نتيجة رابح – رابح وستظل الإدارة الأمريكية تسعى للحصول على نتيجة رابح – خاسر بحيث تحصل واشنطن على كل ما تريد مقابل أن تخسر طهران وذلك بما يتيح لواشنطن مزايا الحصول على ما تريد بالوسائل الدبلوماسية على ما عجزت عن الحصول عليه بالوسائل العسكرية.
من خلال متابعة الوقائع الميدانية والسياسية الجارية حالياً في لعبة المنطقة الخضراء يمكن القول بأن مباراة واشنطن – طهران ما زالت في شوطها المتعلق بالأوضاع العراقية وربما الأفغانية أما شوط علاقات طهران مع دمشق وحزب الله والمقاومة الفلسطينية وشوط ملف البرنامج النووي فلم يأتيا بعد. وعلى الأغلب أن تكون طهران قد نجحت حتى الآن في إدارة ملف استقرار وصراع العراق بما أتاح لها الاحتفاظ بالكرة ضمن الملعب العراقي وذلك من أجل هدف غير معلن رئيسي هو كسب الوقت بما يتيح نفاذ شوط المباراة الأول دون نتيجة طالما أن إدارة بوش لم يتبقى لها في البيت الأبيض سوى نحو خمسة أشهر وبضعة أيام.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...